شريف عبد الفهيم قد يكون مفهوماً أن يلجأ فنان لم ينل حظاً وافراً من الشهرة، أو أحد المشاهير الجدد الذين يطلق عليهم «مشاهير السوشيال ميديا» إلى اختراع حادثة معينة أو اختراق حدود وقوانين فرضها الواقع الافتراضى الجديد، ثم ينال عقابه، أما أن يلجأ أحد أشهر النجوم وأكثرهم متابعة وصعوداً لركوب الترند، لأن يخترع أو يسرب أزمة تمسه أو تمس حياته الشخصية أو الفنية أو اختلاق أزمة مع أحد زملائه للوصول إلى الغول الجديد، الذى لا يرحم أحداً، "الترند"، فهى الكارثة، ووقتها يتحول إلى "الترند القاتل". لم تكن فتيات التيك توك اللاتى سرن خلف الترند للوصول إلى الربح المادى الكبير الذى سمعن عنه يخطر ببالهن أن نهايتهن سوف تكون خلف القضبان، ليقضين عقوبة لجريمة هى فى الأساس ماسة بالشرف، فالجريمة صنفت على أنها تحريض على الفسق والفجور، وهو الوصف الذى يسبق دائماً قضايا الدعارة. بريق المال أعماهن عن النهاية المحتمة لهن، لم تصل عقولهن إلى استشراف نهاية الطريق الذى يسرن فيه، فكانت قضبان السجن هى النفير الذى أفقن عليه من وهم الثراء الكاذب والجرى وراء شهرة زائفة فى وهم افتراضي. نهايته السجن سما المصرى هى أكثرهن شهرة، وإن كانت زائفة، قدمت عدة كليبات أثارت الجدل هدفت من ورائها إلى التواجد فى الوسط الفنى من خلال إشراكها فى أعمال فنية تتناسب مع قدراتها، إلا أن الرياح أتت بما لا تشتهيه سفنها، فأعرض عنها المخرجون، فلم تجد أمامها إلا مواقع التواصل لتنشر فيديوهاتها التى خرجت جميعها عن التقاليد ليصدر حكم قضائى بالحبس. ولم تكن سما وحدها التى سلكت تلك الطريق، لكن هناك فتيات أردن الوصول إلى الشهرة السريعة والمال الوفير فكانت هدير الهادى، ومودة الأدهم، وحنين حسام، ومنة عبد العزيز، كلهن جمعهن حلم الثراء والشهرة، والذى انقلب إلى كابوس ألقى بهن جميعاً خلف القضبان. وقد يكون مفهوماً أن تجرى أنصاف أو حتى من لا شهرة لهن خلف ذلك الحلم، لكن غير المفهوم أن يلجأ أحد المشاهير إلى فبركة أخبار أو نشر أحداث وهمية أو اختلاق حدث كى "يركب" الترند كما يقال، وما أكثرها أخبار الفنانين الذين يدخلون فى مشاحنات وشجارات مع أصدقاء أو زوجات أو أزواج لنكتشف بعدها أن كل ذلك غير صحيح، والأكثر استغراباً هو ما يشيعه أحدهم عن مرضه ليفاجأ الجمهور بعدها بيوم أو يومين على الأكثر بشفاء هذا الفنان أو تلك النجمة، وليست قصة الفنانة إيناس عز الدين التى ادعت إصابتها بكورونا ثم شفاءها؛ ببعيدة، وقصة انفصال بسمة بوسيل عن تامر حسنى والاتهامات بالخيانة لتُحل الأزمة برسالة على "إنستجرام" أو "فيسبوك". البحر يحب الزيادة الناقد طارق الشناوى أكد أن مسألة جرى النجوم وراء ركوب الترند تدخل ضمن مقولة "البحر يحب الزيادة"، سواء فى الشهرة أو المال، مؤكداً أن هناك فنانين يحبون أن تظل أسماؤهم فى الأضواء دائماً، ولهذا يلجئون إلى اختلاق أخبار غير صحيحة لكى يظلوا فى دائرة الضوء أكبر قدر ممكن من الوقت. وقال الشناوى إنه لا يستطيع أن يجزم بأن كل الفنانين يجرون وراء ما يسمى الترند، فمثلاً العملاق محمود مرسى كان يبتعد عن الإعلام واللقاءات التليفزيونية أو الحوارية فى الصحف، ومثله الآن الفنان الكبير يحيى الفخراني، الذى لا يتواجد فى أى من البرامج أو الصحف، ومسألة الترند هذه لا تشغله من قريب أو بعيد. وأكد الشناوى أن هناك فنانين يلجئون إلى نشر أمور شخصية مثل الطلاق والزواج، للبقاء فى أضواء الشهرة فترة طويلة، فنجد مثلاً من تخرج على السوشيال ميديا لتخبر زوجها بأنها تريد الطلاق، فيخرج هو ليتوسل إليها لتدور القصة على مواقع التواصل وتنتهى للاشيء، وهو ما وجدناه فى قصة بسمة بوسيل وتامر حسني، ولا مانع أن يكون ذلك مرتبطاً بطرح ألبوم غنائى أو فيلم. وعن قصة انفصال الفنان عمرو دياب والفنانة دينا الشربيني، أكد الشناوى أنه لا يعتقد أن الموضوع يمكن أن يندرج تحت بند الترند، فهناك أقاويل كثيرة قيلت على لسان عمرو لم يقلها، وقد يكون الموضوع خرج من داخل الوسط الفنى نفسه، فى سهراتهم الخاصة والتى يقال فيها كلام ينتشر بعد ذلك على أنه حقيقة مُسلَّمة وهو أبعد ما يكون عن الحقيقة. ظاهرة غير جديدة الناقد عصام زكريا أكد فى بداية كلامه أن المسألة تخضع فى المقام الأول لشخصية الفنان، فهناك فنانون كل همهم أن يكونوا فى الواجهة طوال الوقت رغم أن هذه الظاهرة ليست جديدة على الوسط الفني، إلا أننا نعيش فى هذه الفترة فيما يسمى جنون السوشيال ميديا. وأكد زكريا أن هناك مجموعة من الصحفيين مسئولون عن تلك الظاهرة، خاصة الذين يعملون لدى بعض الفنانين، ورغم أنها مهنة عظيمة، إلا أن هناك البعض الذى نحا بها إلى طريق مختلف، وذلك بالعمل لدى الفنانين بما يسمى الPR، وهو الشخص الذى يكون مسئولاً عن تسويق أخبار الفنانين فى السوشيال ميديا، وهو الذى يختلق أخباراً غير صحيحة فى أغلب الأوقات عن الفنانين أو الفنانات؛ سواء بالسلب أو الإيجاب، وأصبح كل ما يهمهم فقط هو أن يظل الفنان فى دائرة الضوء. وأكد زكريا أن هذا الأمر لا يفرق بين الأكثر شهرة أو الأقل، فهو نابع من الشخصية نفسها، فهناك فنانون كل حلمهم أن يظهروا على السجادة الحمراء، لكن بالشكل المعقول، فى حين هناك نجوم يقلقون إذا لم ينشر عنهم خبر فى أحد الأيام، وهنا يأتى دور الPR، فيبدأ فى اختلاق أحداث غير حقيقية على لسان ذلك النجم أو تلك النجمة، بأخبار المرض أو الزواج أو الطلاق، ليخرج فى اليوم التالى بخبر تكذيب للخبر الذى نشره هو نفسه فى اليوم السابق عليه. انحسار الأضواء الناقد نادر عدلى أكد أن هذا الموضوع مرتبط بحالتين، الأولى هى انحسار الأضواء عن الفنانين بعض الشيء فيلجئون لنشر أخبار قد تكون غير حقيقية حتى تسلط عليهم الأضواء من جديد، فى محاولة لاستعادة الشهرة الضائعة. والأمر الثانى هو المنافسة بين الفنانين حول من تكون شهرته أكبر، أو له متابعون أكثر، وهو الأمر الظاهر بين المطربين، لأنه كلما زادت الشهرة والنجومية وكثر المتابعون، زادت الأجور، فأصبح الاهتمام بالأرقام التى يسجلها هذا الفنان أو ذاك على السوشيال ميديا، يصب فى النهاية فى خانة تحديد الأجر الذى يتقاضاه الفنان أو الفنانة، فله بعد تجارى فى المقام الأول. وقال عدلى إن أول من ابتكر ذلك الأمر هو الفنان محمد رمضان، لأنه كان يشعر أن النجوم الحاليين أكبر منه سناً وشهرة فقرر أن يصبح هو الأعلى فى النجومية والشهرة، إلا أن أرقام السوق لم تحقق له ما يتمنى، حيث لم تحقق إيرادات السينما حلمه فى أن يصبح الأعلى، فكان الغناء هو الطريق الذى لجأ إليه لتحقيق هذا الحلم، وهو الأمر الذى حدث بالمصادفة، حيث قدم أحد الإعلانات التجارية الأمر الذى جعله محط الأنظار، وبعدما توفر له المال أنشأ موقعاً ووظف أشخاصاً يديرونه، فكان وصوله للترند عن طريق الأغاني، الأمر الذى دفع الكثير من المطربين لأن يحذوا حذوه ويبحثوا عن صيغة مشابهة. وأكد عدلى أن هذا الفنان بعد أن استطاع أن يحقق ما يتمناه فى الغناء؛ وجد ضالته الأخرى فى الأعمال التليفزيونية، فتوجه لنموذج ابن البلد، فى محاولة لتقمص شخصية الراحل فريد شوقى ليكون ملك الترسو الجديد، ليكون فى الجرى وراء الترند والأفضل هو أول طريق الهبوط والغياب عن الساحة ككل. وقال إن التليفزيون فى الستينيات والسبعينيات كان يقوم بهذا الدور، إلا أن الفترة الحالية أخذت مواقع السوشيال ميديا الراية من التليفزيون لتقوم هى به، وأصبح اختفاء الفنان لمدة شهر أو شهرين يضعه فى نهاية الترند، مما يجعله يفعل كل ما يستطيع لبلوغ الشهرة المفقودة والعودة إلى الأضواء مرة أخرى. حقيقة أم لا؟! وأكد الناقد نادر عدلى أنه يكاد يجزم أن ما ينشر من أخبار بهدف البحث عن الترند هو فى الأساس حقيقة يحركها الفضول، مؤكداً أنه شخصياً لا يجرى وراء تلك الأخبار أو يبحث عن الترندات، لكنه كأى شخص عادى عندما يسمع أموراً مثل تلك، يبحث عن الخبر ويحاول معرفة حقيقته يحركه فى ذلك الفضول لمعرفة كل ما هو جديد، لكن عندما يتراجع هذا الفضول ويختفى فبالضرورة سوف يختفى الترند ويقل. وأكد أن هناك فنانين كثيرين جذبهم البحث عن الترند إلى منطقة مظلمة فقدوا فيها كل ما نالوه من شهرة وكل ما حصلوه من أضواء لتنحسر عنهم فى النهاية.