دعا الرئيس عبدالفتاح السيسي، المواطنين إلى ضرورة تنظيم النسل للحد من الزيادة السكانية وتوفير حياة كريمة للجميع، لكن هناك من قام بمهاجمة هذه الدعوى بسبب الخلط بين مفهوم "تحديد النسل" و"تنظيم النسل"، خاصة بعد تدشين دار الإفتاء المصرية حملة عبر صفحتها الرسمية على موقع "فيسبوك"، بهاشتاج "تنظيم النسل جائز". وصلت أصداء مشكلة الزيادة السكانية إلى المؤسسات الدينية الرسمية التى دخلت على خط الأزمة لتوضيح أبعادها، حيث ذكرت الصفحة الرسمية لدار الإفتاء المصرية فى منشور لها على موقع "فيسبوك" الأسبوع الماضي، أن "الإنجاب المنضبط حق للزوجين وواجب على المستوى العام والكلى لأنه مطلب وجُودِيٌّ لاستمرار بقاء النوع الإنساني، ولا مانع من اتِّخاذ الدولة ما تراه من وسائل وتدابير لتنظيم عملية النسل وترغيب الناس فيه". وكان الدكتور شوقى علام مفتى الجمهورية، أكد أن "القضية السكانية من القضايا الهامة التى تمس الأمن الفكرى والأمن القومى وتتطلب علاجاً حاسماً لتفادى الأزمات الاقتصادية المترتبة عليها، ولارتباطها ببعض الأفكار المغلوطة التى ترى أن تقنينها وحلها يتعارض مع المشيئة الإلهيِّة". فى هذا الإطار، تواصلت "آخرساعة" مع عدد من علماء الدين للتحدث فى هذا الأمر، من بينهم الدكتور مختار مرزوق، عميد كلية أصول الدين بجامعة الأزهر، حيث قال إن تنظيم الأسرة وتحديد النسل، مسألة تحدث فيها الأزهر مراراً وتكراراً، وجاءت الخلاصة لتؤكد أن ∩تحديد النسل∪ وهو تدخل الإنسان لحدوث إجراء طبى يفقد الزوجة قدرتها على الإنجاب بعد أن تلد طفلاً أو طفلين حرام شرعاً، إلا إذا كان هناك ضرر محقق يقع على الزوجة فى حالة الإنجاب، فهنا لا مانع من ∩تحديد النسل∪ من أجل حماية الأصل وهو الأم وليس لأى سبب آخر. أما بالنسبة ل"تنظيم النسل" وهو أن يباعد الإنسان بين فترات الحمل، مسألة أجازها العلماء وذلك لضرورة حاجة الإنسان لها سواء لراحة الأم أو مرض الأب وعدم قدرته على الإنفاق على الأسرة أو بسبب عبء الأطفال وعدم قدرة الأم على تلبية احتياجاتهم. وأوضح د.مرزوق أن الأهم هو النية بعدم منع الإنجاب نهائياً، حيث قال النبى )صلى الله عليه وسلم(: "إنما الأعمال بالنيات"، وعلى كل إنسان أن يعى قدراته جيداً وهو فقط من يستطيع أن يحدد طريقة تربيته لأبنائه وتوفير حياة كريمة لهم، وكلما قل عدد الأبناء كان ذلك أفضل لهم، مؤكداً أن هذه القواعد عامة يضعها العلماء أمام الناس وهى صالحة لكل زمان ومكان وتستطيع كل أسرة اتباعها بحسب ظروف معيشتها. وأشار إلى أنه يمكن توعية الناس بهذا الأمر بعدة طرق وليس خطب الجمعة فقط، ولكن يجب التوسع فى الأمر عن طريق الندوات ومركز الشباب والمدارس والجامعات وفى كل مكان يمكن أن يلتقى فيه علماء الأزهر بشكل مباشر مع الناس، وتعد هذه أفضل الطرق لتوعية المواطنين بمشكلة الزيادة السكانية وتنظيم الأسرة. من جانبه، أكد الشيخ عبدالحميد الأطرش، رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر، أن الإسلام دين نظام، فالصلاة لها موعدها والحج له موعده والزكاة لها موعدها وكل شى فى الإسلام له نظام، وتنظيم النسل أحد هذه الأشياء، فقد نظم الله تعالى النسل، وقال فى كتابه الحكيم: "وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ∪. فالتنظيم واجب لا شيء فيه، أما التحديد فهو المنع، والمنع هو القتل وكان الصحابة فى عهد رسول الله )صلى الله عليه وسلم( يعزلون والوحى يتنزل ولم ينهاهم رسول الله عن ذلك، لكن إذا أراد الإنسان أن ينظم النسل خوفا من الرزق، فهذا نهى عنه الله عز وجل فقال: "وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ∪. وهناك أمور أخرى تستدعى من الإنسان أن ينظم نسله قدر استطاعته، فإذا كانت الأم لا تقوى على تربية الأولاد وخدمتهم فلا مانع من التنظيم، وحتى تستطيع أن تقدم جيلاً قادراً على تحمل المسئولية وعلى خدمة الوطن والمجتمع.