تنسيق الجامعات 2025، تعليمات مهمة للطلاب بشأن اختبارات القدرات    بسبب عدم استكمال الأوراق، استبعاد مرشحين من المتقدمين لانتخابات الشيوخ في القليوبية    وزير الري: السد العالي حامي الحمى لمصر.. ولولاه لما استطعنا تحمل ملء سد النهضة    وزارة الأوقاف تفتتح 8 مساجد اليوم ضمن خطتها لإعمار بيوت الله    إعلان القائمة المبدئية لمرشحي مجلس الشيوخ ورموزهم الانتخابية اليوم    بنك ناصر الاجتماعي يرعى معرض ديارنا للحرف اليدوية والتراثية بالساحل الشمالي    انخفاض التضخم والأسعار «محلك سر».. تراجع المعدل إلى 14.9% في يونيو 2025.. والبنك المركزي يكشف الأسباب    خبراء الضرائب: 4 تحديات تواجه تحويل مصر لمركز إقليمي لصناعة الحديد والصلب    البنك الأهلي يعلن انتظام العمل بكافة ماكينات ATM وبكامل طاقتها للعملاء    الإسكان: تنفيذ أكثر من 31 ألف وحدة سكنية وأسواق ومدرسة بالعبور الجديدة    مقاتلون بحزب العمال الكردستاني يبدأون نزع سلاحهم في حفل بشمال العراق    غرق سفينة يونانية ثانية في البحر الأحمر بعد هجمات حوثية مميتة    شينخوا: زيارة رئيس مجلس الدولة الصينى لمصر تبرز متانة العلاقات بين البلدين    ملعب سانتياجو بيرنابيو يستضيف نهائي كأس العالم 2030    بعد 18 يوما من البحث، أداء صلاة الغائب على غريق رأس البر (صور)    ضبط 3 قضايا في جرائم الهجرة غير الشرعية وتزوير المستندات خلال 24 ساعة    محمد توفيق يتحدث عن كتابة السير التاريخية في ندوة معرض مكتبة الإسكندرية للكتاب    أحمد حاتم يبدأ تحضيرات مسلسله الجديد العند ومرام على تشاركه البطولة    أحمد عبد الوهاب يكتب: غزة ضحية شروط حماس وقمع الاحتلال    محافظ البنك المركزي يوقع مذكرة تفاهم مع نظيره الصيني لتعزيز التعاون    أين قدرى؟    "الوشم مش حرام!".. داعية يرد على مراكز التجميل    خريج «هندسة المنصورة» يحصد جائزة دولية من المنظمة العالمية للموارد المائية    مودريتش يودع ريال مدريد بكلمات مؤثرة    كواليس طلب إمام عاشور تعديل عقده مع الأهلي    استعدادا لتنسيق الجامعات 2025.. التعليم العالي تعلن قوائم المؤسسات المعتمدة في مصر    «الزراعة» تعلن ارتفاع الصادرات الزراعية إلى 5.8 مليون طن حتى الآن    فتح باب التقدم لمدارس التكنولوجيا والتعليم المزدوج ومراكز التميز    إصابة 14 شخصًا بينهم 4 أطفال في تصادم سيارتين على الصحراوي الشرقي ببني سويف    العثور على جثة الضحية الثانية بعد غرق سيارة في النيل بقنا    "أنا شهاب من عند الجمعية".. كيف سقط سائق "التوك توك" فى قبضة الداخلية    مصرع سائق في انقلاب «تريلا» على طريق سفاجا بالبحر الأحمر    جدول زيادة الحد الأدنى للأجور 2025 وموعد صرف مرتبات يوليو وأغسطس وسبتمبر 2025 للمعلمين    وزراء خارجية دول رابطة جنوب شرق آسيا: إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية    تهاجمها إسرائيل وتلاحقها أمريكا ومُطالبة بمنحها «نوبل».. من هي فرانشيسكا ألبانيزي؟    بعد اعتماد وزير الثقافة له.. تشكيل اللجنة العليا للدورة ال"27" من بينالي الإسكندرية    نجل سامي العدل عن سامح عبدالعزيز: «كان صاحب أبويا وبيضحكنا في أصعب موقف»    بعد منع شيرين من دخول مخيمه.. فضل شاكر: «ظُلِمتُ أكثر من 13 سنة»    إيرادات الخميس.. «أحمد وأحمد» في المركز الأول و«المشروع x» الثاني    سفير إيران فى روسيا: إسرائيل دفعت الوضع فى الشرق الأوسط إلى نقطة حرجة    عالم أزهري يوضح أعظم دروس الهجرة النبوية    «السبكي» يعرض التجربة المصرية في الحوكمة والتمويل الذاتي باجتماع UHC2030    شفاء واحتفال.. طبيب بني سويف الجامعي يهزم الأزمة الصحية ويحتفل وسط أحبائه بالمستشفى    ولادة نادرة لتوأم ملتصق بمستشفى الفيوم العام.. و«الصحة»: الحالة تحت التقييم الجراحي    ما هي أعراض التهاب الملتحمة البكتيري؟    ممدوح عباس: "الفوضى خلصت.. ومصطفى محمد مش راجع من أوروبا"    حالة الطقس اليوم الجمعة في الكويت    وائل القباني ينصح نجم الزمالك بالرحيل    وزير المالية في لقائه بالمدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية: نتطلع إلى آليات مبتكرة لتمويل النظام الصحي في مصر    موقف يثير الشكوك.. برج العقرب اليوم 11 يوليو    «مش عايزين نقول الأهلي اللي عملك».. تعليق ناري من طارق يحيى بشأن أزمة وسام أبوعلي    تردد قناة MBC Action hd الناقلة لمباراة نهائي كأس العالم للأندية 2025    "كمل في طريقك مترجعش".. نجم الأهلي يوجه رسالة إلى مصطفى محمد بعد أنباء التفاوض معه    إعلام إسرائيلي: مقتل جندي ثان متأثرًا بجراحه إثر تفجير مبنى مفخخ في خان يونس    لماذا حرم الله الربا؟.. أمين الفتوى يجيب    "بيان حسم".. محاولة بث الحياة في تنظيم ميت    ما حكم إفشاء الأسرار الزوجية؟.. أمين الفتوى يجيب (فيديو)    أمين الفتوى يحذر من الزواج العرفي: خطر جسيم على المرأة (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كيف ظهرت المرأة فى أدب دوستويفسكى؟
بمناسبة المئوية الثانية لميلاده
نشر في بوابة أخبار اليوم يوم 11 - 05 - 2021


د.‬دينا ‬محمد ‬عبده
لا ‬يخلو ‬أدب ‬دوستويفسكى ‬من ‬نماذج ‬نسائية ‬جديرة ‬بلفت ‬الانتباه ‬والتوقف ‬أمامها، ‬بداية ‬من ‬باكورة ‬أعماله ‬‮«‬الفقراء‮»‬، ‬حيث ‬ظهرت ‬المرأة ‬المعدمة ‬المستضعفة،وهى ‬فارفارا ‬دوبروسيلوفا، ‬التى ‬يستغلها ‬السيد ‬بيكوف ‬ويغرر ‬بها ‬ثم ‬يتزوجها. ‬
يشير ‬النقاد ‬إلى ‬التشابه ‬بين ‬هذه ‬البطلة ‬وبين ‬فارفارا ‬دوستويفسكايا، ‬الأخت ‬الصغرى ‬للكاتب، ‬إذ ‬تزوجت ‬من ‬شخص ‬يكبرها ‬بكثير ‬وأساء ‬معاملتها. ‬وإن ‬كان ‬دوستويفسكى ‬يتعاطف ‬مع ‬بطلته ‬فى ‬‮«‬الفقراء‮»‬ ‬فهو ‬لا ‬يتعاطف ‬أبدًا ‬مع ‬كاترينا ‬بطلة«صاحبة ‬البيت‮»‬، ‬فهى ‬المرأة ‬الآثمة ‬الجاهلة، ‬وبالتالى ‬اعتبرها ‬الكاتب ‬رمزًا ‬للشر ‬عند ‬الاختيار ‬الحر ‬للإنسان، ‬فهى ‬تصلى ‬وتصلى ‬طلبا ‬للعفو ‬والغفران، ‬ولكنها ‬تستمر ‬فى ‬الإثم، ‬وتعيش ‬مع ‬مورينى ‬الذى ‬يعد ‬ليس ‬فقط ‬زوجًا ‬غير ‬شرعى، ‬وإنما ‬قاتل ‬والديها ‬وخطيبها.‬
لكن، ‬كم ‬امرأة ‬معذبة ‬كانت ‬بطلة ‬أعماله؟ ‬يظهر ‬هذا ‬النموذج ‬فى ‬صورة ‬ألكسندرا ‬ميخايلوفنا ‬بطلة ‬‮«‬نيتوتشكا ‬نيزفانوفا‮»‬، ‬التى ‬ربت ‬نيتوتشكا ‬فى ‬بيتها ‬لمدة ‬ثمان ‬سنوات ‬وكانت ‬تعيش ‬فى ‬وحدة ‬وعزلة ‬كالراهبات ‬فى ‬المعبد، ‬وقد ‬كان ‬السر ‬الذى ‬يضنى ‬روحها ‬هى ‬قصة ‬حب ‬كانت ‬تعيشها ‬مع ‬أحد ‬الأشخاص ‬وتتبادل ‬معه ‬الخطابات ‬دون ‬أن ‬تخون ‬زوجها ‬جسديًا. ‬لكن ‬ما ‬إن ‬علم ‬زوجها ‬حتى ‬أخذ ‬يعذبها ‬بمعاملته ‬القاسية ‬الجافة ‬التى ‬تسببت ‬فى ‬مرضها ‬مرضًا ‬شديدًا ‬لتبدو ‬أيامها ‬معدودة ‬فى ‬نهاية ‬الرواية. ‬
كما ‬تظهر ‬المرأة ‬الأنانية ‬التى ‬تقودها ‬الأغراض ‬والأهواء ‬دون ‬وعى، ‬هى ‬فاريا ‬بطلة ‬‮«‬الليالى ‬البيضاء‮»‬.‬كذلك ‬المرأة ‬القاسية ‬الشريرة ‬التى ‬لا ‬تعرف ‬شفقة ‬ولا ‬رحمة، ‬مثل ‬الأميرة ‬فى ‬رواية ‬‮«‬نيتوتشكا ‬نيزفانوفا‮»‬. ‬وبشكل ‬عام ‬فدوستويفسكى ‬لا ‬يتدنى ‬بصورة ‬المرأة ‬ولا ‬يجعلها ‬مثالية، ‬وعلى ‬الرغم ‬من ‬تعدد ‬النماذج ‬النسائية ‬لديه ‬هناك ‬شىء ‬واحد ‬يجمعهن ‬وهو ‬أنه ‬لا ‬توجد ‬امرأة ‬واحدة ‬سعيدة ‬بين ‬بطلات ‬أعماله، ‬كما ‬لا ‬يوجد ‬رجل ‬سعيد ‬ولا ‬أسرة ‬سعيدة. ‬ويبدو ‬فى ‬الكثير ‬من ‬أعماله ‬أنه ‬كلما ‬زاد ‬نقاء ‬الشخص ‬زادت ‬تعاسته. ‬
وعلى ‬العموم ‬يمكن ‬تقسيم ‬بطلات ‬دوستويفسكى ‬إلى ‬نموذجين، ‬الأول ‬نساء ‬العقل ‬والحسابات، ‬والثانى ‬نساء ‬العاطفة ‬والوجدانيات. ‬فلو ‬تطرقنا ‬إلى ‬رائعته ‬‮«‬الجريمة ‬والعقاب‮»‬ ‬نجد ‬أنه ‬يمكن ‬النظر ‬إلى ‬بطلته ‬العاهرة ‬سونيا ‬من ‬منظورين. ‬فى ‬الأول ‬نجد ‬البطلة ‬تجسد ‬قيم ‬المسيحية ‬ومبادئها، ‬والثانى ‬تحمل ‬الموروثات ‬الأخلاقية ‬الشعبية ‬منذ ‬الطفولة، ‬ولكن ‬كل ‬هذا ‬بدأ ‬يتغير ‬ويتبدل ‬تحت ‬وطأة ‬الظروف ‬وظلم ‬المجتمع ‬ومسيرة ‬العناء. ‬ورغم ‬المعاناة ‬والإذلال ‬الذى ‬يمكن ‬تخيله ‬ولا ‬يمكن ‬تخيله ‬خلال ‬حياتها ‬القصيرة ‬فقد ‬احتفظت ‬بالنقاء ‬الروحى ‬وصفاء ‬العقل ‬والقلب، ‬فلا ‬عجب ‬أن ‬ينحنى ‬لها ‬راسكولنيكوف ‬قائلا: ‬‮«‬إننى ‬أنحنى ‬لكل ‬حزن ‬ومعاناة ‬البشرية‮»‬ ‬فهى ‬رمز ‬الظلم ‬والقهر ‬فى ‬هذا ‬العالم. ‬وعلى ‬الرغم ‬من ‬كل ‬هذا ‬فقد ‬اختارها ‬دوستويفسكى ‬من ‬أجل ‬إنقاذ ‬وتطهير ‬راسكولنيكوف ‬بعد ‬أن ‬رأى ‬من ‬خلالها ‬اليقين ‬فى ‬الله، ‬واليقين ‬فى ‬الخير ‬الذى ‬لا ‬حدود ‬له، ‬وجعل ‬البطل ‬لأول ‬مرة ‬يفكر ‬فى ‬أن ‬هناك ‬جانبًا ‬روحيًا ‬وأخلاقيًا ‬لكل ‬أفكاره ‬وسلوكياته. ‬
فى ‬‮«‬الأبله‮»‬ ‬يظهر ‬نموذج ‬المرأة ‬العقلانية ‬التى ‬تعيش ‬وفقا ‬لحسابات ‬وأغراض ‬معينة،وهى ‬فاريا ‬إيفولجى، ‬ولكن ‬انصب ‬اهتمام ‬الكاتب ‬على ‬امرأتين ‬أخريين، ‬وهما ‬أجليا ‬وناستاسيا ‬فيليبوفنا. ‬كان ‬ميشكين ‬بطل ‬الرواية ‬يرى ‬الصفات ‬الحميدة ‬فى ‬المرأتين، ‬ويرى ‬أنهما ‬متشابهتان ‬إلى ‬أبعد ‬الحدود ‬على ‬الرغم ‬من ‬اختلاف ‬الشكل، ‬فأجليا ‬جميلة ‬ذكية ‬معتزة ‬بنفسها، ‬لا ‬تأبه ‬كثيرا ‬برأى ‬المحيطين، ‬غير ‬راضية ‬عن ‬أسلوب ‬حياة ‬أسرتها، ‬أما ‬ناستاسيا ‬على ‬النقيض ‬تماما، ‬فهى ‬امرأة ‬مضطربة ‬مندفعة ‬متسرعة، ‬ومع ‬ذلك ‬فهى ‬خاضعة ‬تماما ‬لقدرها ‬غير ‬العادل، ‬وكانت ‬مقتنعة ‬بداخلها ‬أنها ‬امرأة ‬ساقطة ‬وضيعة ‬وكانت ‬أسيرة ‬للمعايير ‬الأخلاقية ‬المحيطة ‬بها، ‬وكانت ‬تطلق ‬على ‬نفسها ‬فتاة ‬شوارع ‬وتريد ‬أن ‬تظهر ‬أسوأ ‬مما ‬هى ‬عليه، ‬وتتصرف ‬بشكل ‬غريب ‬الأطوار.‬
كانت ‬ناستاسيا ‬فيليبوفنا ‬امرأة ‬عاطفية ‬ولكن ‬أصبحت ‬غير ‬قادرة ‬على ‬الحب، ‬كانت ‬المشاعر ‬تحترق ‬بداخلها ‬ولكنها ‬كانت ‬تحب ‬عارها ‬فقط. ‬وعلى ‬الرغم ‬من ‬أنها ‬تمتلك ‬جمالاً ‬يمكنه ‬أن ‬يقلب ‬العالم ‬رأسًا ‬على ‬عقب، ‬وعلى ‬الرغم ‬أن ‬الرجال ‬كانوا ‬يلاحقونها ‬وكان ‬روجوجين ‬يتنافس ‬مع ‬الأمير ‬ميشكين ‬على ‬حبها ‬إلا ‬أنها ‬كانت ‬ترفض ‬العالم ‬بأسره، ‬وقد ‬التقت ‬فى ‬هذه ‬الدنيا ‬بالكثير ‬من ‬البشر، ‬الراقى ‬منهم ‬والوضيع، ‬إلا ‬أنها ‬كانت ‬لا ‬تريد ‬أن ‬تبقى ‬مع ‬أولئك ‬أو ‬هؤلاء.‬فكانت ‬ترى ‬أنها ‬لا ‬تستحق ‬أخيار ‬الناس، ‬كما ‬لا ‬يستحقها ‬أرذلهم. ‬رفضت ‬ميشكين ‬وذهبت ‬مع ‬روجوجين، ‬ولم ‬يكن ‬هذا ‬آخر ‬المطاف ‬فقد ‬ظلت ‬متأرجحة ‬بين ‬الاثنين ‬حتى ‬قتل ‬الأخير. ‬لم ‬يقلب ‬جمالها ‬العالم ‬بل ‬أهلك ‬العالم ‬جمالها.‬
أما ‬بطلة ‬‮«‬المراهق‮»‬ ‬فهى ‬صوفيا ‬أندرييفنا ‬دولجوروكايا، ‬زوجة ‬فيرسيلوف ‬الشرعية، ‬وأم ‬أبنائه. ‬وتعتبر ‬من ‬أكثر ‬النماذج ‬النسائية ‬الإيجابية ‬فى ‬إبداع ‬دوستويفسكى، ‬فهى ‬تتسم ‬بالوداعة ‬الإنسانية، ‬وبالتالى ‬عدم ‬التوانى ‬عن ‬كل ‬الالتزامات ‬المطلوبة ‬منها، ‬فقد ‬كرست ‬كل ‬حياتها ‬لخدمة ‬زوجها ‬وأبنائها. ‬لم ‬يخطر ‬ببالها ‬أن ‬تدافع ‬عن ‬نفسها ‬ضد ‬قسوة ‬الزوج ‬والأبناء ‬وكثرة ‬مطالبهم ‬وظلمهم ‬وجحودهم ‬الشديد ‬وعدم ‬النظر ‬بأى ‬شكل ‬من ‬الأشكال ‬لاهتماماتها ‬أو ‬راحتها. ‬وكان ‬يرى ‬زوجها ‬أن ‬التواضع ‬والطاعة ‬يرجعان ‬إلى ‬أصلها ‬المتواضع ‬البسيط. ‬وتكمن ‬القوة ‬الحقيقية ‬للبطلة ‬فى ‬إيمانها ‬الراسخ ‬بالله ‬وتعلقها ‬الثابت ‬الخالى ‬من ‬الأغراض ‬بما ‬هو ‬أسمى ‬وأرقى ‬فى ‬هذه ‬الحياة. ‬ورغم ‬حياتها ‬التى ‬تقترب ‬من ‬القداسة ‬إلا ‬أن ‬ثمة ‬ذنبا ‬لا ‬يمحى ‬قد ‬اقترفته، ‬فبعد ‬ستة ‬أشهر ‬من ‬زفافها ‬من ‬مكار ‬دولجوروكى،انجذبت ‬لفيرسيلوف ‬وسلمت ‬نفسها ‬له ‬وأصبحت ‬زوجته ‬فى ‬القانون. ‬سيظل ‬الذنب ‬ذنبا ‬حتى ‬لو ‬تم ‬تبرير ‬الظروف. ‬تزوجت ‬الفتاة ‬ذات ‬الثمانية ‬عشر ‬وهى ‬لا ‬تعرف ‬معنى ‬الحب، ‬ونفذت ‬وصايا ‬والدها ‬ورضخت ‬للواقع ‬رضوخا ‬تاما. ‬
قد ‬نلتقى ‬فى ‬حياتنا ‬بأناس ‬يقتربون ‬من ‬القداسة ‬قد ‬لا ‬تلاحظهم ‬أعين ‬الغرباء ‬وقد ‬لا ‬نقدرهم ‬بما ‬فيه ‬الكفاية، ‬لكن ‬تظل ‬الحياة ‬بدونهم ‬صعبة ‬مفككة، ‬ومن ‬بين ‬هؤلاء ‬بطلة ‬دوستويفسكى ‬صوفيا ‬أندرييفنا.‬
فى ‬رواية ‬‮«‬الشياطين‮»‬ ‬تظهر ‬البطلة ‬داشا ‬شاتوفا ‬المستعدة ‬دائمًا ‬للتضحية ‬بنفسها، ‬كما ‬تظهر ‬البطلة ‬ليزا ‬توشينا ‬الفخورة ‬بنفسها ‬والباردة ‬إلى ‬حد ‬ما، ‬كما ‬تظهر ‬ماريا ‬ليبيدكينا ‬الهادئة ‬اللطيفة ‬والحالمة ‬ولكنه ‬تبدو ‬مجنونة ‬أو ‬نصف ‬مجنونة، ‬ولكن ‬ولأول ‬مرة ‬يظهر ‬نموذج ‬البطلة ‬المعادية ‬للمرأة ‬وهى ‬ماى ‬شاتوفا ‬العائدة ‬من ‬الغرب ‬وتستطيع ‬أن ‬تنمق ‬الكلمات ‬جيداً ‬ولكنها ‬تنسى ‬أن ‬الدور ‬الأساسى ‬للمرأة ‬هو ‬الأمومة ‬وتحاول ‬أن ‬تقوم ‬بأى ‬عمل ‬غريب ‬يبعد ‬كل ‬البعد ‬عن ‬طبيعة ‬المرأة. ‬وقبل ‬الولادة ‬وقبل ‬أن ‬ينزل ‬جنينها ‬إلى ‬الدنيا ‬ظلت ‬تصرخ ‬وتقول ‬اللعنة ‬على ‬كل ‬شىء ‬مقدمًا. ‬فقد ‬كانت ‬ترى ‬أن ‬تربية ‬الأطفال ‬يمكن ‬أن ‬تتم ‬على ‬يد ‬أى ‬شخص ‬وليس ‬الأم ‬فقط، ‬وقررت ‬إرسال ‬وليدها ‬إلى ‬الملجأ ‬ثم ‬بعد ‬ذلك ‬إلى ‬القرية ‬ليتلقى ‬تربيته ‬هناك، ‬لكى ‬تذهب ‬إلى ‬عمل ‬أكثر ‬عقلانية ‬يجعلها ‬تستعيد ‬صحتها. ‬أما ‬النموذج ‬الآخر ‬المعادى ‬للمرأة ‬فهى ‬القابلة ‬أرينا ‬فيرجنسكايا ‬التى ‬كانت ‬ترى ‬أن ‬ولادة ‬الانسان ‬هى ‬تطور ‬مستمر ‬للكائن ‬الحى، ‬ومع ‬ذلك ‬لم ‬يمت ‬تمامًا ‬كل ‬شيء ‬أنثوى ‬فيها، ‬فبعد ‬عام ‬من ‬حياتها ‬مع ‬زوجها ‬سلمت ‬نفسها ‬للكابتن ‬ليبيادكين.‬
صوّر ‬دوستويفسكى ‬بعبقرية ‬شديدة ‬نماذج ‬متعددة ‬من ‬النساء ‬هن ‬بطلات ‬أعماله ‬وقد ‬يتشابهن ‬فى ‬كثير ‬من ‬الأحيان، ‬لكن ‬لكل ‬شخصية ‬منهن ‬تفردها ‬وتميزها ‬عن ‬غيرها، ‬مما ‬أكسب ‬كل ‬منهما ‬قوة ‬خاصة ‬تميزت ‬بها ‬كبطلة ‬من ‬بطلات ‬دوستويفسكى.‬


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.