تتعدد جرائم النصب الإلكترونى من حيث الأساليب والطرق، أبطالها يعملون بدأب لإنتاج تحديثات وأفكار تزودهم بأقنعة جديدة، تسمح لهم بالاستمرارية فى حالة اكتشافهم، ورغم ذلك لا يعتمدون أبدا على ذكائهم بل يراهنون على جهل الضحايا، واستغلال حالتهم النفسية، ورغبتهم المتوقدة فى الحصول على الربح السريع.. بالوسوسة الإلكتروينة، يبيع قراصنة الإنترنت الوهم للمستخدمين بأعلى سعر، بهدف استنزاف أموالهم. بينما قدر قليل من الثقافة باستطاعته اكتشاف الفخاخ المنصوبة، والقفز عليها، وعدم ارتكاب حماقة الانخراط فى الألعاب الشيطانية، والوثوق بالقراصنة.. الأخبار فى هذا التحقيق. اقرأأ يضا| بعد تكرار الوقائع.. تعرف على عقوبة جريمة النصب الإلكتروني قلبت عليهم الطاولة حيث تمكن محرر التحقيق من خداعهم، وانتزع منهم مبلغًا ماليا كتذكار يدل على مدى سذاجتهم فى استدراجه، وقدرة أى شخص فى عمل «ريمونتادا» سريعة تجنبه الخسارة، وتؤكد قوته فى الانتصار عليهم. القصة تقليدية، تبدأ باستقبال رسالة على «واتساب» من رقم دولة عربية، باسم فتاة تدعى بأنها تعمل بإحدى الشركات العالمية التى تقوم بتعيين موظفين بنظام العمل عن بعد، وأن مهمة عملك تقتصر على فتح لينكات لصفحات إعلانية تخص شركات: سيارات، عطور، ساعات.. إلخ. المطلوب منك عمل إعجاب ومشاركة أو كتابة تعليق على الإعلان، ثم أخذ لقطة شاشة لصفحة الإعلان التى سجلت إعجابك بها وإرسالها لرقم آخر (مسئول أعلى من الفتاة) من أجل تسجيل بياناتك لديه على تطبيق «تيليجرام»، المسئول الثانى فى الغالب فتاة أيضا وفقًا للصورة الموضوعة على صفحتها، ترسل لك فى البداية مبلغ 20 جنيهًا على حافظة تليفونك المحمول وليس حسابك البنكى، ليكتمل بذلك الركن الأول من الجريمة. السم فى العسل الخطوة التالية مراسلتك مع مجموعة من الضحايا على تطبيق تيليجرام، لإخباركم بأنه تقرر عمل مهمة لكل عضو من أعضاء الفريق كل 15 دقيقة، تتمثل فى الدخول على الإعلان وعمل إعجاب له وإرسال صورة من أجل تأكيد المهمة، لتبدأ بعدها عملية الابتزاز. سيخبرونك بأنه يجب عليك المشاركة فى ربح مال الشركة لكى تستمر فى جنى الأموال التى قد تصل يوميا إلى 6 آلاف جنيه كمسكب صافٍ، ليثير لديك الفضول فتسأل: كيف يمكننى أن أكسب هذا المال فى يوم واحد من خلال عمل إعجاب لصفحات الإعلان؟، ليجيب النصاب بأنه سيتم تحويلك لمحاسب الشركة المخضرم الذى سيطلعك على التفاصيل لتضمن تحقيق الربح الكبير. جدول الشرائح تستقبل صورة مدونًا عليها جدول مقسم إلى شرائح، بحيث يمكنك أن تبدأ بأقل رقم وهو مبلغ 300 جنيه، تحصل مقابله على 500، أما إذا دفعت 500 فسوف تحصل على 700 وهكذا، يتبعون معك ذلك الأسلوب لسرعة إيقاعك كفريسة بين أنيابهم التى لا ترحم. وإذا رفضت المشاركة فى دورة المال بحجة أنه لا يوجد معك مال كاف لتحويله.. فيسمحون لك باستكمال عمل الإعجاب للإعلانات المرسلة لك، ولكن هنا يجب أن تعلم أنك على قائمة التصفيات، سيخفضون قيمة المبلغ المحول من 20 جنيها إلى 5 جنيهات فقط لكل إعجاب واحد فقط، وستظل على ذلك النظام لحين الاقتراب من تحقيق مكسب 300 جنيه لتتفاجأ بعدها بأنك من المحرومين من تلقى أى مبلغ، حتى تثبت جديتك فى المشاركة معهم فى رأس مال الشركة بأى مبلغ مع سماع وعود وتعهدات زائقة بصدق نواياهم وقدرتهم على جعلك مليونيرًا فى أقل من شهر. فى تلك المرحلة أعلنت توقفى عن اللعب مع النصاب الإلكترونى، بعد أن حصلت منه على مبلغ 265 جنيهًا أرسلها على حافظة هاتفى المحمول من عدة أرقام مختلفة. استخدام الحرباء يقول المهندس إسلام غانم استشارى تكنولوجيا المعلومات والتحول الرقمى بأن أرقام الضحايا سوف تظل ترتفع طالما وجد بيننا من يسعى للمكسب السريع، وهو ما فطن إليه القائمون على النصب الإلكترونى فعملوا على تطوير أشكال جرائمهم وأساليبها. وأضاف: «نحن كخبراء فى مجال تكنولوجيا المعلومات وشبكة الانترنت أطلقنا على تلك التطبيقات الخاصة بالنصب الالكترونى لقب «الحرباء»، حيث يتم إنشاء التطبيق من قبل النصاب لإيقاع ضحاياه وعادة ما يتواجد خارج مصر، وبعد الاستيلاء على أموال الضحايا، يقوم بغلق التطبيق أو تغيير شكله ومحتواه بالكامل ليجد الضحية نفسه أمام تطبيق جديد يثير فضوله، ويجدد رغبته فى الربح السريع». شركات وهمية ويضيف أن هناك دائمًا ضحايا جددا رغم تحذيراتنا المستمرة، وإقبالا متزايدًا منهم على الشركات الوهمية، فالنصاب الإلكترونى على شبكة الانترنت يغرى ضحاياه، 1000 جنيه مقابل مكسب 3 آلاف جنيه وقد يقفز إلى 300 ألف جنيه، فى حين يلجأ النصابون فى جرائمهم إلى استخدام التكنولوجيا لتغيير أرقام هواتفهم فى التواصل مع ضحاياهم، ولأنهم خارج مصر يصعب تعقبهم. الوسيط، هو شخص يتم إقناعه بوجود شركة كبيرة بالخارج ترغب فى الاستثمار داخل مصر وأنهم يبحثون عن شخص يكون وكيلًا لها، وسيكون شريكًا فى رأس المال بحصة كبيرة، وأن الأموال ستتدفق عليه بشكل كبير. مهمة ذلك الوكيل تلقى الأموال المرسلة عن طريق محفظته الإلكترونية من قبل الضحايا ليقوم بعد ذلك بإرسالها وتحويلها للنصاب بالخارج وعادة ما يتم ذلك من خلال قنوات غير شرعية عبر شبكة الإنترنت، وشراء عملات «البيتكوين» بتلك الأموال. عندما تتشبع تلك الشركات الوهمية من أموال الضحايا تختفى مباشرة وتلغى أى موقع أو صفحة لها على شبكة الإنترنت لتترك بعدها الوسيط يلقى مصيره من الضحايا. بعد استهلاك الوسيط تعود الشركات الوهمية للتعامل مع ضحاياهم مباشرة، من خلال استخدام خطوط هواتف محمول غير مسجلة، أو مسجلة بأسماء آخرين، وهنا نتذكر الواقعة التى أعلنت عنها وزارة الداخلية منذ عدة شهور بإلقاء القبض على خلية تضم متهمين أجانب ومصريين تخصصوا فى جرائم نصب الكترونى بحوزتهم ما يقرب من 7 آلاف خط محمول. دارك ويب وكشف غانم، كيفية حصول هؤلاء النصابين والشركات الوهمية على أرقام هواتف ضحاياهم من خلال قيام بعض شركات الهواتف المحمولة والشركات الأخرى والنقابات والنوادى ببيع بيانات وأرقام أعضائها لبعض شركات التسويق ليتم بعدها بيعها لتلك الشركات الوهمية على شبكة الإنترنت وهو ما يطلق عليه «دارك ويب». الهندسة الاجتماعية وأحصى المهندس أحمد طارق، خبير أمن وتكنولوجيا المعلومات، أنه يوجد بين كل 10 مواطنين 3 يتم اختراقهم عن طريق النصب الإكترونى، ما يعنى أن كل 10 دقائق تمر هناك مواطن يتم اختراقه. ويشرح: أغلب وقائع النصب الإلكترونى تكون تحت مسمى الهندسة الاجتماعية، ما يقصد بها فن اختراق عقول البشر بدون اللجوء للذكاء الاصطناعى، عن طريق اختراق رسائل الأشخاص والتواصل معهم تحت عباءة التعارف أو تكوين صداقات بهدف الاستيلاء على الصفحات الشخصية. يحدث ذلك من خلال إرسال لينك جروب، أو رمز، بمجرد الضغط عليه تفاجأ بالخروج من صفحتك وتغيير الرمز السرى الخاص بك ليقوم بعدها النصاب بالتواصل مع الأصدقاء لديك على الفيسبوك ومطالبتهم بإرسال مساعدة مالية طارئة لك. ثانى شكل من أشكال النصب الالكترونى انتحال صفة موظفى شركات خطوط الهواتف المحمولة ممن يرسلوا لك رسائل نصية «كاش باك» بمبلغ 1400 جنيه على سبيل المثال وهنا يقوم الضحية بفتح اللينك ليحول بعدها مباشرة ذلك المبلغ للنصاب ولمحفظته. كل مواقع التواصل الاجتماعى يتم استغلالها من قبل المحتالين والشركات الوهمية، لذلك يجب على الأفراد التفرقة بين اللينكات الصحيحة بالبحث عن موقع viruse total ولصق اللينك عليه لتتأكد إن كان آمنا للتصفح اللون الأخضر، أم يتلون بالأحمر يعنى ممنوع الدخول عليه أو تصفحه. وأشار إلى أن موقع الفيسبوك يحتل المرتبة الأولى بجدارة فى النصب الإلكترونى وخاصة جرائم الابتزاز الجنسى والمالى من خلال الألعاب التى يتم الإعلان عنها والتسويق مجانًا لها والتى تجذب الضحايا من باب الفكاهة أو الترويح عن النفس مثل ألعاب: تعالى شوف نفسك بعد 70 سنة.. ويا ترى إيه وظيفتك المستقبلية. هذه الألعاب تحصل على ما يسمى (روح حسابك) لتتفاجأ بأنك تتابع صفحات ومواقع سيئة السمعة، أو تتعقب حدثًا ما رغم عدم قيامك بالكتابة عنه أو الإعلان عن موقفك منه، وحتى تتجنب التورط فى تلك الألعاب لابد أن تدخل على إعدادات الفيسبوك الخاصة بك، ثم مواقع وتطبيقات، وتقوم بمسح الألعاب التى شاركت فيها. المراهانات الإلكترونية انتشر مؤخرًا ما يسمى بألعاب المراهانات الإلكترونية وهى ممنوعة فى مصر والقانون يجرمها بالفعل، وموقع onexpint الخاص بالمراهانات السبب فى انتشارها وجذب أعداد كبيرة من المصريين يشاركون فى ألعابها مثل: الطائرة والفرعون المصرى، ما يؤدى أحيانا إلى إدمانها وبيع جميع الممتلكات بحثًا عن المكاسب المالية الطائلة. العقوبات المقررة ويؤكد د.عصام البطاوى أستاذ القانون الجنائى والمحامى بالنقض، أن هناك عقوبات رادعة لمواجهة مثل تلك الجرائم، حيث نصت المادة 23 من قانون مكافحة جرائم تقنية المعلمومات على عقوبة الحبس بمدة لا تقل عن 3 أشهر وبغرامة لا تقل عن 30 ألف جنيه ولا تجاوز 50 ألفا كل من استخدم تكنولوجيا المعلومات فى الوصول بدون وجه حل لأرقام وبيانات وبطاقات البنوك والخدمات الالكترونية وغيرها من أدوات الدفع الالكترونى، وإن قصد من استخدامه الحصول على أموال الغير تصل عقوبته للحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر وبغرامة لا تقل عن 50 ألف جنيه ولا تجاوز ال100 ألف جنيه. وأضاف أن عقوبة الحبس فى تلك الجرائم تصل وفقًا لنص المادة 26 إلى مدة لا تقل عن سنة و غرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه ولا تتجاوز ال200 ألف إذا توصل المتهم من جريمة إلى الاستيلاء لنفسه أو للغير على تلك الخدمات أو مال الغير. كما نصت المادة ال27 من ذات القانون على عقوبة الحبس بمدة لا تقل عن سنتين وغرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه ولا تزيد على ال300 ألف جنيه لكل من أنشأ أو أدار او استخدم موقعًا أو حسابًا خاصة على شبكة الانترنت بهدف تسهيل ارتكاب الجرائم المعاقبة قانونا عليها. وأوضح أنه يجب على الإنسان أن يفكر مليًا وجيدًا فى أى خطوة يقدم عليها، ونحن كخبراء قانون نؤمن بمقولة شهيرة نرددها فى مثل تلك القضايا وهى: «طول ما فيه طماع.. هيبقى فيه نصاب».