حين أقرأ نصوص الشاعر الفلسطينى الراحل محمود درويش أسمع صوته الذى كنت أسمعه فى طفولتى عبر مسجل الصوت، وهو يجلجل بكلمات أكبر من قدرتى على الفهم آنذاك، عن الحب والمقاومة، فيثير خيالي، وأستعيد ذكرى أمسية فى معرض الكتاب فى مستهل شبابى رأيته فيها لأول مرة كأنه فارس يجول فى ميدانه، يرن صوته: «الجميلات هن القويات، يأس يضىء ولا يحترق» فيضىء مساحات من الجمال، ويمتزج الحب بالوطن، بالترحال والغربة، فهو الشاعر الذى عرفته مدن كثيرة، وتخطى شعره الحدود، وكان شعره رصاصات فى قلب الاحتلال. يعلى صاحب «لماذا تركت الحصان وحيدًا» من قيمة الفرد فى شعر المقاومة والثورة، ويمنح المرأة معانى متفردة فى شعر الحب، ويسبر أغوار المدن التى عاش فيها فيتأثر شعره بترحاله، وبفعل المقاومة وبخيبات الوطن. «منذ ولدت وأنت تقاتل الحياة لتصل إلى موتك سالمًا» كما عبر فى شعره، فإنه منذ ولد فى 13 مارس 1941 فى قرية بجوار ساحل عكا بفلسطين، إلى رحيله فى 9 أغسطس 2008 وهو يقاتل بالكلمات ليستحق خلودها حتى تلك اللحظة، ونستعيد نصه «صمت من أجل غزة» الذى كتبه قبل رحيله بأشهر أثناء عدوان الاحتلال الإسرائيلى على غزة، ليظل مجسدًا لروح المقاومة فى تلك اللحظة بعد مرور كل تلك السنوات. ويعبر عن مأساة غزة «2024 «كأنه ما زال يعيش بيننا، ليُذكرنا أن تلك المدينة قد واجهت الدمار أكثر من مرة واستطاعت الخروج من بين الرماد.