بسبب سوء الأحوال الجوية.. تعطيل العمل والامتحانات بجامعة جنوب الوادي    محمد جبران رئيسًا ل«المجلس المركزي» لنقابات العمال العرب    بالصور.. رفع المخلفات والقمامة بعدد من شوارع العمرانية    سعر السبيكة الذهب اليوم وعيار 21 الآن ببداية التعاملات السبت 27 إبريل 2024    رغم قرارات حكومة الانقلاب.. أسعار السلع تواصل ارتفاعها في الأسواق    شهداء وجرحى جراء قصف طائرات الاحتلال منزل في مخيم النصيرات وسط غزة    الرجوب يطالب مصر بالدعوة لإجراء حوار فلسطيني بين حماس وفتح    قطر تصدر تنبيها عاجلا للقطريين الراغبين في دخول مصر    "أسوشيتدبرس": أبرز الجامعات الأمريكية المشاركة في الاحتجاجات ضد حرب غزة    أحمد عبد القادر بعد الفوز على مازيمبي: ببارك لجماهير الأهلي والترجي متعودين عليه    موعد مباراة الأهلي والترجي التونسي في نهائي دوري أبطال أفريقيا    أرقام مميزة للأهلي بعد تأهله لنهائي دوري أبطال أفريقيا    علي فرج يهزم مصطفى عسل ويتوج بلقب بطولة الجونة الدولية للإسكواش    نهائي دوري أبطال أفريقيا.. تعرف على موعد مباراة الأهلى والترجي    رد حاسم من وائل جمعة على مقارنة كولر بجوزية    السيطرة على حريق في جرن قمح بقنا    %90 من الإنترنت بالعالم.. مفاجأة عن «الدارك ويب» المتهم في قضية طفل شبرا الخيمة (فيديو)    عاصفة ترابية وأمطار رعدية.. بيان مهم بشأن الطقس اليوم السبت: «توخوا الحذر»    علي الطيب: مسلسل مليحة أحدث حالة من القلق في إسرائيل    استئصال ورم سرطاني لمصابين من غزة بمستشفى سيدي غازي بكفر الشيخ    أوكرانيا: تسجيل 79 اشتباكا قتاليا على الخطوط الأمامية للجبهة مع الجيش الروسي    بمشاركة مصطفى محمد، نانت يتعادل أمام مونبلييه بالدوري الفرنسي    جهاز منتخب مصر بقيادة التوأم في مباراة الأهلي ومازيمبي    قلاش عن ورقة الدكتور غنيم: خلاصة فكره وحرية الرأي والتعبير هي درة العقد    تعرف علي موعد صرف راتب حساب المواطن لشهر مايو 1445    "مخاطر الهجرة غير الشرعية ودور الجامعة في الحد منها" ندوة آداب الوادي الجديد    محافظ القاهرة: حملة لرفع الإشغالات وإعادة الانضباط بشبرا    بلاغ يصل للشرطة الأمريكية بوجود كائن فضائي بأحد المنازل    حظك اليوم برج العقرب السبت 27-4-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    تهاني شم النسيم 2024: إبداع في التعبير عن المحبة والفرح    محمد التاجي: فاتن حمامة فضلت محافظة على وزنها 48 كيلو وهذا ما ورثته من عبد الوارث عسر (فيديو)    ناهد السباعي تحتفل بعيد ميلاد والدتها الراحلة    أول تعليق من تامر حسني عن مشاركته في احتفالية ذكرى تحرير سيناء    سميرة أحمد: رشحوني قبل سهير البابلي لمدرسة المشاغبين    أخبار الفن| تامر حسني يعتذر ل بدرية طلبة.. انهيار ميار الببلاوي    البيت الأبيض: ليس لدينا أنظمة "باتريوت" متاحة الآن لتسليمها إلى أوكرانيا    أعراض وعلامات ارتجاج المخ، ومتى يجب زيارة الطبيب؟    ذوي الهمم والعمالة غير المنتظمة وحماية الأطفال، وزارة العمل تفتح الملفات الصعبة    أسعار النفط ترتفع عند التسوية وتنهي سلسلة خسائر استمرت أسبوعين    الصحة تكشف خطة تطوير مستشفيات محافظة البحيرة    كرم جبر : الرئيس السيسي رفض الرد على نتنياهو أكثر من مرة    برلماني: استرداد سيناء ملحمة وطنية تتناقلها الأجيال    محافظ القاهرة: تطبيق المواعيد الصيفية لفتح وغلق المحال بكل حزم    الزراعة: إصلاح الفدان الواحد يكلف الدولة 300 ألف جنيه    فصل طالبة مريضة بالسرطان| أول تعليق من جامعة حلوان.. القصة الكاملة    العمل في أسبوع.. حملات لنشر ثقافة السلامة والصحة المهنية.. والإعداد لإطلاق الاستراتيجية الوطنية للتشغيل    الكشف الطبي بالمجان على 1058 مواطنا في دمياط    أحمد فايق يقدم نصائح لطلاب الثانوية العامة عبر «مصر تستطيع»: «نجتهد دون قلق»    شركة GSK تطرح لقاح «شينجريكس» للوقاية من الإصابة بالحزام الناري    "ذكرها صراحة أكثر من 30 مرة".. المفتي يتحدث عن تشريف مصر في القرآن (فيديو)    مصرع طفل سقط في مصرف زراعي بالفيوم    تعرف على فضل أدعية السفر في حياة المسلم    تعرف على فوائد أدعية الرزق في حياة المسلم    «أرض الفيروز» تستقبل قافلة دعوية مشتركة من «الأزهر والأوقاف والإفتاء»    إقبال كثيف على انتخابات أطباء الأسنان في الشرقية (صور)    بعد حادث شبرا الخيمة.. كيف أصبح الدارك ويب السوق المفتوح لأبشع الجرائم؟    خير يوم طلعت عليه الشمس.. 5 آداب وأحكام شرعية عن يوم الجمعة يجب أن تعرفها    طرق بسيطة للاحتفال بيوم شم النسيم 2024.. «استمتعي مع أسرتك»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



52 على الرحيل l ناصر حياً فى القلوب
نشر في بوابة أخبار اليوم يوم 28 - 09 - 2022


أحمد دياب
لم يحظ زعيم فى العالم بما حظى به الرئيس الراحل جمال عبدالناصر فى حياته وبعد وفاته، فقد أحبه شعبه وشيعه فى أكبر جنازة فى التاريخ، وارتبطت به الجماهير العريضة ليس فى مصر فقط بل فى عالمنا العربى والأفريقى، والعديد من دول العالم، وسيبقى ناصر على مر الزمان جزءا من التاريخ الإنسانى.
قائد التحرر، عندما قاد ثورة 23 يوليو 1952 لم تكن هناك دولتان متحررتان، وقال وقتها إنه لن يكتمل استقلال مصر إلا باستقلال القارة الأفريقية، والآن توجد 54 دولة مستقلة فى أفريقيا.
ورغم مرور 52 عاماً على وفاته، لم يستطع أى زعيم أو قائد عربى أن يحظى بنفس الحب والتقدير الذى حظى به ناصر، الزعيم الذى جاء فى ظروف مختلفة عززت من حب المواطنين البسطاء له خصوصا فى فترة التحرر العربى والعالمى من الاستعمار، وكسر حالة الفقر التى سادت سنوات وربما لقرون، حتى جاء ناصر ليضيء شمعة الأمل فى حياة أفضل فرأت فيه الجماهير أحلامها تتحقق بعد أن أحبهم بصدق فأحبوه من كل قلوبهم.
قادة وزعماء ومفكرون: الوداع يا حبيب الملايين
فى ذكرى يوم وفاة الزعيم جمال عبدالناصر، يتوافد كل عام على ضريحه بمنطقة كوبرى القبة عدد من محبيه من البسطاء حاملين الأعلام، وصور الراحل مع حضور عدد من أفراد أسرته من بينهم نجلاه عبدالحكيم وهدى، وعدد من السياسيين وقيادات الأحزاب وبعض الشخصيات القومية العربية.
اليوم، وبعد مرور 52 عاماً على وفاة هذا الزعيم المتفرد أو اأبو الفقراءب، أو اأمير الفقراءب كما وصفه بعض السياسيين والأدباء والمفكرين، وزعماء من العالم ليصبح أيقونة لها خصوصية، شديدة فى قلوب الناس والعالم.
وفى تأكيد على مكانة عبد الناصر الأفريقية، قال عنه زعيم جنوب أفريقيا الراحل، نيلسون مانديلا: اكان لدى موعد قد تأخر ربع قرن مع رجل رفعت رأسى من بعيد كى أراه ثم حالت ظروف قاهرة بينه وبينى لألقاه، وحين جئت مصر فقد كان من سوء حظى أن جمال عبد الناصر لم يعد هناك سأزور فى مصر ثلاثة أماكن الأهرامات والنيل العظيم وضريح الرئيس جمال عبدالناصرب.
وقال عنه صاحب جائزة نوبل الراحل نجيب محفوظ، إن عبدالناصر أكثر من أنصف الفقراء، وما لم يستطع تحقيقه أعطاه لهم أملا، لذلك فالناس لا تنساه أبداً لأن الأمل لا يموت وربما كان هذا هو السبب الذى يجعل اسم عبدالناصر وصوره ترتفع فى كل مظاهرة شعبية.
نتذكر أيضاً ما قاله عنه الرئيس الفرنسى الأسبق شارل ديجول، إن الرئيس جمال عبدالناصر قدم لبلاده وللعالم العربى بأسره خدمات لا نظير لها بذكائه الثاقب وقوة إرادته وشجاعته الفريدة ذلك أنه عبر مرحلة من التاريخ أقسى وأخطر من أى مرحلة أخرى، لم يتوقف عن النضال فى سبيل استقلال وشرف وعظمة وطنه والعالم العربى بأسره والسؤال وفى ظل المتغيرات، ولو كان ناصر بيننا ورحل اليوم، هل ستتغير تلك الكلمات؟.. لا أعتقد فرحمة الله عليه صاحب الجنازة التاريخية التى لم تحدث فى أى بقعة فى العالم.. سأختم كلماتى بالنشيد الذى ردده المعزون له: االوداع يا جمال يا حبيب الملايين.. الوداع ثورتك ثورة كفاح عشناها طول السنين.. الوداع.. أنت عايش فى قلوبنا يا جمال الملايين.. الوداع.. أنت ثورة أنت جمرة نذكرك طول السنين.. الوداع.. أنت نوارة بلدنا وأحنا عذبنا الحنين الوداعب.
هل كان عبدالناصر صوفيا؟!
روى الدكتور عباس حسن زكى، وزير المالية والاقتصاد الأسبق، أن الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، لم يكن صوفيًّا، ولكنه ينتسب لأسرة صوفية من ناحيه والدته، وإنه كان وسطيًّا فى علاقته مع العالم الصوفى الشيخ أحمد رضوان، حيث سافر بنفسه إلى جنوب الصعيد لإحضار الشيخ الصوفى إلى القاهرة.
علاقة الرئيس جمال عبد الناصر بالشيخ الصوفى أحمد رضوان بدأت فى ستينيات القرن الماضى، وتمت تقويتها من خلال الوزير عباس حسن زكى الذى اكتشف من خلال ملاحظته إن الرئيس عبد الناصر يمر بحالة من التوتر والاجهاد نظرا لكثرة الضغوط السياسية عليه، والتى تحيط به من كل جانب فاقترح عليه أن يجلس مع أحمد رضوان العالم الدينى.
وكان اللقاء الذى أسعد عبدالناصر وأمر مدير مكتبه آنذاك بتقديم هدية إلى الشيخ رضوان الذى رفض وحدث التباس، وتوسط مدير مكتبه لإنهاء الأمر بعد أن أخبروا الشيخ بأن المال ليس له بل للفقراء الذين يأتون إلى ساحته، وأنه من مال الرئيس الشخصى، وليس من رئاسة الجمهورية.
تكررت الزيارات وتولدت أواصر المحبة بين ناصر والشيخ رضوان، وعندما سأل المريدون بالساحة الشيخ الصوفى عن حال الرئيس عبد الناصر، قال رأيت رجلاً بمعنى الكلمة من الشهامة والرجولة والرؤية الثاقبة للأمور، والوطنية الزائدة، وحبه لشعبه وللأمة العربية.
وارتبط الشيخ رضوان، بعلاقة وطيدة وقوية مع الرئيس عبد الناصر حيث تمت استضافته فى منزل الرئيس بمنشية البكرى عدة مرات لأن الرئيس كان يستريح من طيب حديثه معه وتطورت هذه العلاقة والزيارات التى لم تنقطع منذ بداية معرفة الرئيس عبد الناصر به حتى اشتد المرض عليه، فأرسل عبد الناصر طائرته الخاصة لنقله إلى القاهرة لتلقى علاجه بمستشفى المعادى العسكرى وقضى أيامه الأخيرة فى منزل أحد الضباط المقربين من الزعيم الراحل.
وقد رحل الشيخ رضوان بعدها بأيام فى 10 يونيو 1967 متأثرا بالهزيمة وحزن عليه عبد الناصر حزنًا شديدًا لانه كان يستشيره فى الكثير من أموره، وأمر رئاسة الجمهورية بتجهيزه وتغسيله وتكفينه والصلاة عليه بالقاهرة، وتم إعداد عربات الدرجة الأولى بالسكة الحديد لنقل المعزين من القاهرة إلى الأقصر لتوقف حركة الطيران بعد الاعتداء الإسرائيلى فى 5 يونيو 1967، وهناك تمت الصلاة عليه مرة أخرى ودفن فى مقامه بمسجد ساحته بالبغدادى فى الأقصر.
قالت الكاتبة فريدة الشوباشى، إن الرئيس الراحل عبد الناصر كان مصريًّا ومؤمنًا دون أى شكليات، ولم يكن متعصبًا، وأعتبره أعدل من جاء بعد سيدنا عمر بن الخطاب فى العصر الحديث، وخصوصا عندما قال فى إحدى خطبه اهما الفقراء دول ليهم نصيب فى الآخرة طيب مينفعش يكون ليهم نصيب من الدنيا ويكون لكم أنتم نصيب فى الآخرةب، مشددة على إنه كان مسلمًا بالفطرة ويطبق الدين، وحصن حكمه بالعدل فى الدين.
وأكدت الشوباشى، أن علاقته بالعالم الدينى أحمد رضوان تكشف عن مدى عمق علاقته بالتدين بوجه عام والتدين الشعبى البسيط، موضحة أن الطريقة الرضوانية تعد من الطرق الصوفية التى سلكت المسلك الصوفى الخلوتي، ويقوم منهجها على الخلوة وذكر الله سرًا وعلانية، ومؤسسها هو الشيخ أحمد رضوان الذى كانت تجمعه علاقة محبة وصداقة بالرئيس الراحل جمال عبدالناصر، مشيرة إلى أن الزعيم الراحل كان من مريدى الشيخ رضوان، وموضحة أن الرئيس عبد الناصر أحب مسجد سيدنا الحسين لقربه من مسكنه، وخلال فترة حكمه أمر بتوسعة المسجد، ولم تنقطع زياراته للمسجد حتى قرب وفاته.
ترويها زوجته السيدة تحية l اللحظات الأخيرة فى حياة الزعيم
هذه كلمات من القلب كتبتها السيدة تحية كاظم، زوجة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، روت فيها اللحظات الأخيرة، فى حياة زوجها، رفيقة درب وكفاح الزعيم الذى هزت وفاته مصر والعالم، روت لمحات من دقائق حياته الأخيرة:
لبث الرئيس فى الهيلتون .. وكنت أتتبع الأخبار فى الجرائد والإذاعة والتلفزيون. وفى يوم الأحد، وكنت جالسة أمام التلفزيون وكانت نشرة الأخبار الساعة التاسعة مساء تقرأها المذيعة سميرة الكيلانى وقالت: لقد تم الوفاق واختتم المؤتمر أعماله، وغادر الضيوف من الملوك والرؤساء القاهرة، وكان فى توديعهم الرئيس وسيغادر الباقى غدا.. فهللت من الفرحة وصفقت بيدى، وكانت ابنتى منى حضرت فى هذه اللحظة، وبعد انتهاء نشرة الأخبار قالت لى: نشاهد يا ماما فيلم فى السينما؟ ونزلنا للدور الأول.
وفى الساعة العاشرة والنصف جاء لى السفرجى يقول: لقد حضر سيادة الرئيس.. فقلت لمنى: فلتكملى أنت الفيلم وسأصعد أنا، وتركتها ودخلت الحجرة فوجدت الرئيس راقدًا على السرير.. صافحته بحرارة وقلت له: الحمد لله لقد سمعت نشرة الأخبار وفرحت جدا، وهللت.. فقال: الحمد لله.. وكان قد طلب العشاء وسألنى: هل تناولت عشاءك؟ فقلت: نعم.. وجلست معه، ولم يأكل إلا لبن زبادى ورجع إلى السرير.
تابعت: الم تستكمل منى مشاهدة الفيلم، وطلعت ودخلت حجرة والدها وصافحته وجلست معه على طرف السرير، وحضر خالد أيضاً وصافحه وجلسا فى الحجرة قليلا يتحدثان مع والدهما، وظل الرئيس يتحدث فى التليفون حتى الساعة الثانية عشرة ثم قال: اسأنام مبكرا، وغدا سأذهب فى الصباح لتوديع الملك فيصل وأمير الكويتب.. وأطفأ النور ونام.
وقالت، إنه فى الصباح استيقظ الرئيس قبل الثامنة، وحضر الدكتور الخاص وكنت قمت وخرجت من الحجرة ودخلت حجرتى، وكنت أستعد للدخول للرئيس فى حجرته لأتناول معه الإفطار، فدخل لى فى الحجرة لتحيتى قبل خروجه، وقال: سأذهب للمطار.. ووجدت الإفطار قد جهز فى حجرته ولم يتناول شيئا، وعلمت أنه تناول الفاكهة فقط.
وأضافت، عاد الرئيس فى الساعة الثانية عشرة، وحضر الدكتور الخاص ودخل له، وكنت سأدخل للرئيس ووجدت الدكتور يجرى له فحص رسم قلب فرجعت، ولم أدخل له فى الحجرة، ثم بعد ذلك خرج الرئيس مرة ثانية لتوديع أمير الكويت، ثم رجع الرئيس من المطار فى الساعة الثالثة بعد الظهر، وعند خروجى من حجرتى، وجدت ابنتى هدى تستعد لتذهب لبيتها بعد أن انتهت من الشغل، وكانت تجلس فى مكتب والدها فى الدور الثانى تعمل سكرتيرة له منذ عام، وكان الرئيس بعد مضى بضعة شهور من شغلها معه قال لى إن هدى الآن تدربت على العمل معى وتعلمت وبتريحنى.. وكان سعيدا بها، بينما قالت لى هدى بصوت خافت، وكنت مشيت حتى باب حجرة النوم، إن بابا تعبان وسينام.
استكملت: رآنى الزعيم فقال لى: اتعالى يا تحيةب، فدخلت الحجرة، وأشار لى بيده، وهو يرقد على السرير بأن أجلس فجلست على طرف السرير، فسألنى: اهل تناولت الغداء يا تحية؟ب قلت: انعم تناولته مع الأولادب، فقال لى: اأنا مش هتغدىب، وأشار لى بيده أن أبقى كما أنا جالسة، فبقيت نحو 10 دقائق وهو راقد لم يتكلم.
أضافت: حضر الدكتور الصاوى حبيب، فقال له الرئيس: ادخل يا صاوى فدخل، وقمت كعادتى عند دخول الأطباء له فى الحجرة وخرجت إلى المكتب، فقال الدكتور: نريد عصير.. فذهبت وأحضرت عصير برتقال وليمون، جهزته بنفسى بسرعة، وحملتهما ودخلت له فى الحجرة، وقلت: هذا برتقال محفوظ وليمون طازج فقال: آخذ برتقال، وشرب الكوب وأنا واقفة، وقال لى: متشكر.
قالت: خرجت من الحجرة وجلست فى حجرة المكتب، وبعد دقائق حضر دكتور اختصاصى منصور فايز، فقلت له بالحرف: أنت جيت ليه يا دكتور دلوقتى؟.. أنا لما بأشوفك بأعرف إن الرئيس تعبان وبأكون مشغولة، فرد وقال: أنا معتاد أن أحضر كل أسبوع فى يوم الإثنين واليوم الإثنين.. ودخل للرئيس، وبقيت جالسة فى حجرة المكتب وسمعت الرئيس يتحدث، وسمعت الراديو، نشرة الأخبار فى إذاعة لندن، وقالت لى منى ابنتى: بابا بخير والحمد لله.. تعالى نخرج من هنا، وخرجت معها وجلسنا على الترابيزة فى حجرة السفرة، وبعد دقائق جاء لى الدكتور الاختصاصى، وقال إن الرئيس الآن تحسن، وإذا أردت الدخول له فلتدخلى، وأخذ يدخن سيجارة فقلت له: لا داعى حتى لا يشعر إنى قلقة.
تابعت: بعد لحظات جاء الدكتور الصاوى يجرى مسرعًا، وقال: تعالى يا دكتور، ودخل الدكتور يجرى، ودخلت لحجرة المكتب ومنعتنى منى من الدخول لوالدها، وقالت: إن بابا بخير لا تخافى يا ماما، وأجلستنى فى حجرة المكتب، وجلست معى، وبعد فترة حضر دكتور آخر ثم دكتور ثالث، فدخلت عنده ووجدت الأطباء بجانبه يحاولون علاجه، وكنت أبكى، وخرجت حتى لا يرانى الرئيس وأنا أبكى، ثم دخلت له مرة ثانية وازداد بكائى، وخرجت وجلست فى حجرة المكتب، ودخل عدد من السكرتارية، ثم حضر حسين الشافعى ومحمد حسنين هيكل، وكل واحد يدخل الحجرة ولا يخرج منها.. وكنت أبكى.
أضافت: أصرت منى أن أخرج إلى الصالة فكنت أمشى، وأقول: جمال.. جمال، ووجدت الكل يخرج وينزل السلالم فدخلت مسرعة .. رأيت حسين الشافعى يخرج من الحجرة يبكى، ويقول: امش معقول يا ريسب.
وقالت: حضر خالد وعبدالحكيم فى هذه اللحظة، ولم يكونا فى البيت ولا يدريان شيئا، ودخلا مسرعين، وحضرت هدى وكانت لا تعلم بما جرى بعد ذهابها لبيتها، ثم دخلت للرئيس ووقفت بجواره أقبله وأبكيه، ثم خرجت من الحجرة لاستبدل ملابسى وأرتدى ملابس الحداد، ونزلت مسرعة إلى الدور الأول، ووجدت الكل من الأطباء والسكرتارية وهيكل وحسين الشافعى وأنور السادات قد حضر، والكل واقف فى الصالون، فقلت لقد عشت ثمانية عشر عامًا لم تهزنى رئاسة الجمهورية ولا منصب زوجة رئيس الجمهورية، وسوف لا أطلب منكم أى شيء أبدا .. أريد أن يجهز لى مكان بجوار الرئيس لأكون بجانبه، وكل ما أرجوه أن أرقد بجواره، خرجت إلى الصالة وجاء لى هيكل والدكتور الصاوى وطلبا منى أن أصعد للدور الثانى، ثم أدخلنى الدكتور حجرتى وأعطانى دواء بضع حبات وظل بجانبى، ثم أعطانى حقنة، وحضرت إحدى قريباتى وظلت معى، جاء عبد الحميد من الإسكندرية ودخل لى فى الحجرة وهو يبكى وقال: لقد قالوا لى إن بابا تعبان، وحضرت فى طائرة، ودخلت هدى ومنى.. ولم أدر ما مضى من وقت.. فقمت لأخرج من الحجرة فقال لى الدكتور: لمَ قمت؟ فقلت سأذهب وأجلس بجانبه.. فقالت هدى: القد ذهب بابا لقصر القبة.. وذهبنا معهب.. فقلت: حتى الآن أخذوه!. والآن أعيش المرحلة الثالثة من حياتى حزينة أبكيه.. وقد زاد حزنى حسرة، وسأظل أبكيه حتى أرقد بجانبه فى جامع جمال عبد الناصر بمنشية البكرى .. وقد جهز لى المكان كما طلبت.
واختتمت: إنه جمال عبد الناصر الذى عاش عظيماً.. وهو فى رحاب الله عظيم.. تاريخه وحده هو شاهده.
خصص لها 100 ألف جنيه l ملحمة تشييد الكاتدرائية المرقسية
كان إنشاء الكاتدرائية المرقسية بالعباسية، ملحمة وطنية رائعة تجسدت فيها معانى الوحدة الوطنية التى تتمتع بها مصر، ففى 24 يوليو 1965 وخلال الاحتفال بالعيد ال13 لثورة 1952، تم وضع حجر أساس البطريركية المرقسية فى عهد الرئيس جمال عبدالناصر، وحبرية عهد البابا كيرلس السادس البابا ال116 فى تاريخ الكنيسة، لبناء أكبر كاتدرائية فى منطقة الشرق الأوسط، باسم القديس مارمرقس الرسول كاروز الديار المصرية.
وخلال الاحتفال بالعيد ال13 لثورة 1952 وفى أغسطس 1967، بدأت عملية حفر الأساسات، وخصص الرئيس جمال عبدالناصر، مبلغ 100 ألف جنيه كمساهمة من الدولة، كما تبرع أبناؤه من مصروفهم الخاص للمشاركة فى بنائها وسلموا تبرعهم للبابا كيرلس السادس عندما كان فى زيارة خاصة لمنزلهم.
وكان أمين فخرى عبد النور، والأنبا صموئيل، أسقف البحث العلمى بالكنيسة، قد أرسلا رسالة من البابا كيرلس عبر الكاتب الصحفى، محمد حسنين هيكل، طلبا فيها السماح ببناء كاتدرائية ضخمة وتمويل بنائها، وبعدها ذهب هيكل إلى الرئيس، ونقل إليه الرسالة، فسأله عبد الناصر عن الحدود المالية لطلب البطريرك فقال إن تكلفة بناء الكاتدرائية تتراوح بين 1.5 إلى 2 مليون جنيه، وأن الكاتدرائية أعدت تصميما لبناء الكاتدرائية بالفعل، إلا أن الرئيس عبدالناصر اقترح بناء الكاتدرائية دون تحمل ميزانية الدولة تكاليف الإنشاء.
ودعا ناصر، رئيس مؤسسة البناء والتشييد، وطلب منه أن تتولى شركات المقاولات التابعة لمؤسسته بناء وتجهيز الكاتدرائية، وأن تضاف تكاليف بناء الكاتدرائية إلى حساب عمليات أخرى يقوم بها القطاع العام.
وُضع حجر أساس البناء عام 1965 يوم احتفالات ذكرى الثورة فى 24 يوليو، وبعدها بثلاث سنوات خلال الفترة من 1965 حتى 1968، تم الانتهاء من تشييدها بالكامل.
افتتح الزعيم الراحل جمال عبدالناصر والبابا كيرلس السادس وإمبراطور إثيوبيا هيلاسلاسى، الكاتدرائية الجديدة فى مشهد مهيب حضرته جموع غفيرة من المصريين.
وكانت علاقة خاصة قد جمعت بين الرئيس عبد الناصر والبابا كيرلس بدون وسطاء، واتفقا فى أول لقاء بينهما على خط اتصال مباشر يمكن من خلال طرق باب الرئيس فى أى وقت لأن الرئيس كان ينظر إلى قداسة البابا على أنه بطريرك قبطى قادم من عمق الريف المصرى، مستوعبا حقائق مصر الاجتماعية والاقتصادية وضرورتها بحسه المرهف.
أقرأ أيضأ l رغم مرضه‬.. فريد الأطرش يودع جمال عبدالناصر


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.