عاد وزير الأمن القومى إيتمار بن غفير إلى صدارة المشهد الإسرائيلى المتطرف، مرشحًا الأوضاع فى الضفة الغربيةوالقدس لمزيد من التوتر على خلفية دعوته لبناء معبد فى الحرم القدسى الشريف، وقال فى تصريحات لإذاعة الجيش الإسرائيلى (جالى تساهل): «السياسة تسمح بصلاة اليهود فى الحرم القدسى، لابد من بناء معبد يهودى هناك». وفى حين دعت المقاومة الفلسطينية فى الضفة الغربية وقطاع غزة إلى الدفاع عن الأقصى، تعامل معسكر اليمين المتطرف معها بفتور، محتميًا ب«سياسة الصمت»، التى يتبناها نتانياهو مع أكثر من تصعيد للوزير نفسه، نظرًا لاتفاقيات ائتلافية قطعها مع اليمين قبل تشكيل الحكومة، لاسيما فى ظل حاجة نتانياهو إلى إرباك المشهد وتعقيده، لضمان بقاء الائتلاف والحيلولة دون تفكيكه فى الوقت الراهن. اقرأ أيضًا | على أعتاب أعمال دورة الأممالمتحدة فك وتركيب النظام العالمى القديم وعلى خلفية صمت نتانياهو على تصرفات ابن جافير فى هذه المرة وسوابقها، لا يستبعد مراقبون إمكانية حصول وزير الأمن القومى على ضوء أخضر من رئيس الوزراء فى توقيت، ربما تقترب فيه حرب غزة من النهاية، وتتزايد مساعى حلحلة الأزمة الإسرائيلية مع «حزب الله» وإيران، حسب المحلل الإسرائيلى ناحوم بارنيع، الذى أكد بحث حكومة نتانياهو بكامل أعضائها عن آلية يمكن من خلالها إشعال الأوضاع الأمنية، لضمان بقاء حالة الاستنفار، والعزوف بها عن أى محاولة لإجراء انتخابات مبكرة. وربما فطن جانب من معسكر اليمين إلى خطورة التصعيد فى أكثر ملفات الصراع العربى الإسرائيلى حساسية، وأوصى بالتهدئة بعيدًا عن تأييد موقف ابن جافير، وجاء وزير الداخلية موشى أربيل (حزب شاس المتطرف) فى طليعة هؤلاء، ودعا بنيامين نتانياهو، حسب صحيفة «دافار» إلى ضرورة التحرك السريع، وتفادى انفلات الأمور، ومنع تصريحات ابن جافير، التى تؤثر بالضرورة على علاقات إسرائيل الاستراتيجية، مؤكدًا أن الافتقار إلى الذكاء فى التعامل مع ملف الحرم القدسى ينطوى على إذكاء الصراع وإراقة مزيد من الدماء فى العمق الإسرائيلى. ولتحقيق مكاسب تنعش شعبيته، انبرى رئيس ما يُعرف ب«معسكر الدولة» الانتخابى بنى جانتس فى إدانة مواقف الوزير (عراقى الأصل) بن جافير، لكنه ناور لإضفاء شعبوية على القضية دون خسارة طرف على حساب آخر، وقال: «لا يستطيع أحد توقع تصرفات ابن جافير، ولا حتى نتانياهو، وإن كان الأخير قد سمح له بقيادتنا إلى الهاوية لصالح مكاسب سياسية»، وبأسلوب يناسب لغة الحملات الانتخابية، وجه جانتس كلامه إلى حكومة الخصم: «يتوقع الشعب منكم اتخاذ إجراءات عاجلة لمنع كارثة وشيكة، إذ لا تكفى الإدانات والكلمات اللطيفة فى هذا المنعطف الخطير». وفيما التزم نتانياهو الصمت، ترك الساحة واسعة لبيان أمريكى، لا يتجاوز هو الآخر لغة الحملات الانتخابية، وخرج المتحدث باسم الخارجية ماثيو ميلر، معلنًا مدى تأثير تصريحات ابن جافير على المصلحة الأمنية الإسرائيلية، وأضاف: «أفعال وزير الأمن القومى تثير التوتر فى وقت تتعامل فيه إسرائيل عسكريًا مع إيران و«حزب الله» و«حماس». حتى إذا كانت ردود أفعال الداخل والخارج الإسرائيلى معلَّبة، ولا تنطوى على مغزى لحل الأزمة على الأرض، لم يرتدع إيتمار بن جافير وفريقه، وقال فى تصريحات صحفية: «القدس هى الرأس والعين»، وهو ما أثار ردود معسكره على وزير الداخلية موشى أربيل، واعتبروه حسب موقع «صوت المدينة» العبرى «المنافق، وأكثر المتملقين لليسار، والعرب، والنظام القضائى، والدولة». ولام معسكر اليمين المتطرف على حزب «شاس» المتطرف هو الآخر انتخاب موشى أربيل ممثلًا عن الحزب فى الحكومة. وإذا دارت علامات الاستفهام حول إصرار إيتمار بن جافير أكثر من غيره فى معسكر اليمين على مواقفه المناوئة للقدس والمسجد الأقصى، يشير ملفه الجنائى إلى أنه جرى استبعاده من التجنيد فى جيش الاحتلال على خلفية انتمائه لحركة «كاخ»، التى أسسها الحاخام المتطرف مئير كهانا. وبعيدًا عن ذلك، يُحتسب ابن جافير وهو فى الرابعة عشرة من العمر على اليمين السياسى، ومن خلاله شارك فى المذبحة الإسرائيلية، التى قتل فيها 29 مصليًا مسلمًا فى الحرم الإبراهيمى بمدينة الخليل عام 1994. وفى 2007 أدين مجددًا فى دعم منظمة إرهابية والتحريض على العنصرية، بعد أن قاد عام 2001 سيارة تحمل لافتة مكتوب عليها «الإرهاب مرهون بوجود العرب»، وفى عام 2002 تم العثور فى سيارته على أربع لافتات تدعو إلى طرد العرب من القدس.