تعيش إسرائيل نشوة النصر بعد عمليات الاغتيالات الاستهدافية التى طالت التسلسل الهرمى للحزب وصولًا إلى رأسه، الشهيد حسن نصر الله. حقيقة لابد من الاعتراف بها وهى إنه بعد استشهاد الأمين العام لحزب الله اللبنانى السيد حسن نصر الله، تعرض الحزب لضربة قاسية ومع أنه ما زال من المبكر تقييم التأثير، إلا أن حادثة اغتياله تشكل فى الوقت نفسه نقطة تحول، تشير إلى مرحلة جديدة لحزب الله، والمحور الشيعى الذى تقوده إيران، ولبنان، ولعلاقات إسرائيل مع هذه الأطراف نصر الله لم يكن مجرد قائد عسكرى عادى بل كان رمزاً وزعيماً كاريزمياً وسياسياً ماهراً ومحبوباً على نطاق واسع من قِبَل الشيعة ومعارضى إسرائيل، كان أيقونة حزب الله فى لبنان، فى إسرائيل نفسها يعترفون بقيمته ويقرون بأن فكرة أن أى شخص يمكن استبداله، لا تنطبق على نصر الله، فقد كان يعرف كيف يدير بمهارة مستويات متعددة من الحرب فيوازن بين الرؤية الدينية والإيديولوجية طويلة الأجل والعمليات المعقدة والتكتيكات الفورية، ويُعَد مسئولاً عن الانتصارات والإنجازات الكبرى ضد إسرائيل من الانسحاب الإسرائيلى من لبنان فى عام 2000 إلى «النصر الإلهي» فى عام 2006. لذلك فبعد اغتياله تعيش إسرائيل نشوة النصر بعد عمليات الاغتيالات الاستهدافية التى طالت التسلسل الهرمى للحزب وصولًا إلى رأسه، الشهيد حسن نصر الله، وأصابت قيادات قوة الرضوان، وأنها باتت تتمتع بنفوذ دبلوماسى أكبر، الأمر الذى يمكنها من الدفاع عن مصالحها فى أى اتفاق، بدلاً من قبول الوضع الراهن الذى اقترحه الأميركيون والفرنسيون، ورغم أن قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1701 يظل يشكل أساساً قابلاً للتطبيق، إلا أنها تراهن على ضرورة تنفيذ آليات إنفاذ قوية تضمن لها الرد الحازم على أى انتهاكات محتملة من جانب حزب الله. إسرائيل لا تكتفى بعمليات الاغتيال وقد دقت بالفعل طبول الحرب فيما يسمى بالعملية البرية لإزاحة قوات حزب الله إلى شمال نهر الليطانى وتحييدها بهدف السماح لمستوطنى الشمال بالعودة إلى منازلهم على إسرائيل. إسرائيل تعلم جيدًا القدرات العسكرية لحزب الله، وتقدر أنه برغم الارتباك الذى أصاب الحزب بعد استهداف قياداته، ودخول المنطقة فى حالة من عدم اليقين الشديد إذ ليس هناك نظام واضح للقيادة والسيطرة، ولا توجيهات، فى الحزب ولا تزال هناك صعوبات تشغيلية وتكتيكية كبيرة، مع هذا تدرك جيدًا أن حزب الله لا يزال يتمتع بقدراته العسكرية المتقدمة، فقد كانت المنظمة تبنى قوتها لعقود من الزمان، بل وأكثر من ذلك منذ عام 2006 بما فى ذلك مجموعة الصواريخ الدقيقة، وبشكل عام ترسانة من الصواريخ والقذائف، لذا فحتى لو تضررت قدراتها بشكل كبير (بنحو 50%، وفقاً للتقديرات)، فإنها لا تزال تشكل تهديداً. مع إن تل أبيب اغتالت حسن نصر الله، فسيكون عليها التعامل مع تداعيات غيابه، فقد كان الشهيد شخصية تعرف إسرائيل استراتيجياتها جيدًا وكانت تستطيع أن تتوقعها، لكن الفراغ الذى خلفه غيابه يقلب كل التفاهمات والمعادلات التى تم وضعها فيما يتصل بحزب الله رأساً على عقب، وفى المستقبل، سوف يكون أمامها عمل مهم فى التحليل والتعامل مع خصم جديد فى حقبة ما بعد نصر الله. الاحتلال يصوب بصره نحو الداخل اللبناني، ويراهن على تفكيك الجبهة الداخلية، ولدى طبقتها السياسية قناعة بأن الضربة القاسية التى تلقاها حزب الله تمثل أيضا ما تعتبره «فرصة» للبنان لمحاولة التحرر من قبضة المنظمة، أى أنها ترغب فى إعادة عملائها القدامى إلى صدارة المشهد ، لكن معارضى حزب الله العديدين داخل لبنان ليسوا بالقوة التى تسمح لهم بتصدر المشهد السياسى دون دعم خارجي، لذلك تراهن على توفير دعم واسع النطاق لهؤلاء من الجهات الفاعلة الإقليمية والدولية التى كانت حتى الآن مترددة فى التعبئة من قبل.