72 عامًا مضت على الانفجار الثورى الذى قاده مجموعة من أحرار الجيش المصرى والذى كان فى جوهره جزءا من حركة تحررية سياسية أوسع جذبت لنفسها تيارات من كل الاتجاهات والفئات وكان طبيعيًا أن ينتمى إليها فكريًا عناصر من أبناء مؤسسة القوة التى تملك فرض إرادتها، وأسست التنظيم العسكرى السياسى الذى قاد حركة التغيير وهو ما يفسر التفاف حركات التحرر الوطنية المدنية كلها حولها وتأييدها علنًا ودعوة الشعب لتأييدها. نعم كان أحرار الجيش فيما ذهبوا إليه يوم الثالث والعشرين من يوليو 1952، يمثلون الإرادة الجماهيرية بالاستقلال، وتغيير نظام الحكم، جوهره قبل رأسه، وهى إرادة كانت تشتعل غضبًا من فكرة وجود المستعمر على الأرض وتحكمه بالقرار السياسى للبلد والذى بلغ ذروته ما بعد فضيحة يوم 4 فبراير 1942 عندما حاصرت دبابات الجيش البريطانى الملك فاروق بقصر عابدين وأجبرته على استدعاء رئيس حزب الوفد مصطفى النحاس وتكليفه بتشكيل الحكومة وهو ما فضح حقيقة تبعية القرار الملكى للاحتلال وفساد وانحراف رجالات الأحزاب السياسية التى بلغت حد الاستعانة بالمحتل للوصول إلى الحكم فى نظام ملكى لا يملك قراره. ولا أتصور أن مصريا يمكن أن يسقط عن شعب مصر بمنطقة القناة نضاله الفدائى ضد المحتل ولا كيف استدعى هذا النضال طلب قوات الاحتلال من الملك زيادة عدد البوليس لحمايتها من هجمات الفدائيين فى الإسماعيلية، ولا كيف انقلب السحر على الساحر وناصرت قوات الدعم الأهالى فوفرت لهم الحماية من «سخافات ورزالات» عساكر الإنجليز. تاريخنا يشهد أنه فى 25 يناير جرت معركة الشرطة التى كانت مجزرة راح ضحيتها 56 شهيدًا من قوات البوليس المصري، وقابل ملك البلاد الجريمة بسلبية لا تليق بكوننا بلدا مستقلا.. وسط مناخ عام كهذا هل يتصور أحد أن الشعب كان راضيًا عن النظام السياسى وعن وجود الاحتلال.