ركزت صحيفة "ليكسبرسيون" الفرنسية على مخاطر تقسيم سوريا، معتبرة أن هذا التقسيم بدأ بإنشاء ما يسمى "المناطق المحررة" التي لم تعد تسيطر عليها قوات الأمن النظامية. وأشارت الصحيفة في عددها الصادر الاثنين 1 أكتوبر - إلى انه ومنذ اندلاع الأزمة السورية كان المراقبون يخشون من "خطر تقسيم سوريا إلى عدة كيانات".. مضيفة أن هؤلاء المراقبين يرون أن الصراع السوري سيؤثر مستقبلا داخليا وخارجيا. وأوضحت "لكسبرسيون" أن نحو 700 ألف شخص من بين سكان سوريا البالغ عددهم الإجمالي ما يقرب 23 مليون نسمة يتمتعون حاليا ووفقا للمصادر الفرنسية بالإدارة الذاتية في عدد من المناطق المحررة الواقعة في الشمال بالقرب من تركيا، وجنوبا بالقرب من الأردن وذلك تحت حماية "المعارضة المسلحة". وتابعت الصحيفة انه "وبالمثل..فإن نحو مليوني كردي يعيشون في أجزاء من مناطق متفرقة في شمال وشمال شرق البلاد بدءوا في تنظيم أنفسهم وينوون إقامة دولة لهم". ونقلت الصحيفة عن فابريس بالانش الأستاذ بجامعة ليون 2 الفرنسية قوله أن "الجيش السوري يترك هؤلاء (الأكراد) يقومون بذلك إذ أن النظام ليس لديه وسائل للحفاظ على هذه المناطق هذا بالإضافة إلى أن نظام دمشق يعلم جيدا أن الأكراد يعارضون الجيش السوري الحر المعارض وبالتالي فإن هذا الأمر يمثل ورقة بالنسبة لنظام دمشق". وأشار بالانش إلى أن ما يقرب من مليون كردي يعيشون أيضا في كل من دمشق وحلب.. موضحا أن هناك كذلك الأقلية الدرزية التي يقدر عددها بما يقرب من 700 ألف نسمة والتي يمكنها أيضا إقامة "إقليم مستقل للجوء" في الجنوب. واستطرد قائلا "ولكن هناك خطرا آخر يتمثل في الأقلية العلوية التي ينحدر منها الرئيس السوري (بشار الأسد) والتي تمثل 11 بالمائة من تعداد السكان - والتي إذا شعرت بأنها محاصرة فقد تفكر في الاستقلال بالمنطقة الساحلية الممتدة من الغرب إلى الجنوب الغربي من حمص حتى ميناء اللاذقية على البحر الأبيض المتوسط وشمالا إلى حماة. وأضاف بلانش أنه "إذا ما سقط بشار الأسد، فمن الواضح أن العلويين سينفردون بالمناطق الساحلية.. وأيضا المسيحيين سيبقون في ذات المناطق". وقال إن الأغلبية السنية تولت السلطة (في حالة سقوط النظام الحالي).. فإن الروس والإيرانيين سيركزون على بذل كافة الجهود للحفاظ على العلويين في السلطة في هذه المناطق الساحلية التي تمتلك بها موسكو قاعدتها الوحيدة في البحر المتوسط والموجودة في طرطوس". وأشار إلى ما حذر منه وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس الأسبوع الماضي من انه "إذا بقيت الأمور على ما هي (بسوريا)، فهناك خطر تقسيم البلاد، والتي ستكون مأساة، مع وجود منطقة في سوريا ستكون أيرانا أخرى.. وفي سياق التقسيم الموجود بالفعل بالمنطقة فانه من المؤكد اندلاع صراعات في المستقبل". واعتبر بالانش انه "بمجرد أن تبدأ عملية تقسيم سوريا فإن العدوة قد تصل إلى لبنان مثلما حدث في الثمانينيات من القرن الماضي.. وحتى العراق وتركيا".. متوقعا في الوقت نفسه ، وفى حالة التقسيم أن تتم عمليات تهجير ومذابح وعمليات تطهير. كما نقلت الصحيفة الفرنسية عن كريم بيطار الباحث بمعهد العلاقات الدولية والإستراتيجية الفرنسي قوله إن سيناريو لجوء بشار الأسد إلى المناطق الساحلية باعتبارها "الملاذ الأخير" بالنسبة له في إشارة إلى إقامة دولة علوية في هذه المناطق- لا يمكن أن يستمر على المدى الطويل "فالدولة العلوية الصغيرة، بحسب قوله، لن تكون مستقلة اقتصاديا، ولن تتمتع بالاعتراف الدولي، كما إن الأمر سيكون مأسوي للغاية خاصة إن عدد من السكان سيتعرضون للتشرد". ومن جانبه اعتبر فيليب مورو ديفارج الباحث بالمعهد الفرنسي للعلاقات الدولية انه "حتى الروس سيكون مترددين.. كما أن إيران أيضا في حاجة إلى سوريا كاملة (بدون تقسيم) لتكون حليفتها. وأكد ديفارج أن "الخطر في سوريا لا يكمن فقط في التقسيم.. ولكن وللأسف الانزلاق بشكل أكبر في حمامات الدماء".