قدسية تجلى النور الإلهى على أرض الفيروز تجعل من مصر كلها أرضًا مُباركةً محفوظة بحفظ الله، ومشكاة نورانية تنشر ضوءها فى ربوع العالم بالخير والسلام. كنتُ أُتابعُ مقالاته باهتمام شديد، وأتعجَّب من تلك الدقة المتناهية فى عرض المشكلات الآنية التى تمسك بتلابيب أرض الفيروز عن التحليق إلى معارج التنمية؛ ثم لا يكتفى بعرض القضايا، وإنما يُقدم الحلول اللازمة والمتوقعة من الدولة ومن الناس، على السواء. عشرات المقالات كتبها الأستاذ مصطفى بلال، رحمه الله، فى «الأخبار» للحضّ على الاستغلال الأمثل لإمكانيات هذه الأرض الطيبة التى تحمل رمالها جينات البطولة والفدائية والشرف والإرادة القاهرة للمقاتل المصرى حين يتحرّش معتدٍ بأرضه؛ إذ يبذل دمه راضيًا ليروى به شجرة المستقبل لتزهر محبة نقية ورغبة عارمة فى تنميتها ووضعها فى مكانة لائقة من خريطة الشرق والعالم. ليست مجرد جبال، ولا مجرد أرض؛ إنها الأرض التى اختارها رب العزة للتجلى الأعظم، حين بث قبسًا من أنواره السرمدية على ترابنا الطاهر؛ إنها الأرض التى يخلع الأنبياء عندها نعالهم: «فاخلع نعليك، إنك بالوادى المقدس طوى»، ويخلع المؤمنون لديها أوضارهم لينغمسوا فى أنوار الملكوت الأسنى؛ إنها أرض الدهن والصبغ: «وشجرة تخرج من طور سيناء تنبت بالدهن وصبغ للآكلين»؛ وعن هذه الشجرة قال رسولنا الكريم فيما روى عمر، رضى الله عنه: «ائتدموا بالزيت وادّهنوا به فإنه من شجرة مباركة»؛ إنها أرض القسم الإلهي: «والتين والزيتون وطور سنين». الجلوة نوعٌ من إبراز الجمال، والتجلى انغمارٌ للأنوار القدسية: «فلما تجلى ربه للجبل جعله دكًّا»، إنه اختيارٌ لمكان طاهر فى بقعة مطهرة أراد الله أن تكون مُقدسة ليتجلى بنوره الأعظم فوقها دون باقى بقاع الأرض، بجبالها وأنهارها وسهولها ووديانها؛ ويقول المفسرون إن تجلّى نور الله لم يتجاوز مقدار الخنصر، فاندكّ الجبل من جمال نور الله، وصار فى استواء الأرض، وخرّ موسى صعقًا من اندكاك الجبل، إذ لا يتحمّل بشر، وإن كان نبيًّا، هذا الجزء القليل من أنوار التجلى الأعظم الذى لم تتحمله الجبال؛ إنها إرادة إلهية ليرى موسى، عليه السلام، من كمال عظمة الله وجلاله ما يعلم به أن القوة البشرية فى هذه الدار لا تثبتُ لرؤيته ومُشاهدته عيانًا لصيرورة الجبل دكًّا عند تجلى ربه، سبحانه، أدنى تجلٍّ، وهو قول الإمام ابن القيم، فى: مدارج السالكين.. قدسية تجلى النور الإلهى على أرض الفيروز تجعل من مصر كلها أرضًا مُباركةً محفوظة بحفظ الله، ومشكاة نورانية تنشر ضوءها فى ربوع العالم بالخير والسلام؛ كما تمنحها الحق فى الدفاع عن أرضها بقوة تلك الأنوار القدسية. فى هذه الأيام السديمية الغائمة الناغزة بإجرام صهيونى متناهٍ فى السفالة وانعدام الإنسانية تحل علينا نسمات ذكرى انتصارات أكتوبر لتمسح عن قلوبنا أوضار الأسى الخانق، وترشدنا إلى ضرورة تسريع خطتنا لتنمية وتعمير سيناء بالبشر والحجر وتحويلها إلى منارة يفيء إليها السياح من كل حدب؛ تلك الخطة التى بدأت مباشرة بعد ثورة 30 يونيو، وقضت العملية العسكرية الشاملة «سيناء 2018» على جيوب الإرهابيين المدعومين من خونة الخارج والداخل الذين ظنوا أنهم قادرون على اختطاف قلب الوطن بلباسهم الأسود وذقونهم الطويلة الآثمة، لكن القيادة السياسية الواعية كانت لهم بالمرصاد وأركستهم ومن يدعمونهم؛ ثم جاءت تهيئة المنطقة كلها سياحيا لتكون «الحرم الرابع»، كما وصفها الأستاذ ياسر رزق، رحمه الله؛ ولا ينفك رئيس الوزراء يؤكد توجيهات الرئيس بالإسراع فى تحويل منطقة سانت كاترين كلها إلى مركز للسياحة العالمية، وبصورة تتناسب مع المكانة الثقافية والتاريخية لأرض السلام. «موقع التجلى الأعظم فوق أرض السلام» مشروع متكامل تدعمه كل الوزارات لتحويل تلك البقعة الطاهرة من أرضنا الطيبة إلى موقع متفرد، لاستقبال زائرين من كل دول العالم فى شتى المناحى السياحية: الاستشفائية والروحانية على الجبال المُحيطة بالوادى المُقدس طوى، التى شرَّفها الله، سبحانه وتعالى، بالتجلى فوقها دون باقى أرضه.