بعد مرور 3 سنوات على إصدار الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان تستكمل مصر جهودها الحثيثة للنهوض بأوضاع حقوق الإنسان والحريات الأساسية، وتسعى مؤسسات الدولة إلى ترجمة ما نص عليه الدستور المصرى من نطاق واسع من الحقوق والحريات إلى تشريعات وبرامج واستراتيجيات، وبما يسهم فى الارتقاء بحياة مواطنيها.. كما تؤكد مصر احترامها لالتزاماتها الدولية والإقليمية بموجب الاتفاقيات التى تعد طرفًا فيها، وتسعى دومًا لتنفيذها والامتثال إليها. كما تسعى مصر إلى تطوير مستوى تعاونها القائم بالفعل مع الآليات الدولية والإقليمية المعنية بموضوعات حقوق الإنسان، ولقد شاركت مصر فى جهود تطوير الآليات الدولية لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة بما فيها مجلس حقوق الإنسان الذى شغلت عضويته مرتين، وتم انتخاب العديد من الخبراء المصريين فى عضوية هيئات معاهدات حقوق الإنسان بالأمم المتحدة. كما ساهمت مصر بشكل فعال فى الجهود المبذولة فى إطار الاتحاد الإفريقى، ومنظمة التعاون الإسلامي، وجامعة الدول العربية لتطوير الآليات الإقليمية ذات الصلة. واستطاعت مصر أن تحقق خلال السنوات الماضية خطوات مهمة على صعيد تعزيز حقوق الإنسان والحريات الأساسية على المستويات التشريعية والتنفيذية والمؤسسية، كما أنه من المؤكد أن تعزيز حماية حقوق الإنسان هو عملية مستمرة وتراكمية الأثر، وتظهر نتائجها بشكل متدرج، ومهما بُذل من جهد أو تحقق من إنجاز فى هذا المجال، تظل دائمًا هناك تحديات تستلزم مواصلة العمل من أجل التغلب عليها لضمان تمتع الجميع بحقوقهم التى كفلها لهم الدستور والقوانين الوطنية. وتُعد الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان خير دليل على السعى الجاد نحو مواجهة أى تحديات تحول دون التمتع بحقوق الإنسان وهى خير دليل على توافر الإرادة السياسية لإعطاء دفعة قوية للجهود الوطنية فى هذا الشأن، فهى نتاج لجهد وطنى بمبادرة مصرية خالصة تهدف إلى الارتقاء بأوضاع حقوق الإنسان للمواطن المصرى بمفهومها الشامل وكجزء من بناء الدولة المصرية الحديثة التى ينعم فيها كل المواطنين بحقوقهم التى كفلتها لهم القوانين المصرية والدستور واتساقاً مع التزامات مصر الدولية بموجب القانون الدولى لحقوق الإنسان. خطة المجلس القومى ومن جانبها أوضحت السفيرة مشيرة خطاب رئيس المجلس القومى لحقوق الإنسان أنّ المجلس أعد خطته لرفع الوعى وبناء القدرات والرصد والتقييم للمسار الوطني؛ لتنفيذ الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، وأنّ الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان تعتمد على الدستور والتزامات مصر، موضحة أنّ المجلس بدأ فى التنفيذ ونفّذ الكثير خاصة فيما يتعلق بالمشاركة. وأكدت خطاب، أنّ المجلس يسعى جاهدًا لتشجيع ورصد وتقييم التحرك لتنفيذ حقوق الإنسان، موضحة أنّ الاستراتيجية الوطنية تسترشد بالدستور وبالمواثيق الدولية لحقوق الإنسان النافذة فى مصر التى صدقت عليها، وأنّ الشفافية والمساءلة هى أساس الحوكمة فى كل مؤسسات الدولة. وأوضحت أن الاستراتيجية الوطنية تعد الأولى من نوعها، وتعتمد مقاربة شاملة ومتكاملة لتعزيز حقوق الإنسان والحريات الأساسية من خلال رؤية وتوجهات استراتيجية واضحة، إذ تبنى على التقدم الفعلى المحرز وتأخذ بعين الاعتبار عند تحديد نتائجها المستهدفة ما يفرضه السياق الوطنى من فرص وتحديات، بحيث تمثل خريطة طريق وطنية للنهوض بأوضاع حقوق الإنسان، وأداة مهمة للتطوير الذاتى فى هذا المجال. وتم تحديد إطار زمنى لتنفيذ الاستراتيجية، بحيث تبدأ عملية تنفيذها منذ إطلاقها فى سبتمبر 2021 وتستمر لمدة خمس سنوات تنتهى فى سبتمبر2026. وتشتمل الاستراتيجية على أربعة محاور عمل رئيسية تتكامل مع بعضها البعض، وتتمثل المحاور الأربعة للاستراتيجية فى: المحور الأول: الحقوق المدنية والسياسية / المحور الثاني: الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية/ المحور الثالث: حقوق الإنسان للمرأة، والطفل، والأشخاص ذوى الإعاقة، والشباب، وكبار السن/ والمحور الرابع: التثقيف وبناء القدرات فى مجال حقوق الإنسان. يتناول كل محور أبرز نقاط القوة والفرص، والتحديات ذات الصلة، وصولاً لتحديد النتائج المستهدفة من خلال إحراز تقدم فى ثلاثة مسارات متوازية ومتكاملة: مسار التطوير التشريعي، مسار التطوير المؤسسى، ومسار التثقيف وبناء القدرات فى مجال حقوق الإنسان، ولقد أُسست الاستراتيجية على رؤية تهدف إلى النهوض بكل حقوق الإنسان والحريات الأساسية فى مصر بوجه عام، من خلال تعزيز احترام وحماية كل الحقوق المدنية، والسياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، المتضمنة فى الدستور والتشريعات الوطنية والاتفاقيات الدولية والإقليمية المنضمة إليها مصر؛ تحقيقًا للمساواة، وتكافؤ الفرص دون تمييز، بما فى ذلك من خلال التعامل مع عدد من التحديات ومن بينها الحاجة إلى تعزيز ثقافة حقوق الإنسان، وتعزيز المشاركة فى الشأن العام، والتغلب على الصعوبات التى تواجه تحقيق التنمية الاقتصادية المستهدفة، ومكافحة الإرهاب والتحدى الخاص بالاضطرابات الإقليمية التى تؤثر على التمتع بحقوق الإنسان. عهد جديد وفى نفس السياق قال د.محمد ممدوح، عضو المجلس القومى لحقوق الإنسان، إن الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان تعتبر أول خطة وطنية ذاتية متكاملة تضمن تعزيز ممارسات حقوق الإنسان فى الدولة المصرية فى ظل الجمهورية الجديدة. وأضاف أن هناك اجتماعات استمرت على مدار ثلاث سنوات منذ تشكيل اللجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان بوزارة الخارجية المصرية وبمشاركة الوزارات المعنية لدراسة التحديات التى تواجه حالة حقوق الإنسان وكيف يمكن التغلب على هذه التحديات. وأوضح أن المجلس القومى لحقوق الإنسان يحاول عمل مستهدفات واضحة ومباشرة تضمن ممارسة المواطن لحقوقه بكل حرية، فضلا عن أنه على مدار ثلاث سنوات مصر بدأت عهدا جديدا من المصارحة والمكاشفة وفتح الطرق لكل الأطراف المعنية للمساعدة فى بناء جمهورية جديدة تليق بمواطنيها. وأكد أن المجلس القومى عمل على أربعة محاور رئيسية المحور الأول يتعلق بالحقوق المدنية والسياسية والمحور الثانى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمحور الثالث يتعلق بالفئات الأولى بالرعاية والمحور الرابع خاص بالتثقيف وبناء القدرات. مؤشرات إيجابية وقال عبدالجواد أحمد، عضو المجلس القومى لحقوق الإنسان، إن الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان تعد أحد أهم المؤشرات الإيجابية فى ملف حقوق الإنسان فى مصر، حيث إنها نتاج مبادرة وطنية نابعة من إرادة سياسية تعاملت بمبدأ المكاشفة والواقعية فى رصد وتحليل إشكاليات ملف حقوق الإنسان فى مصر. وأضاف أن هذا هو العام الثالث منذ بدء تنفيذ الاستراتيجية، مبينا أنها تضمنت المحاور الرئيسية للمفهوم الشامل لحقوق الإنسان فى الدولة، وذلك بالتكامل مع المسار التنموى القومى لمصر الذى يرسخ مبادئ تأسيس الجمهورية الجديدة، ويحقق أهداف رؤية مصر 2030، وتعظيم حقوق المواطنة وتعزيز رؤية بناء الإنسان. وثمن عبدالجواد إنشاء اللجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان، والتى جاءت كإضافة مهمة لجهود تعزيز البنية المؤسسية الداعمة لاحترام وحماية حقوق الإنسان فى مصر، كما يؤكد ويعكس وجود إرادة سياسية عازمة على تنفيذ كل التزامات مصر فى مجال حقوق الإنسان. وطالب اللجنة الدائمة بانتهاج مشاركة مجتمعية حقوقية، لاستطلاع آرائهم حول ما وصلت إليه الاستراتيجية فى عامها الثالث، والوقوف على التحديات التى تمر بها عمليه التنفيذ، كما طالب منظمات غير حكومية بمزيد من التفاعل والأنشطة حول دعم جهود تنفيذ الاستراتيجية. خارطة طريق وفى نفس السياق قال د.رضا فرحات، نائب رئيس حزب المؤتمر، إن الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان التى أطلقها الرئيس عبدالفتاح السيسى فى سبتمبر 2021، أحدثت نقلة نوعية فى ملف حقوق الإنسان فى مصر، وكانت بمثابة خارطة طريق لبناء مجتمع قوى ومستقر يرتكز على مبادئ العدالة والمساواة ومستقبل أفضل للبلاد على أسس متكاملة ومستدامة قائمة على احترام حقوق الإنسان، وتوفير بيئة ملائمة لتمكين جميع أفراد المجتمع من ممارسة حقوقهم وحرياتهم فى إطار سيادة القانون والعدالة. وأكد أن الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان حققت طفرة واضحة بملف حقوق الإنسان على مدار الأعوام الثلاثة الماضية، وحققت نجاحات على أرض الواقع أبرزها الإفراج عن عدد من المحبوسين احتياطيا، إضافة إلى المناقشات حول مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد، وما يتضمنه من حقوق منها تخفيض مدد الحبس الاحتياطى ووضع البدائل له، فضلا عن التعويض عنه فى حالة البراءة، بجانب تعزيز تمثيل المرأة والشباب فى مختلف المستويات السياسية والإدارية. واضاف أن الاستراتيجية أولت اهتماما كبيرا بالفئات الخاصة، مثل ذوى الهمم والمرأة والشباب، حيث شهدت تلك المجالات تطورا ملحوظا بفضل البرامج والمبادرات التى أطلقتها الدولة، مشيرا إلى أن الاستراتيجية لم تقتصر على الحقوق الاجتماعية والاقتصادية فقط، بل شملت أيضا تعزيز الحقوق السياسية والمدنية، وشهدت السنوات الأخيرة تطورا بمجالات حرية التعبير، بالإضافة إلى جهود الدولة فى تطوير العملية السياسية والتشريعية. تحديات أمنية واقتصادية ولفت إلى أن الحوار الوطني، الذى أطلقته الدولة، يعد إحدى ثمار هذه الاستراتيجية، حيث يفتح الباب أمام مشاركة أوسع للتيارات السياسية المختلفة، ويسهم فى خلق بيئة أكثر تعددية وتعاونًا، مشيرا إلى أن أحد أبرز إنجازات الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان هو قدرتها على الاستجابة للتحديات الراهنة المتعلقة بحقوق الإنسان بالرغم من التحديات الإقليمية والدولية التى تواجهها مصر، فإنها تمكنت من تحسين المناخ الحقوقى من خلال تطبيق سياسات وإجراءات فعالة تتناسب مع الوضع الداخلى والتحديات الأمنية والاقتصادية. وأوضح أن ملف حقوق الإنسان لم يعد ينحصر فى الحقوق الفردية فقط، بل بات يتضمن أيضا حقوق المجتمعات، مما يفتح آفاقا جديدة للتعاون مع المجتمع الدولى، لافتا إلى أن هناك العديد من المنظمات الدولية التى أشادت بالخطوات الإيجابية التى اتخذتها مصر فى مجال حقوق الإنسان، خاصة فيما يتعلق بحماية الفئات الضعيفة والمهمشة مثل: الأطفال والنساء وذوى الإعاقة. مضيفا أن تطوير التشريعات يعد أحد الأعمدة الأساسية التى قامت عليها الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، حيث شهدت الفترة الماضية تعديل العديد من القوانين بما يتناسب مع المبادئ الدولية لحقوق الإنسان، وتأكيد سيادة القانون وضمان حقوق المواطنين فى المحاكمات العادلة ونوه إلى أن مصر تعمل باستمرار على مراجعة وتحديث تشريعاتها لمواكبة التطورات العالمية فى مجال حقوق الإنسان وتعزيز دور المؤسسات الحقوقية، وضمان استقلالية القضاء، بما يعزز من ثقة المواطن فى مؤسسات الدولة ويحقق العدالة والمساواة أمام القانون.. وأكد أن الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان هى رؤية طموحة تنظر إلى المستقبل بتفاؤل، وتعتمد على مقاربة شاملة تتعامل مع كل أبعاد حقوق الإنسان بطريقة متكاملة، مشيرا إلى أنها ليست مجرد خطة حكومية، بل هى نهج شامل يتطلب تضافر جهود جميع الأطراف، بما فى ذلك الحكومة والمجتمع المدنى والقطاع الخاص. خطوات إيجابية من جانبه، قال المستشار رضا صقر رئيس حزب الاتحاد، إن الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان أحدثت العديد من التحولات فى الملف الحقوقى، مشيدا بجهود الجهات المعنية التى ساعدت فى بلورتها بما يتواكب مع التزامات مصر الدستورية والدولية، حيث وضعت رؤية شاملة لملف حقوق الإنسان خلال الفترة الماضية.. وأضاف أن مصر خطت خطوات إيجابية فى الملف الحقوقي، تصدرها قرار إلغاء حالة الطوارئ، وإطلاق الحوار الوطنى الذى كان جامعًا لأطياف العمل السياسي، عبروا من خلاله عن رؤيتهم، وانعكس ذلك على فتح المجال العام والممارسات السياسية، والتى أصبحت أكثر اطمئنانًا فى ظل القرارات المتتالية بالإفراج عن عدد من المحبوسين احتياطيًا، بجانب قرارات العفو الرئاسى الصادرة. وأشار إلى أن تلك الإجراءات التى اتخذتها الدولة، تكاملت مع قرارات أخرى لتعزز الملف الحقوقى من خلال التنمية الاجتماعية والاقتصادية التى تمت عبر المبادرات التى تم إطلاقها لتحسين الأوضاع المعيشية للمواطنين خاصة محدودى الدخل والقرى. وأضاف أنه فى ضوء ذلك تم إطلاق العديد من المبادرات مثل: حياة كريمة وكذلك التحالف الوطنى للعمل الأهلى التنموى وما ساهم به من تنمية مجتمعية كبيرة، بجانب إطلاق مبادرات صحية لدعم حق الإنسان فى صحة جيدة «100 مليون صحة» وغيرها من المبادرات.