البرلمان يناقش تعديل قانون المهن الطبية لضم خريجي التخصصات المستحدثة    نقابة المهندسين: تطوير شامل لمصيف المعمورة يشمل الوحدات والمرافق والأنشطة    بيع محال تجارية وصيدلية في مزاد علني بمدينة بدر    أسعار الفراخ تواصل الانهيار.. يا تلحق يا ما تلحقش    البرلمان يبحث تعديل الاتفاق الإطاري للتحالف الدولي للطاقة الشمسية    وزير السياحة والآثار يعتمد الضوابط المنظمة لتنفيذ رحلات العمرة لموسم 1447 ه    وزير الكهرباء: نقل وتوطين تكنولوجيا صناعة الخلايا الشمسية وتربينات الرياح    مجلس النواب يناقش مشروع قانون الإيجار القديم الاثنين المقبل    الأهلية الفلسطينية تطالب بتحقيق دولي في استهداف الاحتلال منتظري المساعدات    استمرار حرب المسيرات بين روسيا وأوكرانيا.. لا مؤشرات حقيقية على تسوية قريبة    لاعب الزمالك على رادار الطلائع في الموسم الجديد    مدرب يوفنتوس: سنقاتل أمام ريال مدريد..ومانشستر سيتي الأفضل في العالم    عاجل.. الزمالك يحسم موقف حسام عبد المجيد من العروض الاحترافية    الزمالك يسابق الزمن لحسم ملف تجديد عقد عبد الله السعيد.. والبديل تحت السن جاهز    محمد شريف ينتظر قرار الأهلي النهائي لحسم مصيره.. والزمالك يترقب عن كثب    القبض على المتهمين في مشاجرة بحدائق القبة    كارثة مرورية.. ارتفاع عدد وفيات حادث الطريق الإقليمى بالمنوفية إلى 14 شخصا وإصابة 2 آخرين    الأجهزة الأمنية بقنا تعثر على جثة عامل بها كدمات وكسور بالرأس بجوار كوبري الملاحة بقرية الخطارة    أيمن بهجت قمر يعلق على دخول فيلم ريستارت قائمة الأفلام تحقيقًا للإيرادات في تاريخ السينما    وزارة الثقافة تحتفل بذكرى ثورة 30 يونيو ببرنامج حافل في أنحاء مصر    أذكار الجمعة.. أمانٌ من كل شر وفتحٌ لكل خير    الصحة تطلق حملة قومية للتبرع بالدم في جميع المحافظات تحت شعار تبرعك بالدم حياة    ماكرون: ترامب عازم على التوصل لوقف إطلاق نار جديد في غزة    المراجعات النهائية للغة الإنجليزية الثانوية العامة 2025    مستشفى الناس تُبهر مؤتمر القلب العالمي في فرانكفورت بتقنيات إنقاذ نادرة للأطفال    مواعيد قطارات «الإسكندرية - القاهرة» اليوم الجمعة 27 يونيو 2025    بينها القضاء على 11 عالما نوويا.. الجيش الإسرائيلي يجمل محصلة هجومه على إيران    سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الجمعة 27-6-2025 بعد آخر انخفاض في البنوك    جلسة علمية حول تخدير جراحة التوليد ضمن "مؤتمر الرعاية المركزة" بطب عين شمس    أوروبا تُصعّد لهجتها.. دعوة لوقف النار في غزة ومراجعة العلاقة مع إسرائيل    مرموش ضد بونو مجددًا.. مواجهة مرتقبة في مونديال الأندية    الموساد بلسان إيراني: كان فعلا "أقرب إلينا من آذاننا"    عادل إمام يتصدر تريند "جوجل".. تفاصيل    ضبط المتهم بالتخلص من شقيقه ونجله وإصابة جارهما في قنا    مصرع وإصابة 16 شخصا فى حادث مروع بالمنوفية    "لازم واحد يمشي".. رضا عبدالعال يوجّه طلب خاص لإدارة الأهلى بشأن زيزو وتريزيجيه    سطو مسلح على منزل براد بيت بلوس أنجلوس أثناء تواجده بالخارج    بكام طن الشعير؟ أسعار الأرز اليوم الجمعة 27 يونيو 2025 في أسواق الشرقية    حريق ضخم في منطقة استوديو أذربيجان فيلم السينمائي في باكو    يكسر رقم أبو تريكة.. سالم الدوسري هداف العرب في تاريخ كأس العالم للأندية (فيديو)    حنان مطاوع تروي كواليس «Happy Birthday»: صورنا 8 ساعات في النيل وتناولنا أقراص بلهارسيا    فضل شهر محرم وحكم الصيام به.. الأزهر يوضح    مصطفى بكري: 30 يونيو انتفاضة أمة وليس مجرد ثورة شعبية    ملف يلا كورة.. جلسة الخطيب وريبييرو.. فوز مرموش وربيعة.. وتجديد عقد رونالدو    بالصور.. نقيب المحامين يفتتح قاعة أفراح نادي المحامين بالفيوم    لجان السيسي تدعي إهداء "الرياض" ل"القاهرة" جزيرة "فرسان" مدى الحياة وحق استغلالها عسكريًا!    الأوقاف تفتتح اليوم الجمعة 9 مساجد في 8 محافظات    أيمن أبو عمر: الهجرة النبوية بداية جديدة وبشارة بالأمل مهما اشتدت الأزمات    هل التهنئة بالعام الهجري الجديد بدعة؟.. الإفتاء توضح    إصابة سيدتين ونفوق 15 رأس ماشية وأغنام في حريق بقنا    "القومي للمرأة" يهنئ الدكتورة سلافة جويلى بتعيينها مديرًا تنفيذيًا للأكاديمية الوطنية للتدريب    بحضور مي فاروق وزوجها.. مصطفى قمر يتألق في حفلة الهرم بأجمل أغنياته    طريقة عمل كفتة الأرز في المنزل بمكونات بسيطة    صحة دمياط تقدم خدمات طبية ل 1112 مواطنًا بعزبة جابر مركز الزرقا    المفتي: التطرف ليس دينيا فقط.. من يُبدد ويُدلس في الدين باسم التنوير متطرف أيضا    حسام الغمري: الإخوان خططوا للتضحية ب50 ألف في رابعة للبقاء في السلطة    حجاج عبد العظيم وضياء عبد الخالق في عزاء والد تامر عبد المنعم.. صور    وزير السياحة والآثار الفلسطينى: نُعدّ لليوم التالي في غزة رغم استمرار القصف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبد الحليم قنديل يكتب.. المشى فى الحذاء نفسه

برغم تواتر كلام "فولكلورى" رسمى عربى فى الموضوع الفلسطينى ، من نوع الدعوة لمفاوضات لا تأتى ، والسعى لإقامة دولة فلسطينية عاصمتها "القدس الشريف" على حدود 1967 ، إلا أن أحدا ممن يلوكون العبارات إياها ، ربما لا يقصدها حرفيا ، وإن جرى استسهال نطقها تمويها على مأزق مستحكم ، لا تبدو فيه حكومه العدو الإسرائيلى مستعدة ، ولا راغبة فى أى تفاوض ، ولا لسماع كلمة " دولة فلسطينية" من أصله ، فحكومة " نفتالى بينيت" أكثر تشددا وصهيونية من حكومة " بنيامين نتنياهو " ، وسندها الأمريكى مشغول هذه الأيام بإيران لا بالفلسطينيين ، وجو بايدن يدعم ما يسمى " اتفاقات إبراهام " مع الدول العربية ، بأكثر مما كان يفعله دونالد ترامب ، ولا مانع عند الإسرئيليين والأمريكيين من منح تسهيلات وايحاءات لتهدئة الغضب الفلسطسينى ، وفى حدود اقتصادية لا سياسية .
ومشكلة واشنطن وتل أبيب مع طهران مرشحة للتفاقم ، ودونما أفق قريب للعودة إلى الاتفاق النووى ، اللهم إلا بشروط تقبل بها إيران ، التى تحظى بدعم مؤثر من روسيا والصين ، بينما لا تبدى موسكو وبكين اهتماما بالوضع الفلسطينى ، االهم إلا من زاوية الإبقاء على خطوط تواصل مفتوحة مع الفلسطينيين ، ومع الإسرائيليين بالذات ، فبكين مهتمة بعلاقاتها الاقتصادية والتكنولوجية مع الكيان الإسرائيلى ، وهو ما يثير امتعاض واشنطن ، وموسكو مهتمه بإبرام اتفاقات أمنية مع الكيان الإسرائيلى حول الوضع فى سوريا ، وحرارة ترحيب الروس بنفتالى بينيت ، لا تقل وتيرتها عن التفاهم السابق مع نتنياهو ، و "إسرائيل" مهتمة بجمع القواسم المشتركة ضد الخطر الإيرانى ، وهى تضمن فى كل الأحوال دعم واشنطن اللامحدود ، وقد أثبتت مجددا قبل أسابيع مقدرتها على ضمان أصوات الحزبين الجمهورى والديمقراطى فى الكونجرس ، وتكريس الولاء الأمريكى لخدمة وتجديد صواريخ قبتها الحديدية ، وضمان الحصول على ضوء أخضر أمريكى ، وربما مشاركة محتملة فى خطط عسكرية واستخباراتية لتدميرأو إعاقة المنشآت النووية الإيرانية ، وتحويل سوريا إلى جبهة صدام متقدمة مع طهران ، وعلى طريقة الغارات التى صارت طقسا روتينيا ، قد تزيد واشنطن نارها اشتعالا ، بعد إعلان القيادة الوسطى الأمريكية عن تعرض قاعدتها فى "التنف" لهجوم مفاجئ منسق بالصواريخ والطائرات المسيرة .
والمحصلة المرئية ، أن لا شئ يضغط اليوم على السياسة الإسرائيلية ، ويدفعها لاستئناف حوار أو تفاوض فى الموضوع الفلسطينى المتروك جانبا ، اللهم إلا فى قضايا جزئية متناثرة ، تطلب فيها قدرا من الهدوء ، يفيد فيما تسميه السياسة الإسرائيلية الراهنة بنهج "تقليص الصراع "، وليس حله ولا حتى إدارته ، فليس لدى حكومة "بينيت" أى استعداد لوقف الاستيطان والتهويد، ولا لفتح ملف القدس طبعا ، ولا للجلاء عن شبر أرض محتلة ، وما دون ذلك قد يكون النقاش واردا فيه ، على طريقة زيارات وزير الخارجية الإسرائيلى "يائير ليبيد " إلى رام الله ، وعرض قروض إسرائيلية للسلطة الفلسطينية ، والسماح بآلاف من تصاريح العمل للفلسطينيين ، واعطاء أذون بناء لبعض المنازل الفلسطينية ، والتفكير فى خطط أشمل لتقليص احتكاك الفلسطينيين مع جيش الاحتلال ، عبر اقتراحات يطرحها المؤرخ "ميخا جودمان" مستشار بينيت ، بمد شبكة طرق فى المنطقتين (أ) و (ب) من الضفة الغربية ، وتوسيع " جسر الكرامة " الرابط مع الأردن ، وتخصيص صالة مغادرة للفلسطينيين فى مطار بن جوريون ، وتصدير بضائع فلسطينية عبر الموانى الإسرائيلية ، إضافة لتخفيف قيود الحصار المفروض على غزة ، والتفاوض على صفقة تبادل أسرى مع " حماس" عبر مصر غالبا ، وامتصاص التوتر فى القدس المحتلة من حول المسجد الأقصى ، وتراهن الحكومة الإسرائيلية على فعالية إجراءات التقليص ، وبحسابات منظورة ، أهمها استمرار الانقسام السياسى الفلسطينى المزمن ، وتردى مواقف الجامعة والدول العربية ، ونجاح حكومة " بينيت" فى شق صف فلسطينيى الداخل ، ودعم حركة الإخوان الجنوبية (جناح منصور عباس ) لها فى الكنيست ، وتزايد عدد الحكومات العربية المتورطة فى اتفاقات " إبراهام " ، واستبدال العداء لإيران بالعداء لإسرائيل ، وبما دفع مسئولا اسرائيليا للسخرية من تصريحات الرئيس الفلسطينى محمود عباس فى دورة الجمعية العامة الأخيرة للأمم المتحدة ، التى منح فيها إسرائيل مهلة عام واحد للانسحاب من الضفة والقدس مع غزة ، أى ترك 22% من مساحة فلسطين لدولة مستقلة ، وإلا جرى التحول الفلسطينى الرسمى إلى سحب الاعتراف بكيان الاحتلال الإسرائيلى ، والعودة إلى قرار التقسيم الصادر عن الأمم المتحدة عام 1947 ، الذى يعطى الفلسطينيين دولة على مساحة 44% من أرض فلسطين التاريخية ، أو فتح الأقواس إلى هدف آخر أوسع ، هو إقامة دولة واحدة فى فلسطين التاريخية كلها ، اعتمادا على الأغلبية العددية المتزايدة للفلسطينيين ، وخوض نضال النفس الطويل لإقامة دولة ديمقراطية واحدة .
والحقيقة ، أن كلام الرئيس عباس يبدو معقولا ، لولا حكاية مهلة العام هذه ، التى لن يهلك فيها الذئب ولن يفنى الغنم ، وقد قررت المؤسسات الفلسطينية مرارا سحب الاعتراف بإسرائيل ، وإلغاء الالتزام باتفاقات أوسلو ، التى لا تمنح الفلسطينيين سوى سلطة اسمية على 18% من مساحة الضفة الغربية (المنطقة أ)، فيما تمنح سلطة جيش الاحتلال 61% من مساحة الضفة الغربية (المنطقة ج) ، إضافة لوجود جيش الاحتلال فى 21% من الضفة (المنطقة ب) ، ولم يحدث أبدا ، أن التزمت إسرائيل حتى بسلطة الفلسطينيين الاسمية فى المنطقة (أ)، ونشرت الاستيطان والتهويد فى القدس والضفة كلها ، ومن دون أن يتغير شئ فى مفاوضات اتصلت عبر عشرين سنة بعد عقد اتفاق أوسلو ، ثم توقف التفاوض نهائيا عام 2014 ، ودونما أمل فى العودة إليه ، حتى مع وجود خطوات رمزية أخيرة من جانب واشنطن ، بينها ابداء الاستعداد لإعادة فتح قنصلية تعامل مع الفلسطينيين فى القدس ، لا تعدو كونها ذرا للرماد فى العيون ، بينما لا تفيد قرارات الأمم المتحدة إلا على نحو معنوى ، ولا تفيد التحركات الدبلوماسية من بعض العواصم العربية ، التى لا تعتبر القضية من همومها الفعلية ، اللهم إلا من باب المجاراة والاستهلاك المحلى ، خصوصا مع تخلخل الإرادة الفلسطينية الرسمية ، وترددها فى اتخاذ إجراءات نضج أوانها من زمن طويل ، وبما يفتح الباب لتداول صيغ وبدائل لصفقة ترامب ، على طريقة دعوة نشرتها مجلة " فورين بوليسى " أخيرا لرجل أعمال أردنى من أصل فلسطينى ، تتبنى ترك القدس مفتوحة وبيد إسرائيل ، وضم الضفة وغزة إلى الأردن الملكى(!) .
ليست القصة إذن ، أن الرئيس الفلسطينى ، بمهلة العام ، صعد إلى أعلى شجرة ، ولن يستطيع النزول عنها ، كما تقول التعليقات الإسرائيلية الساخرة ، بل ربما يكون الأمر على العكس بالضبط ، لو جرى شفع الأقوال بالأفعال فلسطينيا ، ومن دون أن يعنى ذلك وقفا لأى نشاط دبلوماسى ، ولا التوقف عن مطاردة جرائم إسرائيل فى المحاكم الدولية ، ولا إضعاف الاهتمام بتحولات إيجابية فى الرأى العام الغربى ، كان أحدثها إدانة مؤتمر حزب العمال البريطانى لجرائم "الأبارتهايد" الإسرائيلى ، وتطور موقف قطاعات من الحزب الديمقراطى الأمريكى ، وغيرها من مواقف مساندة للحق الفلسطينى ببركة معركة "سيف القدس" ، فالعمل الدولى مطلوب فلسطينيا فى كل الأوقات ، لكنه لايثمر بغير إطلاق كل صنوف المقاومة على الأرض الفلسطينية أولا ، وقد أثبت الشعب الفلسطينى مقدرته الهائلة على الإبداع الكفاحى ، وعلى التكامل الملموس بين المقاومة الشعبية والمقاومة المسلحة وبطولات الأسرى ، وهذا ما يصح أن تستهدى به القيادة الفلسطينية ، لا أن تنتظر تغيرا فى مواقف قيادة كيان الاحتلال ، فليس فى صراعات التاريخ الدامية منح ولا عطايا ، ولا فى سير الاحتلال تراجعات مجانية ، و"ماحك جلدك مثل ظفرك" ، كما تقول الحكمة المأثورة عن الإمام الشافعى ، وما من طريق سالك لكسب الحق الفلسطينى إلا بالفلسطينيين أولا ، ولن يخسر الفلسطينيون شيئا غير قيودهم ، إذا هم قرروا طلاقا بائنا مع اتفاقات أوسلو وتوابعها وسلطاتها ، وسحبوا اليوم ، وليس بعد عام ، اعترافا سابقا فى غير محل بشرعية مدعاة لوجود كيان الاغتصاب الصهيونى ، فبرغم ما يبدو على السطح من ظواهر مريحة لكيان الاحتلال ، إلا أن أزمة الكيان تتفاقم فى العمق ، فكل كيان إستيطانى إحلالى ، يحتاج إلى مادة بشرية تكفل استدامته وتوسعه ، والكيان الإسرائيلى يعانى من نضوب موارد الهجرة المستعدة للذهاب إليه ، وقد وعد "بينيت" بجلب نصف مليون يهودى إضافى ، وهو هدف لا يبدو قابلا للتحقق ، بينما يزيد عدد الفلسطينيين بإطراد وثبات فوق أرضهم المقدسة ، وربما لا ينقصهم سوى روح جديدة وقيادة جديدة ، تقرر الخروج عن النص ووقف سياسة المشى فى الحذاء القديم نفسه .
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.