هل ثمة حاجة إلى الثقافة فى الأوقات التى تخرج فيها الأمور عن السيطرة، عندما تنشب حرب مثلًا؟ طرحُ السؤال يضع احتمالية بأن الثقافة يمكن الاستغناء عنها، أن ثمة سلم أولويات وأنها، أى الثقافة، تخضع فيه للتقييم وفق اعتبارات مختلفة ومتغيرة تتبدل من شخص لآخر لكن الأساس أنه فى إمكاننا إعادة النظر فى استخدامها من عدمه وفق معطيات الواقع الراهن. فى ظل ارتفاعات الأسعار مثلًا سمعنا من يقول بإن الأولوية لم تعد لشراء الكتب، فإذا مددنا خيط هذا النوع من التفكير على استقامته سنصل بالقطع إلى أن ممارسة الثقافة فى ظروف بعينها قد تكون غير مقبولة لأنه إذا كان العالم ونشرات الأخبار فى مختلف وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعى، مشغولة فى متابعة اتساع رقعة الحرب، وفى الصواريخ التى تم إطلاقها وماذا أصابت، وتجارب استخدام الذكاء الاصطناعى فى الحروب لأول مرة، ثم وبينما كل هذا يجرى رأيت شخصًا ما منفصلًا عن ذلك كله، يمر صاروخ فى سماء منطقته ولا يرفع رأسه عن كتاب يقرأه! ماذا سيكون انطباعك عنه؟ ونحو مزيد من التحديد وابتعادا عن التجريد: خلال الظرف الحرج الذى تواجهه منطقتنا حاليًا والذى نغرق فيه لمدى أعمق بفعل وجهات نظر متعصبة، ما الذى قد تفيدنا فيه القراءة؟ من البديهى أنه لا إجابة واحدة عن سؤال كهذا بل ستتنوع وتختلف من شخص لآخر بحسب ميوله، بل وعلى الأغلب لن يكون لدى الشخص الواحد قائمة ثابتة (فى حالة الانحياز لخيار اللجوء إلى الكتب) بل ستتغير بحسب ما يطرأ على حالته النفسية من تبدلات نتيجة التطورات السريعة والمتلاحقة، بالنسبة لى مثلًا وددت أولًا تحديد مجموعة من العناوين تعيننى على فهم طبيعة الصراع، لماذا وما الذى يعنيه تزايد الإشارات والإحالات الدينية فى هذه الحرب، وما الخطورة الكامنة وراء الانسياق إلى استخدام الرموز الدينية فى الصراعات السياسية؟ لكنى سرعان ما استبعدت هذه القائمة لأنه، وبناءً على تجارب شخصية، يحدث أن تثير القراءات المبنية على رد فعل ما المخاوف بدلًا من تهدئتها، ربما نحن فى حاجة إلى استبعاد هذا الجانب تمامًا واختيار قائمة قراءة بديلة.. لكن ماذا تكون؟ لم يصل بى التفكير إلى نتيجة مقنعة أضمن أنها ستكون مناسبة للجميع، لهذا لجأت إلى الذكاء الاصطناعى، قدرت أن رأيه سيكون محايدًا. كان سؤالى له: ماذا يمكن أن نقرأ فى أوقات الحروب؟ ذهبت إلى "شات جى بى تي" و"جيمناى" وكلاهما اتفق على أن القراءة أثناء الحرب يمكنها أن تكون أداة قوية للتعامل مع التوتر وإيجاد السلام والحفاظ على الصحة العقلية. لأنها توفر هروبًا مؤقتًا من حقائق الصراع القاسية، ومع تشديدهما على أن: الفوائد المحددة للقراءة قد تختلف من شخص لآخر، إلا أنها: يمكن أن تكون أداة قيِّمة للتعامل مع تحديات الحرب، وذلك لأنه من شأنها أن تفعل التالى: الإلهاء: الانغماس فى كتاب جيد يمكن أن يوفر لك استراحة تشتد الحاجة إليها فى حالة التوتر المستمر والقلق الناجم عن الحرب. الهروب: يمكن للكتب أن تنقل القراء إلى أماكن وأزمنة مختلفة، مما يوفر إحساسًا بالحرية والهروب من الواقع. التعلم والنمو: يمكن للقراءة أن توسِّع معرفة الفرد وفهمه للعالم، حتى فى خضمّ الصراع. الاتصال: يمكن أن تساعد الكتب الأشخاص على الشعور بالارتباط بالآخرين من خلال التجارب والعواطف المشتركة. الأمل والإلهام: يمكن لقصص المرونة والشجاعة والانتصار أن توفر الأمل والإلهام خلال الأوقات الصعبة. أما فيما يتعلق بالقائمة المقترحة من "شات جى بى تى" فجاءت كالتالى: الأدب الإنسانى والكلاسيكى: الكتب التى تركز على التجارب الإنسانية خلال الأزمات يمكن أن تكون عميقة ومؤثرة، مثل رواية "الحرب والسلام" لليو تولستوى، التى تعكس التوترات النفسية والاجتماعية أثناء الحروب. كما أن بعض الروايات الحديثة تقدم رؤى حول الصراعات والحروب من زوايا مختلفة. على سبيل المثال، رواية "طائر النمنمة"! لرضا بيلغى. (لم أتمكن من الاهتداء لرواية بهذا الاسم، ولم أعرف المؤلف المقصود). الأدب العربى: هناك العديد من الأعمال العربية التى تناولت الحروب والصراعات بشكل مؤثر، مثل رواية "رجال فى الشمس" لغسان كنفانى، التى تتناول معاناة الفلسطينيين بعد النكبة. "شرق المتوسط" عبد الرحمن منيف. "موت صغير" محمد حسن علوان. تتناول حياة المتصوف محيى الدين بن عربى، وتقدم منظورًا فلسفيًا وتأمليًا حول الحياة والموت والصراع الداخلى، مما يجعلها قراءة مؤثرة فى أوقات الأزمات. "العصفورية" غازى القصيبى. تتناول الرواية حياة رجل فى مستشفى للأمراض العقلية، وهى مليئة بالتأملات الفلسفية حول الحروب، الاضطهاد، والجنون، مما يجعلها نصًا مثيرًا للتفكير فى أوقات الحرب. "الموت عمل شاق" خالد خليفة: تصور الحرب السورية ومعاناة الشخصيات فى وسط الصراع الدائر، وهى قراءة مؤلمة وواقعية عن تأثير الحروب على الأفراد والعائلات. "الشراع والعاصفة" حنا مينا: رواية تتناول حياة الصيادين فى مدينة ساحلية سورية خلال فترة الحرب العالمية الثانية، وهى قصة عن الصمود والقوة فى وجه الظروف القاسية. "ذاكرة الجسد" أحلام مستغانمى: الرواية تتناول مواضيع الحب والفقدان والصراع الشخصى فى ظل الحرب الجزائرية، وتُعَدُّ من أشهر الأعمال الأدبية فى العالم العربى. كتب الفلسفة والتأمل: قد تكون الكتب التى تعالج أسئلة الوجود، مثل "هكذا تكلم زرادشت" لفريدريك نيتشه، ذات قيمة خاصة فى أوقات عدم اليقين. الشعر: يمكن للشعر أن يخفف من الضغوط ويمنح الأمل فى اللحظات الصعبة. دواوين محمود درويش، التى تعبر عن النضال والإنسانية، قد تكون مهدئة فى ظل الأزمات. الكتب التاريخية: القراءة عن الحروب السابقة وكيفية تجاوز البشر لها قد تعطى منظوراً أعمق للتعامل مع الأزمات. كتاب "فن الحرب" لسون تزو يمكن أن يقدم رؤى حول استراتيجيات الحرب والصراع. أما فيما يتعلق ب"جيمناى" فقد قدم قائمة فيها ما يتشابه مع القائمة السابقة وما يختلف عنه، لكن الملاحظ أنه ما يزال متعثرًا فى الإحاطة بالأدب العربى وهو ما أدى لاختراع كتب غير موجودة لنجيب محفوظ وطه حسين! وجاءت قائمته المقترحة كالتالى: من الأدب الكلاسيكى: "كل شىء هادئ على الجبهة الغربية" إريك ماريا ريمارك: تصوير مؤلم لأهوال الحرب العالمية الأولى. "لمن تقرع الأجراس" إرنست همنجواى: قصة مؤثرة عن الحب والخسارة والحرب الأهلية الإسبانية. "سارقة الكتب" ماركوس زوساك: قصة مؤثرة عن حب فتاة صغيرة للكتب خلال الحرب العالمية الثانية. ومن الأعمال المعاصرة: "العندليب" كريستين هانا: قصة الأخوة والبقاء خلال المقاومة الفرنسية فى الحرب العالمية الثانية. "عداء الطائرة الورقية" خالد حسينى: استكشاف مؤثر للصداقة والخيانة وتعقيدات الحرب. وفيما يتعلق بالكتب النظرية فقد جاءت كالتالى: "العاقل.. تاريخ موجز للبشرية" يوفال نوح هرارى: استكشاف مثير للتفكير فى تاريخ البشرية وأصول الصراع. "الملائكة الأفضل فى طبيعتنا: لماذا تراجع العنف" ستيفن بينكر: يقدم منظوراً مفعماً بالأمل بشأن تراجع العنف عبر التاريخ. ثم إن هناك كتبًا للأمل والإلهام، وهى كالتالى: "الإنسان والبحث عن المعنى" فيكتور فرانكل: مذكرات قوية لأحد الناجين من المحرقة، واستكشاف المرونة وإيجاد الهدف فى المعاناة. "الخيميائى" باولو كويلو: قصة خالدة عن النمو الشخصى، تتبع رحلة الراعى لتحقيق مصيره. "يوميات فتاة صغيرة" آن فرانك: رواية مؤثرة عن حياة فتاة صغيرة أثناء المحرقة، تقدم الأمل والمرونة فى مواجهة الشدائد. أما قائمة "جيمناى" للكتب العربية المناسبة لفترات كهذه فجاءت كالتالى:"المقربين" لنجيب محفوظ: رواية تاريخية تدور أحداثها فى القاهرة خلال الحرب العالمية الثانية، وتستكشف موضوعات الحب والخسارة والحالة الإنسانية. (أى عمل هذا، ولماذا سماه "جيمناى" "المقربين"؟! ربما يقصد "خان الخليلى") "الورد الأبيض" للكاتب طه حسين: رواية كلاسيكية تدور أحداثها فى مصر خلال ثورة 1919، وتستكشف موضوعات القومية والمقاومة والتغيير الاجتماعى. (أى رواية لطه حسين يقصد؟!) وفى الأدب المعاصر:"الجزيرة" الطيب صالح: حكاية مؤرقة لقرية سودانية معزولة عن العالم الخارجى، تستكشف موضوعات الهوية والتقاليد وتأثير الاستعمار. (لا عمل للطيب صالح تحت هذا العنوان!) وفى الكتب النظرية: "الرسالة"! ابن بطوطة: رحلة رائعة لمستكشف مغربى من القرن الرابع عشر، تقدم رؤى حول الثقافات والمجتمعات المختلفة. "المقدمة" لابن خلدون: عمل رائد فى التاريخ الاجتماعى والاقتصادى، يستكشف موضوعات الحضارة، والانحدار، والطبيعة الدورية للإمبراطوريات. كما اقترح "جيمناى" من الشِعر:"ديوان المعرى" أبى العلاء المعرى: مجموعة قصائد فلسفية وساخرة لشاعر سورى من القرن الحادى عشر، تستكشف موضوعات الفناء، الظلم وحالة الإنسان."ديوان النبى"! لأحمد شوقى: مجموعة قصائد ملحمية مستوحاة من حياة النبى محمد، تقدم رسالة قوية من الأمل والصمود. (لا يوجد ديوان لشوقى بهذا العنوان. ربما يقصد قصيدة نهج البردة). هذه بالطبع ليست قوائم نهائية ولا وصفة ملزمة حتى وإن جاءت من الذكاء الاصطناعى وبعناوين غير دقيقة لبعضها، إنما هى مجرد اقتراحات بأعمال تساعدنا على الهروب من أسر هذا الوقت ريثما تصفو السماء!