تقرير| مرام عماد المصرى فى الوقت الذى تتطلع فيه الدول الأكثر ثراء مثل الولاياتالمتحدة لتطعيم أغلب سكانها فى غضون أشهر تأمل الدول الأفقر مثل كينيا تطعيم عدد قليل من سكانها. وبعد ثلاثة أشهر من بدء الدول الغنية حملات تطعيم العاملين فى مجال الصحة، تعرض العاملون فى أكبر مستشفيات كينيا لخطر الاصابة بفيروس كورونا ويتم تهميشهم فى الوقت الذى تكافح فيه كينيا موجة ثالثة شرسة من الاصابات. ويمثل العاملون فى المجال الصحى بدولة مثل كينيا ضحايا احد أشكال عدم المساواة المثيرة للقلق للوباء الذى كشف الكثير.. ففى جميع أنحاء جنوب الكرة الأرضية يتعرض العاملون فى المجال الصحى للموت والمرض بسبب انتشار الفيروس فى الوقت الذى يتم فيه حماية الأطباء والممرضات فى العديد من البلدان الغنية إلى حد كبير.. كان ذلك فقط التكلفة الأكثر وضوحا للانقسام بين الأغنياء والفقراء الذى تعمق فى العام الثانى للوباء، حيث ذهب ما يقرب من ثلاثة أرباع جرعات اللقاح على مستوى العالم، إلى 10 دول فقط، فى حين لم تقم بعد 30 دولة على الأقل بتطعيم شخص واحد. ولطالما حذر العلماء من أن مثل هذا التوزيع غير العادل لن يضر بالبلدان الفقيرة فحسب، بل سيؤثر أيضًا على الدول الغنية، إذ سيسمح استمرار انتشار الفيروس بالتحور بطرق تقوض اللقاحات. ولكن من شبه المؤكد أن الدول الأقل ثراءً تتحمل أعظم التكاليف البشرية.. حيث توفى بالفعل أطباء وممرضات غير محصنين هذا العام فى دول مثل كينيا وموزمبيق ونيجيريا وزيمبابوى، الأمر الذى أدى إلى استنزاف النظم الصحية بتلك البلدان التى لا يمكنها تحمل فقدان المزيد من العاملين بها وتهديد بتقليل مستوى الرعاية. ويبدو أن الخسائر فى أفريقيا عميقة بشكل خاص حيث يوجد فى القارة 17% من سكان العالم، ولكن حتى الآن، حصلت على ما يقرب من 2% من جرعات اللقاح المعطاة على مستوى العالم.. وتقول هازل ميسدا مامبو، نائبة رئيس جامعة البحيرات العظمى فى كيسومو بكينيا: "بينما لا تزال البلدان فى الغرب تتدافع للحصول على لقاحات، تضطر إفريقيا إلى الانتظار. وفى علامة مقلقة على مدى تفاوت التوزيع، حتى كينيا، وهى إحدى الدول الأكثر ثراءً فى القارة، تحقق أداءً سيئًا. ففى 2 مارس وصلت أول مليون جرعة من لقاح Χοπιδ−19 وتدخلت الهند مؤخرًا بإضافة 100000 جرعة وليس لدى كينيا أى فكرة عن موعد وصول الدفعة التالية من اللقاحات بالضبط. حتى فى أفضل الظروف، تتوقع كينيا تلقيح 30% فقط من سكانها، أو حوالى 16 مليونًا من بين ما يقرب من 50 مليونًا، بحلول منتصف عام 2023. ويجرى توزيع الشحنة الأولية للجرعات على العاملين فى مجال الرعاية الصحية والعاملين الأساسيين الآخرين. ومثل العديد من البلدان النامية، تعتمد كينيا على الآلية العالمية لشراء وتوزيع اللقاحات المعروفة باسم كوفاكس، تم بناء البرنامج على فكرة أن العديد من البلدان، بما فى ذلك البلدان الأكثر ثراءً، ستستخدمه لشراء اللقاحات كوسيلة لنشر رهاناتها عبر صانعى اللقاحات. وبدلاً من ذلك، اشترت العشرات من الدول الغنية الجرعات مباشرة من شركات الأدوية، مما أدى إلى إبعاد الجهد الدولى عن الطريق وتأخير الشحنات إلى العالم النامى.. ومع ذلك، يقول المحللون إن الدول الأفقر فى وضع أقوى مما كانت ستصبح عليه لولا هذه الجهود. وتهدف كوفاكس إلى تغطية 20% على الأقل من السكان فى البلدان المشاركة بحلول نهاية العام. وفى كينيا، أدت القيود الصارمة وعمليات الإغلاق وحظر التجول وتعليق الرحلات الجوية وإغلاق المدارس إلى منع الفيروس من التغلب على البلاد العام الماضى، لكن تدابير السيطرة مثل الإغلاق، التى تتبعها للدول الغنية والفقيرة على حد سواء، لم تعد أفضل دفاع ضد فيروس كورونا. وأصبحت العملة الأكثر قيمة الآن هى اللقاحات، مما يفتح فجوة كبيرة بين أولئك الذين يستطيعون تحمل تكاليفها وأولئك الذين لا يستطيعون.. وتفاقم الوباء فى إفريقيا منذ ظهور نوع متحور آخر ظهر فى جنوب إفريقيا لأول مرة، حيث أثبت قدرته على إعادة إصابة الناس، وبدأ فى زيادة الحالات فى الأجزاء الجنوبية من القارة.. ومع ارتفاع الحالات فى كينيا، فإن تأخير اللقاح سيكلف المزيد من الأرواح. كانت البلاد تتوقع المزيد من جرعات اللقاح من كوفاكس لكن مسئولى الصحة كانوا يأملون أيضًا أن تساعد العلاقات الأمنية والتجارية الوثيقة للبلاد مع الاتحاد الأوروبى وبريطانيا فى تأمين اللقاحات. وشاركت كينيا فى تجارب اللقاح، مما رفع التوقعات بشحنات سابقة.. ولكن هذا لم يحدث. فحتى توقعات كينيا المنخفضة تم تقليصها، حيث تم تخفيض 4.1 مليون جرعة وعد بها من كوفاكس بحلول مايو إلى 3.6 مليون جرعة. ومن المتوقع أن يتسبب تأخير اللقاحات فى حدوث دمار اقتصادى يتجاوز بكثير تلك البلدان التى تعانى من نقص فى الجرعات. وفى السيناريو الأكثر خطورة الذى تصوره مجموعة من الباحثين، أنه مع استبعاد البلدان الفقيرة إلى حد كبير من اللقاحات هذا العام، قد يتكبد الاقتصاد العالمى خسائر تتجاوز 9 تريليونات دولار، نصفها تقريبًا يقع على عاتق الدول الغنية مثل بريطانيا وكندا والولاياتالمتحدة.