لغتنا الجميلة.. و«لاكن»

صباح ومسا

أعرف أنك تراني أضيع وقتك ووقتي في الحديث عن أزمة غاية فى التفاهة، وأعرف أن هذا الأمر لا يشغل بال أي شخص، لكن فى الحقيقة هى أم الأزمات، فاللغة العربية لا تمر بمحنة ولكنها تندثر ببطء.. تذبل وتتوارى بفعل الضغط العالي للسوشيال ميديا وتأرجح مسيرة التعليم المصري لعقود، وتغير مجتمعي في رسم صورة لمن يحب اللغة العربية بكوميديا سخيفة، أو أنه شخص متقعر يحاول أن يرسم لنفسه صورة المثقف، كل شيء تغير بداية من الفنون، فبعد أن كان الفلاح في حقله يحفظ عن ظهر قلب أبيات أبي نواس وأشعار أحمد شوقي التي تتغنى بها أم كلثوم، أصبحنا نسأل: هل اللي خان اللي خان .. كان أساساً جبان؟.
في البدء كانت تثور ثائرتي ويحترق دمي وأنا أرى واحدة من انفلونسرز السوشيال، وهي تقدم نفسها ككاتبة عصرها، تتوارى مي زيادة جوارها من الخجل، يتابعها مئات الآلاف، كل هذا لا يهم.. المهم أن كل ما تكتبه مسروق أو منحول، في إحدى المرات سرقت صلاح جاهين عيني عينك، لكن الأغرب أن أحد معجبينها لم تعجبهم الأبيات، وهاجموها، فكتبت لهم هي بدورها معتذرة أنها كتبتها على عجل. لوحة سيريالية من العبث والعبث المضاد. المضحك في الأمر أن من لم يكملوا تعليمهم لم يكونوا معروفين قبل ظهور السوشيال ميديا، التي أصبح الجميع يكتب كل ما في عقله. بل يصبون علينا من إبداعهم، فمثلاً تجد الرومانسي يكتب معلقاً: أحلى حاجة «تلكائيتك» بس انتي «انتوائية» جداً.. في النهاية معذور أعماه الهوى عن التدقيق في مخارج الألفاظ، لكن أحدهم يصف نفسه بالكاتب والإعلامي وبين كل كلمة وأخرى كلمة خاطئة، حتى تتعجب في النهاية، كيف استطاع أن يكتب هذه الكلمات الصحيحة.. أكيد حد تاني هو اللي كاتبها. ولكن أبرز من أفضلهم في الأخطاء هم من يكتبون مثلما ينطقون تماماً. «كولما» يقصد كلما.. ولن أنسى ما حييت تلك التي تعرف عن نفسها انها كاتبة عندما كتبت: الأغاني توصف مشاكل «لاكن» القرآن بيحلها.
مسلسل «وش وضهر» حقق نجاحاً ويستحق الإشادة؛ لماذا؟ لأنه اعتمد على الحكاية، القصة والسيناريو والحوار أولاً.. تلك هي البذرة التي تصنع عملاً عظيماً أو خائباً؟، اقترب من الجديد، سحرية طنطا اللانهائية وشخصيات من لحم ودم .. طازجون وأحداث غير مفتعلة.