في القرن الماضي، كانت تلاوة القرآن الكريم عملاً دقيقاً مثل صناعة الساعات وكان للعمل في مجال قراءه القرآن أصول، فقارئ القرآن استاذاً في علوم كل شيء حيث كان يبدأ تلاوته بنغمة البياتي وبطبقة صوتية منخفضة ثم يختم تلاوته بذات النغمة التي بدأ بها وبذات الطبقة الصوتية .. أما قراء اليوم فيبدأون تلاوتهم بالنغمة التي تروق لهم ويختمون باي نغمة تروق لهم! أما قراءة القرآن في مصر، ليس لها مثيل فهي تراث قديم ولهجة عربية جميلة يفهمها كل الطبقات.. فنجد أن الشيخ عبدالفتاح الشعشاعى، نسبة إلى شعشاع مركز أشمون منوفية وأسمه الحقيقي هو عبدالفتاح محمود إبراهيم كرير حماد وهو من عائلة مشهورة جداً في أشمون محافظة المنوفية. ميلاد الشعشاعي: اقرأ أيضًا| موكب رؤية هلال رمضان .. عادات وتقاليد مبهرة عبر التاريخ ولد في 20 مارس عام 1890 وكان والده قارئاً يحيي الليالي بقراءة القرآن في البيوت وكان يعلم أبناء القرية، وبدأ يحفظ القرآن علي يد والده وعمره 8 سنوات وبعد خمس سنوات اتم حفظ القرآن كاملاً وذلك ليخلف والده في تلاوة كتاب الله عز وجل. تجويد القرآن بقراءة حفص: سافر الي طنطا ليتقن تجويد القرآن علي يد معلمه الخاص وهو الشيخ إسماعيل شافعي حيث تعلم علي يديه أصول التجويد وأصول المد بالقراءة العادية قراءه حفص.. وصوله إلى القاهرة عام 1904، ودخل الأزهر الشريف ودروس القراءات السبع وهي سبع قراءات أجمع عليها سبعة أئمه من صدر الإسلام ومن هذه الأئمة نافع وحمزة والكسائي وابن عاصم وحفص. شهرة واسعه: في سن مبكرة جداً وهو 16 عاماً كانت شهرته واسعة وقد ملأت المنطقة بأكملها ومن المناطق المجاورة لقريته . أحياء الليالي ب50 قرشاً: أقيم في الدرب الأصفر في حي الجمالية وبدأ بأجر 50 قرشا في الليلة وفي سن 18 عاماً قفز اجره ليصبح جنيهان في الليلة وكان يقبضهما ذهب واحياناً آخري ورق فقد كانت قيمة الجنيه الذهب وقتها 975 قرشا فقط. فرقة التواشيخ الدينية: كَوَّن الشعشاعي فرقة للتواشيح الدينية وسرعان ما بدأ الشيخ عبد الفتاح الشعشاعي يتألق ويلمع وأصبح له عشاق بالألوف ولكن فرقة التواشيح لم تكن ترضي طموح الشيخ الشعشاعي فغامر وألقى بنفسه في البحر الذي يتصارع فيه العمالقة في التلاوة، فقرأ في مأتم سعد زغلول باشا، وعدلي يكن باشا، وثروت باشا، فأصبح الشعشاعي الذي نعرفه الآن. لم ينسى رفاقه في الدرب: منذ عام 1930 م تفرغ الشيخ الشعشاعي لتلاوة القرآن الكريم وترك التواشيح إلى غير رجعة، ومع ذلك لم ينسَ رفاقه في الدرب فقرر تخصيص رواتب شهرية لهم حتى وفاتهم. ثاني قارئ بالإذاعة المصرية: التحق الشيخ عبد الفتاح الشعشاعي ب الإذاعة المصرية عند افتتاحها، فكان ثاني قارئ يقرأ بها فِي عام 1934 م، بعد الشيخ محمد رفعت، وعلى الرغم من أنه قد رفض الالتحاق بالإذاعة فِي بادئ الأمر إلا أنه تراجع عن ذلك القرار بعد فتوى شيخ الأزهر الظواهري وقبول الشيخ رفعت لعرض الإذاعة، وكان يتقاضى راتبًا سنويًّا قدره 500 جنيه مصري . الأوسمة : حاز الشعشاعي علي العديد من الأوسمة من وزارة الأوقاف، وفي عام 1990 م منح الرئيس الأسبق حسني مبارك اسم الشيخ الشعشاعي وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى تقديراً لدوره في مجال تلاوة القرآن. مكتبه صوتية : ترك الشعشاعي مكتبة صوتية للقرآن الكريم تضم أكثر من" 400" تسجيلا موجودة بالإذاعة المصرية، وترك ابنه إبراهيم الشعشاعي على دربه فتألق وجابت شهرته الآفاق . وفاته: توفي القارئ الشيخ عبد الفتاح الشعشاعي في 11 نوفمبر عام 1962م عن عمر يناهز 72 عامًا قضاها في خدمة القرآن الكريم، وكانت حياته حافلة بالعطاء، وخلف وراءه تراثًا قيمًا سيظل خالدًا. المصدر: مركز معلومات أخبار اليوم