توازن الأجهزة الأمنية فى تل أبيب بين موقعين لتأمين بنيامين نتنياهو وأسرته وحاشيته حال اندلاع مواجهة مع إيران، وبينما تميل المؤسسة العسكرية إلى غرفة عمليات تحت أرضية فى وزارة الدفاع بتل أبيب، يصر جهاز الأمن العام ال«شاباك» على حشد نتنياهو وأسرته إلى مبنى ضخم، يقع 90٪ منه فى عمق جبال القدس، وتطلق عليه إسرائيل اسمًا كوديًا هو «سفينة نوح»، لاسيما فى ظل تجهيزه بآليات حماية، تقيه هجمات: الزلازل، والتهديد النووى، والتقليدى، والهجوم الكيميائى، أو البيولوجى، وبالطبع الهجوم السيبرانى. وقبل نحو ست سنوات، دعا بنيامين نتنياهو ولعدة مرات مجلس الوزراء إلى الاجتماع فى المخبأ ذاته، لكن ذلك كان وقت السِلم وليس فى زمن الحروب، حسب صحيفة «يديعوت أحرونوت». وبعيدًا عن تجاذبات الأجهزة المعنية الإسرائيلية حول المفاضلة بين موقعى إدارة الحرب الوشيكة، يصر يائير نجل رئيس الوزراء الذى يقيم حاليًا فى إسرائيل على انتقاله ووالده ووالدته سارة إلى مخبأ جبال القدس، إذ «تتخوَّف أسرة رئيس الوزراء من تهديدات إيرانية صريحة ضد نتنياهو، وتصاعدها خلال الآونة الأخيرة إلى تصريحات برلمانية فى طهران، ومنها ما نقلته وسائل إعلام عن عضو فى البرلمان الإيرانى، وجاء فيه: «لن نرضى بأقل من رأس نتنياهو». اقرأ أيضًَا | واشنطن - بكين.. قضايا شائكة بلا حل وحسب تقرير محلل الشئون السياسية إيهود يعارى فى قناة «أخبار 12»، كتبت صحيفة مرتبطة بالمرشد الأعلى فى إيران أن الرد الإيرانى سيستهدف «مقرات إقامة القادة المجرمين». ويعزو مراقبون فى تل أبيب تفضيل مخبأ جبال القدس عن غيره إلى تحسُّب أمنى من اعتماد إيران و«حزب الله» خطط تصفية شخصيات إسرائيلية فى طليعتها بنيامين نتنياهو، انتقامًا لاغتيال مسئولين فى حماس و«حزب الله»، لاسيما مع امتلاك الأخير وكذلك إيران صواريخ بالغة الدقة فى إصابة الهدف، ومع سيولة تحركات نتنياهو خلال الآونة الأخيرة، وتحديدًا منذ عملية «طوفان الأقصى» فى 7 أكتوبر الماضى. وتفيد تسريبات استخباراتية إسرائيلية بأن نتنياهو يتنقَّل فى إقامته بين مقر إقامة رئيس الوزراء فى شارع غزةبالقدس، وشقته فى شارع «بورتسيم» بالمدينة ذاتها، والفيلا التى يمتلكها فى منطقة قيسارية، وبين فيلا صديقه الملياردير سيمون باليك فى «تلفيوت» «حى فى القدسالغربية»، التى أقام فيها وأسرته خلال رد إيران العسكرى السابق على إسرائيل، ومنزل صديقه المقرب جاك جلتلر، بالإضافة إلى إقامته أحيانًا فى فندق آخر لم يتم الكشف عن هويته أو مكانه. وتؤكد التسريبات أن فيلا الملياردير سيمون باليك تحتوى على مخبأ تحت الأرض محصَّن ضد الهجمات النووية. فى عام 2006، تلقت وزارة الدفاع الإسرائيلية تكليفًا ببناء المشروع الأمنى الضخم فى جبال القدس، الذى حمل فى حينه اسم «المركز الوطنى لإدارة الأزمات» «NCL»، ورغم التعتيم البالغ على مواصفات المشروع وإمكانياته، سرَّبت دوائر فى تل أبيب معلومات حول ماهيته، إذ يتضمن عشرات غرف النوم، وصالات عمل واسعة، وقاعة طعام كبيرة، وقاعات اجتماعات، بالإضافة إلى مكاتب لمختلف المناصب الضرورية.. عند دخول المبنى يعتمد الزائر على مصاعد واسعة، ولصحيفة «يديعوت أحرونوت»، يقول مصدر من المتواجدين فى المخبأ: «إنها مصاعد سريعة للغاية، فعند الهبوط إلى أحشاء الأرض، تشعر كما لو أنك تعيش أحداث فيلم خيال علمى. داخل المقر، تنعزل تمامًا عن العالم الخارجى، ولكن دون اختناق أو رهاب الأماكن المغلقة. على عكس مقر ديوان الحكومة، لن يتمكن الوزراء من اصطحاب مساعدين أو مستشارين إلى المخبأ، لذا، فأنت وحدك تمامًا. عند التجول فى المكان تشعر بقدر كبير من الرهبة والانقباض». وخلال العدوان الإسرائيلى على غزة المعروف ب«العصف المأكول» عام 2014، أصدر قادة إسرائيل أوامرًا بأكثر من عملية عسكرية فى القطاع من داخل مخبأ جبال القدس، ويقول أولئك الذين زاروا المقر السرِّى فى الماضى «يبدو المبنى كما لو كان غرفة عمليات حربية متطورة، تحوى العديد من الشاشات ومواقع التحكُّم. أما مكاتب رئيس الوزراء ووزير الدفاع، فتقع بجانب غرفة الاجتماعات الرئيسية».