محمد بركات المؤلف والمنتج أحمد الأبياري، أحد أشهر من كتبوا أعمالا مسرحية كوميدية وتعاون خلالها مع عدد كبير من النجوم، حيث ولدت موهبته منذ طفولته، فكتب أولى مسرحياته عام 1975 بعنوان "بحبك وشرف أمي" بطولة الفنان فريد شوقي، وعرضت بالإسكندرية، ومن هذه التجربة الأولى تعلق الإبيارى بالمسرح، وظل يكتب المسرحيات والسهرات التليفزيونية، حتى جاءت الفرصة مرة ثانية ليعرض مسرحيته "ماكانش ع البال" بطولة حسن يوسف على المسرح البلدي بتونس عام 1978، ثم الفرصة الثالثة ليعرض على مسرح الريحاني مسرحية "زوجة واحدة تكفي" بطولة صلاح ذو الفقار ومحمد نجم عام 1979، فأصبح الإبيارى منذ عام 1980 مؤلفا ومنتجا للمسرح، وقام بتأليف وإنتاج العديد من المسرحيات التي أثرت المسرح وكانت معظمها عبارة عن أيقونات فنية رائعة الجمال نالت إعجاب الجمهور وقت عرضها، ومن أبرزها وأشهرها "عش المجانين، الدنيا مقلوبة، أنا ومراتي ومونيكا، دو ري مي فاصوليا، ربنا يخلي جمعة، مراتي زعيمة عصابة، مرسي عايز كرسي"، وآخرهم مسرحية "كازينو بديعة" عام 2023، كما صنع واكتشف وتعاون مع كبار نجوم الكوميديا، وتعاون أيضا مع مخرجين كبار أمثال "محمود الألفي، شاكر خضير، السيد راضي، عادل صادق، كمال ياسين، حسن عبدالسلام، عصام السيد، عبد المنعم مدبولي، محسن حلمي، عبد الغني زكي، محمود أبو جليلة، أشرف زكي، خالد جلال، محسن رزق، إسلام إمام، هشام عطوة، طارق الإبياري"، ومن أهم إسهاماته المسرحية أعاد ترميم وتجديد مسرح نجيب الريحاني بالقاهرة بمجهوده الشخصي ومن ماله الخاص، ليعيده مسرحا نفتخر به، وظلت جائزته الوحيدة التي ينالها عام بعد عام هي النجاح وحب الجمهور لأعماله الفنية، إلى أن اختير الأبياري ليكون أحد المكرمين في الدورة ال17 من المهرجان القومي للمسرح، تقديرًا لمسيرته الزاخرة بالأعمال المسرحية سواء التي كتبها أو التي أنتجها. كيف تصف تكريمك من المهرجان القومي للمسرح؟ سعيد بتكريمي في بلدي ومن المهرجان القومي للمسرح الذي يعتبر من أكبر المهرجانات المسرحية التي تقام في مصر، بل وبالشرق الأوسط، لأن قيمة التكريم من قيمة الجهة التي تقدمه، وهي الدولة المصرية، وجائزة لها طعم وشعور مختلف وأي تكريم جديد يشعرني بالسعادة ويضيف إلى تاريخي الفني، لأنه يذكرني بمشواري الفني الذي بذلت فيه مجهوداً كبيراً كي أصنع تاريخاً مشرفاً وحافلاً بالأعمال الفنية، والتي كانت سبباً في كسبي محبة الجمهور. هل تأخر تكريمك مسرحيا؟ إذا كان تكريمى جاء متأخراً، "فكل تأخير فيه خير"، وبالنسبة لي لم أضع التكريم ضمن حساباتي طوال حياتي، لأن طول مدة المهرجان خلال دوراته ال17، لم أتلقى حتى دعوة لحضور المهرجان، أو حتى أي مهرجان آخر تقيمه وزارة الثقافة، فشعرت إنني مستبعد، ولا أعرف إذا كان هذا متعمد معي بشكل شخصي أم لا؟، لذلك استبعدت تكريمي، وأحيي المهرجان في دورته ال16 وال17، لأن هذه الدورات كرمت فنانين من القطاع الخاص، فشهد العام الماضي تكريم الفنان صلاح عبد الله، ابن مسرح القطاع الخاص، وأشكر محمد رياض رئيس المهرجان على هذا التكريم، فنان احترمه لأنه جريء وصاحب حق، ويستطيع المواجهة، والذي لم يجتزأ المسرح إلى قطاع عام وخاص، وأن المسرح المصري ليس مسرح دولة فقط، بل استطاع إعادة الأمور إلى نصابها الصحيح. لماذا لم يتم دعوتك او تكريم اسم أبو السعود الإبياري في دورات المهرجان السابقة؟ لا أعرف السبب أو عدم تكريم اسم والدي الراحل أبو السعود الإبياري، الذي يعد أحد أهم روافد المسرح في مصر، ورغم كتابته ما يقرب من 91 مسرحية و200 مسرحية ذات الفصل الواحد، وتم عرضهم، لكن لم يحظى بأي تكريم في حياته، أو تكريم ودعوة أشقائي يسري ومجدي، ولا يوجد خلاف مع أحد حتى أعتبر إستبعادي متعمد، لأن 90% من أعمالي المسرحية أخرجها مخرجين كبار من مسرح الدولة، والحمد لله جاء هذا التكريم في وقته الصحيح بعد مروري بمرحلة كبيرة وأوسع، وهذا أفضل من كوني يتم تكريمي بالدورات الأولى للمهرجان، بعد تقديم تجارب وأعمال كثيرة ترد وتقول أن هذا التكريم مستحق، وأهديت هذا التكريم لأستاذي أبو السعود الإبيارى وليس والدي، لأنني تعلمت منه "يعني إيه مسرح وسيناريو وحوار"، وكل ما يخص الشأن المسرحي، كما اهديته لشقيقي يسري ومجدي، لأنهم يستحقون التكريم، ولأننا جميعاً عملنا في الحقل المسرحي، وقدمنا أكثر من 102 مسرحية، حققوا جميعا نجاحات كبيرة. هل اختلف شعورك تجاه المهرجانات بعد هذا التكريم؟ بالتأكيد، بدأت أشعر أن المسرح واحد لا فرق بين قطاع عام وخاص، طول مشواري الفني أرفض هذا التصنيف للمسرح، تعلمنا والجميع يعرف أن المسرح والفن مدارس، لكن للأسف الشديد لاحظت أن بعضهم حول فن المدارس إلى فن جبهات، وجبهات متراشقة ومتعاركة تهاجم بعضها البعض، وأطلقوا علينا "المسرح السياحي"، كأننا نقدم فن غريب ومختلف، وهم لا يعلمون أن هذا المسرح أهم روافد السياحة، ليس في مصر فقط، لكن في كل دول العالم، وهذا غير صحيح وليس في مصلحة الفن، فيعتقد البعض أن المسرح يجب أن يكون جاد، لكن المسرح "أبو الفنون" بجميع أشكاله. هل تكريمك في الدورة ال17 من المهرجان يحمل دلالة بالنسبة لك؟ بالتأكيد، أولا أن الله ألهم الفنان محمد رياض رئيس المهرجان وفكر في تكريمي، وهذا دليل على تقدير أعمالي، وشعرت أن الأعمال التي قدمتها جيدة ومحترمة، لذلك يتم تكريمي.. والتكريم شيء أعتز وأفتخر به، لأنه ناتج من نجاح، والنجاح لا يأتي إلا بمحبة الجمهور، فالفن شيء راقٍ وجميل، وإذا كان الفن صادقاً وحقيقياً يمكن أن يصل إلى جميع الشعوب، ويعيش عصوراً متتالية من دون أن يفقد بريقه. ما رأيك في المهرجان؟ المهرجان القومي للمسرح ظاهرة فنية مسرحية تتيح لتجمع عدد كبير من صناع الحركة المسرحية من أجيال مختلفة، بجانب وجود حوارات كثيرة حول مشكلات الحركة المسرحية بشكل عام، وهذه أهم استفادة فنية، لقيام أي مهرجان سواء مسرحي أو سينمائي بتحفيز الفرقة المسرحية على تطوير عروضها فكريا وأدائيا وتقنيا من أجل المشاركة في صناعة مستقبل أفضل للوطن، بالإضافة أنه يجب أن يحقق المهرجان عائد إقتصادي حتى يعيش ويستمر، فنجد في أوروبا والدول الأجنبية عندما تريد السفر لمشاهدة عرض مسرحي ينصحني المسئول بحجز تذكرة المسرح مع تذاكر الطيران، خشية السفر ونفاذ التذاكر بسبب الضغط السياحي الكبير عليها ومن طلبة الجامعات، لأن الدولة تدعم هذه المسرحيات بتذاكر مخفضة لهم، حتى يظل المسرح منارة داخل المجتمع. كيف ترى المشهد المسرحي حالياً؟ قدم القطاع العام أعمالا كثيرة ناجحة، لكن البيروقراطية والروتين الأعمى لا يتماشى مع الفن، والإبداع الذى يريد حرية دون معوقات إدارية، هذا بجانب الظروف الاقتصادية التي يعاني منها الجميع، وجعل الفن آخر أولويات المسئولين والجمهور، وفي الماضي كان المسرح جزء من حياة أي أسرة، ونحتاج الآن تضحيات من الممثلين ومن الدولة، فكانت الدولة في الماضي تعطي فرق نجيب الريحاني وإسماعيل يس دعماً مادياً تحت بند "إعانة سنوية"، وعندما كانت الفرق تعرض بالإسكندرية أو بورسعيد تأخذ إعانة من هيئة تنشيط السياحة، وكانت تحصل على 500 جنيه في الموسم، وهذا كان مبلغ كبير وقتها، وعند عرضهم في القاهرة يحصلون على 900 جنيه إعانة من مصلحة الفنون حتى يستمر المسرح. ما العروض التي شاهدتها خلال الفترة الماضية ونالت إعجابك؟ آخر مسرحية ذهبت لمشاهدتها "الصندوق الأحمر" بطولة ليلى علوي، بيومي فؤاد، ميمي جمال، سليمان عيد، طارق الإبياري، رنا رئيس، مروة عبد المنعم، نور إيهاب وإيمي زكريا، وتأليف حازم الحديدي، وإخراج طارق الإبياري، والتي كانت تعرض في السعودية، وحققت نجاحًا كبيرا وقت عرضها، أما في القاهرة لم أجد عروض مسرحية تجذبني لمشاهدتها، لا في القطاع العام أو الخاص. اقرأ أيضا : أحمد الأبياري: بعت بيتي وعربيتي حبًا في الفن وأعدت بناء مسرح الريحاني