كان للتوسعات السعودية المتعاقبة في المسجد الحرام منذ عهد الملك عبدالعزيز، حتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وولي عهده الأمين دورها وأثرها البالغ في استيعاب الأعداد المليونية من ضيوف الرحمن من الحجاج والمعتمرين والمصلين. وهذه الأعداد في تزايد بشكل مطرد عامًا بعد عام حيث واكبت حكومة المملكة تلكم الأعداد من خلال قيامها بالتوسع في إنشاء المرافق المساندة داخل وخارج المسجد الحرام وتوفير جميع الإمكانات الآلية والتقنيات المتطورة وإدارة تلك المنظومة من خلال كوادر بشرية مؤهلة تأهيلًا عاليًا واحترافيًا حيث أسهمت بشكل كبير ومباشر في استيعاب تلك الأعداد وتوفير جميع الخدمات المتقدمة والراقية لها، مما أسهم في التيسير والتسهيل عليهم أداء مناسكهم وهم ينعمون بكامل الطمأنينة والراحة. فمنذ تأسيس المملكة على يد الملك عبدالعزيز آل سعود، حظي الحرم المكي بالعناية الخاصة والاهتمام على تهيئته بما يتناسب مع مقامه المقدس، حيث قام الملك المؤسس، ومن بعده أبناؤه الملوك البررة، بإجراء العديد من التوسعات للمسجد الحرام حيث تعد تلك التوسعات التي أجريت من أكبر التوسعات في تاريخ المسجد الحرام. وبحسب مساعد الرئيس العام لشؤون مجمع الملك عبدالعزيز لكسوة الكعبة المشرفة والمعارض والشؤون الهندسية والتشغيلية المهندس سلطان بن عاطي القرشي فقد بلغت المساحة الإجمالية لجميع التوسعات (750) ألف متر مربع، وذلك لاستيعاب ما لا يقل عن مئة وخمسة آلاف طائف بالساعة، بالإضافة إلى ما يزيد عن ثلاثة ملايين مصلٍ مما يدل على حرص ملوك المملكة، بداية من مؤسسها على تقديم كل ما فيه خدمة للدين الإسلامي الحنيف، وبيت الله الحرام. ولفت المهندس القرشي النظر إلى أن العمل بدأ في الرواق السعودي منذ عهد الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود، وأكمل أبناؤه البررة من بعده هذا الاهتمام إلى العهد الزاهر لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وولي عهده، ليكون مفخرة للمملكة العربية السعودية على مر الأزمان. وقال: «أمر الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود سنة 1344ه بترميم المسجد الحرام ترميمًا كاملًا وإصلاح كل ما يقتضي إصلاحه، وكذلك ترخيم عموم المسجد، وفي سنة 1345ه أمر بوضع السرادقات في صحن المسجد لتقي المصلين حر الشمس. » كما أمر الملك عبدالعزيز في سنة 1346ه بإصلاح آخر للمسجد الحرام، شمل الترميم والطلاء، كما أصلح مظلة إبراهيم، وقبة زمزم وشاذروان الكعبة المشرفة. وأضاف يقول: "في مستهل العام 1373ه أمر الملك عبدالعزيز بتركيب مضخة لرفع مياه زمزم وبعدها بعام في 1374ه أمر بإنشاء بناية لسقيا زمزم أمام بئر زمزم، وفي سنة 1375ه أمر باستبدال الشمعدانات الستة بحجر إسماعيل عليه السلام بأضواء الكهرباء، كما أمر رحمه الله بتبليط أرض المسعى." وأشار المهندس القرشي إلى أنه في العام 1375ه ألقى الملك سعود خطابه التاريخي بالشروع في توسعة المسجد الحرام التي أمر بها المؤسس، وبدأ العمل في 4 ربيع الآخر عام 1375ه، وتضمنت هذه التوسعة ثلاثة طوابق، وهي الأقبية، والطابق الأرضي، والطابق الأول، مع بناء المسعى بطابقيه وتوسعة المطاف، وأصبح بئر زمزم في القبو، وفي سنة 1387ه تم إزالة البناء القائم على مقام إبراهيم لزيادة مساحة صحن المطاف للطائفين. كما وضع المقام في غطاء بلوري، وفي العام 1391ه أمر الملك فيصل بن عبدالعزيز، ببناء مبنى لمكتبة الحرم المكي الشريف، وفي سنة 1392ه بدئ في بناء مصنع كسوة الكعبة المشرفة في موقعه الجديد في أم الجود، وتوسيع أعماله. وأفاد مساعد الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي أنه في العام 1396ه أتم الملك خالد، ما تبقى من عمارة وتوسعة المسجد الحرام الأولى، كما تم في عهده، افتتاح مصنع الكسوة بعد تمام البناء والتأثيث، عام 1397ه، وفي سنة 1398ه تم توسيع المطاف في شكله الحالي، كما فُرشت أرضيته برخام مقاوم للحرارة جُلب من اليونان مما زاد من راحة المصلين والطائفين، وشملت توسعة المطاف نقل المنبر والمكبرية وتوسيع قبو زمزم، وجعل مدخله قريبًا من حافة المسجد القديم في جهة المسعى، وركبت صنابير لشرب الماء وجعل للبئر حاجز زجاجي. وبين المهندس القرشي أنه في مستهل العام 1406ه أمر الملك فهد بن عبدالعزيز، بتبليط سطح التوسعة السعودية الأولى بالرخام البارد المقاوم للحرارة، كما أنه في العام 1409ه وضع الملك فهد، حجر الأساس للبدء في التوسعة السعودية الثانية، وفي سنة 1411ه أُحدثت ساحات كبيرة محيطة بالمسجد الحرام، وهُيئت للصلاة، لا سيما في أوقات الزحام، حيث بُلطت برخام بارد ومقاوم للحرارة وأُنيرت وفُرشت، وتبلغ المساحة الإجمالية لهذه الساحات (2588000) متر مربع، وفي سنة 1415ه وُسعت منطقة الصفا في الطابق الأول تسهيلًا للساعين وذلك بتضييق دائرة فتحة الصفا الواقعة تحت قبة الصفا، وفي سنة 1418ه أُنشئ جسر الراقوبة الذي يربط سطح المسجد الحرام بمنطقة الراقوبة من جهة المروة، لتسهيل الدخول والخروج إلى سطح المسجد الحرام، وفي سنة 1438ه أمر بتوسعة وتطوير المسعى بكامل أدواره. وأشار المهندس القرشي إلى أنه في مستهل العام 1432ه دشن الملك عبدالله بن عبدالعزيز ، أكبر توسعة في تاريخ المسجد الحرام بتكلفة 200 مليار ريال، حيث رُفعت الطاقة الاستيعابية للحرم إلى مليون في أوقات الذروة، و 600 ألف مصل خارج أوقات الذروة وتوسعة المطاف، وبدأت مراحل العمل على مضاعفة الطاقة الاستيعابية بصحن الطواف إلى 3 أضعاف طاقته السابقة ليتمكن 150 ألف شخص من الطواف كل ساعة، بالإضافة إلى أنظمة الصوت والإضاءة والتكييف ومنظومة طواف المشاة. وأبان المهندس سلطان القرشي أنه مع بداية العهد الزاهر لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود دشن في العام 1436ه خمسة مشاريع رئيسة ضمن المشروع الشامل للتوسعة السعودية الثالثة، وهي مشروع مبنى التوسعة الرئيس، ومشروع الساحات ومشروع أنفاق المشاة ومشروع محطة الخدمات المركزية للمسجد الحرام، وتشمل التوسعة السعودية الثالثة على (4) منارات بارتفاع (135م)، ويبلغ عدد القباب السماوية بمبنى التوسعة (12) قبة سماوية متحركة و(6) قباب سماوية ثابتة ويبلغ عدد السلالم الكهربائية بكامل المشروع (680) سلمًا لتسهيل عملية تنقل الزوار, كما تقدرمساحة مسطحات كامل المشروع ب (1371000م2). وشرح المهندس سلطان بن عاطي القرشي عن الرواق السعودي والذي يتضمن مشروع توسعة المطاف خلف الرواق العباسي، ويحيط به وبصحن الكعبة المشرفة، والذي أتى حين أمر الملك عبدالعزيز ببناء توسعة للمسجد الحرام لاستيعاب أعداد الحجاج المتزايدة، وبدأ العمل عليه في عهد الملك سعود عام 1375ه/1955م، واستمر بناء الرواق في عهد الملك سعود والملك فيصل والملك خالد -رحمهم الله-، ليستكمل تطويره في عهد الملوك فهد وعبدالله، وحتى العهد الزاهر لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود و ولي عهده الأمين. يذكر أن الرواق السعودي يحيط بالرواق العباسي ليكون مكملًا له، مع تميزه بمساحة أوسع لم يشهدها المسجد الحرام من قبل، حيث يتكون من (4) أدوار وهي الدور الأرضي، الدور الأول، الدور الثاني "الميزانين"، والسطح وأصبحت الطاقة الاستيعابية للرواق السعودي (287000) مصل، و(107000) طائف في الساعة بالرواق وصحن المطاف. ويوفر الرواق السعودي مساحات أوسع للطائفين والمصلين، وفق معايير هندسية عالية الجودة والدقة، كما يمتاز بتوافر جميع الخدمات التقنية والخدمية وأنظمة الصوت والإنارة، التي تسهم في تهيئة البيئة الإيمانية الخاشعة لضيوف الرحمن.