«من غرائب الثانوية العامة أن الطالبة ندى رمضان الأولى على الجمهورية نامت، وعندما استيقظت فوجئت أن ترتيبها الخامس!!» آلو أستاذ جمال.. وبعد السلامات والطيبات سألنى محدثي: عندك ولد فى الثانوية العامة؟. قلت: نعم.. سألني: علمى ولا أدبي؟، أجبت: علمي.. قال: لو عاوزه يجيب أكثر من93٪ اشترك معانا.. قلت: اشترك معاكم فى إيه؟، قال: فى نظام السماعات، واضمن لك إن ابنك يدخل أفضل كلية.. قلت: كيف ذلك؟، قال: إحنا عندنا نظام لإملاء أجوبة الامتحانات للطلاب عبر سماعة صغيرة يتم شراؤها من العتبة بخمسة آلاف جنيه.. يضعها الطالب فى أذنه، ومن الصعب اكتشافها.. قيمة الاشتراك30 ألف جنيه.. ونضمن للطالب الحصول على مجموع أكثر من 94٪.. قلت: لكن امتحانات ابنى بالقاهرة؟!.. قال: ولا يهمك السماعات يصل مداها إلى كل محافظات مصر!!.. قلت: ولمن تذهب هذه الأموال؟، قال: ننفقها بسخاء على استضافة المراقبين وإكرامهم بذبح العجول والخرفان، واستئجار الطباخين، وإعداد كل ما لذ وطاب من الأطعمة والمشروبات.. قلت: وكيف تحصلون على ورقة الأسئلة؟، قال: كله معمول حسابه. قلت: لكن فيه خطر على الطلاب إذا تم ضبطهم، وممكن يتم ضبط السماعات وحرمان الغشاشين من الامتحانات.. قال: اطمئن الأمور تحت السيطرة!!.. أصابنى الذهول، رغم علمى بما يحدث فى لجان أولاد الأكابر، لكن أن تصل الأمور إلى هذه الدرجة من البجاحة، فهذا أمر خطير.. رويت تفاصيل المكالمة لابنى يوسف ولزوجتي، وفوجئت بهما فى حالة غضب وثورة شديدين، وقالا إن هذا يقتل مبدأ تكافؤ الفرص، ويتيح للغشاشين الالتحاق بكليات القمة، ويحرم منها المجتهدين والمتفوقين!! وظهرت الثانوية العامة، وفوجئت بقوائم مستفزة على مواقع التواصل الاجتماعى لطلاب مدارس أبناء الأكابر فى محافظات بعينها، يحصلون على أكثر من94٪،وأجزم أنه لو أعيد امتحانهم فى نفس المواد التى امتحنوا فيها، فلن يحصل معظمهم على أكثر من60٪، وربما رسبوا!!.. المثير أن من حصلوا على مجاميع مرتفعة لم يستفد أى منهم على درجتى الفيزياء، لأنهم بالطبع أجابوا الإجابة الصحيحة التى أملاها عليهم مدرس المادة!!.. لا ينكر أحد أن وزارة التربية والتعليم بذلت جهوداً كبيرة لمواجهة الغش، ومنعت التحويلات إلى مدارس أبناء الأكابر، واستخدمت العصا الإلكترونية لتفتيش الطلاب أثناء دخولهم اللجان، لكن يبدو أن نفوذ مافيا الغشاشين أكبر، لكن يجب ألا نيأس، فالدولة قوية وقادرة على ضرب هؤلاء بيد من حديد.. السماء تمطر درجتين فجأة، وبدون سابق إنذار، فوجئ طلاب المرحلة الأولى بالثانوية العامة أثناء تقديم رغباتهم بزيادة مجموعهم درجتين، وهنا اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعى طوال الليل.. وبعد ساعات من الحيرة، جاءت الإجابة من وزارة التعليم بأن هاتين الدرجتين خاصتين بسؤال الفيزياء الذى أخطأ من وضعه خطأ جسيماً، واكتشفت الوزارة أن له إجابتين صحيحتين، وقرر الوزير وقتها منح الطلاب درجتى السؤال، وانتهت عمليات التصحيح، ولم يحصل الطلاب على الدرجتين، وتم إعلان النتيجة، ثم تذكر المسئولون أنهم لم ينفذوا ذلك أثناء عمليات التصحيح، ومع بدء عمل التنسيق، تم إضافة الدرجتين.. وهنا تقفز تساؤلات مهمة، نتمنى أن نجد لها إجابات حاسمة.. من يتحمل مسئولية إعلان نتيجتين للثانوية العامة، لكل نتيجة أوائلها؟!، من المسئول عن لعبة موجة الكوميديا والتراجيديا التى صاحبت تعديل ترتيب الأوائل؟.. هل حاسبت وزارة التربية والتعليم غليظ القلب الذى وضع امتحان الفيزياء، الذى تسبب فى هذه المهزلة، وغليظ القلب الذى أخطأ فى وضع امتحان الأحياء؟، هل يعقل أن لجاناً كاملة يلتحق طلابها بكليات الطب؟، وهل يعقل أن مدرسة بإحدى المحافظات، حصل كل طلابها، على أكثر من90٪ ؟!.. أسئلة كثيرة تحتاج قرارات حاسمة من وزير التربية والتعليم الجديد محمد عبداللطيف، خاصة أن أزمات الثانوية العامة مستمرة، رغم تعاقب الوزراء.. شجاعة وزير التعليم القرارات الأخيرة التى اتخذها وزير التعليم محمد عبداللطيف، بعد أيام قليلة من توليه المسئولية، صاحبتها حالة من الجدل والانقسام فى الشارع المصري، ما بين مؤيد ومعارض.. المؤيدون رحبوا بقوة بالقرارات، ووصفوها بأنها قرارات ثورية لصالح العملية التعليمية، مؤكدين أن الوزير جريء وشجاع، وقادر على تطوير التعليم، خاصة أنه قادم من منظومة محترفة وناجحة فى إدارة المدارس.. لكنهم أشفقوا عليه لأنه دخل عش الدبابير، وسيواجه مقاومة شديدة من مافيا الدروس الخصوصية وأصحاب المصالح والسناتر، الرافضين لقرارات دمج وإلغاء مواد الثانوى العام.. أما المعارضون لقرارات وزير التربية والتعليم.. فإننى أرى أن قرارات الوزير صحيحة، لأنها تضع حلولاً واضحة ورؤى شفافة لمواجهة التحديات، وتوفر ثلاثة مليارات من الجنيهات التى تنفقها الأسر المصرية على الدروس الخصوصية والسناتر، وتعد خطوة مهمة للقضاء على «بعبع» الثانوية العامة.. كما أن تقليل عدد المواد يقضى على الحشو، وكذلك دمج بعض المواد معاً، الفيزياء والكيمياء فى مادة واحدة.. كما أن هذه القرارات تتسق مع نظم التعليم العالمية، التى تركز على الكيف، وليس الكم، وتخفض الضغوط على الأسر، وتتيح الفرصة للطلاب لفهم واستيعاب المقررات الدراسية المختلفة، بدلاً من الحفظ، كما تخفف أعباء الدروس الخصوصية.. كما أن دمج بعض المواد، لتصبح 5 مواد، بدلاً من 7، سوف يحل بشكل غير مباشر عدة مشاكل، أهمها ارتفاع نسب الغياب، وكثافة الطلاب بالفصول، ومشكلة العجز فى المعلمين، ويقلل عدد أيام الامتحانات.. هذه القرارات تعزز التخصص، وتكرس للمهم، وتحاول العودة بالمعلم والمدرسة لدورهما.. ويبقى أن ننقح الكتاب المدرسي، وأن نغلق جميع السناتر، وأن نوقف أى مسئول يحرض الطلاب على الغياب، ونفعل البصمة للمعلمين.. .. نعم لقد آن الأوان للنهوض بالتعليم، وهى القضية الأولى التى يوليها الرئيس عبدالفتاح السيسى جل اهتمامه، لأنه يدرك أن التعليم والصحة أساس بناء الدول والشعوب، وقاطرة التقدم والازدهار.. عاجل لفضيلة الإمام الأكبر بالتأكيد لا يعلم شيئاً عن مأساة معهد فتيات قرية عنيبس بسوهاج، الذى ضربه زلزال عام1992، ولم تتم إعادة بنائه حتى الآن، رغم مرور 32 عاماً!!.. قد تصيبك الدهشة إذا علمت أن المعهد أصبح مأوى للحيوانات والكلاب الضالة، وأن أطلاله تقف شاهدة على إهمال المسئولين بقطاع المعاهد الأزهرية، الذين ولوا وجوههم عن المعهد، وصموا آذانهم عن سماع أنين طالبات أجبرن على الدراسة بمعهد البنين، بعد تحويله للدراسة بنظام الفترتين، مع وعود براقة بألا يستمر هذا الوضع أكثر من عام.. لكن الوعود تبخرت، وسقط المعهد من حسابات قطاع المعاهد الأزهرية، والحجة جاهزة «الإدراج بالميزانية»، لكن الميزانية كانت تأبى لمدة 23 سنة، وتذهب لبناء معاهد أخرى، ولا ندرى كيف السبيل!! .. فضيلة الإمام الطيب.. العام الدراسى الجديد على الأبواب.. وبناتك بمعهد فتيات عنيبس يستغثن بك لبناء المعهد.. وضرب الإهمال الذى وقف حجر عثرة أمام إعادة بنائه على مدى 32عاماً!!..