أصر رئيس مهرجان القدس السينمائي في غزة، على إقامة دورته الثامنة هذا العام فوق أطلال البيوت المحطمة، فأقام شاشة للعرض على عمود خرساني في أحد أحياء غزة المدمرة، ودعا ابناء الحي الذين لم تهجرهم بعد مدفعية العدو ليحضروا ما أمكن تأمينه من أفلام فلسطينية، من بينها مشروع أفلام "من المسافة صفر"، الذي يشرف عليه المخرج رشيد مشهراوي، والذي شهد إقبالاً من سكان مدينة دير البلح، وسط قطاع غزة. وأكد الدكتور عز الدين شلح، في تصريحات صحفية، أن مهرجان القدس السينمائي يقام في غزة منذ عام 2009، لكنه توقف بسبب الحروب التي عاناها القطاع، وعاد مرة أخرى عام 2017، مضيفاً :"يشاهد العالم كله حرب الإبادة التي تتعرض لها غزة ويحاصرها الموت من كل الزوايا، ونحن نؤمن بأن السينما حياة، ففكرنا بمواجهة الموت بها". وقد إختير مكان المهرجان بعد اجتماع إدارته مع عدد من المثقفين والسينمائيين، الذين أجمعوا على إقامة الدورة الثامنة بشكل استثنائي، وبالفعل بدأت الفعاليات يوم 25 يوليو الحالي، وتستمر الى اليوم الإثنين 29 يوليو. وقال رئيس المهرجان: "المقر الذي كنا نعرض فيه كان مدمَّراً، وهناك مكان آخر بديل وجدناه مدمراً أيضاً، حتى (البروجوكتور) الذي نعرض عليه كان في مؤسسة استهدفها القصف، فلا كهرباء أو إمكانيات، ورغم ذلك أصررنا على تنظيم المهرجان.. لكننا فردنا السجادة الحمراء بين الخيام، ولم تكن هناك أي إمكانيات متاحة". أفلام «المسافة صفر» الفلسطينية تطير من «كان» إلى «مالمو» وتابع شلح: "اخترنا موقع العرض في مركز إيواء بجواره منزل مدمَّر، وضعنا الشاشة على هذا المنزل، وحضر كل من في المخيّم المهرجان، وهناك أشخاص جاؤوا من خارجه، وافتتحنا المهرجان بأفلام (المسافة صفر)، وهي 22 فيلماً، عرضنا منها 10 أفلام في الافتتاح، وستُعرض الأفلام الباقية في الختام". وأوضح أن "هذه الأفلام لمخرجين من غزة، وصُنعت عن غزة والحرب، فالجمهور الموجود كان يرى نفسه من خلال هذه الأفلام، ولكن بعمق وبصورة مختلفتين، وبرؤية مخرج يفكر بإحساس آخر أكثر عمقاً". ونشر المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي صوراً من المهرجان، على صفحته ب"فيسبوك"، وكتب معلقاً: "يسعدني عرض أفلام (من المسافة صفر) في غزة، خلال افتتاح (مهرجان القدس السينمائي)، على الرغم من كل ما يحدث هناك. وتُسعدني النقاشات التي تثيرها العروض حول العالم، وموضوعات الأفلام التي تؤكد، بلغة سينمائية، أننا شعبٌ اختار الحياة ويضحّي من أجلها في جميع المجالات، بما في ذلك السينما والفن والثقافة"، كما استعاد جملة شعرية لمحمود درويش تقول: "هزَمَتك يا موت الفنون جميعها".