قالت صحيفة "لوموند" الفرنسية إن الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي الرجل الأكثر تهديدا على هذا الكوكب هذه الأيام مازال يبتسم ويؤكد أن "الحياة كما هي.. أنا لازلت على قيد الحياة والشعور بأنني مهم للآخرين أمر جيد.. المعنويات جيدة، والفريق يعمل، ولم يغادر أحد.. هكذا اعترف الزعيم الأوكراني، الذي يعد سقوطه أو اغتياله من أهداف حرب موسكو، مشيرا إلى أنه «إنسان مثل أي إنسان آخر يريد أن يعيش» أفكر دائما في حياة جنودنا.. أفكر في أفراد عائلتي.. من ناحية أخرى، كوني رئيسا، ليس لدي الحق في أن أخاف على نفسي». وأصبح زيلينسكي «رئيس حرب» منذ اسبوع.. وجاءت كلماته عندما التقى لأول مرة، الخميس 3 مارس، مع مجموعة من الصحفيين الدوليين، بما في ذلك لوموند الفرنسية، في مؤتمر صحفي محدود حيث أعد فريقه غرفة مجهولة المصدر في أحد أجنحة قصر مارينسكي، الرئاسة الأوكرانية، في وسط مدينة كييف.. ويريد زيلينسكي أن يظهر كرئيس دولة في مكانه عمله المعتاد ولكن «لوموند» ترى أنه هذا لا يعنى أنه يعمل هناك أو يعيش هناك بشكل دائم. اقرأ أيضًا: الدفاع الأوكراني: 66200 أوكراني عادوا للمشاركة في القتال وقالت صحيفة «لوموند» إنه بينما تصعد موسكو هجومها العسكري ضد أوكرانيا على الرغم من الإدانة العالمية ونداءات وقف إطلاق النار، وفيما تخشى كييف من محاصرة وشيكة، يريد زيلينسكي إيصال بعض الرسائل.. ويبدو أن هذا الرئيس، المطارد والمنهك، والذي يقول إنه يجرى مايقرب من خمسة عشر محادثة يوميا مع رؤساء دول أو حكومات، يوجه نداءه الأخير قبل ما يعتقد أنه "نهاية العالم". أما الرسالة الأولى التي يريد زيلينسكى ايصالها، وهي ملموسة للغاية، تتعلق بالتفوق الجوي الساحق لروسيا في هذه الحرب.. حتى لو تمكنت أوكرانيا بطريقة ما من إبطاء بعض الهجمات البرية واستعدت لحرب العصابات في المدن، فهو يعلم أن بلاده ليس لديها فرصة للنجاة في مواجهة الطيران الروسي... ومن هنا تحدث عن إمكانية إقامة "منطقة حظر طيران". لكن حلفاء أوكرانيا استبعدوا بالفعل هذه الفرضية، لأنه في أوروبا وحدها منظمة حلف شمال الأطلنطي (الناتو) يمكنها تنفيذ مثل هذا الإجراء، كما فعل الحلف الأطلنطي في سماء يوغوسلافيا السابقة في التسعينيات.. ومع ذلك، هذه المرة غير وارد إشراك الناتو فى صراع مباشر مع روسيا وهى قوة نووية معادية. وأكد انه لايرغب مطلقًا في أن يخوض الناتو حربا ضد روسيا، لكنه يعتقد أن الحلف الذي تقوده الولاياتالمتحدة" لديه القدرة على منع الحروب "بقوتها الرادعة. مرددا: "اغلقوا السماء!" السماء تقتلنا! » وأما رسالة زيلينسكى الأخرى تتلخص في أن هذه الحرب لا تعني أوكرانيا فحسب، ولكن هم أوروبا كلها، بل والإنسانية جمعاء معربا عن اعتقاده أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يهدف إلى إعادة إحياء مجال نفوذ الاتحاد السوفيتي السابق. أن الحكومة الأوكرانية لا تزال تسيطر على العاصمة كييف والمدن الكبرى. أعلنت وزارة الدفاع الروسية عن وقف إطلاق النار وفتح الممرات الإنسانية لخروج السكان من ماريوبول وفولنوفاخا، مؤكده أن فتح الممرات سوف يبدأ الساعة العاشرة بتوقيت موسكو. وتتواصل العملية العسكرية الروسية في الأراضي الأوكرانية لليوم العشر على التوالي، منذ بدايتها في 24 فبراير الجاري. واكتسب الصراع الروسي الأوكراني منعطفًا جديدًا فارقًا، في 21 فبراير الجاري، بعدما أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الاعتراف بجمهوريتي "دونيتسك" و"لوجانسك" جمهوريتين مستقلتين عن أوكرانيا، في خطوةٍ تصعيديةٍ لقت غضبًا كبيرًا من كييف وحلفائها الغربيين. اقرأ أيضًا: سنغافورة تعلن فرض عقوبات على روسيا وفي أعقاب ذلك، بدأت القوات الروسية، فجر يوم الخميس 24 فبراير، في شن عملية عسكرية على شرق أوكرانيا، ما فتح الباب أمام احتمالية اندلاع حرب عالمية "ثالثة"، ستكون الأولى في القرن الحادي والعشرين. وقال الاتحاد الأوروبي إن العالم يعيش "أجواءً أكثر سوادًا" منذ الحرب العالمية الثانية، فيما فرض الاتحاد الأوروبي والولاياتالمتحدة حزمة عقوبات ضد روسيا، وصفتها رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين بأنها "الأقسى على الإطلاق". وعلى مسرح الأحداث، قالت وزارة الدفاع الروسية إنه تم تدمير منظومة الدفاع الجوي الأوكرانية وقواعدها وباتت البنية التحتية لسلاح الطيران خارج الخدمة. ولاحقًا، أعلنت الدفاع الروسية، يوم السبت 26 فبراير، أنها أصدرت أوامر إلى القوات الروسية بشن عمليات عسكرية على جميع المحاور في أوكرانيا، في أعقاب رفض كييف الدخول في مفاوضات مع موسكو، فيما عزت أوكرانيا ذلك الرفض إلى وضع روسيا شروطًا على الطاولة قبل التفاوض "مرفوضة بالنسبة لأوكرانيا". إلا أن الطرفين جلسا للتفاوض، يوم الاثنين 28 فبراير، في مدينة جوميل عند الحدود البيلاروسية، وانتهت المباحثات دون أن يحدث تغيرًا ملحوظًا على الأرض، بل على النقيض، تحدثت بها وزارة الإعلام الأوكرانية عن تعرض العاصمة كييف لقصفٍ باليستيٍ من قبل القوات الروسية. وعلى الصعيد السياسي، وقع الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي، يوم الاثنين أيضًا، مرسومًا على طلب انضمام بلاده إلى الاتحاد الأوروبي، في خطوةٍ يتوقع أن تحظى برفضٍ من قبل روسيا. وتفرض السلطات الأوكرانية الأحكام العرفية في عموم البلاد منذ بدء الغزو الروسي للأراضي الأوكرانية. وقبل أن تتطور الأوضاع بوتيرةٍ متسارعةٍ، كان الوضع محتدمًا في منطقة دونباس، جنوب شرق أوكرانيا، بعد تبادل السلطات الأوكرانية وجمهوريتي دونيتسك ولوجانسك الشعبيتين، المعلنتين من جانب واحد، اتهامات بخرق اتفاقات مينسك وانتهاك نظام وقف إطلاق النار. ودفعت سلطات كييف، منذ فترة ليست بالقليلة قبل الغزو الروسي، بقوات إضافية ومعدات عسكرية ثقيلة، إلى خط التماس الفاصل بين قواتها المسلحة، والقوات التابعة لجمهوريتي دونيتسك ولوجانسك، اللتين اعترفا باستقلالهما بوتين لاحقًا، ما رفع وقتها من حدة التوتر القائم في منطقة "دونباس"، جنوب شرق أوكرانيا. وتدهور الوضع في دونباس بشكل كبير، قبل أيامٍ من اندلاع الغزو الروسي، بعدما أبلغت جمهوريتا دونيتسك ولوجانسك، عن تعرضهما للقصف مكثف من قبل القوات الأوكرانية، فيما نفت كييف تلك المزاعم، وقال الضابط المسؤول عن التواصل مع وسائل الإعلام لوكالة "رويترز" البريطانية، "على الرغم من حقيقة أن مواقعنا تعرضت لإطلاق نار بأسلحة محظورة، منها مدفعية عيار 122 ملليمترًا، فإن القوات الأوكرانية لم تفتح النار ردًا على ذلك". ومع ذلك، فقد تعهد الرئيس الأوكراني حينها، بأن بلاده "ستدافع عن نفسها" في مواجهة أي "غزو روسي"، حسب قوله. وكانت روسيا، قبل أن تبدأ في شن عملية عسكرية ضد أوكرانيا، ترفض بشكلٍ دائمٍ، اتهامات الغرب بالتحضير ل"غزو" أوكرانيا، وقالت إنها ليست طرفًا في الصراع الأوكراني الداخلي. إلا أن ذلك لم يكن مقنعًا لدى دوائر الغرب، التي كانت تبني اتهاماتها لموسكو بالتحضير لغزو أوكرانيا، على قيام روسيا بنشر حوالي 100 ألف عسكري روسي منذ أسابيع على حدودها مع أوكرانيا هذا البلد المقرب من الغرب، متحدثين عن أن "هذا الغزو يمكن أن يحصل في أي وقت". لكن روسيا عللت ذلك بأنها تريد فقط ضمان أمنها، في وقت قامت فيه واشنطن بإرسال تعزيزات عسكرية إلى أوروبا الشرقيةوأوكرانيا أيضًا. ومن جهتها، اتهمت موسكو حينها الغرب بتوظيف تلك الاتهامات كذريعة لزيادة التواجد العسكري لحلف "الناتو" بالقرب من حدودها، في وقتٍ تصر روسيا على رفض مسألة توسيع حلف الناتو، أو انضمام أوكرانيا للحلف، في حين تتوق كييف للانضواء تحت لواء حلف شمال الأطلسي.