إعلان الحصر العددي لأصوات الناخبين بدائرة كوم أمبو بأسوان    بكام الفراخ النهارده؟ أسعار الدواجن والبيض في أسواق وبورصة الشرقية الأربعاء 12-11-2025    المحكمة العليا في الولايات المتحدة تمنح ترامب مهلة شهر لتمويل الغذاء ل 42 مليون أمريكي    مستوطنون إسرائيليون يهاجمون قريتين فلسطينيتين في الضفة الغربية    دقائق أنقذت السكان من الموت، انهيار عقار مكون من 8 طوابق بمنطقة الجمرك بالإسكندرية    زفاف الموسم يشعل السوشيال ميديا.. نجوم الفن يتسابقون لتهنئة مي عز الدين بزواجها من أحمد تيمور    «زي النهارده».. وفاة الفنان محمود عبدالعزيز 12 نوفمبر 2016    «زى النهارده».. استخدام «البنج» لأول مرة في الجراحة 12 نوفمبر 1847    دعاء الفجر | اللهم ارزق كل مهموم بالفرج واشفِ مرضانا    رئيس الوزراء: استثمارات قطرية تقترب من 30 مليار دولار في مشروع "علم الروم" لتنمية الساحل الشمالي    موعد بداية ونهاية امتحانات الترم الأول للعام الدراسي الجديد 2025-2026.. متى تبدأ إجازة نصف السنة؟    تحقيق عاجل من التعليم في واقعة احتجاز تلميذة داخل مدرسة خاصة بسبب المصروفات    نشأت الديهي: بن غفير يوزع حلوى مغموسة بدماء الفلسطينيين    مي سليم تطرح أغنية «تراكمات» على طريقة الفيديو كليب    عيار 21 يسجل رقمًا قياسيًا.. سعر الذهب والسبائك اليوم بالصاغة بعد الارتفاع الكبير    أمطار وانخفاض درجات الحرارة.. بيان مهم من الأرصاد يكشف حالة الطقس اليوم وغدًا    إصابة 4 أشخاص في حادث تصادم توك توك وتروسيكل بالخانكة    انقطاع التيار الكهربائي بشكل الكامل في جمهورية الدومينيكان    الزراعة: السيطرة على حريق محدود ب "مخلفات تقليم الأشجار" في المتحف الزراعي دون خسائر    سبب استبعاد ناصر ماهر من منتخب حلمي طولان وحقيقة تدخل حسام حسن في إقصاء اللاعب    رسميًا.. موعد إعلان نتيجة انتخابات مجلس النواب 2025 المرحلة الأولى    استقرار نسبي في أسعار العملات الأجنبية والعربية أمام الجنيه المصري مع تراجع طفيف للدولار    تسع ل10 آلاف فرد.. الجيش الأمريكي يدرس إنشاء قاعدة عسكرية بالقرب من غزة    قلبهم جامد.. 5 أبراج مش بتخاف من المرتفعات    موسكو تحذر من عودة النازية في ألمانيا وتؤكد تمسكها بالمبادئ    نيوسوم يهاجم ترامب في قمة المناخ ويؤكد التزام كاليفورنيا بالتكنولوجيا الخضراء    لتجنب زيادة الدهون.. 6 نصائح ضرورية للحفاظ على وزنك في الشتاء    اتهام رجل أعمال مقرب من زيلينسكي باختلاس 100 مليون دولار في قطاع الطاقة    الحسيني أمينا لصندوق اتحاد المهن الطبية وسالم وحمدي أعضاء بالمجلس    مواجهة قوية تنتظر منتخب مصر للناشئين ضد سويسرا في دور ال32 بكأس العالم تحت 17 سنة    منتخب مصر المشارك في كأس العرب يواصل استعداداته لمواجهتي الجزائر (صور)    مختصون: القراءة تُنمّي الخيال والشاشات تُربك التركيز.. والأطفال بحاجة إلى توازن جديد بين الورق والتقنية    جناح لجنة مصر للأفلام يجذب اهتماما عالميا فى السوق الأمريكية للأفلام بلوس أنجلوس    قبل غلق اللجان الانتخابية.. محافظ الأقصر يتفقد غرفة العمليات بالشبكة الوطنية    النيابة تطلب تحريات سقوط شخص من الطابق ال17 بميامي في الإسكندرية    حبس المتهم بالتسبب في وفاة والدته بعيار ناري أثناء لعبه بالسلاح بشبرا الخيمة    علشان تنام مرتاح.. 7 أعشاب طبيعية للتخلص من الكحة أثناء النوم    انتخابات مجلس النواب 2025.. محافظ الفيوم يتابع أعمال غلق لجان التصويت في ختام اليوم الثاني    انتخابات مجلس النواب 2025.. بدء عمليات الفرز في لجان محافظة الجيزة    سعر التفاح والموز والفاكهة بالأسواق اليوم الأربعاء 12 نوفمبر 2025    «ستأخذ الطريق الخاطئ».. ميدو يحذر حسام عبد المجيد من الانتقال ل الأهلي    بيان رسمي من خوان بيزيرا بشأن تجاهل مصافحة وزير الرياضة بنهائي السوبر    منتخب مصر يستعد لأوزبكستان وديا بتدريبات مكثفة في استاد العين    كرة سلة - الأهلي يفوز على سبورتنج في ذهاب نهائي دوري المرتبط للسيدات    رياضة ½ الليل| الزمالك يشكو زيزو.. انتصار أهلاوي جديد.. اعتقال 1000 لاعب.. ومصر زعيمة العرب    السياحة تصدر ضوابط ترخيص نمط جديد لشقق الإجازات Holiday Home    المستشار بنداري يشيد بتغطية إكسترا نيوز وإكسترا لايف ووعي الناخبين بانتخابات النواب    السفير التركي: العلاقات مع مصر تدخل مرحلة تعاون استراتيجي شامل    وفد السياحة يبحث استعدادات موسم الحج وخدمات الضيافة    نقيب الإعلاميين: الإعلام الرقمي شريك أساسي في التطوير.. والذكاء الاصطناعي فرصة لا تهديد.    ارتفاع حصيلة ضحايا إعصار فونج-وونج بالفلبين ل 25 قتيلا    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. روسيا تمنع 30 مواطنا يابانيا من دخول البلاد.. اشتباكات بين قوات الاحتلال وفلسطينيين فى طوباس.. وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلة يقدم استقالته لنتنياهو    أخطاء تقع فيها الأمهات تُضعف العلاقة مع الأبناء دون وعي    أمين بدار الإفتاء يعلق على رسالة انفصال كريم محمود عبد العزيز: الكلام المكتوب ليس طلاقا صريحا    استجابة من محافظ القليوبية لتمهيد شارع القسم استعدادًا لتطوير مستشفى النيل    هل يجوز تنفيذ وصية أم بمنع أحد أبنائها من حضور جنازتها؟.. أمين الفتوى يجيب    كيف نتغلب على الضيق والهم؟.. أمين الفتوى يجيب    هل الحج أم تزويج الأبناء أولًا؟.. أمين الفتوى يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عودة الوعى

‬قبل ‬أيام ‬عرضت ‬منصة ‬نتفيلكس ‬فيلمها ‬الوثائقى "‬الملكة ‬كليوباترا" ‬وفى ‬البداية ‬العمل ‬المعروض ‬لاينتمى ‬لمنهجية ‬الأفلام ‬الوثائقية ‬المباشرة ‬بل ‬هو ‬عمل ‬ينتمى ‬لفئة "‬الديكودراما" ‬او ‬الوثائقيات ‬الممزوجة ‬بالمشاهد ‬التمثيلية ‬وهذه ‬النوعية ‬تتيح ‬لخيال ‬صانعيه ‬مساحة ‬ليست ‬قليلة ‬بإضافة ‬أوحذف ‬أحداث ‬تخص ‬الفترة ‬أوالشخصيات ‬التاريخية ‬التى ‬يتناولها ‬العمل. ‬
بالتأكيد ‬هناك ‬مئات ‬النقاد ‬المتخصصين ‬الذين ‬يستطيعون ‬تقديم ‬تقييمًا ‬فنيًا ‬محكمًا ‬للعمل ‬سواء ‬بالسلب ‬أو ‬الإيجاب ‬وأيضا ‬هناك ‬ملايين ‬المشاهدين ‬الذى ‬من ‬حقهم ‬تقييم ‬العمل ‬المعروض ‬وأنا ‬كمشاهد ‬محب ‬للأفلام ‬الوثائقية ‬ومتابع ‬لها ‬أقول ‬بوضوح ‬أننا ‬أمام ‬عمل ‬رديء ‬الصناعة ‬من ‬الناحية ‬الفنية ‬ومتحيز ‬فى ‬محتواه ‬لرؤى ‬زائفة ‬ويصل ‬هذا ‬التحيز ‬إلى ‬درجة ‬البلادة ‬الفكرية.‬
من ‬الناحية ‬التاريخية ‬فأساتذة ‬التاريخ ‬وعلماء ‬الآثار ‬يستطيعون ‬بسهولة ‬كشف ‬كل ‬ماهو ‬زائف ‬داخل ‬العمل ‬المسمى ‬الملكة ‬كليوباترا ‬وتقديم ‬الحقيقة ‬ولكن ‬هناك ‬فرضية ‬تطرأ ‬على ‬ذهن ‬المشاهد ‬العادى ‬من ‬أمثالى ‬وهى ‬لو ‬قررت ‬جهة ‬ما ‬أن ‬تنتج ‬وثائقى ‬عن ‬حياة ‬الملكة ‬إليزابيث ‬الثانية ‬ملكة ‬بريطانيا ‬وهى ‬عاشت ‬فى ‬القرن ‬العشرين ‬أو ‬الملكة ‬إليزابيث ‬الأولى ‬التى ‬عاشت ‬فى ‬القرن ‬السابع ‬عشر ‬هل ‬يحق ‬للجهة ‬المنتجة ‬الاستعانة ‬بممثلة ‬سمراء ‬البشرة ‬بحجة ‬حرية ‬التعبير ‬أو ‬أن ‬الحقائق ‬التاريخية ‬قابلة ‬للتأويل؟ ‬
بعيدًا ‬عن ‬هذه ‬الفرضية ‬فالاستخفاف ‬بالحقائق ‬التاريخية ‬داخل ‬هذا ‬العمل ‬يبدأ ‬من ‬اللحظة ‬الأولى ‬على ‬لسان " ‬البروفسيرة " ‬شيلى ‬هايلى ‬من ‬كلية ‬هاملتون ‬والمفترض ‬أن " ‬البروفسيرة" ‬متخصصة ‬فى ‬الدراسات ‬التاريخية ‬لكنها ‬تفاجئنا ‬بأمرغريب ‬أن ‬جدتها ‬كانت ‬الملهمة ‬لها ‬وسألتها ‬الجدة ‬ماذا ‬تدرسين؟ ‬فأخبرت ‬جدتها ‬أنها ‬تتعلم ‬عن ‬الإغريق ‬والرومان ‬واليوم ‬نتعلم ‬عن ‬كليوباترا ‬تقول ‬شيلى ‬هايلى "‬أتذكر ‬ماقالته ‬لى ‬بوضوح .‬.‬شيلى ‬لايهمنى ‬مايقولونه ‬لكى ‬فى ‬المدرسة ‬كليوباترا ‬كانت ‬سوداء " ‬على ‬هذا ‬الأساس ‬تتغير ‬الحقائق ‬التاريخية ‬بناءً ‬على ‬تصورات ‬جدة "‬البروفسيرة " ‬هايلى ‬وتسير ‬منصة ‬نتفيلكس ‬وصناع ‬الوثائقى ‬وراء ‬مقولات ‬الجدة ‬الطيبة !.‬
الحقيقة ‬أن ‬الأمر ‬ليس ‬بهذه ‬البساطة ‬أو ‬التصور ‬الساخر ‬فشيلى ‬هايلى ‬تنتمى ‬ل ‬Hamilton College ‬فى ‬نيويورك ‬وهى ‬جامعة ‬تساند ‬كما ‬يدعون ‬الأفكار "‬التحررية " ‬من ‬أجل ‬مراجعة ‬المعتقدات ‬وفهم ‬الهويات ‬وبعيدًا ‬عن ‬هذه ‬المصطلحات ‬المنمقة ‬فجامعة ‬هامليتون ‬ومثيلاتها ‬المنتمية ‬إلى ‬اليسار ‬المعولم ‬ونشطاء ‬تيار ‬ال ‬woke ‬فى ‬الولايات ‬المتحدة ‬يشنون ‬أكبر ‬حرب ‬ثقافية ‬على ‬الحضارة ‬المصرية ‬من ‬أجل ‬سلب ‬هذه ‬الحضارة ‬من ‬شعبها ‬ثم ‬تجزيئها ‬وتوزيعها ‬على ‬عديمى ‬الهوية ‬والحضارة .‬
لنفهم ‬أبعاد ‬هذه ‬التركيبة ‬التى ‬تحالفت ‬لشن ‬تلك ‬الحرب ‬يكفى ‬أن ‬نعرف ‬أن ‬الملياردير ‬جورج ‬سورس ‬ومنظمته "‬مجتمع ‬مفتوح" ‬تطل ‬بوجهها ‬الكئيب ‬على ‬جامعة ‬مثل ‬هامليتون ‬بالتمويلات ‬المليونية ‬وليس ‬هذه ‬الجامعة ‬فقط ‬بل ‬كل ‬هذه ‬التيارات ‬وعصابات ‬سلب ‬ونهب ‬الحضارات ‬تتلقى ‬التمويلات ‬لنفس ‬الغرض ‬وللأسف ‬هناك ‬من ‬يظنهم ‬البعض ‬أصدقاء ‬ولكنهم ‬يتعاونون ‬مع ‬هذه ‬العصابات ‬ضد ‬حضارتنا ‬العريقة. ‬
تبدو ‬تداعيات ‬هذه ‬الحرب ‬خطيرة ‬على ‬حضاراتنا ‬وهى ‬بالفعل ‬خطيرة ‬لكن ‬هذا ‬التحالف ‬الشرير ‬من ‬عصابات ‬نهب ‬وسلب ‬الحضارات ‬قدم ‬لهذه ‬الأمة ‬خدمة ‬جليلة ‬من ‬خلال ‬هذا ‬الوثائقى ‬رديء ‬الصناعة ‬زائف ‬المحتوى، ‬فهو ‬كان ‬إشارة ‬التنبيه ‬لكل ‬مصرى ‬على ‬خطورة ‬ما ‬يخططون ‬له ‬وأن ‬الحضارة ‬والهوية ‬المصرية ‬أمر ‬غالى ‬ونفيس ‬لا ‬يقدر ‬بثمن ‬يطمع ‬الهكسوس ‬الجدد ‬فى ‬الاستيلاء ‬عليه.‬
كانت ‬التحذيرات ‬تتوالى ‬من ‬داخل ‬هذا ‬الوطن ‬بأن ‬هناك ‬إعصارًا ‬من ‬الزيف ‬تحضر ‬له ‬هذه ‬العصابات ‬تلوح ‬عواصفه ‬فى ‬الأفق ‬ولكن ‬لم ‬تكن ‬هناك ‬استجابة ‬أو ‬انتباه ‬من ‬المصريين ‬الذين ‬يحملون ‬فى ‬جيناتهم ‬أكثر ‬الهويات ‬أصالة ‬لأعظم ‬الحضارات ‬التى ‬أنتجها ‬العقل ‬البشرى، ‬عدم ‬الاستجابة ‬والانتباه ‬راجعة ‬لعدم ‬إدراك ‬عظمة ‬هذه ‬الحضارة ‬من ‬المجتمع ‬ذاته . . ‬وسبب ‬عدم ‬الإدراك ‬بعظمة ‬هذه ‬الحضارة ‬،الهجمة ‬الشرسة ‬التى ‬تعرض ‬لها ‬المجتمع ‬فى ‬بداية ‬سبعينيات ‬القرن ‬الماضى ‬من ‬أجل ‬زرع ‬هوية ‬بديلة ‬داخله ‬فقد ‬تعرضت ‬الأمة ‬المصرية ‬لأقسى ‬وأشرس ‬هجمة ‬تستهدف ‬هويتها ‬الأصيلة ‬واستبدالها ‬بهويات ‬بديلة ‬منتحلة ‬غريبة ‬عن ‬روح ‬هذا ‬المجتمع ‬المتجذر ‬تاريخيًا ‬منذ ‬مايزيد ‬عن ‬خمسة ‬آلاف ‬عام. ‬
شن ‬هذه ‬الهجمة ‬أعداء ‬الخارج ‬بالتعاون ‬مع ‬عملاء ‬الداخل ‬لتسيطر ‬على ‬هذا ‬المجتمع ‬غيوم ‬سوداء ‬من ‬الخرافة ‬والجهل ‬والتشدد ‬بقيادة ‬الفاشية ‬الإخوانية ‬وأذنابهم ‬من ‬المتسلفة ‬وبتوجيه ‬دقيق ‬من ‬الخارج ‬تم ‬استخدام ‬الفاشيست ‬والمتسلفة ‬والسياسيين ‬الذين ‬لهثوا ‬وراء ‬المكاسب ‬الزائلة ‬على ‬حساب ‬هوية ‬هذه ‬الأمة ‬فساروا ‬فى ‬الركب ‬المتآمر ‬غير ‬عابئين ‬بكارثية ‬مايفعلونه، ‬عندما ‬اكتشف ‬السياسيون ‬وقتها ‬حقيقة ‬الجريمة ‬والمؤامرة ‬التى ‬تنفذ ‬تجاه ‬أمتنا ‬وهويتها ‬كان ‬الوقت ‬فات ‬وانطلقت ‬الرصاصات ‬بعد ‬أن ‬مهدت ‬لها ‬الأفكار ‬الإرهابية ‬السوداء ‬الطريق.‬
لم ‬يكتف ‬الفاشيست ‬وأذنابهم ‬ومن ‬يحركونهم ‬بمحاولة ‬صنع ‬هوية ‬بديلة ‬بل ‬خلقوا ‬حالة ‬من ‬العداء ‬بين ‬المجتمع ‬وهويته ‬الأصيلة ‬وحضارته ‬لدرجة ‬أن ‬التغييب ‬وصل ‬بالبعض ‬إلى ‬تكفير ‬الحضارة ‬المصرية ‬العظيمة ‬واعتبارها ‬رجس ‬من ‬عمل ‬الشيطان.‬
هذه ‬الحضارة ‬التى ‬عندما ‬تتأمل ‬الإهرامات ‬برسوخها ‬الشامخ ‬تدرك ‬من ‬الوهلة ‬الأولى ‬أنك ‬أمام ‬منجز ‬علمى ‬أسهمت ‬فيه ‬علوم ‬الهندسة ‬والفلك ‬والإدارة ‬وامتلك ‬وأدار ‬المصرى ‬القديم ‬هذه ‬العلوم ‬بكفاءة ‬استطاعت ‬إخراج ‬هذا ‬الصرح ‬العلمى ‬لنا ‬وللبشرية ‬ومازال ‬شاهدًا ‬بوجوده ‬على ‬التراث ‬العلمى ‬الفريد ‬والفذ ‬الذى ‬امتلكته ‬الحضارة ‬المصرية ‬القديمة. ‬
تكشف ‬البرديات ‬والنقوش ‬الموجودة ‬على ‬المعابد ‬المصرية ‬طبيعة ‬العقل ‬الذى ‬كان ‬وراء ‬هذه ‬الحضارة ‬فهو ‬عقل ‬علمى ‬نقدى ‬بامتياز ‬ولم ‬يكتف ‬هذا ‬العقل ‬بإنجازاته ‬فى ‬العلوم ‬التطبيقية ‬بل ‬انطلق ‬ليغطى ‬أيضا ‬مجالات ‬العلوم ‬الإنسانية ‬من ‬تشريعات ‬قانونية ‬وفنون ‬وآداب ‬وفلسفة ‬وقدم ‬أيضا ‬النظريات ‬فى ‬إدارة ‬الدولة .. ‬الدولة ‬هذه ‬الفكرة ‬الإنسانية ‬الفذة ‬التى ‬قدمها ‬العقل ‬المصرى ‬للمجتمع ‬البشرى ‬لكى ‬يدير ‬وينظم ‬حياته ‬على ‬هذا ‬الكوكب ‬والتى ‬لولاها ‬لظل ‬المجتمع ‬البشرى ‬يعانى ‬من ‬الفوضى.‬
عندما ‬تذهب ‬الى ‬صعيد ‬مصر ‬وتحديدًا ‬مدينة ‬أخميم ‬بمحافظة ‬سوهاج ‬ستجد ‬تجسيدًا ‬لرؤية ‬المصرى ‬القديم ‬تجاه ‬المرأة ‬فمن ‬أبدع ‬ما ‬نحته ‬الفنان ‬المصرى ‬القديم ‬تمثال ‬الأميرة ‬ميريت ‬آمون ‬أى ‬حبيبة ‬آمون ‬ابنة ‬الملك ‬رمسيس ‬الثانى ‬والملكة ‬فيما ‬بعد.‬
تشاهد ‬تفاصيل ‬التمثال ‬الرقيق ‬فتحل ‬أمامك ‬شفرة ‬رؤية ‬العقل ‬المصرى ‬تجاه ‬المرأة ‬فجسد ‬الأميرة ‬الرشيق ‬صوره ‬الفنان ‬المصرى ‬بدقة ‬وانضباط ‬لم ‬يتعامل ‬مع ‬جسد ‬الأميرة ‬ميريت ‬أنه ‬عورة ‬يجب ‬إخفاؤها ‬بل ‬اعتبر ‬هذه ‬المحبوبة ‬رمزًا ‬للجمال ‬والرقى ‬الإنسانى.‬
للأسف ‬هذا ‬المنجز ‬الإنسانى ‬الفذ ‬أنكره ‬المصرى ‬الحديث ‬طوال ‬خمس ‬عقود ‬منذ ‬بداية ‬السبعينيات ‬وأسهم ‬العداء ‬والهوية ‬البديلة ‬المصطنعة ‬فى ‬إضعاف ‬مناعة ‬العقل ‬المصرى ‬عند ‬مواجهة ‬أى ‬هجمات ‬أخرى ‬تستهدف ‬حضارة ‬أمتنا ‬العظيمة، ‬لكن ‬وسط ‬غيوم ‬الضعف ‬ودوامات ‬اليأس ‬كانت ‬هناك ‬إشارات ‬الأمل ‬التى ‬انطلقت ‬مع ‬أنشودة ‬أيزيس ‬فى ‬موكب ‬نقل ‬المومياوات ‬إلى ‬متحف ‬الحضارة ‬فى ‬الفسطاط .‬
صمت ‬المصريون ‬طويلا ‬وهم ‬يستمعون ‬لصوت ‬أجدادهم ‬القادم ‬من ‬آلاف ‬السنين ‬ليذكرهم ‬بعظمة ‬ما ‬يحملونه ‬فى ‬جيناتهم ‬ووجدانهم ‬من ‬عظمة ‬حضارتهم ‬أصبح ‬هناك ‬سؤال ‬بعد ‬انطلاق ‬أنشودة ‬الأمل ‬هل ‬آن ‬الآوان ‬لتتحررعقول ‬هذا ‬المجتمع ‬من ‬الهويات ‬البديلة ‬المنتحلة ‬ويعود ‬إلى ‬هويته ‬الأصيلة ‬؟.‬
ظلت ‬الإجابة ‬معلقة ‬إلى ‬أن ‬جاءت ‬الهجمة ‬الشرسة ‬الأخيرة ‬ورأس ‬حربتها ‬هذا ‬الوثائقى ‬الملفق، ‬الحقيقة ‬لم ‬يتوقع ‬أكثر ‬المتفائلين ‬قوة ‬رد ‬الفعل ‬من ‬المصريين ‬للدفاع ‬عن ‬حضارتهم ‬التى ‬تتعرض ‬للسلب ‬والنهب ‬على ‬يد ‬هذه ‬العصابات ‬وقرروا ‬خوض ‬معركة ‬شرسة ‬ضد ‬هذه ‬العصابات ‬على ‬ساحات ‬السوشيال ‬ميديا ‬فهى ‬الوسيلة ‬المتاحة ‬أمامهم ‬للرد ‬على ‬هذا ‬الافك ‬والزيف.‬
الأكثر ‬أهمية ‬أن ‬من ‬قاد ‬هذه ‬المعركة ‬شباب ‬أدركوا ‬بوعى ‬كامل ‬حقيقة ‬مايدبر ‬تجاه ‬هويتهم ‬ولم ‬يكتفوا ‬بالنقد ‬أو ‬العودة ‬إلى ‬تاريخهم ‬العظيم ‬والرد ‬على ‬الأكاذيب ‬بالحقائق ‬أو ‬قيادة ‬حملات ‬المقاطعة ‬والمطالبة ‬بمنع ‬عرض ‬هذا ‬الزيف ‬لكنهم ‬استعادوا ‬منحوتات ‬وتماثيل ‬أجدادهم ‬العظام ‬ووضعوا ‬صورهم ‬بجانبها ‬ليثبتوا ‬للجميع ‬دقة ‬الشبه ‬بين ‬الأحفاد ‬المعاصرين ‬والأجداد ‬صانعى ‬أعظم ‬حضارات ‬البشرية.‬
فى ‬ساعات ‬قليلة ‬كانت ‬ساحات ‬السوشيال ‬ميديا ‬فى ‬يد ‬شبات ‬وشباب ‬مصر ‬ويحققون ‬أعلى ‬درجات ‬المتابعة ‬والتفاعل ‬بأرقام ‬مليونية ‬وسط ‬دهشة ‬العالم ‬وذعر ‬عصابات ‬سلب ‬ونهب ‬الحضارات ‬، ‬ظنت ‬هذه ‬العصابات ‬أن ‬التمهيد ‬الذى ‬قام ‬به ‬الفاشيست ‬خلال ‬خمس ‬عقود ‬من ‬خلق ‬العداء ‬بين ‬المصرى ‬وحضارته ‬سيسهل ‬عليهم ‬الأمرلكن ‬دائما ‬ماتدهشك ‬هذه ‬الأمة ‬العريقة ‬ففى ‬اللحظات ‬الفارقة ‬من ‬تاريخها ‬يتحرك ‬عقلها ‬الجمعى ‬ويصدر ‬قرارًا ‬لا ‬رجعة ‬فيه ‬بتحقيق ‬الانتصار ‬على ‬العدو.‬
ماقام ‬به ‬المصريون ‬من ‬الدفاع ‬عن ‬حضارتهم ‬وهويتهم ‬يجب ‬ألا ‬يمر ‬سريعًا ‬أو ‬ننتظر ‬هجمة ‬أخرى ‬لنرى ‬رد ‬الفعل ‬بل ‬يجب ‬أن ‬يتحول ‬إلى ‬عمل ‬مؤسسى ‬دائم ‬يشارك ‬فيه ‬هؤلاء ‬الشباب ‬برعاية ‬الدولة ‬
فى ‬الشهر ‬القادم ‬ستحل ‬ذكرى ‬ثورة ‬ال ‬30 ‬من ‬يونيو ‬ويجب ‬أن ‬نحتفل ‬بصورة ‬مختلفة ‬ليس ‬فقط ‬التذكير ‬بالانتصار ‬على ‬الفاشية ‬والعصابات ‬الأخوانية ‬بل ‬يكون ‬الاحتفال ‬بحضارتنا ‬العظيمة ‬وهويتنا ‬الأصيلة ‬التى ‬صنعت ‬يونيو، ‬يجب ‬أن ‬تتردد ‬أناشيد ‬ايزيس ‬فى ‬كل ‬ربوع ‬مصر، ‬يجب ‬أن ‬تخرج ‬كل ‬كنوزحضارتنا ‬العظيمة ‬إلى ‬هذا ‬الشعب ‬فى ‬صورة ‬وثائقيات ‬ومطبوعات ‬ومعارض ‬واحتفالات ‬وفنون ‬العمارة، ‬يجب ‬أن ‬يصبح ‬تاريخنا ‬العظيم ‬حيًا ‬يسمع ‬ويرى ‬ويقرأ ‬فى ‬مدارسنا ‬وجامعاتنا، ‬يجب ‬أن ‬يكون ‬الاحتفال ‬بيونيو ‬هذا ‬العام ‬إعلان ‬الانتصار ‬الكامل ‬على ‬الظلامية ‬والإرهاب ‬الأسود ‬ونهاية ‬حالة ‬العداء ‬و ‬الهويات ‬البديلة، ‬الاحتفال ‬باستعادة ‬الوعى ‬بهويتنا ‬الأصيلة ‬التى ‬تستمد ‬وجودها ‬من ‬حضارة ‬عظيمة ‬لن ‬تستطيع ‬عصابات ‬نهب ‬الحضارات ‬سلبها ‬منا ‬لأن ‬هذه ‬الحضارة ‬تحيى ‬فينا.‬


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.