الحرب العالمية ليست أمراً سهلاً، فى ظل القنابل النووية والهيدروجينية والبيولوجية الفتاكة التى توصل إليها الإنسان المعاصر هل يمكن أن تنشب الحرب العالمية الثالثة خلال الفترة القادمة؟ الرئيس الأمريكى السابق ترامب له تصريح يقول «الحرب العالمية لم تكن أقرب مما هى عليه الآن»، والرئيس الروسى بوتين يقول «الصراع بين روسيا والناتو يعنى أن العالم أصبح على بعد خطوة واحدة من حرب عالمية ثالثة» أما رئيس الوزراء المجرى فيكتور أوربان فقد صرح بأن تصرفات قادة الاتحاد الأوروبى تخلق مخاطر اندلاع حرب عالمية ثالثة. الطريف أن المنجمين دخلوا إلى الساحة أيضاً، وأعلن منجم هندى اسمه كومار، يلقب نفسه ب «نوستراداموس الجديد» فى 23 مايو الماضي، أن حرباً عالمية ثالثة ستندلع فى الثامن عشر من يونيو من عامنا هذا، والحمد لله أن هذا التاريخ مر دون حرب وخاب تنبؤ المنجم الفاشل. فى ظل التصريحات السابقة يصبح من حقنا أن نسأل: هل يمكن أن تقوم حرب عالمية ثالثة؟ الإجابة فى رأيى بالنفي. الحرب العالمية ليست أمراً سهلاً، خصوصاً فى ظل القنابل النووية والهيدروجينية والبيولوجية الفتاكة التى توصل إليها الإنسان المعاصر. إن قنابل هيروشيما وناجازاكى بالنسبة للقنابل الحديثة تعتبر لعب أطفال، لهذا فالحرب النووية الآن تجعل القادة يفكرون ألف مرة قبل الإقدام عليها. والدليل على ذلك أزمة إرسال الصواريخ السوفيتية فى كوبا عام 1962، (كوبا كما نعرف دولة مجاورة للولايات المتحدة)، حين قام الاتحاد السوفييتى بإرسال صواريخ يمكن أن تهدد الأمن الأمريكي، فهددت الولاياتالمتحدة باستخدام السلاح النووى إذا لم تسحب روسيا صواريخها. يقول التاريخ إن بعد التوتر الشديد انتقل الجميع لمرحلة التعقل، وتراجع الطرفان إلى الحد الذى لا يمثل تهديداً لأى منهما، وعادا إلى مرحلة السلام. تهديدات لايمكن تجاهلها لكن رغم هذا التفاؤل يجب أن نضع فى اعتبارنا أن هناك تهديدات حقيقية للأمن والسلم العالميين، تتمثل في: - إعلان الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبى عن نيتهما لإرسال أسلحة متطورة بعيدة المدى لأوكرانيا، بحيث تستطيع هذه الأسلحة الوصول إلى العمق الروسي. - تبنى الولاياتالمتحدة فكرة استقلال جزيرة تايوان فى مواجهة الصين التى ترى أن تايوان جزء منها، يجب أن يعود لأحضان الوطن الأم. ما فعلته روسيا وقد رأينا كيف ردت روسيا على القرار الأمريكى الأوروبى بإرسال أسلحة بعيدة المدى لأوكرانيا بإجراءات تشعرنا بأن الحرب العالمية صارت على الأبواب. وتمثل هذا الرد الروسى فى: أولاً: إرسال غواصة نووية وبعض السفن الحربية إلى كوبا، وتعمد روسيا أن تمر هذه القطع البحرية فى طريقها إلى كوبا بالقرب من الشواطيء الأمريكية. ثانياً: أعلنت روسيا أنها سترسل أسلحة نووية لمناطق فى حالة حرب مع دول تزود أوكرانيا بالسلاح. وأنها تناقش مع شركائها فى آسيا وأمريكا اللاتينية إمكانية أن تزودها بأسلحة بعيدة المدى. ثالثاً: قامت روسيا بتكوين تحالف مع بيلا روس، والصين، وكوريا الشمالية، وهى جميعاً دول نووية. باختصار صرنا أمام معسكرين متناحرين: معسكر أمريكى أوروبي، ومعسكر روسى صينى كورى شمالى بيلاروسي. وهذا يبلور فكرة جناحى الحرب العالمية كما رأيناها من قبل فى الحربين الأولى والثانية. التنين الصينى يتحرك وإذا تركنا الحرب الروسية الأوكرانية وما تمثله من تهديد للسلام العالمي، وانتقلنا لبؤرة الصراع الأخرى فى شرق آسيا، أقصد بؤرة تايوان/ الصين، لرأينا معسكراً ثالثاً بقيادة الولاياتالمتحدة ويضم كوريا الجنوبية واليابان وبعض دول جنوب شرق آسيا، فى مواجهة معسكر الصين/ روسيا/ كوريا الشمالية الذى تحدثنا عنه من قبل. إنها تحديات قوية وخطيرة، ويمكن أن تؤدى لحرب عالمية حقيقية، لكنى رغم كل شيء أرى أن العقل سينتصر فى النهاية، ولن تشتعل الحرب العالمية الثالثة، لأنها ستكون مدمرة بصورة تفوق الخيال. الاستثناء الوحيد لهذا التفاؤل أن يخرج لنا من بين زعماء الدول النووية زعيم فاقد للتمييز يوجه ضربة لدولة نووية أخرى، فتشتعل الحرب التى نتمنى جميعاً ألا تقع.