«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبدالنبي النديم يكتب: الموت الأسود.. و«طيور الدمار الشامل»

«أسراب الطيور في عنان السماء» صورة جميلة في الماضي كانت مصدر إلهام للشعراء والفنانين، فخرجت روائع الفن والأدب، من قصائد رائعة ولوحات فنية خالدة.. لكن الآن تحولت أسراب الطيور التى كانت منظر جمالى لا يوصف إلى رعب حقيقي إلى كل الدول التى تعبر منها هذه الأسراب فى العام، فخلال العقود القليلة الماضية تحولت أسراب الطيور إلى أسلحة دمار شامل، للقضاء على دول بأكملها دون إطلاق رصاصة واحدة، في مشهد يصدر الرعب إلى كل دول العالم، خاصة التي تمر بها أسراب الطيور المهاجرة في طريقها، فقد تحولت إلى سلاح فتاك ودمار شامل، تستخدمه بعض الدول التى يمكن أن نطلق عليها منزوعة الضمير، بأستخدام الطيور رمز السلام إلى سلاح فتاك يحصد الأرواح، فقد تم ضبط أكثر من حادث استخدمت فيها أسراب الطيور في نشر الأسلحة البيولوجية، أكد الكثير من العلماء والخبراء العسكريين، أن معظم الفيروسات التي أصابت العالم خلال العقود الثلاثة الماضية كانت أسلحة بيولولجية تم توجيهها إلى دول بعينها، ومن أهمها سارس «جنون البقر» وانفلونزا الطيور والخنازير نهاية بفيروس كورونا «كوفيد-19»..
البداية لهذا السلاح الفتاك كانت بأرهصات وشكوك من قبل بعض الدول، إلى أن ثبت بالدليل القاطع استخدام أسرآب الطيور فى حروب بيولوجية مخفيه، بعد ضبط طيور مرقمة بأرقام معينة بين آسراب الطيور، تحمل شرائح متابعة وتفجير وكبسولات تحمل الفيروسات، حتى تصل الطيور إلى الهدف فيتم تفجيرها..
فمنذ أيام انعقدت جلسة ساخنة بمجلس الأمن بالأمم المتحدة الأسبوع الماضي، بناء على طلب روسيا بشأن تطوير أمريكا لأسلحة بيولوجية على حدودها داخل أوكرانيا، وقام المندوب الروسى بتسليم وثائق وأدله فى مضبطة الجلسه تؤكد تمويل البنتاجون الرسمى لبرنامج أسلحة بيولوجية واضحة فى أوكرانيا، وأسماء الأشخاص والشركات الأمريكية المتخصصة بالأدلة والوثائق المشتركة فى هذا البرنامج، وأماكن المختبرات فى أوكرانيا ومايتم حتى الآن من محاولات إخفاء الأدلة.
كما تم إعلان مفاجأه مدوية من مندوب روسيا بأماكن المختبرات الأمريكية التى تعمل فى تصنيع واختبار الأسلحه البيولوجية فى 36 دوله حول العالم «بزيادة 12 دولة عن الجلسة السابقة»، كما حدد المندوب الروسى الأمراض والأوبئه ووسائل اطلاقها والدول التى يتم تجربتها فيها ومتى وأين تمت التجارب وبعلم حكومات هذه الدول أو بدون علمها، وأكد المندوب الروسى علانية أن من ضمن التجارب والآثار هو الفيروس المسؤول عن الجائحة الحالية وكم هائل من الخفافيش المستخدمة فى نقل هذا الفيروس.
في المقابل نفت أمريكا وفرنسا وبريطانيا تتحالف معها، يرفضون باستماته اجراء تحقيق من متخصصين للوقوف على الحقيقة، ولكن هناك هزة عنيفة داخل شعوب الدول التى ذكرتها روسيا ورد فعل عنيف للغايه، ويميلوا لتصديق هذه الرواية تحت الضغط النفسى الذى خلفته الجائحة على الجميع.
وصرخة المندوب الروسي فى مجلس الأمن حول الأسلحة الأمريكية البيولوجية يفتح الباب على مصراعية أمام دول العالم، للوقوف على حقيقة الحرب البيولوجية التى تمارسها بعض الدول وفى مقدمتهم أمريكا، لحصد الأروح ب«الموت الأسود» بدون طلقة واحدة، عن طريق الطيور المرقمة بالآسراب المهاجرة التى تعبر عشرات الدول فى طريقها، لتتحول الآسراب المهاجرة إلى «طيور للدمار الشامل»، فخلال الحرب الروسية على أوكرانيا، لم تتوقع روسيا أن تعثر ضمن حملتها العسكرية على «طيورٍ مرقمة» أنتجتها المختبرات البيولوجية والجرثومية في أوكرانيا التي تمولها وتشرف عليها الولايات المتحدة الأمريكية.
بعد دراسة هجرة الطيور ومراقبتها طوال المواسم، يصبح بمقدور خبراء البيئة وعلم الحيوان معرفة المسرات التي تسلكها هذه الطيور كل سنة في رحلتها الموسمية، ومنها مَن يُسافر من بلد إلى بلد أو حتى من قارة إلى قارة، ثم يأتي دور أجهزة المخابرات أو الجهات التي تحمل المخططات الشريرة، فيتم القبض على مجموعة من هذه الطيور المهاجرة ، ويعمل على ترقيمها وتزويدها بكبسولة الجراثيم وتحمل شريحة، ليتم التحكم بها عبر كمبيوترات ثم يعاد إطلاق سراحها لتنضم إلى الآسراب المهاجرة إلى البلاد المخطط إستهدافها.
ومن أهم مسارات أسراب الطيور مسارا من بحر البلطيق وقزوين إلى القارة الإفريقية وجنوب شرق آسيا، ورحلتين أخريين من كندا إلى أمريكا اللاتينية في الربيع والخريف، وخلال طيرانها الطويل يتم إلتقاط مسارها خطوة بخطوة عبر الأقمار الصناعية، ويتم تحديد مكانها، فإن أرادوا مثلاً أستهداف أى دولة فى مسار سرب الطيور يتم تدمير الشريحة عندما يصبح الطائر في سمائهما، فتقتل الطائر ويسقط حاملاً الوباء، فتنتشر الأمراض في تلك البلاد.. وهكذا يكون قد تم هزيمة بلد الخصم من دون أي تكلفة عسكرية وإقتصادية وسياسية.
وعملية الرقمنة للطيور المهاجرة جريمة فى القانون الدولي، لأنها طيور تخترق سماء وأجواء البلاد الأخرى وإن تمّ تزويدها بجراثيم فيُصبح هذا الطير بمثابة أسلحة الدمار الشامل، لذلك يعتبر في القانون الدولي إستعمال الطيور لشن هجمات مميتة على الخصم أمر محرم ويعاقب عليه من يقترف مثل هذا العمل الغير إنساني..
وسرعة رد الفعل الأمريكى بالنفي لإتهامات روسيا ومن خلفها فرنسا وبريطانيا، يؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن هناك صدمة فى الولايات المتحدة من كشف هذه الحقائق حول حروبها البيولولجية، التى ستكون وصمة عار ستلازمها كدولة غير ذات مصداقية، وأصبح لدى الاتحاد الروسي ورقة ضغط قوية، فحين قال أنه قبض على الطيور فهذا يعني متلبسين بالجرم وبكل ما تحتويه من تفاصيل تثبت الإدانة الحاسمة.
وهذا يحتم علينا التفكير بإحتمالية أن كل الفيروسات التي أصيب بها الإنسان في هذا القرن، خاصةً الأخيرة مثل الإيبولا التي أصابت أفريقيا وأتراكس وسارس وإنفلونزا الخنازير والطيور وحالياً «كوفيد – 19»، كلها أتت من مختبرات قامت بتمويلها وإدارتها الولايات المتحدة الأمريكية وهذا ما جعل الصين تتقدّم بطلب عاجل وجاد وصارم بتحقيق دولي بظهور الكورونا بشكل مفاجئ.
ولكن مع إشتعال الصراع للسيطرة على موازين القوى في العالم، بين الكتلة الغربية والكتلة الشرقية، التي عادت للظهور من جديد بعد غياب أكثر من 3 عقود من الزمن وسيطرة القطب الأوحد، لتعود روسيا معلنة ميلاد الكتلة الشرقية من جديد، والتي أظهرتها بقوة الحرب الروسية على أوكرانيا، مسمار حجا الذى حاولت أمريكا أن يدقه فى الأراضى الروسية، بدءا من دعمه للثورة البرتقالية، نهاية بالدعم العسكرى الهائل، وكان الدب الروسي على الموعد، لينقض على الشوكة التى حاولت أمريكا بحلفها «الناتو».
فدولة روسيا ممثلة فى الإتحاد الروسي، عادت للمشهد بقوة من جديد لتحل محل الإتحاد السوفيتي، بشبكة محكمة من العلاقات في مختلف المجالات بين دول الاتحاد السوفيتي المنحل، ليظهر الاتحاد الروسي الذي أصبح الخليفة السياسية للاتحاد السوفيتي، إلا من أبت من دول الاتحاد السوفيتي المنحل على الانضمام فى الاتحاد الروسي، وفي مقدمتها أوكرانيا، التى رمت بنفسها فى جحيم الولايات المتحدة وحلف الناتو، بعد أن ضللوا رئيسها بالوعود الوهمية، والدعم الغير محدود عسكريا وسياسيا واقتصاديا، فلم يبالى زيلنسكي رئيس أوكرانيا ولم يعطى للدب الروسي حجمه الحقيقي، فكان اكتساح القوات الروسية للأراضى الأوكرانية، حتى وصلت للعاصمة كييف، فحرب روسيا على أوكرانيا كانت نتيجة طبيعية ل«الشوكة» التي حاولت أمريكا مع حلفها الذى تتزعمه «الناتو» زرعها في ظهر روسيا ، ولكن إنقلب السحر على الساحر، لتصبح حرب أوكرانيا تصريحا صاخبا لإعادة ترتيب موازيين القوى من جديد في العالم.
ومن خلال عشرات الدراسات التي تناولت الحرب البيولوجية، والتى أكدت أنها الحرب الصامتة الباردة بدون سلاح عسكري، بدون انفجارات ولا شظايا ولا دخان، حرب لا تخلف وراءها آثار تدمير مادى فى المبانى والمنشآت، بل إن المعنى بها هو الإنسان والجماعات البشرية بإفنائها، لذلك فهى الموت فى حد ذاته، إذ يمكن هزيمة وكسر إرادة دول أو التحكم فيها أو تهديدها أو ابتزازها سياسيا أو اقتصاديا بالتهديد به أو استخدامه جزئيا أو كليا، ومما لاشك فيه أن الحروب بجميع أنواعها ووسائلها هى عمل بشع يتحقق فيه الموت والفناء.
والحرب البيولوجية هى بالقطع أبشع الحروب على الإطلاق، فالخصم لا يرى خصمه ولا يشعر به، بل تتم مباغتته من حيث لا يتوقع، وعندها لن يدركه سوى الموت المحتم دون أن يكون حتى قادرا على الدفاع عن نفسه، فالحرب البيولوجية أو الجرثومية أو الميكروبية هى الاستخدام المتعمد للجراثيم أو الميكروبات أو الفيروسات بهدف نشر الأمراض والأوبئة الفتاكة، بما ينجم عنه فى المحصلة حصد أعداد كبيرة من البشر وإبادتهم وإفناء الكائنات وتدمير الحياة فى نطاق معين، وهى بذلك تعد أحد أنواع أسلحة الدمار الشامل، باعتبار السلاح البيولوجى يقصد به جميع الوسائل والمسببات التى تستخدم لنشر الأمراض والأوبئة فى صفوف القوات المعادية للقضاء عليها أو على الأقل التأثير سلبيا على كفاءتها القتالية وبالتالى سهولة إلحاق الهزيمة بها.
ويقوم السلاح البيولوجى على الإنتاج المتعمد لكائنات حية متناهية الدقة، تسبب الأمراض والأوبئة الفتاكة سواء كانت فيروسات أو جراثيم أو بكتيريا أو مواد سامة ناتجة عن العمليات الحيوية لهذه الكائنات والتى تتسبب فى إحداث أمراض للإنسان والحيوان والنبات، تؤدى إلى الهلاك أو الإفناء على نطاق واسع لأفراد أو مجتمعات أو مدينة أو منطقة أو حتى بلدا بأكمله باختلاف نوع السلاح البيولوجى وتأثيره، ويمكن استخدام تلك الكائنات على حالتها فى الطبيعة كما يمكن تطبيق تكنولوجيا الهندسة الوراثية والبيولوجيا الجزيئية والتكنولوجيا الحيوية بهدف زيادة قدرة الإصابة ونطاقها التأثيرى والتدميرى.
وأخطر ما تحتوى عليه الأسلحة البيولوجية، هو انخفاض تكلفة إنتاجها مقارنة بالأسلحة التقليدية أو النووية التى تتطلب تكاليف وتجهيزات تكنولوجية عالية، فالأسلحة البيولوجية يتطلب إنتاجها فقط حد أدنى من المعرفة العلمية ومعمل للميكروبيولوجى، وبعض التجهيزات اللازمة للإنتاج، لكن الخطورة تتصاعد بمجرد البدء فى تصنيعها حيث تتطلب درجة عالية من التأمين خلال وبعد التصنيع والتخزين، كذلك يمكن إنتاج كميات ضخمة من العنصر البيولوجى اعتبارا لأن خلية واحدة من ميكروب ما قادرة فى وقت محدود وتحت الظروف المناسبة لها أن تتعدد وتتكاثر بدرجة رهيبة، مما يمكن من تكوين مخزون هائل من ميكروب ما خلال عدة ساعات.
تاريخا .. وفى خضم الصراع الدولى المتصاعد فى مختلف جنبات قارات العالم، اهتم القادة العسكريون بشكل متزايد بالأسلحة الكيميائية والبيولوجية باعتبارهما سلاحين فتاكين غير تقليديين، وقامت العديد من الدول بتخصيص الموارد المالية والطاقات العلمية لدراسة الجراثيم وماهيتها وتوظيفها كسلاح، فأسست بريطانيا عام 1940 أول مراكزها البحثية للأسلحة البيولوجية فى أحد مقرات وزارة التموين فى منطقة بورتن حيث تمكنت عام 1941 من إنتاج أول قنابلها البيولوجية المعبأة بجرثومة الجمرة الخبيثة «أحد أنواع الأنثراكس الثلاثة»، ممتلئة بالجمرة الخبيثة وألقتها تجريبيا فى جزيرة جرينارد الأسكتلندية النائية، وكان من نتيجة ذلك نفوق كامل قطعان الماشية والحيوانات على الجزيرة بفعل القنبلة، الأمر الذى دفعها لإغلاق تلك الجزيرة نهائيا وكليا أمام البشر، ويعتقد العلماء أن الجراثيم المتولدة عن تلك التجربة لا زالت باقية إلى اليوم وستستمر فى خطورتها.
وفى عام 1941 طلبت وزارة الدفاع الأمريكية من عدد من الجامعات والمعاهد، تشكيل لجنة لدراسة موضوع الأسلحة الجرثومية، فقررت اللجنة أن الأسلحة الجرثومية ممكنة الإنتاج وفعالة النتائج، وعليه فقد شهد عام 1942 تأسيس أول مكتب لبحوث الحرب البيولوجية فى وزارة الدفاع الأمريكية.
وأشيع على نطاق واسع فى وسائل الإعلام فى منتصف الخمسينيات أن القوات اليابانية قامت بإجراء تجارب على أسرى الحرب لديها بحقنهم بجراثيم التيفوس، أو إعطائهم مواد غذائية أو مياه ملوثة بميكروب الكوليرا، كذلك تواردت أنباء عن قيام القوات اليابانية بنشر ميكروب الكوليرا فى آبار المياه فى مناطق الصراع الصينية، وقد كان مقر المعامل اليابانية فى «هربن» قرب منشوريا والتى استولى عليها الاتحاد السوفيتى فيما بعد ونقل تلك المعامل إلى روسيا.
وخلال الحرب الكورية وجهت الصين وكوريا الشمالية للولايات المتحدة اتهامات باستخدام أسلحة جرثومية ضدها، وعام 1952 دعيت اللجنة العلمية الدولية للأمم المتحدة للتحقيق فى الشكاوى المقدمة من الصين وكوريا، فخرجت بتقرير تضمن: «احتمال حدوث تعرض للأفراد فى مناطق النزاع بمواد جرثومية، ورصد وجود لجراثيم الكوليرا والجمرة الخبيثة وبراغيث مصابة بجراثيم الطاعون وبعوض يحمل فيروسات الحمى الصفراء، وحيوانات منزلية تم استخدامها لنشر الأمراض الوبائية.»
وخلال حرب فييتنام استخدم الجيش الأمريكى الأسلحة الجرثومية ضد قوات الفييت كونج والقرى والبلدات الفييتنامية، كما تم استخدام ذات الأسلحة فى محاولة من الأمريكيين لتدمير محصول القصب فى كوبا فى الستينيات والسبعينيات، وهو مصدر الدخل الرئيسى للبلاد.
وقد وقع أكبر حادث استنشاق بشرى لجراثيم الجمرة الخبيثة فى عام 1979 فى المركز البيولوجى العسكرى فى سفيردلوفيسك فى روسيا، حيث أطلقت جراثيم الجمرة الخبيثة بطريق الخطأ مما أدى إلى حدوث 79 حالة إصابة توفى منها 68.
وطوال القرن العشرين حاولت العديد من الدول إحداث توجه عالمى مضاد للأسلحة البيولوجية، فوقعت الدول الكبرى عام 1925 «بروتوكول جنيف» التى تمنع اللجوء إلى الأسلحة البكتريولوجية فى الحروب، وفى أواخر الستينات قدمت بريطانيا مسودة لمعاهدة شاملة لحظر استحداث وتطوير وإنتاج وتخزين واستخدام الأسلحة البيولوجية، وأتيحت للتوقيع فى 10 أبريل 1972 وأصبحت نافذة فى 26 مارس 1975 عندما صدقت على المعاهدة 22 دولة، وهذه المعاهدة حاليا من المفترض أنها تلزم 165 دولة موقعة، لكن العديد منها قد وقع المعاهدة لكنه لم يصدق عليها مما حد من فاعليتها، وأسهم فى ذلك غياب نظام دولى وآلية فاعلة للتحقق من الالتزام بالمعاهدة، وفى هذا الشأن تجدر الإشارة إلى أن الكيان الصهيونى غير منضم لتلك الاتفاقية.
وفى العقد الأول من القرن الحادى والعشرين فقط عانت الإنسانية من أكثر من 5 أوبئة خطيرة، حيث شهد العالم أزمات وبائية بيولوجية مريعة منها فيروس السارس عام 2002، إنفلونزا الطيور عام 2003، إنفلونزا الخنازير عام 2009، وباء أيبولا عام 2013، فيروس كورونا عام 2020، وبصرف النظر عن مصدرها أو أسبابها أو المستفيد منها، إلا أن الإنسانية هى المتضرر الأول عندما تتهاوى قيمة الحياة الإنسانية للآخرين من منظور طرف معين يأبى إلا أن يحقق مصالحه السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية بأى ثمن وبأى وسيلة حتى لو كانت نتيجتها فناء الإنسان وهلاك المجتمعات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.