"كان يكفي هذه الخيام المهترئة حجر من السماء أو صندوق مساعدات ليهشمها ويقتل الأطفال فيها، لكن تسويق الأسلحة والصواريخ وتحقيق الردع يتطلب دفننا وتفتيتنا حيثما توفر الدعم والمباركة"، هكذا علق الإعلامي الفلسطيني محمد فتحي حمدان قبل أيام على إحدى المجازر الإسرائيلية التي ارتُكبت بحق الفلسطينيين في المخيمات ليعكس حقيقة إجرام إسرائيلي فاق الحدود وعبر بوحشيته تصديق الأذهان. رسالةٌ تذكرنا بالحقيقة الأهم لما يحدث لشعبٍ بأكمله في قطاع غزة في شتى بقاعه المنكوبة بفعل العدوان الغاشم، قبل أن نشرع في تناول أزمة إنسانية يوشك النازحون، وما أكثرهم هناك، أن يُقاسوا ويلاتها ألا وهي خيامهم المهترئة، التي يفترشون أرضها فوق الرمال، وقد تحولت تلك الخيام بالنسبة لهم أشبه بسرابيل بالكاد تقيهم الحرّ وبالكاد تمنع عنهم برودة الشتاء وتستعصي عندها الأمطار الغزيرة التي تهطل في الشتاء. وقبل حلول فصل الشتاء الثاني، الذي سيعرفه الشعب الفلسطيني في غزة تحت وطأة الحرب، ما لم تضع أوزارها قبل أواخر هذا العام، خرجت حكومة غزة بلسان المكتب الإعلامي لها، داعيًا إلى إنقاذ مليوني نازح في قطاع غزة قبل فوات الأوان بالتزامن مع قدوم المُنخفضات الجوية ودخول فصل الشتاء واهتراء خيام النازحين في القطاع، الذي لا يزال يرزخ تحت شرارة الحرب الإسرائيلية المشتعلة منذ 7 أكتوبر من العام الماضي. اقرأ أيضًا: ارتفاع حصيلة شهداء قطاع غزة إلى 41206 منذ بدء العدوان 74% من خيام النازحين غير صالحة وأشار المكتب الإعلامي الحكومي في غزة إلى أن أعداد النازحين لا تزال في تدفق وازدياد يومًا بعد يوم، حيث بلغ عدد النازحين بشكل عام من 1.9 مليون نازح إلى مليوني نازح في محافظات قطاع غزة. وقال المكتب الإعلامي الحكومي، في بيانه، أمس السبت 14 سبتمبر، "لدينا في قطاع غزة 543 مركزًا للإيواء والنُّزوح نتيجة ارتكاب الاحتلال الإسرائيلي جريمة التهجير القسري، وهي جريمة ضد الإنسانية من خلال إجبار المواطنين على النزوح الإجباري من منازلهم وأحيائهم السكنية الآمنة وهي جريمة مخالفة للقانون الدولي". وأوضح المكتب الإعلامي الحكومي أن نسبة 74% من خيام النازحين أصبحت غير صالحة للاستخدام، وذلك وفقًا لفرق التقييم الميداني الحكومية، والتي أفادت بوجود 100 ألف خيمة من أصل 135 ألف خيمة بحاجة إلى تغيير واستبدال فوري عاجل نتيجة اهتراء هذه الخيام تمامًا، حيث أنها مصنوعة من الخشب والنايلون والقماش. وأوضح أن هذه الخيام اهترأت مع حرارة الشمس ومع ظروف المناخ في قطاع غزة، وخرجت عن الخدمة بشكل كامل، خاصة بعد مرور 11 شهرًا متواصلًا من النزوح وهذه الظروف غير الإنسانية. بيان المكتب الإعلامي الحكومي في غزة خلاصته أن نحو 35 ألف خيمة فقط من أصل 135 ألف خيمة في أماكن النزوح والمخيمات هي فقط الصالحة لمواجهة فصل الشتاء المقبل تلف معظم الخيام في رفح وفي مناطق شمال غرب رفح، جنوب قطاع غزة، وحتى شمال النصيرات، والذي يُقدر عدد النازحين بهذه المناطق جنوب وادي غزة، في الوقت الراهن بنحو مليون و200 ألف نازح، وفق ما ذكره صحفيون مقيمون هناك، تمثل الخيام المهترئة هاجسًا يواجهه النازحون هناك قبل أسابيع من قدوم فصل الشتاء. ويقول أحمد الصوفي، رئيس بلدية "رفح" الفلسطينية، "الشتاء قادم علينا وحالة الخيام سيئة جدًا.. لن تصمد أمام الرياح والعواصف والأمطار"، مضيفًا أن "حرارة الصيف قد اتلفت معظم الخيام في منطقة رفح". ويتابع قائلًا، في تصريحٍ ل"بوابة أخبار اليوم"، "نتوجه بنداء استغاثة للشعب المصري الشقيق والشعوب العربية بمد يد العون وتوفير 100 ألف خيمة مضادة للمطر بشكل عاجل". دير البلح بحاجة إلى 60 ألف خيمة ومن رفح إلى محافظة دير البلح، وسط قطاع غزة، والتي تعتبر من أوائل الأماكن التي نزح إليها سكان قطاع غزة في الأشهر الأولى من اندلاع الحرب الإسرائيلية، أصبح النازحون هناك في أمس الحاجة إلى مدهم بعشرات الآلاف من الخيام كي يستطيعوا مواجهة فصل الشتاء القادم علاوةً على مجابهتهم العدو الإسرائيلي ودباباته وقصفه المستمر. ويقول دياب الجرو، رئيس بلدية دير البلح، إن "عدد النازحين في محافظة دير البلح قريب من مليون نازح، وهو ما يقارب نص عدد سكان غزة، ونحن في منطقة دير البلح نحتاج ما بين 50 ألف و60 ألف خيمة، لأن عدد كبير من النازحين هم متواجدون على شاطئ البحر مباشرة، ومياه البحر تضرب في خيامهم، وعدد كبير من هؤلاء متواجدون في مجرى وادي السلقة". ويتابع الجرو، في تصريحات ل"بوابة أخبار اليوم"، "إضافةً إلى ذلك أن دير البلح هي من أول المناطق، التي استقبلت أفواج النازحين من اللحظة الأولى، التي أعلن فيها الاحتلال عن إخلاء المناطق في شمال القطاع وفي مدينة غزة، وكان يطلب منهم مباشرة التوجه إلى منطقة دير البلح، وبالتالي هذه الخيام الموجودة في دير البلح قد وُجدت مع بداية موجة النزوح، على عكس مناطق أخرى استقبلت النازحين في أوقات أتت بعد من ذلك". وهذه صور خاصة حصلت عليها "بوابة أخبار اليوم"، من خيم للنازحين قد تهالكت في منطقة دير البلح بالقرب من منطقة بحر قطاع غزة. ارتفاع سعر الخيام ل1000 دولار وبدوره، يكشف الصحفي الفلسطيني منذر الشرافي، المقيم في مخيمات النزوح وسط قطاع غزة، عن أوضاع صعبة يعيشها النازحون بسبب تهالك الخيم، إلى أن وصل الأمر لارتفاع أسعار تلك الخيم في قطاع غزة بصورة غير طبيعية. ويقول الشرافي، ل"بوابة أخبار اليوم"، "النازحون منذ اليوم الأول من الحرب وهم يمكثون تحت أقمشة معرضة للأمطار والشمس، مما جعلها تتهالك مع قوة أشعة الشمس وقوة الرطوبة والأمطار في فصل الشتاء السابق"، مضيفًا: "الآن سوف يأتي علينا فصل الشتاء بعد مدة طويلة من إقامة النازحين تحت هذه الخيام، وهي في الأصل لا تصلح إلا الذهاب لرحلة تكون يومًا أو يومين أو الذهاب في رحلة سفاري في الصحراء، ولكن الآن سكان قطاع غزة نستخدمها في الإيواء من أشحة الشمس الحارة ومن الأمطار الغزيرة، التي تكون ضررًا عامًا علينًا". ويضيف الشرافي، "الآن سعر الخيام مرتفع جدًا في قطاع غزة، وسعر النايلون أو الشادر باللغة العامية وصل إلى أعلى مستوى من الأسعار في قطاع غزة، والمؤسسات والجمعيات الخيرية شبه متوقفة عن إدخال الخيم والنايلون المخصص لإقامة الخيم للنازحين". ويواصل الشرافي قائلًا: "سعر الخيام التي هي بالأصل تكون مقدمة مساعدة من مؤسسة أو جمعية أو الدول المانحة، وصل الآن إلى 1000 دولار فما فوق، وسعر قطعة النايلون تقريبًا ما يُعادل 4 أمتار في 6 أمتار وصل إلى ما يعادل مائتي دولار في قطاع غزة". ويتابع الشرافي: "الآن أكبر عبء على السكان والنازحين في قطاع غزة هو نقص البلاستيك أو النايلون لنصب الخيام ووضع الأسقف والجوانب لما يُسمى أشباه الخيم، التي يقطنون بها، وقبل يومين تأثرت خيم النازحين المتواجدة على شاطئ بحر غزة من شماله إلى جنوبه بفعل مد البحر وطفو أمواج البحر على هذه الخيم وتدميرها". هناك في غزة حيث تُفتقد أدنى درجات الحياة الآدمية بفعل عدوان إسرائيلي متواصل قتل أكثر من 41 ألف فلسطيني وأوقع ما يربو على 95 ألف جريح، بات الحصول على خيمة صالحة لمجابهة تقلبات المناخ مطلبًا ملحًا لشعب يذوق ويلات حرب عرفت معنى الإبادة الجماعية بكل أنواعها.