لا تتوقف محاولات تشويه وطمس الهوية الوطنية، ويزداد الخطر الذي يهدد الأجيال الحالية والقادمة عبر قنوات تكنولوجية تستهدف الشباب ؛ فأدوات العولمة لا تنفصل عن حياتنا، أطفالاً وكباراً، وهي ذاتها قنابل موقوتة؛ ألعاب مفخخة على الهواتف المحمولة وبرامج تعرض موادًا مخلة تسرق عقول الأطفال، إلى جانب الأعمال الفنية عبر المنصات الدرامية الحديثة. وقبل كل ذلك، وسائل التواصل الاجتماعي التي تدفع أرباحًا بملايين الدولارات لمن ينجح فى تغييب العقول وعرض مواد مرئية مسمومة. نتحدث عن وباء فكرى وثقافى زرعه الغرب منذ عقود فى أرحام العرب، ومع كل تطور تكنولوجى يكبر الوباء ويصيب شريحة أكبر من أبناء الوطن وصولاً إلى الأطفال ، فهى حرب باردة لا يسمع فيها هدير الدبابات ولا قصف المدافع، تُبنى على غزو فكري وثقافي ، غزو للعقول لا يعترف بحدود ولا يقيده قانون، ويرفع شعار "العولمة" ؛ يسعى إلى تذويب الهويات والثقافات وتزييف الوعي. استهداف اللغة العربية تعرضت اللغة العربية لمحاولات استئصال متكررة على مر التاريخ، حيث سعى المستعمرون إلى فرض لغاتهم وثقافاتهم على الشعوب العربية ، استخدموا أساليب متنوعة مثل فرض اللغات الأجنبية في التعليم، وتشجيع استخدام العامية، وحتى محاولة كتابة العربية بالحروف اللاتينية ، وإضعاف الهوية العربية لتسهيل السيطرة الثقافية ،وهو ما ينذر بظهور أجيال لا تعرف شيئا عن حضارتها، ولا تعتز بشىء من تاريخها. قوة الهُوية المصرية الهُوية المصرية الجامعة بوتقة الصهر للكثير من الثقافات والعادات والأفكار الوافدة، وحاجزًا أمام أى محاولات فرض بالقوة لأى من عناصر الهُوية سواء اللغة أو الدين أو الثقافة ، رغم كثرة المحاولات وامتداد الزمن، فالتجانس السكانى إلى جانب دور مؤسسات الدولة كان لها أثرًا عظيمًا فى الحفاظ على الهوية المصرية، وتجلت هذه القوة ، بدءا من مواجهة الاستعمار ومحاولات فرض ثقافات أخرى، وصولا إلى ثورة 30 يونيو. التعليم أولاً كان لزامًا على الدولة المصرية الاستمرار فى حماية الهوية المصرية والتصدى للمحاولات الدءوبة على طمسها عبر أسلحتها الحديثة؛ وهو ما يفسره أول القرارات التى اتخذها ، محمد عبداللطيف وزير التربية والتعليم ، وكشف تفاصيله خلال اللقاء الذى جمعنا معه، نحن رؤساء تحرير ورؤساء مجالس إدارات الصحف ، وعدد من الإعلاميين البارزين، فقرار إلزام المدارس الدولية بتدريس اللغة العربية والتاريخ والدراسات الاجتماعية والتربية الدينية فى المدارس الدولية والأجنبية ، من مرحلة رياض الأطفال وصولاً إلى المرحلة الثانوية ، تحرك قوى من دولة منتبهة إلى المخاطر التى تهدد هويتها الوطنية. كشف لقاؤنا مع وزير التربية والتعليم ، عن رؤية شاملة وجريئة ، لملف هو "قضية دولة" ، فلم يقترب من هذا الملف الملغوم بالتحديات قبل دراسته وتحليله بالأرقام بدقة بكل دقة،وهو ما ساعد الوزير على طرح حلول مبتكرة ، تُمكن من حل أزمات مثل ، كثافة الفصول التى كانت تتراوح مابين 200 إلى 250 تلميذا فى الفصل الواحد فى عدد من المحافظات ، وعجز المعلمين ، والتى كانت تصل إلى 460 ألف مدرس ، وصولاً إلى تقليص مواد الثانوية العامة أسوة بباقى دول العالم ، فمصر كانت الدولة الوحيدة التى يدرس بها طلاب المرحلة الثانوية 32 مادة فى سابقة غير معهودة ، وفى طريق الحفاظ على الهوية يعمل الوزير على إنشاء "نظام تعليم مصرى" قائم على التعليم المدمج بين المدرسة والأون لاين ، كأول نظام فى المنطقة. وحدة المؤسسة الدينية الحفاظ على الهوية الوطنية المصرية ، وإعادة بناء الإنسان والشخصية المصرية، كان مسيطراً أيضا على اللقاء الذى جمعنا مع الدكتور أسامة الأزهرى وزير الأوقاف ، فالرجل ذو الفكر المستنير ، أكد أن مواجهة تحديات كثيرة متراكمة ، تبدأ بانسجام المؤسسة الدينية ، قائلا: إن الوجدان المصرى يهفو ويطمئن حينما يرى أن المؤسسة الدينية كلها منسجمة، وعلى قلب رجل واحد. وأكد الأزهرى أن الوزارة ليست بمعزل عن السوشيال ميديا باعتبارها ميدان المعركة الحقيقية للحفاظ علي الهوية وبناء الوعى ، وأعلن عن الاتفاق مع وزير الاتصالات على إطلاق منصة رقمية تعكس محاور استراتيجية الوزارة (محاربة التطرف الدينى - مواجهة التطرف اللا دينى والإلحاد - بناء الإنسان - صناعة الحضارة). تنسيق وتكامل خطوات وزارتى التربية والتعليم والأوقاف ، جزء لا يتجزأ من هدف تحسين جودة الحياة للمواطن المصرى بالحصول على مستوى أفضل فى الخدمات الحكومية المقدمة فى مجالات الصحة والتعليم والرياضة والثقافة والتوظيف، تحت مظلة المبادرة الرئاسية للتنمية البشرية "بداية جديدة لبناء الإنسان" التى أطلقها الدكتور مصطفى مدبولى رئيس الوزراء مؤخرا ، تحت رعاية الرئيس عبدالفتاح السيسى. وأكد الدكتور خالد عبد الغفار نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية البشرية، وزير الصحة والسكان ،أن المشروع القومي للتنمية للبشرية، يستهدف تكثيف عمل الجهات الحكومية، والجهات الشريكة؛ من أجل تحسين مؤشرات التنمية البشرية واستعادة الشخصية المصرية الحقيقية. عقد اجتماعى جديد من «ساحة الشعب» بالعاصمة الإدارية الجديدة، أكد الدكتور مصطفى مدبولى رئيس الوزراء، أن المبادرة بمثابة إعلان لبدء عقد اجتماعى جديد يُبرز استثمارات الدولة فى مجال التنمية البشرية وبناء الإنسان، و تسلط الضوء على المزيد من الخدمات وأسلوب تقديمها للمواطنين من خلال تضافر وتعاون مختلف الجهات الحكومية فى وقت واحد وبصورة تكاملية، وهو الأمر الذى سيسهم فى رفع العبء الاقتصادى والاجتماعى عن كاهل المواطنين ، تستهدف المبادرة جميع الفئات العمرية للعمل على بناء وعى الإنسان، وقدراته وإكسابه مختلف المهارات، التى تحتاجها سوق العمل المحلية والإقليمية والدولية، لتحقيق أهداف التنمية المستدامة لوطننا الحبيب. أهمية المبادرة كما ذكر رئيس الوزراء فى التزامها بركائز الحفاظ على القيم والأخلاق والمبادئ التى تمثل الهوية المصرية الأصيلة. إن الحفاظ على الهوية الوطنية هو حجر الزاوية لبناء الإنسان ، لذا فإن تعزيز هذه الهوية يتطلب تضافر جهود الدولة والمجتمع، حيث لكل منهما دور محوري في صون هذا الموروث الحضاري.