الالتزام الاستراتيجى ، وعدم التأثر بحالة الاستقطاب مبدأ رئيسى يحكم بوصلة الدبلوماسية المصرية ، فالمبدأ الذى أسسه وأعلنه الرئيس عبدالفتاح السيسي منذ 2014 ، يعبر عن ثوابت السياسة المصرية الراسخة ، فى إدارة علاقاتها الاستراتيجية مع دول العالم فى إطار من تعزيز الشراكة ، واحترام سيادة الدول ، واضعًا المصلحة الوطنية المصرية وحماية أمنها القومى فى مقدمة الأولويات. تدرك مصر جيدا حجم الظرف شديد التعقيد ، الذى يعصف بالإقليم إلى حالة من الاضطراب، فالتحديات جسيمة ، فها هو نيرون الشرق الأوسط "النتنياهو" الذى استباح دماء أكثر من 45 ألفا من الأبرياء الفلسطينيين ، يواصل جرائمه وسط صمت وتخاذل دولى ، ساعيا إلى جر المنطقة إلى حرب إقليمية تحرقها، وعلى الجانب الغربى لا تقل الأزمة الممتدة وحالة الانقسام فى ليبيا خطورة عن الوضع المتأزم فى غزة ، و فى الجنوب تزايدت التشابكات الإقليمية ، وأصبح المشهد فى السودان الشقيق معقدا مهددا وحدته ، وتمتد الأزمات إلى القرن الأفريقى الذى يواجه فيه الصومال الشقيق تهديدا سافرا لسيادته ووحدة وسلامة أراضيه فى انتهاك واضح من دولة أثيوبيا للقانون الدولى. علاقات تاريخية وإرث حضارى وسط هذه التحديات تأتى أهمية الزيارة التاريخية التى قام بها الرئيس عبدالفتاح السيسي إلى العاصمة التركية أنقرة ، فى زيارة هى الأولى للرئيس السيسى لتركيا تلبية لدعوة الرئيس أردوغان، كأول زيارة لرئيس مصرى لأنقرة منذ 12 عامًا، جاءت الزيارة وسط حفاوة كبيرة من الرئيس التركى رجب طيب أردوغان والشعب التركى الشقيق ،واهتمام واسع من الصحف التركية ودوائر الإعلام العالمى ، وهو ما عبر عنه الرئيس السيسى خلال المؤتمر الصحفى المشترك مع الرئيس التركى أردوغان: أقول" للشعب التركي الشقيق، أنني أحمل إليكم من مصر وشعبها أطيب مشاعر الود والمحبة والتقدير، في ظل اعتزازنا بالعلاقات التاريخية والإرث الحضاري والثقافي والحضاري المشترك الذي يجمعنا". ، معلنا انطلاق محطة جديدة في مسار تعزيز العلاقات بين البلدين والبناء على زيارة الرئيس أردوغان التاريخية للقاهرة في فبراير الماضي. حقوق الشعب الفلسطينى عقب ترأس الرئيس السيسى وأردوغان الاجتماع الأول لمجلس التعاون الاستراتيجي رفيع المستوى ، أكد الرئيسان خلال المؤتمر الصحفى ، وحدة موقفي مصر وتركيا حيال المطالبة بالوقف الفوري لإطلاق النار ورفض التصعيد الإسرائيلي الحالي في الضفة الغربية ، والبدء في مسار يحقق تطلعات الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة في حدود 4 يونيو 1967 وعاصمتها القدسالشرقية وفقًا لقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، فضلا عن التعاون المستمر منذ بداية الأزمة لإيصال المساعدات الإنسانية لغزة، على الرغم من المعوقات المستمرة التي تفرضها إسرائيل. إنهاء الانقسام فى ليبيا وأعلن الرئيس السيسى أنه تم تبادل وجهات النظر حول الأزمة الليبية ، والاتفاق على التشاور بين مؤسسات البلدين ، من أجل تحقيق الاستقرار الأمني والسياسي في ليبيا ،مع تأكيد أهمية طي صفحة تلك الأزمة الممتدة ، وذلك من خلال عقد الانتخابات الرئاسية والتشريعية بالتزامن، وخروج القوات الأجنبية غير المشروعة والمرتزقة من البلاد، وإنهاء ظاهرة الميليشيات المسلحة،حتى يتسنى لليبيا الشقيقة إنهاء مظاهر الانقسام وتحقيق الأمن والاستقرار. التقارب التركي السوري واحتلت الأوضاع في سوريا جانبًا مهمًا فى المباحثات الثنائة، حيث أكدت مصر وتركيا تطلعهما إلى التوصل لحل لتلك الأزمة.. التي أثرت على الشعب السورى الشقيق، بشكل غير مسبوق ،ورحب الرئيس السيسى بمساعى التقارب بين تركياوسوريا ، والتى تهدف إلى تحقيق الحل السياسي.. ورفع المعاناة عن الشعب السوري الشقيق ،وفقاً لقرار مجلس الأمن في هذا الشأن ،مع الحفاظ على وحدة الدولة السورية وسيادتها وسلامة أراضيها والقضاء على الإرهاب. السودان والقرن الأفريقي و استعرضت المباحثات الأزمة في السودان ، والجهود التي تبذلها مصر.بالتعاون مع مختلف الأطراف لوقف إطلاق النار،وتغليب الحل السياسي،و تطرقت المباحثات الثنائية باستفاضة إلى الأوضاع في القرن الإفريقى ،وخاصة بالصومال ، وأعلن الرئيس السيسى عن الاتفاق مع الجانب التركى على ضرورة الحفاظ على وحدة الصومال الشقيق. ،وسيادته وسلامة أراضيه ضد التهديدات التي تواجهه ، كما أكد الرئيس السيسى تطلع الجانبان إلى استمرار التهدئة الحالية في منطقة شرق المتوسط، والبناء عليها. ،وصولاً إلى تسوية الخلافات القائمة بين الدول المتشاطئة بالمنطقة ، حتى يتثنى للجميع التعاون، وتعظيم الاستفادة من الموارد الطبيعية المتاحة بها، لتحقيق الرفاهة لشعوب المنطقة أجمع. تعزيز الاستثمارات ولم تغفل المباحثات التعاون الاقتصادى وتعزيز الاستثمار المشترك ، حيث تم توقيع عدد من مذكرات التفاهم خلال اجتماع مجلس التعاون الاستراتيجي، الذي يهدف إلى تحقيق نقلة في التعاون في مجالات الاستثمار والتجارة والنقل والزراعة والسياحة.. كما تم التأكيد على أهمية تيسير اتفاقية التجارة البينية، وتوسيع اتفاقية التجارة الحرة بين البلدين الشقيقين، بهدف زيادة حجم التبادل التجاري إلى 15 مليار دولار خلال السنوات المقبلة، بالإضافة إلى تعزيز الاستثمارات المتبادلة، ومنح التسهيلات الممكنة لرجال الأعمال الأتراك في ظل مناخ الاستثمار المتيسر في مصر، الذي مكنهم من زيادة حجم أعمالهم وبيع منتجاتهم في مصر والتصدير للخارج. الدبلوماسية المصرية دورها واضح للجميع فلا حلول لأزمات المنطقة بدون الوجود المصرى ، ومن هنا تأتى أهمية التوافق وتوحيد الرؤى والمواقف وترفيع العلاقات مع دول الجوار، وتركيا شريك استراتيجى وحيوى، والتقاء الطرفين،وتقارب وجهات النظر بين البلدين يبشر بخفض حدة التوتر التى تسيطر على الأقليم.