الأربعاء القادم تنطلق الدورة الحادية والثمانون لمهرجان فينيسيا السينمائى الدولى (28 أغسطس - 7 سبتمبر 2024) بحضور عدد ضخم من نجوم السينما العالمية وخاصة نجوم هوليوود، الذين غابوا العام الماضى عن المهرجان بسبب إضراب النقابات الفنية، وهذا العام يبدو أنه سيكون بمثابة تعويض للمهرجان العريق وجمهوره الذى افتقد نجوم السينما الأمريكية وبريقهم الذى لا يقاوم على السجادة الحمراء. يحرص صناع السينما الأمريكية على التواجد فى المهرجانات القادمة مع بشائر الخريف، موسم المهرجانات السينمائية، والتى تنطلق بعد مهرجان فينيسيا الذى يقتنص العروض الأولى للأفلام ثم يتوالى عرضها فى المهرجانات تباعا، قبل عرضها جماهيريا، حيث يفضل منتجو وموزعو الأفلام عرض أفلامهم المتميزة فى الربع الأخير من العام، لتقترب من سباق الأوسكار. أمريكا ونصيب الأسد! للسينما الأمريكية نصيب الأسد فى فينيسيا، فهى تهيمن على مسابقات وبرامج المهرجان المختلفة هذا العام، فلها 7 أفلام فى المسابقة الرسمية من 21 فيلما تتنافس على أسد فينيسا المرموق، و9 من 32 فيلمًا خارج المسابقة، و7 من 33 فيلما بين طويل وقصير فى مسابقة آفاق، وفيلم واحد بين 9 أفلام فى مسابقة آفاق إكسترا، وفى كلاسيكيات فينيسا لها 8 أفلام بين 27 فيلمًا رائعًا. بين الأفلام الأمريكية التى تتنافس على الأسد الذهبى الفيلم المنتظر «Joker: Folie À Deux» چوكر: جنون اثنين» لتود فيليبس بطولة واكين فينيكس وليدي جاجا وبريندان جليسون وزازي بيتز، وتدور أحداثه حول آرثر الذى يجد نفسه فى صراع مع هويته المزدوجة وهو فى انتظار المحاكمة بصفته الجوكر، وأثناء وجوده فى مستشفى آراكم يلتقى بحب حياته، ويكتشف عشقه للموسيقى، ويخوض مع حبيبته مغامرة جديدة. وفيلم الجريمة «Babygirl» لهالينا ريجن بطولة نيكول كيدمان وأنطونيو بانديراس وهاريس ديكنسون، تدور أحداثه فى إطار من الغموض والتشويق حول مديرة تنفيذية تغدر بزوجها وتنقلب حياتها تماما بعد وقوعها فى علاقة آثمة. و «Harvest» لأثينا راشيل تسانجرى، بطولة هارى ميلينج وفرانك ديلان وكيليب لاندري جونز وتدور أحداثه حول قرية فى زمان ومكان غير معلوم، تواجه غزوا من العالم الخارجى.. الفيلم انتاج مشترك بين أمريكا وبريطانيا وألمانيا وفرنسا. و«Stranger Eyes» «عيون غريبة» لسيو هو يو وهو إنتاج مشترك بين أمريكا وسنغافورة وفرنسا وتدور أحداثه حول اختفاء طفلة رضيعة لأسرة صغيرة، تنهار حياتها تماما عندما تدرك أنها مخترقة من جهات متعددة. و«ماريا» لبابلو لارين وتدور أحداثه حول اليونانية ماريا كالاس أعظم مغنية أوبرا فى العالم، ويروى فصولا من حياتها التى انتهت بمأساة انتحارها بعد حياة صاخبة.. الفيلم انتاج أمريكى إيطالى ألمانى، وتلعب دور ماريا كالاس النجمة الرائعة أنجيلينا جولى، وحتى لا تلتقى بزوجها السابق براد بيت الذى يحضر المهرجان مع أحدث أفلامه خارج المسابقة «Wolfs» «الذئبان»، سيعرض فيلم «ماريا» فى الأيام الأولى للمهرجان، 28 و 29 أغسطس، تغادر أنجى بعدها فورا متوجهة إلى تورونتو، حيث يعرض لها أحدث أفلامها كمخرجة «Without Blood» «بدون دم» الذى تلعب بطولته سلمى حايك. وتفاديا للقاء غير مرغوب من الطرفين، يعرض المهرجان فيلم «Wolfs» أول سبتمبر، ويجمع براد بيت بصديقه جورج كلونى، وهو كوميدى أكشن من إخراج جون واتس. يعرض خارج المسابقة أيضا أحدث أفلام كيفن كوستنر مخرجا وممثلا ومؤلفا ومنتجا «Horizon: An American Saga» «الأفق: ملحمة أمريكية» بجزءيه الأول والثانى، يحاول كوستنر استعادة بريقه ومجد فيلمه الرائع «الرقص مع الذئاب» الذى حصد سبع جوائز أوسكار عام 1991 منها أفضل فيلم وأفضل مخرج لكوستنر، فى جزءين تؤرخ ملحمة كوستنر ميلاد وموت مستوطنة بنيو مكسيكو فى القرن التاسع عشر، وذلك من خلال وجهات نظر متشابكة ومتصادمة للمستوطنين والجنود والتجار والأمريكيين الأصليين والعمال المهاجرين الصينيين. افتتاح هوليوودى يعود تيم بورتون لفينيسيا بفيلم «Beetlejuice Beetlejuice» فانتازيا كوميدية يقول عنها ألبرتو باربيرا مدير المهرجان إنه تحفة بصرية وعمل متميز بتأرجح مدهش من الخيال والإبداع، الفيلم بطولة كوكبة من النجوم بينها مايكل كيتون وكاترين أوهارا ووينونا رايدر ومونيكا بيلوتشى وجينا أورتيجا وويليام دافو، ويعرض خارج المسابقة وقد تحدد عرضه الجماهيرى فى الأسبوع الأول من سبتمبر. فلسطين واختيار مثير للجدل القضية الفلسطينية والمقاومة من أجل الأرض، مستحيل غيابها عن المهرجانات، لكن مهرجان فينيسيا اختار فيلمين لطرح القضية، سيثيران الكثير من الجدل، أولا «أجازة سعيدة» للمخرج الفلسطينى إسكندر قبطى، إنتاج إيطالى ألمانى قطرى مشترك، وتدور أحداثه حول صراع عنيف داخل أسرة فلسطينية، يقع ابنها فى غرام فتاة إسرائيلية، تحمل منه، وتقف عائلته أمام رغبته فى الزواج منها، كما ترفض عائلة الفتاة أيضا هذا الزواج.. موضوع شائك، يقول ألبرتو باربيرا مدير المهرجان عنه فى حوار منشور بمجلة فارايتى أنه «عن نوع آخر من الصراع، الصراع الثقافى بين جانبين غير قادرين على التصالح مع بعضهما البعض» كل علامات التعجب لا تكفى هنا، فمن السخيف والمجحف أن نختصر الصراع بين جانبين أحدهما مغتصب للأرض والحقوق والتاريخ بدعم عالمى فاجر، والثانى يقاوم بلا سند أو دعم، فى صراع ثقافى أو اجتماعى، وعدم تقبل الآخر هنا ليس مجرد صراع ثقافات، ولكنه صراع وجود، وعدم تقبل مستعمرا غاصبا، أتوقع أن يثير الفيلم كثيرا من الجدل وعاصفة من الرفض.. ويعرض المهرجان فيلما إسرائيليا عن فتاة صغيرة تعود إلى الكيبوتس بحثا عن كلبها وأمها التى ربما اختطفتها حماس، الفيلم بعنوان «Of Dogs and Men»، يقول عنه باريرا «يسمح لنا الفيلم بمساواة أهوال «إرهاب» حماس مع رعب عواقب التفجيرات التى يشنها الجيش الإسرائيلى على غزة!! ويضيف «الفيلم ينجح فى هذا السياق الصعب فى الحفاظ على نظرة مؤلمة لكن واضحة وموضوعية»!! الشىء الوحيد الواضح بعد قراءة ڤارايتى وحوار مدير المهرجان العريق، أن الغرب لم يفهم القضية بعد، أو أنه لا يريد أن يفهم.