توقع البنك الدولى، اليوم الاثنين 11 إبريل، أن تتسبب الحرب الروسية الأوكرانية والعقوبات المفروضة على روسيا في آثار سلبية قوية على الاقتصادات في جميع أنحاء العالم، فيما توقع تقلص الاقتصاد الروسي بنسبة 11% خلال 2022. وتوقع البنك الدولي، في تقرير حديث صادر عن الأداء الاقتصادي في المنطقة، أن تتحمل الأسواق الناشئة والبلدان النامية في منطقة أوروبا وآسيا الوسطى العبء الأكبر من هذا التأثير السلبي، حيث رجح أن ينكمش اقتصاد منطقة أوروبا وآسيا الوسطى بنسبة 4.1% خلال هذا العام، مقارنة بتوقعات ما قبل الحرب التي كانت تُشير إلى تحقيقها لنمو بنسبة 3%، منوهًا بأن الصدمات الاقتصادية الناجمة عن الحرب تسببت في تفاقم الآثار المستمرة لجائحة "كوفيد-19". اقرأ أيضًا: زيلينسكي يحذر من هجوم وتصعيد روسي وشيك على شرق أوكرانيا وأضافت المؤسسة الدولية أن حجم الانكماش في الاقتصاد الأوكراني سيعتمد على مدة وشدة الحرب، فقد تسببت العقوبات الاقتصادية غير المسبوقة على روسيا في وضع الاقتصاد الروسي في ركود عميق، حيث رجحت أن ينكمش الناتج المحلي للدب الروسي بنسبة 11.2% في عام 2022. وأوضحت آنا بيردي، نائبة رئيس البنك الدولي لمنطقة أوروبا وآسيا الوسطى، أن الهجوم الروسي وجه ضربة هائلة للاقتصاد الأوكراني وألحق أضرارًا جسيمة بالبنية التحتية، ما يضع أوكرانيا في حاجة إلى دعم مالي هائل للمكافحة من أجل الحفاظ على استمرار اقتصادها وذلك في الوقت الذي تعمل فيه الحكومة على دعم مواطنيها الذين يعانون ويتأقلمون مع الوضع الصعب للحرب. وزادت الحرب من المخاوف المتزايدة من حدوث تباطؤ عالمي حاد وارتفاع التضخم والديون وارتفاع مستويات الفقر؛ حيث انعكس الأثر الاقتصادي من خلال اتجاهات عدة، من بينها أسواق السلع والأسواق المالية والتجارة والهجرة، والآثار السلبية للحرب على ثقة المستثمرين. وبالإضافة إلى روسياوأوكرانيا، من المتوقع أن تدخل بيلاروسيا وقيرغيزستان ومولدوفا وطاجيكستان في حالة ركود هذا العام، في حين تم تخفيض توقعات النمو في جميع الاقتصادات بسبب تداعيات الحرب. وتمثل روسياوأوكرانيا حوالي 40% من واردات القمح في المنطقة وحوالي 75% أو أكثر في آسيا الوسطى وجنوب القوقاز. وتعد روسيا أيضًا وجهة تصدير رئيسية للعديد من البلدان، بينما تقترب التحويلات من روسيا من 30٪ من الناتج المحلي الإجمالي في بعض اقتصادات آسيا الوسطى (جمهورية قيرغيزستان وطاجيكستان). ودفع الارتفاع الحاد في أسعار النفط العالمية الذي أحدثته الحرب إلى إثارة النقاش من جديد حول ضرورة توافر طاقة آمنة وذلك من خلال تعزيز إمدادات الطاقة من المصادر المتجددة. وعلى الأرض، تتواصل العملية العسكرية الروسية في الأراضي الأوكرانية لليوم 47، منذ بدايتها في 24 فبراير المنصرم. واكتسب الصراع الروسي الأوكراني منعطفًا جديدًا فارقًا، في 21 فبراير، بعدما أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الاعتراف بجمهوريتي "دونيتسك" و"لوجانسك" جمهوريتين مستقلتين عن أوكرانيا، في خطوةٍ تصعيديةٍ لقت غضبًا كبيرًا من كييف وحلفائها الغربيين. وفي أعقاب ذلك، بدأت القوات الروسية، فجر يوم الخميس 24 فبراير، في شن عملية عسكرية على شرق أوكرانيا، ما فتح الباب أمام احتمالية اندلاع حرب عالمية "ثالثة"، ستكون الأولى في القرن الحادي والعشرين. وقال الاتحاد الأوروبي إن العالم يعيش "أجواءً أكثر سوادًا" منذ الحرب العالمية الثانية، فيما فرض الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة حزمة عقوبات ضد روسيا، وصفتها رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين بأنها "الأقسى على الإطلاق". ومع ذلك، فإن الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي "الناتو" يصران حتى الآن على عدم الانخراط في أي عملية عسكرية في أوكرانيا، كما ترفض دول الاتحاد فرض منطقة حظر طيران جوي في أوكرانيا، عكس رغبة كييف، التي طالبت دول أوروبية بالإقدام على تلك الخطوة، التي قالت عنها الإدارة الأمريكية إنها ستتسبب في اندلاع "حرب عالمية ثالثة". وفي غضون ذلك، قال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، في وقتٍ سابقٍ، إن اندلاع حرب عالمية ثالثة ستكون "نووية ومدمرة"، حسب وصفه. وعلى مسرح الأحداث، قالت وزارة الدفاع الروسية، في بداية العملية العسكرية، إنه تم تدمير منظومة الدفاع الجوي الأوكرانية وقواعدها وباتت البنية التحتية لسلاح الطيران خارج الخدمة. ولاحقًا، أعلنت الدفاع الروسية، يوم السبت 26 فبراير، أنها أصدرت أوامر إلى القوات الروسية بشن عمليات عسكرية على جميع المحاور في أوكرانيا، في أعقاب رفض كييف الدخول في مفاوضات مع موسكو، فيما عزت أوكرانيا ذلك الرفض إلى وضع روسيا شروطًا على الطاولة قبل التفاوض "مرفوضة بالنسبة لأوكرانيا". إلا أن الطرفين جلسا للتفاوض لأول مرة، يوم الاثنين 28 فبراير، في مدينة جوميل عند الحدود البيلاروسية، كما تم عقد جولة ثانية من المباحثات يوم الخميس 3 مارس، فيما عقد الجانبان جولة محادثات ثالثة في بيلاروسيا، يوم الاثنين 7 مارس. وانتهت جولات المفاوضات الثلاث دون أن يحدث تغيرًا ملحوظًا على الأرض. وقال رئيس الوفد الروسي إن توقعات بلاده من الجولة الثالثة من المفاوضات "لم تتحقق"، لكنه أشار إلى أن الاجتماعات مع الأوكران ستستمر، فيما تحدث الوفد الأوكراني عن حدوث تقدم طفيف في المفاوضات مع الروس بشأن "الممرات الآمنة". وقبل ذلك، وقع الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي، في 28 فبراير، مرسومًا على طلب انضمام بلاده إلى الاتحاد الأوروبي، في خطوةٍ لم تجد معارضة روسية، مثلما تحظى مسألة انضمام كييف لحلف شمال الأطلسي "الناتو". وقال المتحدث باسم الكرملين الروسي ديمتري بيسكوف إن الاتحاد الأوروبي ليس كتلة عسكرية سياسية، مشيرًا إلى أن موضوع انضمام كييف للاتحاد لا يندرج في إطار المسائل الأمنية الإستراتيجية، بل يندرج في إطار مختلف. وعلى الصعيد الدولي، صوّتت الجمعية العامة للأمم المتحدة، يوم الأربعاء 2 مارس، على إدانة الحرب الروسية على أوكرانيا، بموافقة 141 دولة على مشروع القرار، مقابل رفض 5 دول فقط مسألة إدانة روسيا، فيما امتنعت 35 دولة حول العالم عن التصويت. وأعلنت الأممالمتحدة فرار أكثر من 3 ملايين شخص من أوكرانيا منذ بدء الحرب هناك، فيما كشفت المنظمة الأممية، يوم السبت 19 مارس، عن مقتل ما يقرب من 850 مدنيًا في الحرب حتى الآن. وفي الأثناء، تفرض السلطات الأوكرانية الأحكام العرفية في عموم البلاد منذ بدء الغزو الروسي للأراضي الأوكرانية. وأعلن الرئيس الأوكراني، يوم الأحد 20 مارس، تمديد فرض الأحكام العرفية في البلاد لمدة 30 يومًا، بدايةً من يوم الأربعاء 23 مارس. وكانت روسيا، قبل أن تبدأ في شن عملية عسكرية ضد أوكرانيا، ترفض بشكلٍ دائمٍ، اتهامات الغرب بالتحضير ل"غزو" أوكرانيا، وقالت إنها ليست طرفًا في الصراع الأوكراني الداخلي. إلا أن ذلك لم يكن مقنعًا لدى دوائر الغرب، التي كانت تبني اتهاماتها لموسكو بالتحضير لغزو أوكرانيا، على قيام روسيا بنشر حوالي 100 ألف عسكري روسي منذ أسابيع على حدودها مع أوكرانيا هذا البلد المقرب من الغرب، متحدثين عن أن "هذا الغزو يمكن أن يحصل في أي وقت". لكن روسيا عللت ذلك وقتها بأنها تريد فقط ضمان أمنها، في وقت قامت فيه واشنطن بإرسال تعزيزات عسكرية إلى أوروبا الشرقيةوأوكرانيا أيضًا. ومن جهتها، اتهمت موسكو حينها الغرب بتوظيف تلك الاتهامات كذريعة لزيادة التواجد العسكري لحلف "الناتو" بالقرب من حدودها، في وقتٍ كانت روسيا ولا تزال تصر على رفض مسألة توسيع حلف الناتو، أو انضمام أوكرانيا للحلف، في حين تتوق كييف للانضواء تحت لواء حلف شمال الأطلسي.