نشرت «آخرساعة» تحقيقًا صحفيًا بتاريخ 2 يونيو الماضي، حذرت فيه من خطورة وجود مخازن فى منطقة الموسكي والعتبة، وكشفت عن تخزين مواد خطرة وسريعة الاشتعال بها، ما ينذر بوقوع كارثة، وقدمت على لسان خبراء حلولاً، وناشدت الجهات المعنية تنفيذها، لكن لم يستجب أحد، حتى وقعت الكارثة التي قد لا تكون الأخيرة، واندلع حريق هائل فى نفس المنطقة مؤخرًا أوقع العديد من الإصابات، بخلاف الخسائر المادية التى تقدر بملايين الجنيهات. ◄ رضا فرحات: يجب مراجعة وتحديث إجراءات السلامة وتراخيص المخازن يقول اللواء رضا فرحات، محافظ الإسكندرية والقليوبية الأسبق، وأستاذ العلوم السياسية، إن حريق الموسكى الذي اندلع مؤخراً يسلط الضوء على قضايا هامة خاصة بتراخيص المخازن وشروطها، تحديدًا ما يتعلق بتخزين المواد القابلة للاشتعال ولا يمكننا تجاهل الأخطاء والإهمال الذى قد يؤدى لكوارث كتلك، والتى تهدد حياة المواطنين وسلامة الممتلكات. ◄ شروط صارمة وأشار إلى ضرورة أن تكون شروط تراخيص المخازن صارمة وواضحة، لضمان تحقيق أعلى مستويات الأمان والسلامة وينبغى أن تشمل هذه الشروط توفير أنظمة إطفاء حريق فعالة، وتأمين مخارج طوارئ كافية، وتطبيق إجراءات السلامة بشكل دورى ومستمر، لافتًا إلى أن تخزين المواد القابلة للاشتعال يتطلب احتياطات خاصة، ويجب أن يكون ضمن أماكن مخصصة بعيداً عن المناطق السكنية والتجارية المزدحمة. وأضاف: المؤسف أن هناك اتهامات متزايدة تجاه الأحياء المحلية بعدم القيام بحملات تفتيشية دورية لمتابعة الالتزام باشتراطات التراخيص، مؤكدًا أن غياب هذه الحملات يؤدى لتراكم المخالفات وزيادة خطر الحوادث ويجب أن يكون هناك تنسيق دائم بين الجهات المعنية لضمان تنفيذ هذه الحملات بفعالية وكفاءة، لافتًا إلى أن حملات التفتيش ليست مجرد إجراء روتينى، بل ضرورة لضمان التزام المخازن بالشروط والمعايير. وشدّد على أنه يجب أن تكون هناك عقوبات رادعة للمخالفين وإغلاق المخازن التى لا تلتزم، وأن تكون هناك برامج توعية دورية لأصحاب المخازن والعاملين بها، لتعريفهم بالطرق المثلى للتخزين الآمن وكيفية التعامل مع المواد القابلة للاشتعال. ◄ اقرأ أيضًا | «حريق العتبة يكشف الكارثة».. المخازن العشوائية قنبلة موقوتة ◄ المشاركة المجتمعية وأضاف أن تعزيز التعاون بين الجهات الحكومية والمجتمع المحلى يعد أمراً حيوياً ويجب أن تكون هناك قنوات اتصال مفتوحة للمواطنين للإبلاغ عن أى مخالفات أو ممارسات غير آمنة والمشاركة المجتمعية يمكن أن تلعب دوراً كبيراً فى الكشف المبكر عن أى تجاوزات ومنع وقوع الحوادث. فى الختام، أكد فرحات أننا بحاجة لوقفة جادة لمراجعة وتحديث إجراءات السلامة وتراخيص المخازن والتى يجب أن تكون هناك إرادة حقيقية لتطبيق القوانين بصرامة، وضمان حماية الأرواح والممتلكات، لافتًا إلى أن دروس حريق الموسكى يجب أن تكون دافعاً لنا جميعاً لتعزيز منظومة السلامة ومنع تكرار مثل هذه الحوادث المأساوية. ◄ لواء هشام الطويل: التكدس البشري غير المخطط سبب الحرائق ◄ الحرائق ستتكرر! من جانبه، يرى السكرتير العام المساعد لمحافظة الإسماعيلية الأسبق، اللواء هشام الطويل، أن حرائق منطقة العتبة ستتكرر ولن تقف، فالتاريخ لن تجف أقلامه عن تسجيل حرائق العتبة سنويا، والسبب هو ارتباط هذا الأمر بثقافة شعب، موضحاً أن هذه الأسواق الشعبية تتحكم فيها عائلات وهى التى تخصص أماكن عرض البضائع (الفروشات) للبائعين مقابل تحصيل يومية من البائعين وكلما زادت الفروشات زاد التحصيل وتكون النتيجة هذا التكدس البشرى غير المخطط الذى يكون السبب فى تكرار الحرائق. وتابع: إذا التفتنا لتلك البضائع فإننا نجد أنها تحتاج لمخازن وإذا بحثنا فى تلك المخازن نجد أنها تتواجد فى الفنادق الشعبية أو عقارات متهالكة أو قديمة، بالتالى استبدلت نشاطها من إقامة للبشر لمخازن تدر عائدًا للمالك الذى لا يهمه إلا منفعته الشخصية على حساب المنفعة العامة، أما البضائع فهى مواد ومشتقات سريعة الاشتعال كالأحذية أو الملابس أو الأخشاب أو الورد الصناعى، فهناك محلات قائمة على تلك البضائع أيضًا فى تلك الأسواق. والحل هو تغيير ثقافة الناس. ◄ اشتراطات الحماية فيما يوضح السكرتير العام المساعد لمحافظة سوهاج الأسبق، الدكتور بسام عزام، أن المخازن الموجودة فى المنطقة التجارية بوسط القاهرة والموسكى والعتبة، جميعها موجود فى أماكن قديمة والمبانى ذاتها غير آمنة لوضع أى نوع من أنواع المخازن بها، وتفتقر للاشتراطات التأمينية التى تقرها الإدارة الهندسية من الناحية التنظيمية والحماية المدنية من ناحية اشتراطات التأمين ضد الحريق، والأمن الصناعى باعتباره من ينفذ عملية المرور لإغلاق المنشآت أو المخازن أو المحلات فى حالة عدم توافر أى نوع من أنواع الاشتراطات الحماية سواء البيئية أو الصحية أو الأمنية، فالأمن الصناعى التابع لوزارة القوى العاملة هو الجهة المخولة بالحملات التفتيشية وغلق المنشات وليست الأحياء، ولكن من يصدر قرار الغلق بناء على عرض من الأمن الصناعى هو رئيس الحى أو رئيس المدينة تفويضاً من محافظ الإقليم. وتابع: منطقة أسواق العتبة بوسط القاهرة خاصة بعد عمليات التطوير بأحياء القاهرة أصبحت لا تتوافر بها اشتراطات الحماية، سواء ضد أخطار الحريق أو الأخطار البيئية أو الصحية أو حتى الأخطار التنظيمية، فقد يسقط العقار بعد تصدعه نتيجة حدوث حريق أو بسبب شدة وكثرة مياة الإطفاء نفسها، أما عن دور الحماية المدنية فخلال التقدم لها لابد من وجود موافقة تنظيمية لطالب الترخيص وفقاً لارتفاعات العقارات وعرض الشوارع.. إلخ، ولابد من توافر مصادر ومواد الإطفاء حسب نوع المواد المخزنة كالإطفاء الرغوى للمواد الخطرة والبلاستيكية، والإطفاء بالمياه. ◄ اقرأ أيضًا | قواعد الأمن الصناعي غائبةl عشوائية وغياب تطبيق القانون يودي إلى كارثة ◄ حرائق مفتعلة أوضح عزام، أن بعض المحلات والمخازن القديمة أصحابها يمرون بضائقة مالية أو أوشكوا على الإفلاس فيلجأون لحيلة الحرائق المفتعلة التى تقيد ضد مجهول ليقوم صاحب المحل بالحصول على التأمين الخاص بالمخزن، ثم يقوم بإعادة تدوير هذه المبالغ مرة أخرى وهكذا، ومن يثبت صحة ذلك من عدمه هى الأدلة الجنائية التى تعاين المكان وتحدد الأسباب بعد رفع البصمات وإرسال تقريرها للنيابة العامة. ◄ لواء محمد جبر: العقار المصمم للسكني لا يجوز تحويله إلى مخزن من ناحيته، كشف مساعد وزير الداخلية مدير الإدارة العامة للحماية المدنية الأسبق، اللواء محمد جبر، أن السبب الرئيسى وراء تلك الحرائق التى اندلعت بعدد من المناطق مؤخراً وآخرها حريق العتبة، يعود لعدة أسباب منها عدم الالتزام بتنفيذ اشتراطات الحماية المدنية للوقاية من الحريق وهذا يرجع لعدة أسباب، أولها وجود تلك الأسواق التجارية بمبانى ومنشآت غير مخصصة لهذا الغرض. وتابع: السبب الثانى أن تلك الأسواق تشغل عقارات قديمة بعضها ذات طابع أثرى ومعمارى مميز تجاوز المائة عام، ما يشكل صعوبة فنية فى تنفيذ اشتراطات الوقاية من الحريق، مطالباً بضرورة إعادة الشىء لأصله، موضحاً أن العقار المصمم إنشائيا كعقار سكنى لا يجوز تحويله إلى تجارى، أو صناعى، أو مكان للتخزين فى نفس الوقت، ويمكن دراسة كل مبنى على حدة، وما يجوز تنفيذ اشتراطات الوقاية من الحريق به يمكن التصريح له بالعمل. وأشار اللواء جبر، إلى أنه من ضمن النصائح للحد من الحرائق وتأثيرها يجب على الجميع الالتزام بتنفيذ اشتراطات الوقاية من الحريق فى المنزل والمتجر والمصنع، وتختلف تلك الاشتراطات طبقا لعوامل كثيرة، ويوضح بخصوص المنزل والسيارة مثلا فالقانون ألزم مالكى السيارات بطفاية حريق صالحة، ويجب أيضا إلزام كل منزل وكل شقة بذلك وأن تكون لديه دراية على استخدامها، وعلى مستوى الأسرة، لابد من مراعاة عدم وجود الشاحن لمدد كبيرة واستخدام الأسلاك البالية يمثل خطورة بسبب ارتفاع درجات الحرارة، ومن أسباب الحرائق أيضاً سوء التخزين. ◄ لواء محمد صقر: الأنشطة الموجودة بالعتبة تدار بدون ترخيص ◄ أنشطة بلا ترخيص من جانبه، يقول مساعد وزير الداخلية مدير الإدارة العامة للحماية المدنية الأسبق، اللواء محمد صقر، إن حريق العتبة ليس الأول، لكنه تكرر قبل ذلك وهذا يعود لعشوائية المكان والأنشطة الموجودة وهذه كارثة، كما أن هذه الأسواق من المفترض أن تكون تحت رقابة الأحياء والأمن الصناعي وليس الحماية المدنية وكلها تدار بدون ترخيص. وكشف اللواء صقر أن الكهرباء الموجودة على الفروشات التابعة للباعة الجائلين والموجودين بالسوق توصيلاتها غير مطابقة للمواصفات الفنية ومن المرجح أن تكون هى السبب الرئيسى لهذه الحرائق، والأخطر المواد الخطرة كالمواد المستخدمة في العطور ومستحضرات التجميل التى تصنع تحت بير السلم فى هذه الأماكن لأنها تكون مواد سريعة الاشتعال ولها قابلية للانفجار. وأشار إلى أن الحل الأمثل للأسواق العشوائية يكون بنقلها لأماكن مجهزة بعيداً عن الكتل السكنية وإخلاء الشوارع من الباعة والمفروشات.