تحت عنوان «رحلة عمر قصير» نشرت مجلة الهلال» عام 1966 مقالا لبدر الدين أبو غازى تناول فيه رحلة الفنان المبدع عبد الهادى الجزار الذى ولد عام 1925 بحى القبارى بالإسكندرية وتوفى عام 1966، وهو العام الذى جاء عقب حصوله على جائزة الدولة التشجيعية.. متحدثا فيه عن ذلك الفنان الفذ ومشروعه الإبداعى المدهش الذى استطاع من خلاله أن يعيش فى لوحاته الماضى والحاضر والمستقبل – وبالمناسبة فإن تلك العبارة هى أيضا عنوان لوحة مهمة للجزار أنجزها خلال سنوات عمره التى تجاوزت الأربعين بفترة قصيرة. هذا العنوان الذى نُشر تحته المقال (يمكن الاطلاع عليه على موقع قطاع الفنون التشكيلية) أجده ملائما تماما للعبة الحياة القدرية التى لمستها أكثر من مرة فى كثافة المنتج الإبداعى لأولئك المبدعين الذين غادروا الحياة مبكرا تاركين بصمة فارقة فى تاريخ الثقافة والإبداع، ثمة سحر خفى يصل المبدعين بروح العالم الذى يمنحهم حياة تتجاوز العادية، ليصبح منتجهم مدهشا على قصر أعمارهم، فمنذ بضعة أشهر ومع المعرض الاستيعادى للفنان سعيد العدوى بكل ما تركه من إبداعات أشعر أن ثمة قواسم مشتركة بينه وبين الجزار.. حياة قصيرة وروح محلقة ثائرة.. غوص فى الثقافة الشعبية واتصال حقيقى بمفرداتها وقلب نابض بالوطن، وتجربة فنية مختلفة وعابرة لحاجز الزمن، كلاهما ولد بالإسكندرية إلا أن الجزار انتقل بعدها لحى السيدة زينب بالقاهرة ليستكمل رحلته الفنية التى بدأت ملامحها تتشكل حتى قبل أن يكمل عشرين عاما. وبعد مرور كل تلك الأعوام لا يزال الجزار يؤكد حضوره بقوة فى المشهد الآنى وكأن الاتفاق مع خط الزمن مستمر، بتجاوز الفناء والنسيان.. يترك الجزار أحلامه مؤرخة فى لوحاته بل وأشعاره التى ربما لا يعرف عنها الكثيرون شيئا «دعنى أعيش فى السحر الذى أحبه.. فإنى لا أريد أن أعرف ما هى الأشياء .. فإن الحياة مع المعرفة لا أستطيع احتمالها.. لأن المعرفة شيء لا يعرف إلا فى اللا وعى» . ربما لهذا السبب كان خبر الإعلان عن صدور الكتالوج المسبب Catalogue Raisonné - أو كما فضل الكاتب الكبير محمد سلماوى تسميته الكتالوج الموثق- لأعمال الفنان عبد الهادى الجزار حدثا مهما فى الأوساط الثقافية احتفى به الجميع، والكتالوج المسبب هو كتالوج موسوعى يوثق كل ما له علاقة بالفنان من أعمال ووثائق وأوراق وصور ليصبح بذلك مرجعا عالميا لكل ما يخص تجربة الفنان، وقد قام بإعداد الكتالوج كل من د. حسام رشوان الباحث فى شئون الحركة التشكيلية المصرية، والناقدة الفرنسية فاليرى ديدييه، حيث صدر الكتالوج منذ بضعة أشهر وتم تدشينه بحفل أقيم بدار كريستى بلندن، قبل أن يصل الكتالوج إلى مصر وتم تنظيم حفلين لتوقيعه مؤخرا بكل من الإسكندرية والقاهرة، حيث شاركت فى ندوة الإسكندرية الناقدة الدكتورة أمل نصر، وأدار الندوة بالقاهرة الكاتب محمد سلماوى بمشاركة كل من د.حسام رشوان وفاليرى ديدييه فى الحفلين. ويأتى اختيار الجزار لما له من مكانة فريدة فى الحركة التشكيلية المصرية.. لقد تبوأ فن عبد الهادى الجزار موقعاً فريداً بين فنانى جيله – فلا تزال تلك الكلمات التى كتبها د.صبرى منصور عام 1989 حاضرة حتى الآن بنفس القوة «إن الجزار منذ وفاته فى مارس عام 1966 شغل إنتاجه الفنى دوائر المهتمين من الفنانين والمثقفين والنقاد سواء كانوا مصريين أو أجانب، وتتابعت الدراسات الجادة والرسائل الجامعية التى تتعرض بالبحث والتحليل والتقييم واستكشاف جوانب جديدة لهذا الإنتاج الذى أنجزه الجزار خلال حياة فنية قصيرة.. ورغم أن الجزار قد لقى أثناء حياته نجاحاً فنيا سريعاً، وتقديراً أدبياً متصلاً تمثل فى العديد من الجوائز التى كان آخرها جائزة الدولة التشجيعية، إلا أن القيمة الحقيقية لفنه لم تتضح إلا خلال السنوات الأخيرة، من خلال تأثيره على الأجيال التى تلته واتخذت منه أبا روحياً..» ولذا يتجاوز إصدار الكتالوج الموثق -كما ذكر سلماوي- فكرة إطلاق كتاب جديد تم نشره لأن هذا الكتالوج لا يعنى جمع وتوثيق أعمال واحد من الفنانين الرواد فى تاريخ الفن التشكيلى المصرى فحسب، بل يعنى كذلك أن أعماله أصبحت راسخة فى المكتبة التشكيلية العالمية، وهى ليست المرة الأولى التى يتم فيها إصدار كتالوج موثق عن فنان مصري، فقد سبق وأن تم إصدار كتالوج آخر لأعمال الفنان محمود سعيد، وبهذا أصبح هناك اثنان من كبار الفنانين المصريين لهما مكان راسخ فى التقليد الفنى العالمي، وأضاف سلماوي: أراها مناسبة وطنية تذكر بأهمية قوى مصر الناعمة على الساحة الدولية، وينضم كتالوج عبد الهادى الجزار لتسعة آلاف كتالوج أخرى تم إصدارها على مستوى العالم، وبالمناسبة فإن صدور كتالوج موثق لا يعنى توقف العملية البحثية فى تاريخ الفنان فقد تم إصدار ثلاثين جزءا من الكتالوج الخاص ببيكاسو وما زال هناك إصدارات لكل ما يتم اكتشافه من أعماله وقريبا سيصدر الجزء الحادى والثلاثون. صدر كتالوج الجزار فى جزءين باللغة الإنجليزية إذ يضم الجزء الأول ما يقرب من 120 عملا زيتيا، أما الجزء الثانى فيضم ما يقرب من 400 من الاسكتشات والرسومات الورقية ومنها مجموعة من أهم أعمال الجزار، كما يضم الكتالوج بجزءيه عددا من المقالات المهمة التى تحدث عنها د.حسام رشوان خلال الندوة، حيث يضم الجزء الأول المقدمة القانونية التى أعدها ياسر عمر أمين، وهو باحث ومحامٍ فى مجالى الملكية الفكرية وقانون سوق الفن، ثم «روح القوقعة وروح الكرنفال» قراءة فى رموز عبد الهادى الجزار»، حيث يقول رشوان: كان د.شاكر عبد الحميد وزير الثقافة الأسبق- رحمه الله – قد أعد دراسة مطولة فى 104 صفحات لم نتمكن من نشرها بالكامل وتم اختصارها إلى 51 صفحة إلا أن الدراسة بالكامل من المنتظر نشرها كاملة باللغات الثلاثة الفرنسية والإنجليزية والعربية من خلال مؤسسة إيه آر جروب التى يترأسها د.أشرف رضا. ومن الدراسات المهمة المنشورة بالجزء الأول تطالعنا دراسة د.أمل نصر تحت عنوان «مسيرات سحرية فى أماكن بائسة» وهى دراسة مميزة تتعمق فيها نصر وتنقب فى علاقة عبد الهادى الجزار بكتب التراث وكونه باحثا بها وما أكد ذلك الكارنيهات الخاصة بالجزار حيث كانت الاستعارة الخارجية متاحة آنذاك من دار الكتب. وكذلك «فى حضرة الواقعى والرمزى .. رؤية فى لوحة الجزار» للدكتور مصطفى عيسى، «ما بين جماعتين مصريتين: الفن والحرية والفن المعاصر» للناقد سمير غريب، «استخدام الرمز الشعبى عند الفنان عبد الهادى الجزار ودلالته فى التراث الشعبى المصري» بقلم د.عديلة عصمت، ثم «من التجريد إلى الفضاء» لفاليرى ديدييه وهى مرحلة فنية ربما لم يتناولها أحد بتعمق من قبل، ثم الجانب السياسى عند عبد الهادى الجزار لباتريك كين الذى سبق وأعد رسالة دكتوراه تتناول موضوع السياسة فى الفن المصرى الحديث. إضافة إلى حوارين مهمين أجرتهما الناقدة فاليري، الأول مع السيدة ليلى عفت حرم المرحوم عبد الهادى الجزار، والثانى مع الفنان أحمد مرسى فى ذكرى الجزار، فقد كان هناك مشروع قائم لإصدار كتاب يضم أشعار أحمد مرسى ترافقها رسومات للجزار وكان ذلك عام 1954 لكن المشروع لم يكتمل، كذلك فإن الجزار نفسه ترك كثيراً من الأشعار وهى أشعار تميل للعامية ،تم تجميعها ونشرها فى الكتالوج بعد ترجمتها إلى الإنجليزية. أما المجلد الثانى فيضم مقالات سابقة النشر عن الجزار لعدد من كبار النقاد والفنانين والتى تم ترجمتها جمعيا إلى الانجليزية. الحقيقة أن جانبا مهما يرتبط بإصدار الكتالوج المسبب يتضح فى كشف جوانب خفية من حياة الجزار وإلقاء الضوء على كافة مراحل حياته، وكذلك الأعمال التى لم تنل حظها من الشهرة على أهميتها، إذ يقول د.حسام رشوان إن هناك العديد من الدراسات والرسائل العملية كالماجستير والدكتوراه بكثير من الجامعات والكليات خاصة كلية الفنون الجميلة ولكن أغلب هذه الدراسات تتناول عددا محدودا من اللوحات، أى ما يقرب من 15 لوحة على الأكثر والتى تركز على المرحلة المتعلقة بالتراث والأساطير الشعبية، وقد أنجز الجزار تلك الأعمال فى الفترة من 1946 حتى 1953 تقريبا، بينما امتدت حياته إلى سنة 1966 وكان قد تحول بعد تلك الفترة إلى الأعمال القومية ومنها «إنسان السد» «الميثاق»، «النصر» «الحلم» ثم بعد ذلك هناك المرحلة التجريدية وهناك أيضا مرحلة مهمة لم يتم تناولها بعمق من قبل مثل مرحلة علوم الفضاء. ومن جانبها تحدثت الناقدة الفرنسية فاليرى عن المصادر التى اعتمدت عليها كأساس لبداية عملها بالموسوعة ومنها أرشيف الأسرة والأرشيفات الأجنبية، وكذلك مجموعة من الكتب التى صدرت من قبل عن عبد الهادى الجزار.. ربما يكشف هذا الأمر عن أهمية قيام الفنانين بتوثيق أعمالهم خلال حياتهم لأن تلك القواعد المعلوماتية تجعل إصدار تلك الكتب الموسوعية أمرا ممكنا، فى حين قد يعنى غياب التوثيق استحالة الحفاظ على تاريخ الفنان، إذ يؤكد د.حسام رشوان أن التوثيق هو العقبة الأولى التى تواجههم حال التفكير فى مشروع جديد، فقد أراد مثلا أن يقدم كتالوجا مماثلا عن سيف وانلى لكن مع الأسف ليس لديه أرشيف كما أن زوجته لم تقم كذلك بتصوير أعماله، على عكس الجزار فالمعروف أن أسرته تحتفظ بأرشيف هائل، وقد تضمن الأرشيف ألبوما يضم صور أعمال الجزار، والمقالات والقصاصات الصحفية، والاسكتشات، وأوراقه الخاصة وأخرى بخط يده، ومنها كراسة محاضرات بخط الجزار أثناء دراسته للفنون بإيطاليا، حيث كان التحق بمعهد الآثار عام 1954 لكنه لم يستكمل الدراسة به فقد اضطر للسفر لإيطاليا. ومن الأهمية التأكيد على أن هذه الكتالوجات الموثقة تحمى الفنان وتاريخه على أكثر من صعيد، فالشق الأول يتعلق بالكشف عن الأعمال المزيفة التى قد ترتبط باسم الفنان لاسيما مع انتشار عمليات تزوير الأعمال الفنية والتى زادت بشكل كبير جدا فى السنوات الأخيرة منذ أن أصبح للفن المصرى والعربى مكانة كبيرة فى السوق العالمى، وهو ما يؤكد عليه سلماوى مضيفا: إن عبد الهادى الجزار من الفنانين الذين كان لهم حظ فى أن عددا كبيرا من أعماله تم تزويرها بالفعل. أما الشق الثانى فله علاقة بأعمال تخص الفنان نفسه نالت ما نالت من الرفض والتشهير، إذ يتعلق الأمر كذلك بالكشف عن اللوحات المجهولة والنسخ المكررة التى قدمها الفنان لنفس العمل، حيث يروى د.حسام رشوان أكثر من واقعة بهذا الصدد، فمثلا لوحة «الزوجان» لعبد الهادى الجزار المنشورة بالكتالوج والتى ظهرت بأحد المزادات بدبى فى 2018 لم تكن قد ظهرت من قبل ولم ترد بأى كتاب، ولذا حدث لغط كبير بشأنها حال ظهورها بالمزاد ليضيف رشوان: وقتها تلقيت اتصالات كثيرة عن كون تلك اللوحة مزورة، لكن بالرجوع إلى أرشيف الأسرة وإلى الألبومات التى تضم صور لوحات الجزار كان هناك صورة بالأبيض والأسود لتلك اللوحة. تلك الحكاية تكررت أكثر من مرة إذ يروى د.رشوان واقعة أخرى شهيرة تتعلق بلوحة «ذات العيون الخضراء» للفنان محمود سعيد، فخلال شهر أكتوبر عام 2007، ظهرت اللوحة للبيع فى مزاد كريستى فى دبى، وكانت وزارة الثقافة المصرية قد أعارت لوحة «ذات العيون الخضراء» إلى سفارة مصر فى واشنطن فى الخمسينيات، لكنها فقدت بعد فترة ولم يكن هناك معلومات بشأنها، ولذا قام قطاع الفنون التشكيلية بإبلاغ الانتربول لوقف بيعها ظنا أنها اللوحة المفقودة باعتبار اللوحة من مقتنياته الرسمية، وتم تشكيل لجنة لفحص اللوحة، وهناك وجدوا على ظهرها ما يفيد أنها نسخة ثانية من نفس العمل «replic» وحدث ما هو أسوأ إذ قام بعض الفنانين التشكيليين بالتشكيك فى أنها نسخة مزورة، مرة أخرى بالبحث وبالوثائق اتضح أن هناك بالفعل نسخة ثانية أهداها محمود سعيد إلى شارلى تيراس الذى دعاه محمود خليل ليكون مراقب عام الفنون الجميلة فى مصر وهو أحد الذين ساهموا فى تأسيس متحف الفن الحديث فى الثلاثينيات من القرن الماضى، وهو الأمر الذى يتأكد بالرجوع إلى مجلة «الأسبوع المصرى» الصادرة فى مصر، ففى عام 1936 خصصت المجلة ملفا خاصا عن محمود سعيد، لتؤكد من خلال سجل أعمال الفنان أن اللوحة المملوكة لمتحف الفن الحديث موثقة تحت رقم 2، وأما اللوحة المملوكة لشارلى تيراس موثقة تحت رقم 80 ومدون عليها replque، أما بالبحث عن لوحة وزارة الثقافة فتبين أنها انتقلت إلى مقر إقامة رئيس وفد مصر فى الأممالمتحدة. إن الأمر لا يتوقف عند فكرة إصدار كتالوج فحسب، بل إن تلك الحكايات الكثيرة التى ترتبط بعملية البحث ذاتها تكشف عن حجم المجهود الذى يتم بذله لتأريخ وتوثيق كل عمل وتتبع مساره، الأمر الذى كشفت عنه فاليري، إذ يتم تسجيل خامة العمل ومقاسه ورحلته منذ خروجه من مرسم الفنان وحتى اللحظة الحالية، وخلال عملية البحث ذاتها يتم الكشف عن الكثير من الأمور الخفية التى لها علاقة بالفنان ذاته أو بفنانين آخرين أو بالحركة التشكيلية وتاريخها ، فمن المدهش أن ندرك حجم التغير الذى شهده سوق الفن التشكيلى عبر السنوات، فمثلا حتى عام 1982 كانت عملية بيع لوحات الفنان محمود سعيد ضعيفة جدا وقتها وكانت أسعار لوحاته تتراوح بين 150 جنيه وحتى 1300 جنيه ومع ذلك لم يكن هناك إقبالا على شرائها رغم أن المجموعة المتاحة وقتها للبيع كانت تتضمن عددا من أهم أعمال، وبالمثل لم تكن أعمال الجزار تباع وكانت مجموعة اللوحات الموجودة فى المقتنيات الخاصة محدودة للغاية، لكننا نجد أن الأمر تغير تماما مع مرور الزمن فهناك أكثر من عمل للجزار بيعت بمبالغ ضخمة من خلال مزاد كريستى منها مثلا لوحة تحضيرية للوحة حفر القناة وعلى الرغم من أنها ليست لوحة زيتية إلا أنها بيعت بمبلغ ضخم وصل إلى مليون و200 ألف دولار. أمر آخر أثاره النقاش حول إصدار الكتالوج المسبب للجزار يتعلق بآلية تمويل المشروعات الثقافية الكبرى وأهمية وجود رعاة داعمين إذ وصلت تكلفة الكتالوج إلى 130 ألف دولار، ولولا دعم كثير من الرعاة والمؤسسات المعنية بالفن ما كان لهذا الكتالوج الضخم أن يخرج للنور، ومن بين رعاة الكتالوج المسبب لعبد الهادى الجزار نجد د. حسام رشوان، ياسر زكى هاشم، وربيع بيسيسو وقرينته جومانا مراد ورجال الأعمال نجيب ساويرس وسلطان سعود القاسمى ومؤسسة دلول للفنون، ومؤسسة براجيل للفنون، والفنان أحمد فريد ودار كريستى للمزادات، وهو ما يكشف عن أهمية وجود تكاتف بين المؤسسات الفنية والقطاع الخاص لتوفير الميزانيات اللازمة للمشاريع الثقافية الضخمة. ولعل أحد المشاريع الفنية المهمة المرتقبة، والتى تحدث عنها د.حسام رشوان كذلك خلال الندوة تتعلق باقتراب صدور الترجمة الإنجليزية لموسوعة الناقد الفرنسى إيميه آزار «التصوير المصرى الحديث» الصادرة فى عام 1961 باللغة الفرنسية، وهو يقع فى مجلدين كبيرين، يرصد التصوير الحديث فى مصر فى تلك الفترة منذ جيل الرواد وحتى عام 1961، إذ يضم الكتاب مجموعة كبيرة من الأعمال الفنية والوثائق وكذلك ما يقرب من 97 من السير الذاتية للفنانين المصريين والأجانب الذين عاشوا فى مصر فى تلك الفترة، ولا يتوقف المشروع عند ترجمة الموسوعة ترجمة دقيقة متخصصة بل كذلك تجميع ونشر اللوحات الفنية الخاصة بالفنانين المذكورين فى الكتاب وكذلك يتضمن المشروع تحديث للسير الذاتية للفنانين، إذ إن الكتاب الأصلى لإيميه آزار توقف فى سيرة كل فنان عند وقت صدور الكتاب، بالإضافة إلى مقدمة توضيحية تتناول بالرصد والتحليل ما جاء فى الموسوعة، وتلك الفترة، إذ يقول رشوان أن الكتاب على الرغم من أهميته فقد تجاهل عددا من أهم فنانى عصرهم فى تلك الفترة، كما أعلى قيمة فنانين على حساب آخرين. وختاما فإن أمرا مبهجا أن نعلم أن الكتالوج المسبب الصادر عن محمود سعيد موجود الآن فى أكثر من 270 جهة عالمية من بينها مجموعة من أهم وأكبر المكتبات مثل مكتبة الكونجرس، كما أن كتالوج الجزار كذلك موجود الآن فيما يقرب من خمس وخمسين جهة عالمية فى تلك الفترة الوجيزة منذ صدوره وحتى الآن، وهنا أتوقف قليلا عند حظ المكتبات العربية من تلك الكتب المهمة، وعن السبب الذى يمنع ترجمتها، فمثلا أرى أن معظم المقالات التى تضمها موسوعة الجزار هى بالأساس عربية تمت ترجمتها إلى الإنجليزية كما أن المجهود المتعلق بالجانب البحثى والتوثيقى قد تم الانتهاء منه بالفعل وهو السؤال الذى طرحته على د.حسام رشوان فأخبرنى أن هذا الأمر يتعلق بالناشرين فى العالم العربي، فبإمكان من أراد التواصل مع الناشر الأصلى لإصدار نسخة عربية، ولكننا نعود مرة أخرى لكون هذا المشروع مهماً للمكتبة العربية وأتمنى أن نجد من يدعمه لينضم الكتالوجين المسببين عن محمود سعيد والجزار إلى المكتبة العربية.