تخطفك موسيقاه المتفردة إلى عوالم خفية، وتُبحر معها بعمق داخل تفاصيل الشخصيات إنه الموسيقار تامر كروان الذي يُتوج إضافاته المُميزة في عالم الموسيقى التصويرية بأربعة أعمال يشارك بهم في الموسم الرمضاني الحالي هم «لعبة نيوتن»، «2020»، «موسى»، و«كل ما نفترق».. في حواره مع «أخبار النجوم» يكشف كروان عن سر إرتباط الجمهور بموسيقى «لعبة نيوتن»، والإختلاف بين تأليفه موسيقى لعمل مصري أو لبناني، كما يتحدث عن كواليس تأليف الموسيقى التصويرية ل«موسى»، و«كل ما نفترق».. إلى نص الحوار. نبدأ بالحديث عن الموسيقى التصويرية لمسلسل «لعبة نيوتن» التي لعبت دوراً أساسياً في حبس أنفاس الجمهور ووصف مشاعر التوتر والقلق التي يعيشها أبطال العمل بشكل دقيق.. ما السر في ذلك؟ هذا المسلسل تحديداً له ظروف عمل خاصة كانت السر وراء ترابط الموسيقى التصويرية مع أحداثه بشكل دقيق، إذ أخذت كفايتي من الوقت في تأليف وتنفيذ الموسيقى التصويرية بعد تأجيل عرض العمل للموسم الرمضاني الحالي بسبب فيروس «كورونا»، حيث عملت والمخرج تامر محسن على الموسيقى التصويرية بشكل مُكثف لمدة 6 أشهر كاملة جمعتنا فيها جلسات عمل عديدة لتجربة العديد من الثيمات الموسيقية حتى توصلنا واستقرينا على التوليفة التي إستمع إليها الجمهور في «لعبة نيوتن»، وأيضاً هناك كيمياء تجمعني بالمخرج تامر محسن حيث عملنا سوياً من قبل في مسلسلات «تحت السيطرة»، «نمرة 2»، والتفاهم بيننا يجعلنا نُقدم أفضل ما لدينا، والحقيقة أن تعاوننا دائماً ما يكون مُثمراً. ماذا عن كواليس تأليفها وتنفيذها؟ استعنت بآلالات تقليدية، لكن البطل في هذا العمل هي التشيللو والكامنجا والجيتار، ورغم أنها الآلات تقليدية، لكن التيمة وطريقة صياغتها هي التي تصنع التفرد والتميز في الموسيقى. «2020» ننتقل للحديث عن المسلسل اللبناني «2020» الذي يحمل أبعاد عديدة متناقضة بين الإطار البوليسي والرومانسي.. كيف كانت كواليس تأليفك لموسيقى تصويرية تُضاهي هذا التناقض؟ بالفعل مسلسل «2020» يحمل العديد من الأبعاد المختلفة بين الأكشن والتشويق والإثارة والرومانسية التي تختلط فيها الكثير من المشاعر المتضاربة لذلك أعتبره عمل دسم موسيقياً، ولإن معظم أحداثه تدور في منطقة شعبية لبنانية كان من الضروري عليً البحث والتعرف بشكل أعمق على طبيعة الموسيقى اللبنانية الشعبية وكيفية توظيف آلاتها واستخدامها بما يخدم طبيعة العمل، لذلك استعنت بألة «البزق»، مع تداخلات إيقاعات بشكل ما حتى تُعطي إحساس المنطقة الشعبية، إلى جانب تأليف المقطوعات الموسيقية المتعلقة بالخط الرومانسي وأيضاً التشويقي. درجة الصعوبة الحقيقة التي حملها هذا العمل هو عدم التعاون والتواصل مع المخرج فيليب أسمر بشكل مباشر بحكم تواجده في لبنان، لكن تجمعني به كيمياء خاصة منذ أن عملنا سوياً في مسلسل «خمسة ونص» الذي عُرض عام 2019، تلك التجربة التي حملت تحدياً كبيراً بالنسبة لي كوني مؤلف موسيقي مصري يصنع «مزيكا» لعمل لبناني، لكن بفضل الله لعبت الموسيقى التصويرية دوراً أساسياً في هذا العمل. ما الإختلافات التي تحملها تجربة صناعة موسيقى تصويرية بين عمل مصري ولبناني؟ ليس هناك إختلافات كبيرة بين القضايا أو الموضوعات التي يتم تناولها سواء في الدراما المصرية أو اللبنانية بسبب تشابه المشكلات الإجتماعية بين البلدين، لكن الإختلاف يكمن في طريقة عرضها وتناولها وطريقة تعامل المجتمع مع هذه المشكلات وهذا يؤثر بدوره على طريقة صياغة الموسيقي التصويرية، فعلى سبيل المثال الفعل الذي يُشكل صدمة للجمهور المصري ليس بالضرورة أن يُشكل التأثير ذاته للجمهور اللبناني، والعكس صحيح، لكن يكمن الإختلاف الأساسي في اللهجة، حيث تحمل اللهجة اللبنانية إيقاع مختلف تماماً عن اللهجة المصرية، وهذا يجب مراعاته حتى لا يتضارب إيقاع الموسيقى مع إيقاع اللهجة. «2020» و«لعبة نيوتن» أعمال مؤجلة منذ الموسم الرمضاني الماضي.. ماذا أتاح لك هذا الوقت؟ تأجيل «لعبة نيوتن» أتاح لي فرصة العمل على موسيقاه التصويرية بشكل أدق بعد مشاهدة أكبر قدر من الحلقات التي كان أنتهى المخرج تامر محسن من تصويرها، تلك المشاهدة التي أتاحت لي التركيز بشكل أعمق على أبعاد الشخصيات والتعرف على التتابع الدرامي للمسلسل، مما يُمكن المؤلف الموسيقي من تأليف وصناعة موسيقى تترابط بشكل وثيق مع أحداث العمل وأجواءه وذلك يجعلها تدعم العمل بشكل أساسي، وهذا ما نفتقده مع كثير من الأعمال الدرامية الأخرى بسبب ضيق الوقت الذي يُشكل صعوبة عالية على المؤلف الموسيقي من حيث التعمق في إحساس المسلسل بشكل كامل إذ يبقى هناك جزءاً مجهولاً بالنسبة له، أما مسلسل «2020» كنت قد إنتهيت بالفعل من تنفيذ وتسجيل موسيقاه التصويرية لذلك لم يكن هناك مجال لإعادة صياغة أو إضافة أي تفاصيل جديدة على الموسيقى لإن ذلك يُشكل تكلفة إضافية على منتج العمل. «موسى» مسلسل «موسى» تدور أحداثه فى الأربعينات خلال الإحتلال البريطاني لمصر.. هل إكتفيت بقراءة سيناريو العمل أم استعنت بمراجع تاريخية عن هذه الفترة الزمنية؟ لدي خلفية تاريخية عن فترة الإحتلال الإنجليزي لمصر والمقاومة والنضال والصراع حول تحقيق الإستقلال بحكم حُبي للقراءة والمعرفة بالتاريخ خاصة المصري، وبالطبع لم أغفل عن ذلك، لكن على الرغم من أن أحداث العمل تدور في منطقة الصعيد، إلا إنني لم أصنع موسيقى فلكلورية خالصة، بل إستعنت ببعض الآلات مثل الناي، الربابة، والدُف التي أضافت نكهة فلكلورية، لكن بشكل مُجرد، لإن في النهاية دور الموسيقى التصويرية في أي عمل دعم الدراما بشكل أساسي. كيف تحقق ذلك في «موسى»؟ المؤلف محمد سلامة بذل مجهود كبير في كتابة سيناريو هادئ، وحوار يدور بشكل بسيط وطبيعي، لذلك احتياج دراما العمل للموسيقى التصويرية ليس كبيراً، إلا في المناطق والمشاهد التي تتطلبها الدراما، وهذا أمر أعجبني كثيراً لإنني ضد استخدام الموسيقى بشكل كثيف من أجل اللعب على وتيرة مشاعر المُشاهد طوال الوقت، وهذا بدوره سهل مهمتي في وضع موسيقى تصويرية تدعم الدراما بشكل أساسي. «كل ما نفترق» لماذا استخدمت الموسيقى الكلاسيكية القديمة في مسلسل «كل ما نفترق» رغم أن أحداثه تدور في الفترة الزمنية الحالية؟ الكاتب محمد أمين راضي معروف بمؤلفاته وكتاباته التي تحمل نوعاً من «الفانتازيا»، مما يسمح للمؤلف الموسيقي إطلاق عنانه بصناعة موسيقى غير تقليدية، وتناقشت كثيراً مع المخرج كريم العدل حول نوعية الموسيقى التي من الممكن أن تتناسب مع أحداث هذا العمل الذي يحمل أجواء فانتازية، حتى فكرت في إتباع الطريقة القديمة في التأليف الموسيقي التي بدأها المؤلف الموسيقي يوهان بخ، وانتقلت بعده لموسيقيين القرن السادس والسابع عشر، وبفضل الله كانت التجربة مُوفقة إلى حد كبير، وتحمست لإستكمال تأليفها بعد أن لمست ملائمتها لعدد كبير من المشاهد، كذلك أبدى المخرج كريم العدل إعجابه بحالة «التضاد» التي خلقتها الموسيقى في العمل. أخيراً.. نوعية الدراما المُقدمة في الأعمال الأربعة مختلفة عن بعضها.. فما العمل الذي تطلب منك تركيز بشكل أعمق في شخصيات أبطاله؟ «لعبة نيوتن»، لأن تركيبة الدراما وشخصيات أبطاله تحمل العديد من التعقيدات، وهو العمل الذي تطلب مجهوداً ووقتاً أكبر من غيره حتى أتوصل للشكل الموسيقي الذي يُضاهي تركيبته، وبفضل الله الموسيقى «متضفرة» و»مغزولة» مع الأحداث، واستخدامها بشكل مكثف خلق حالة من التوحد مع شخصيات العمل، وبالتالي تأثيرها أقوى عن غيرها من الأعمال.