في تطور لافت للأنظار، كشفت صحيفة "دي فيلت" الألمانية عن خطط طموحة لحلف شمال الأطلسي "الناتو" لتعزيز قدراته العسكرية بشكل كبير، إذ أن هذه الخطط، التي تأتي في ظل التوترات المتصاعدة مع روسيا، تهدف إلى زيادة عدد الوحدات القتالية للحلف، مما يثير تساؤلات حول مستقبل الأمن الأوروبي والعلاقات الدولية. وفقاً لوثيقة سرية حصلت عليها صحيفة "دي فيلت" من وزارة الدفاع الألمانية، يخطط الناتو لزيادة عدد ألويته القتالية من 82 إلى 131 لواء. تفاصيل الخطة هذه الزيادة الكبيرة تعكس رغبة الحلف في تعزيز قدرته على الدفاع عن "كل سنتيمتر" من أراضيه في حالة نشوب صراع محتمل مع موسكو. وتشمل الخطة أيضاً زيادة عدد الفيالق من 6 إلى 15، ورفع عدد الفرق العسكرية من 24 إلى 38. بالإضافة إلى ذلك، يعتزم الحلف توسيع عدد وحدات الدفاع الجوي الأرضية بشكل كبير من 293 إلى 1467 وحدة، مما يعكس التركيز المتزايد على تعزيز القدرات الدفاعية الجوية. تم إعداد هذه الوثيقة، المعنونة ب "متطلبات القدرات الدنيا"، من قبل اثنين من كبار قادة الناتو، وهم الجنرال الأمريكي كريستوفر كافولي، القائد الأعلى لقوات الحلفاء في أوروبا، والأدميرال الفرنسي بيير فاندييه، المسؤول عن قضايا العقيدة والتحول في الحلف. تعكس هذه القيادة المشتركة الأمريكية-الأوروبية التزام الحلف بتوحيد جهوده في مواجهة ما يراه تهديداً روسياً متزايداً، وتؤكد على أهمية التنسيق الاستراتيجي بين الدول الأعضاء في الناتو. اقرأ أيضًا: برلماني روسي: «الناتو» لا يستطيع قبول أوكرانيا بدون انتهاء النزاع التحديات المالية والعملية رغم طموح الخطة، إلا أنها تواجه تحديات كبيرة على الصعيدين المالي والعملي. تشير الوثيقة إلى أن تنفيذ هذه الخطة سيتطلب "تمويلاً إضافياً كبيراً"، متجاوزاً بشكل ملحوظ نسبة ال 2٪ من الناتج المحلي الإجمالي التي يطلبها الناتو حالياً من أعضائه للإنفاق على الدفاع. هذا الأمر قد يشكل ضغطاً إضافياً على ميزانيات الدول الأعضاء، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية العالمية الحالية. من ناحية أخرى، لم يتم تحديد إطار زمني واضح لتحقيق هذه الأهداف الطموحة. على سبيل المثال، تخطط ألمانيا لتشكيل لواء قتالي واحد فقط بحلول عام 2031، مما يشير إلى أن تنفيذ الخطة الكاملة قد يستغرق عقوداً، إذ أن هذا التباطؤ في التنفيذ قد يؤثر على فعالية الاستراتيجية ويثير تساؤلات حول قدرة الحلف على الاستجابة السريعة للتهديدات المحتملة. الموقف الروسي والمخاوف من التصعيد في المقابل، نفت موسكو مراراً وجود أي خطط لمهاجمة الناتو، وقد وصف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الحديث عن "التهديد الروسي" بأنه "هراء" ودعاية غربية تهدف إلى تخويف الشعوب الأوروبية لاستخراج نفقات إضافية منها. هذا الموقف يعكس التباين الكبير في وجهات النظر بين روسيا والغرب حول الوضع الأمني في أوروبا. ومع ذلك، حذر كبار المسؤولين الروس من أن تزايد تورط الغرب في أوكرانيا من خلال شحنات الأسلحة والمساعدات العسكرية الأخرى يخلق خطر مواجهة مباشرة بين موسكو والحلف، إذ ان هذه التحذيرات تزيد من حدة التوتر وتثير مخاوف من احتمال تصعيد الصراع إلى مستويات أكثر خطورة.