أيمن عاشور: جودة التعليم ركيزة أساسية في الاستراتيجية الوطنية للتعليم العالي    رئيس جامعة أسيوط يعقد اجتماعًا لمتابعة الخطة الإستراتيجية للجامعة 20242029    القومي للأشخاص ذوي الإعاقة يطلق مبادرة "قدرتنا في رياضتنا"    تراجع أسعار الذهب في مصر قبيل قرار الفيدرالي الأمريكي    البورصة المصرية تربح 73.3 مليار جنيه في ختام تعاملات الأحد    وزير المالية: نتطلع لأدوات تمويلية تنموية مبتكرة ومنخفضة التكلفة    رئيس الوزراء: نستقبل 9 ملايين لاجئ بتكلفة 10 مليارات دولار سنويًا    أمير الكويت يتوجه إلى مصر غداً في زيارة رسمية    «فيفا» يعلن إيقاف قيد نادي الزمالك 3 فترات بسبب لاعبه السابق    مواعيد مباريات اليوم الإثنين والقنوات الناقلة لها    صعود سيدات وادي دجلة لكرة السلة للدوري الممتاز «أ»    عضو مجلس الزمالك يعلق على إخفاق ألعاب الصالات    الصين فى طريقها لاستضافة السوبر السعودى    ضبط لحوم فاسدة و71 مخالفة للمخابز في أسيوط    الكشف وتوفير العلاج ل1600 حالة في قافلة طبية بقرية ميانة في بنى سويف    إزالة 22 حالة تعديات على الأراضي الزراعية وأملاك الدولة بالشرقية    عضو ب«النواب» يطالب بإنشاء كليات ذكاء اصطناعي في الجامعات الحكومية    عامر حسين: الكأس سيقام بنظامه المعتاد.. ولم يتم قبول فكرة "القرعة الموجهة"    البنك المركزي يبيع أذون خزانة ب980 مليون دولار اليوم    أحمد السعدني يصل إلى مسجد السيدة نفيسة لحضور جنازة المخرج عصام الشماع    «القومي لثقافة الطفل» يقيم حفل توزيع جوائز مسابقة رواية اليافعين    تراجع نسبي في شباك التذاكر.. 1.4 مليون جنيه إجمالي إيرادات 5 أفلام في 24 ساعة    التضامن : سينما ل ذوي الإعاقة البصرية بمهرجان الإسكندرية للفيلم القصير    خبير تربوي يكشف عن 12 خطوة لتوطين تدريس تكنولوجيا المعلومات وتطبيقاتها بالمدارس    بشرى سارة لمرضى سرطان الكبد.. «الصحة» تعلن توافر علاجات جديدة الفترة المقبلة    الرئيس السيسي: مصر تحملت مسئوليتها كدولة راعية للسلام في العالم من خلال مشاركتها بعملية حفظ وبناء سلام البوسنة والهرسك    قبل الحلقة المنتظرة.. ياسمين عبد العزيز وصاحبة السعادة يتصدران التريند    مصرع 42 شخصًا على الأقل في انهيار سد سوزان كيهيكا في كينيا (فيديو)    مسابقة المعلمين| التعاقد مع 18886 معلمًا.. المؤهلات والمحافظات وشرط وحيد يجب تجنبه -فيديو    تحرير 186 مخالفة عدم التزام بقرار الغلق للمحلات لترشيد استهلاك الكهرباء    الجندي المجهول ل عمرو دياب وخطفت قلب مصطفى شعبان.. من هي هدى الناظر ؟    1.3 مليار جنيه أرباح اموك بعد الضريبة خلال 9 أشهر    «العمل» تنظم فعاليات سلامتك تهمنا بمنشآت الجيزة    الأنبا بشارة يشارك في صلاة ليلة الاثنين من البصخة المقدسة بكنيسة أم الرحمة الإلهية بمنهري    محمد شحاتة: التأهل لنهائي الكونفدرالية فرحة كانت تنتظرها جماهير الزمالك    عواد: كنت أمر بفترة من التشويش لعدم تحديد مستقبلي.. وأولويتي هي الزمالك    «البحوث الإسلامية» يطلق حملة توعية شاملة بعنوان: «فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا»    515 دار نشر تشارك في معرض الدوحة الدولى للكتاب 33    إصابة عامل بطلق ناري في قنا.. وتكثيف أمني لكشف ملابسات الواقعة    «أزهر الشرقية»: لا شكاوى من امتحانات «النحو والتوحيد» لطلاب النقل الثانوي    استمرار حبس 4 لسرقتهم 14 لفة سلك نحاس من مدرسة في أطفيح    أسوشيتد برس: وفد إسرائيلي يصل إلى مصر قريبا لإجراء مفاوضات مع حماس    ضحايا بأعاصير وسط أمريكا وانقطاع الكهرباء عن آلاف المنازل    مؤسسة أبو العينين الخيرية و«خريجي الأزهر» يكرمان الفائزين في المسابقة القرآنية للوافدين.. صور    ضربه بالنار.. عاطل ينهي حياة آخر بالإسماعيلية    ولع في الشقة .. رجل ينتقم من زوجته لسبب مثير بالمقطم    مصرع شخض مجهول الهوية دهسا أسفل عجلات القطار بالمنيا    خلي بالك.. جمال شعبان يحذر أصحاب الأمراض المزمنة من تناول الفسيخ    رئيس الوزراء: 2.5 مليون فلسطيني في قطاع غزة تدهورت حياتهم نتيجة الحرب    فضل الدعاء وأدعية مستحبة بعد صلاة الفجر    مطار أثينا الدولي يتوقع استقبال 30 مليون مسافر في عام 2024    أمين لجنة الشئون الدينية بمجلس النواب: هذا أقوى سلاح لتغيير القدر المكتوب    سعر الذهب اليوم الاثنين في مصر يتراجع في بداية التعاملات    سامي مغاوري: جيلنا اتظلم ومكنش عندنا الميديا الحالية    مصرع شخص وإصابة 16 آخرين في حادث تصادم بالمنيا    "السكر والكلى".. من هم المرضى الأكثر عرضة للإصابة بالجلطات؟    من أرشيفنا | ذهبت لزيارة أمها دون إذنه.. فعاقبها بالطلاق    الإفتاء توضح حكم تخصيص جزء من الزكاة لمساعدة الغارمين وخدمة المجتمع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



زاهي حواس يكتب: أسرار جديدة عن طريق الآلهة
نشر في بوابة أخبار اليوم يوم 05 - 12 - 2021

كان الاحتفال تجسيداً للحلم الذى عشته وأنا طفل فى تلك المدينة المبهرة. الأقصر مدينة القدماء، المنتصبين فى الشوارع والمعابد لحراسة الماضى، والاستمتاع بعرض يومى على مسرح الحاضر
اشتراكى فى أول رحلة إلى الأقصر كان يتوقف على مجرد كلمة من أبى وخمسة جنيهات، وقد وافق لحسن الحظ، ليمنحنى حكاية ممتعة. لم أصدق نفسى حينما هزَّ رأسه مبتسماً، فهذا يعنى أنه اعترف بى رجلاً يمكنه السفر إلى بلد بعيد بمفرده، رغم أننى كنت فى الصف الأول الإعدادى. المسافة إلى الأقصر تستغرق ساعتين من نجع حمادى، قطعهما أتوبيس الرحلات بسرعة الأحلام، كأنما كان يطير فوق طريق أبيض خفيف من السحاب يربط سماء المدينتين فى ذلك الشتاء البعيد، صادحاً بأغانى عمرو دياب وحكيم فى بداياتهما، حتى وصلنا فجأة ووجدنا كثيراً من الملوك والملكات فى استقبالنا.
لا أتذكر شعوراً مماثلاً بالدهشة انتابنى طوال حياتى، مثل ذلك الشعور الذى سيطر علىّ فى هذه اللحظات، وأنا أشاهد التماثيل فى كل مكان حولى بأحجامها المتنوعة. صوَّر لى خيالى الطفولى وقتها أننى يجب أن أجتاز أسواراً وأبواباً شاهقة لأشاهدها. كنت واحداً من هؤلاء السائحين الكثيرين فى شوارع المدينة، وبدت لى ملامح سكان الأقصر حولى أشبه بملامح التماثيل، وفكرت أنهم ربما يغادرون الجدران الأثرية والمعابد فى الصباح ليتولوا شؤون المدينة واستقبال السائحين وبعد أن ينام الجميع فى المساء يعودون إلى التسمُّر كتماثيل ونقوش فى أماكنهم المعتادة.
كان أمراً مثيراً بالنسبة لى كذلك رؤية هؤلاء السائحين ذوى القبعات والنظارات وهم يتحركون حولنا. شعرت بالاستغراب كأننى لا أتوقع رؤيتهم سوى فى الأفلام، وبالتالى بدأ شىء من الاهتمام داخلى ينصرف إلى السائحين بعد أن كان مقتصراً على الأجداد، ولم أكف عن تحريك رأسى فى جميع الاتجاهات موزعاً نظراتى على الغرباء وأصحاب الدار.
استمعتُ إلى شرح المرشدين عن كثير من الملوك، لكن لم يستقر فى ذهنى شىء أو اسم أو تاريخ معين، وظلت تلك الزيارة يلخصها انبهارى طوال سنوات طويلة بالأقصر، حتى عدت إليها ذات شتاء أيضاً فى مطلع الألفية الجديدة بصحبة الأستاذ جمال الغيطانى، ومثَّلت هذه الزيارة مفتاحاً حقيقياً لفهم تلك المدينة. كان الغيطانى يزورها غالباً فى الشتاء، ليستعيد الدفء حينما يعشش البرد فى القاهرة. كان الغيطانى واحداً ممن يملكون مفاتيح الأقصر. تحرك أمامى هناك بخفة شاب، دافساً جسده فى فتحة مقبرة أحد وزراء الزراعة الفراعنة، ودعانى أن ألحقه وألا أشعر بالخوف. فى هذه المقبرة رأيت السقف المتعرج، كأنه تعريشة عنب تتدلى منها مئات العناقيد الملونة. استفاض الغيطانى فى وصف إمكانيات رسامى المقابر. زرنا مدينتهم فى البر الغربى. كان رئيس الفنانين يصطحب مجموعات منهم، فيتحركون باتجاه مقبرة من المقابر. يتولى هو تخطيط المقبرة، كأنه يضع «الكروكى»، ثم ينفذون هم الرسومات، ويحصلون على مكافأتهم من الخبز والبيرة. فى مقبرة رئيس العمال رأيت كثيراً من رؤوس الآلهة على أجساد آلهة أخرى، وقال الغيطانى إن هذا لا يعنى أن المصرى كان يؤمن بكثير من الآلهة، فكل إله يتجسد فى صورة إله آخر، مثل أسماء الله الحسنى، كلها تجل لإله واحد.
كان الغيطانى يتحدث عن أن ما يميز الأقصر هو أنها مدينة حياة لا مدينة موتى، يتجاور فيها الماضى والحاضر، ثم ظهر فى مواجهتنا حارس مقبرة أسمر، فقال الغيطانى ضاحكاً: «تلاقيه سهانا واتحرك من الجدار». اقترب الرجل البسيط منا بجلبابه، فأخرج الغيطانى تصريح الزيارة، الممهور بتوقيع رئيس هيئة الآثار وقتها، فقال الرجل وهو يغلق عينيه كأنه يمنحنا إحساساً بصعوبة الأمر، إنه يلزمنا توقيع آخر وإلا لن نكمل زيارتنا، فسأله الغيطانى بدهشة: «توقيع مين؟!»، فقاال الرجل باعتداد: «أنا»!. ضحك الغيطانى وسند الورقة على كف يده، عن طيب خاطر، ليوقع العامل عليها أسفل توقيع الموظف الرفيع.
تحدث الغيطانى حول كل شىء حولنا، بما فيها اكتشافات طريق الكباش المستمرة، وخطة التطوير، وبيوت القرنة التى أنشأها حسن فتحى، وقد استعدت كل ذلك وأنا أشهد الاحتفال بافتتاح الطريق الجديد، وتذكرت تلك الكباش الكاملة، ورؤس الكباش والبشر التى تعلو أجساد أسود. كان الاحتفال تجسيداً للحلم الذى عشته وأنا طفل فى تلك المدينة المبهرة. الأقصر مدينة القدماء، المنتصبين فى الشوارع والمعابد لحراسة الماضى، والاستمتاع بعرض يومى على مسرح الحاضر، أبطاله أحفادهم أبناء الأقصر
وأشخاص من مختلف الجنسيات يستمتعون بكل خطوة فى أى مكان، وبكل نظرة إلى أى اتجاه. يتبادل الأجداد النظر برضى وهم يستمعون إلى أصداء ثرثرات الجميع فى البيوت والفنادق والمراكب، ويرسلون إليهم التمائم، فتخترق النوافذ وتنشر الأحلام وتصحبهم فى رحلات ممتعة حتى يأتى صباح جديد ومعه يبدأ عرض جديد.
أقرا ايضا | قنصل مصر بشيكاغو ينظم لقاء حول «طريق الكباش» بالأقصر


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.