غياب الدراما الدينية منذ سنوات عن الموسم الرمضاني بما يتضمنه من زخم، يعد ظاهرة سلبية في حاجة إلى وقفة مع صناعها، بعد أن كانت ركنا أساسيا على مائدة رمضان أسهم في تشكيل وعي أجيال كثيرة وقت أن كانت القنوات الفضائية قليلة، أما اليوم ومع تضخم عدد القنوات وزيادة الإنتاجات التليفزيونية ما بين الفضائيات والمنصات الإلكترونية فلا وجود لها، والجيل الحالي لا يرى سوى الابتذال والسطحية، لا يسمع سوى الألفاظ النابية والمصطلحات المستحدثة الخارجة عن المألوف، غابت الروحانيات والإنسانيات في خضم الغزو الفكري القادم من فضاءات أخرى، ولهذا الغياب أسبابه التي تبدو منطقية ولا تحمل صناع الدراما المسؤولية كاملة، فأجهزة الدولة ممثلة في وزارة الثقافة والتليفزيون المصري ومدينة الإنتاج الإعلامي هي المسؤول الأول الذي نضع أمامه تلك الأسباب. أول الأسباب وأبرزها هي التكلفة الإنتاجية الضخمة التي تتطلبها المجاميع والديكورات والملابس وأجور فريق العمل والتي تفوق مثيلاتها من أنواع الدراما الأخرى، والسبب الثاني يتمثل في غياب الكتاب المتخصصين في هذا النوع من التأليف الدرامي، إذ أن خبرة وثقافة الكاتب تختلف عن مثيله في أنواع الدراما الأخرى، ويحتاج تحضيرات خاصة لمراجع وأبحاث مع خلفية دينية وقدرة على الإقناع بالحجة والمنطق، وثالث الأسباب يتمحور في الرقابة التي تفرض على تلك النوعية وهي لا تقف عند جهة رقابية واحدة كالمعتاد، بل تحتاج رقابة من الجهة الدينية المعتمدة وإجازتها للعرض، رابع تلك الأسباب يتمثل في ذائقة الجمهور وإقباله أو تجاهله لها، وهو ما يعزز السبب الخامس الذي يبحث عنه منتج العمل والمتمثل في نسب المشاهدة، فالإيرادات هي المتحكمة في تنفيذ مشروع وتأجيل آخر، الجميع يبحث عن الربح ومن هنا يقع على عاتق الدولة إنتاج تلك الأعمال، وعدم انتظار المنتج المغامر إن وجد. اقرأ أيضا| الدراما التليفزيونية والخطاب الديني.. كيف يساهم الفن في التجديد؟ ففي الوقت الذي كان برنامج شهر رمضان يعرض 10 مسلسلات، كنا نرى فيها الديني والكوميدي والتاريخي والاجتماعي، مائدة متنوعة تغذي الفكر والروح وتحقق المتعة البصرية للمشاهد، إلى جانب برامج تعزز تلك الروحانيات والسلوكيات الرمضانية، بينما يعرض في الموسم المقبل ما يزيد عن 30 مسلسلا ليس بينها مسلسل واحد عن سيرة أحد الصحابة، وكان مسلسل «سيف الله» عن سيرة الصحابي خالد ابن الوليد أملا في عبور الأزمة، إلا أنه لم يخرج للنور بعد وربما يتطلب سنوات لإنجازه، كما يتم التحضير لمسلسل عن سرقة الحجر الأسود لمدة 22 عاما على يد قبيلة القرامطة، وهي فرقة دينية متطرفة، ويبذل الخليفة العزيز بالله الفاطمى جهود كبيرة لاستعادته، ولا نملك سوى الانتظار حتى تكتمل تلك المشاريع أو واحد منها. كان من آخر الأعمال الدينية التى عرضت فى مصر هو مسلسل قضاة عظماء، والذى تم إذاعته على جزئين وشارك فى بطولته نخبة كبيرة من الفنانين منهم حسن يوسف وأحمد عبد العزيز وسوزان نجم الدين وكمال أبورية وطارق دسوقى وجمال عبد الناصر وغسان مسعود وأيمن زيدان وعبد الرحمن أبو زهرة وأحمد ماهر، مادلين طبر، وتولى كتابة العمل مجموعة مؤلفين هم أحمد مارديني – فتحى السيد –عبدالقادر الأطرش – سمر تغلبى، ومن إخراج السورى عبدالقادر الأطرش، ويعد مسلسل «محمد رسول الله» هو أول مسلسل ديني فى شهر رمضان بالتليفزيون المصرى، يتكون من خمسة أجزاء يروي قصص عدد من الأنبياء بداية من النبي إبراهيم حتى النبي محمد، متضمنا البشارات التي وردت علي لسان الأنبياء بالنبي الخاتم وما جاء في الكتب السماوية المنزلة عليهم من نعوته وصفاته، إلى جانب عدد من الأعمال الخالدة مثل «لا إله إلا الله»، «ابن تيمية»، «على هامش السيرة»، «ساعة ولد الهدى»، «الوعد الحق»، «أبوذر الغفاري»، و»عمر بن عبد العزيز».