بينما يتم إصلاح العطل بتنزيل تحديث سليم، فإن بعض الأجهزة لا بد من تحديثها يدويا وهو ما يستغرق وقتا أطول لقلة خبرة الموظفين استيقظ العالم يوم الجمعة 19 يوليو على تعطل المطارات والخدمات الحكومية والمستشفيات والبنوك وغيرها من المرافق الحيوية. أبلغت شركات الطيران فى معظم أنحاء العالم عن توقف رحلاتها لحين عودة خدمات الإنترنت. امتد الانقطاع ليشمل أنظمة Microsoft المزودة ببرمجيات لشركة كراود سترايك CrowdStrike عملاق برمجيات مُكافحة الهجمات السيبرانية والفيروسات، واعتبر عطل خدمات الإنترنت الأكبر فى التاريخ. وقتها، كان الخوف كله من هجوم سيبرانى Cyber attack على قواعد البيانات والملفات الحيوية وهو ما يؤدى إلى تلفها أو التجسس عليها أو التعديل فيها، ما يجعل الإصلاح عسيرا. إذن، ما هى المشكلة؟ بداية، CrowdStrike هى شركة أمريكية أنشئت عام 2011 ومقرها أوستن بولاية تكساس، ويعمل بها 8500 موظف ويبلغ عدد عملائها 24000 من كبريات الشركات والمؤسسات. أصدر جورج كورتز مؤسس الشركة ومديرها التنفيذى بيانا أوضح فيه أن سبب الانقطاعِ هو عيب فى برمجة تحديث Update محتوى فالكون Falcon لأجهزة الحاسبات التى تعمل بنظام Microsoft Windows، بينما تلك التى تعمل بأنظمة Mac وLinux لم تتأثر. امتد تأثير التحديث الخاطئ أيضا لمنصة Microsoft Azure لخدمات التخزين السحابى وكذلك لمنصة Microsoft 365 التى تقدم خدمات الحوسبة السحابية لبرامج Word وExcel وPowerPoint وغيرها. كما أكد أن سبب العطل لم يكن هجومًا سيبرانيا وشدد على تفادى تلك الأعطال مستقبلا. لكن القول أسهل من الفعل، إذ بينما يتم إصلاح العطل بتنزيل تحديث سليم، فإن بعض الأجهزة لا بد من تحديثها يدويا وهو ما يستغرق وقتا أطول لقلة خبرة الموظفين، لذا فإن الشركات عانت من بُطء التعافى. وفقا لشركة ميكروسوفت أثر انقطاع خدمات الإنترنت على ما يقدر بنحو 8٫5 مليون جهاز مزود بنظام Windows، وهو أقل من 1٪ من جميع أجهزة Windows. وعلى الرغم من أن النسبة المئوية صغيرة، إلا أن الآثار الاقتصادية والمجتمعية ضَخمة. كما أعلن موقع تَتبعِ رحلات الطيران فلايت أوير FlightAware أنه قد ألغِيت فى يوم الجمعة 19 يوليو أكثر من3000 رحلة إلى الولاياتالمتحدة أو خارجها أو داخلها، بينما تأخرت أكثر من 11000 رحلة. أما يوم السبت، فتم إلغاء أكثر من 2300 رحلة وتأخرت أكثر من 6000 رحلة. أمام هذه الأزمة لجأت شركات الطيران إلى إصدار بطاقات الصعود إلى الطائرة يدويا. أما المستشفيات فقد اقتصرت على حالات الطوارئ، مع عدم القُدرة على الوصول إلى السِجلات الطبية الإلكترونية والاختبارات المعملية والوصفات، ما تسبب فى إلغاء مواعيد المرضى والعملياتِ الجراحيةِ. كما أصاب اِنقطاع خدمات الإنترنت البنوك والشركات التجارية وشركات الإعلام وشبكات السكك الحديدية والجامعات والمدارس. مُجرمو الإنترنت اِستفادوا من الفوضى بالترويجِ لمواقع مُزيفة بها برامج ضارة مصمَمة لابتزاز ضحاياها، وفقا لتحذيرات المُتخصصين فى الأمن السيبراني. لكن لماذا تأثرت بعض المطارات وشركات والطيران ولم يمتد الانقطاع لأخرى؟ أصاب الانقطاع من استخدموا أنظمة Windows ومنصة الخدمات السحابية Microsoft Azure فى إدارة أنظمة الحجز والإيرادات والتحكم فى المغادرة. لم يؤد الانقطاع التكنولوجى العالمى إلى توقف المطارات فى روسيا والصين لاعتمادهما على التكنولوجيا المحلية. إلا أن عدم انقطاع الخدمة فى مطارات لا يعنى أن الأمور فيها على ما يرام؛ فالمطارات فى العالم شبكة واحدة لا يمكن أن يعمل فيها مطار بمُفرده، فهو يستقبل طائرات ومنه تنطلق طائرات، وبالتالى سيتوقف عن العمل طالما أن المطارات الأخرى متوقفة. إذن كان الانقطاع التكنولوجى نتيجة لتحديثات خاطئة لشركة CrowdStrike نجا منه من لم يستخدم أنظمة Windows أو من لم يجر التحديثات أو من اعتمد على التكنولوجيا المحلية مثل روسيا والصين. يوم الجمعة التاريخى أكد على نظرية الدومينو فى عالم التكنولوجيا، فقد توقفت عالميا مظاهر التقدم العلمى مكَبدة بلايين الدولارات، لكن الإنترنت سيظل مُستمرا. اللهم لوجهِك نكتب علما بأن السكوت أجلب للراحة والجوائز،، أستاذ الحاسبات بهندسة عين شمس