ورد إلى دار الإفتاء، ما حكم التهنئة بحلول شهر رمضان؟ سؤال وأجابت الدار بأنه يستحب ذلك شرعًا، وتُسنُّ إجابة المُهنِّيء وتهنئته بمثلها أو أحسن منها. وأوضحت الدار، أنه نظرًا لفضل هذا الشهر العظيم، وعموم الرحمة فيه، وكثرة المنن التي يمنها الله تعالى فيه على عباده، كان حقيقًا بأن يهنِّئ الناسُ بعضُهم بعضًا بقدومه، والتهنئة بالأعياد والشهور والأعوام مشروعةٌ ومندوبٌ إليها؛ قال تعالى: ﴿قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ﴾ [يونس: 58]، والتهنئة مَظْهَرٌ من مظاهر الفرح، وجاء في القرآن الكريم تهنئة المؤمنين على ما ينالون من نعيم، وذلك في قوله تعالى: ﴿كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ [الطور: 19]، وكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يهنِّئ أصحابه بقدوم شهر رمضان؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يُبَشِّرُ أَصْحَابَهُ؛ يَقُول: «جَاءَكُمْ رَمَضَانُ، شَهْرٌ مُبَارَكٌ» أخرجه أحمد في "مسنده". وتابعت الدار :وقد نصَّ العلماء على استحباب التهنئة بالنعم الدينية إذا تجدَّدَتْ؛ قال الحافظ العراقي في "طرح التثريب في شرح التقريب" (8/ 69، ط. دار إحياء التراث العربي): [قَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: «أَبْشِرِي يَا عَائِشَةُ» فيه استحباب المبادرة لتبشير من تجددت له نعمة ظاهرة أو اندفعت عنه بلية ظاهرة] اه. ولا شك أن قدوم شهر رمضان من أجلِّ النِّعَم التي ترد على العبد، فشهر رمضان هو شهر الرحمات والخيرات والبركات. قال الخطيب الشربيني في "مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج" (1/ 596، ط. دار الكتب العلمية): [يحتج لعموم التهنئة لما يحدث من نعمة أو يندفع من نقمة بمشروعية سجود الشكر والتعزية، وبما في "الصحيحين" عن كعب بن مالك رضي الله عنه في قصة توبته لمَّا تخلَّف عن غزوة تبوك: أنه لمَّا بشر بقبول توبته ومضى إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم قام إليه طلحة بن عبيد الله فهنأه] اه. وقال العلامة ابن مفلح في "الآداب الشرعية" (3/ 229، ط. عالم الكتب): [فأما التهنئة بنعم دينية تجددت فتستحب لقصة كعب بن مالك رضي الله عنه، وفي "الصحيحين" أنه لما أنزل ﴿إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا﴾ [الفتح: 1] قال أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم: هنيئًا مريئًا] اه. واختتمت الدار فتواها بقولها : فالتهنئة بقدوم شهر رمضان جائزة ولا حرج فيها، وتُسَنُّ إجابةُ المهنِّئ وتهنئتَه بمثلها أو أحسن منها؛ لقوله تعالى: ﴿وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا﴾[النساء: 86]. اقرأ أيضا | دار الإفتاء: حكم عمل مسحة (PCR) لاختبار كورونا في الصيام