استطاعت المملكة العربية السعودية بثقلها السياسي ودورها الريادي عربياً وإسلامياً، أن تصبح من أكبر الدول الداعمة والمناصرة لجهود المجتمع الدولي الساعي لإحلال الأمن والسلم الدوليين، منذ توقيع المملكة على ميثاق الأممالمتحدة عام 1945. ومع بلوغ الأممالمتحدة عامها الخامس والسبعين تشارك المملكة بوصفها عضواً فاعلاً ضمن المجموعة الدولية في مختلف المهام المنضوية تحت أعمال المنظمة التي تحتفي يوم 21 سبتمبر بذكرى تأسيسها، في فعالية عبر الاتصال المرئي عنونتها ب «حوار الناس». وتلتزم المملكة بالأسس التي تضمنها ميثاق الأممالمتحدة، منذ أن وقعت ضمن 51 دولة على الميثاق، ومثلها في هذا المحفل العالمي وزير خارجيتها آنذاك، الملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود – رحمه الله – وسعت نحو تطبيقه على الواقع، فضلا عن حرصها على دعم المنظمة ووكالاتها المتخصصة بوصفها تشكل إطاراً صالحاً للتعاون بين الأمم والشعوب ومنبراً مهماً للتخاطب والتفاهم ووسيلة فاعلة لفض المنازعات وعلاج الأزمات. وتتمتع المملكة بعضوية عدة منظمات ولجان في الأممالمتحدة منها عضوية فريق الأممالمتحدة القطري، ومنظمة التجارة الدولية، و«اتفاقية سنغافورة بشأن الوساطة»، واتفاقية الأممالمتحدة الإطارية بشأن التغير المناخي، واتفاقية الأممالمتحدة ضد الاتجار غير المشروع في المخدرات والمؤثرات العقلية، واتفاقية الأممالمتحدة لقانون البحار، واتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة التصحر، واتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة، واتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الفساد، واتفاقية اليونسكو بشأن التدابير الواجب اتخاذها لحظر ومنع استيراد وتصدير ونقل ملكية الممتلكات الثقافية، واتفاقية اليونسكو بشأن حماية التراث الثقافي المغمور بالمياه، وعضوية الرابطة الدولية للمندوبين الدائمين في الأممالمتحدة، في حين انضمت المملكة مؤخراً لعضوية لجنة التراث الثقافي غير المادي في منظمة اليونسكو التابعة للأمم المتحدة. وتعتز المملكة بالتزامها بالأسس التي تضمنها الميثاق وسعيها الدؤوب نحو تطبيقه على الواقع، لذا حرصت على دعم منظمة الأممالمتحدة ووكالاتها المتخصصة بوصفها تشكل إطاراً صالحاً للتعاون بين الأمم والشعوب ومنبراً مهماً للتخاطب والتفاهم ووسيلة فاعلة لفض المنازعات وعلاج الأزمات، مؤكدة أن مقدرة هذه المنظمة على القيام بجميع هذه الأدوار وكل تلك الأعباء تظل مرتبطة بمدى توفر الإرادة السياسية لوضع مبادئها وما تضمنه ميثاقها موضع التنفيذ الفعلي والعملي. وانبرت جهود المملكة بحكم عضويتها ودورها الفاعل في المنظمة صوتاً عربياً وإسلامياً وأممياً تترجمها خطابات قادتها من على منبر الأممالمتحدة دفاعاً عن مختلف القضايا العربية والإسلامية، ودعماً لقضايا الأمن والسلام، والدعوات المتواصلة للحوار بين الحضارات، إضافة إلى مواجهة الإرهاب، وقضايا التنمية والإغاثة والأعمال الإنسانية، وإقامة العلاقات الإنسانية على قواعد الحق والإخاء والعدالة بين الشعوب. وتعزيزاً للدور الفاعل لهذه المنظمة في حياة شعوب العالم فقد أكد الملك سعود بن عبدالعزيز آل سعود – رحمه الله – في خطابه لدى مشاركته عام 1957 في احتفالات المنظمة بذكرى توقيع ميثاقها، «أن العالم استبشر بميثاق الأممالمتحدة وبميلاد فجر عهد جديد من السلام والحرية والأمل بين جميع الشعوب». وانطلاقاً من مكانة المملكة الإقليمية والدولية وكعضو مؤسس بمنظمة الأممالمتحدة شدد الملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود – رحمه الله – عام 1962 م، خلال احتفاء الجمعية العمومية للأمم المتحدة بمرور 15 عاماً على تأسيسها، على أهمية اضطلاع المنظمة بأدوارها المعلنة، ومنها أن تضمن العدالة والسيادة القومية للجميع، وأن تجتهد في منع خرق مبادئ القانون الدولي، وجميع المبادئ التي أعلنت عنها الأممالمتحدة». وواصلت المملكة على مدى ثلاثة عقود حضورها فعاليات الجمعية العامة للأمم المتحدة ففي الأعوام 1985م و 1995م و 2005م ، رأس الأمير سلطان بن عبدالعزيز آل سعود - رحمه الله -، وفود المملكة. وتناول - رحمه الله – في كلمة المملكة التي صادفت عام 1985 م مرور 40 عاماً على تأسيس الأممالمتحدة مختلف الأوضاع السياسية الراهنة آنذاك في منطقة الشرق الأوسط. وفي الذكرى الخمسين لتأسيس المنظمة عام 1995م ألقى سموه – رحمه الله نيابة عن الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود - رحمه الله - كلمة أشاد فيها «بعطاء الأممالمتحدة على طيلة الخمسين عاماً الماضية ودورها البناء في حشد التعاون الدولي، منوها بضرورة الالتزام بميثاق الأممالمتحدة وتنفيذ قرارات الشرعية الدولية». وجددت المملكة في قمة الألفية الجديدة عام 2000م المتزامنة مع مرور 55 عاماً على تأسيس الأممالمتحدة، تأكيدها على الدور الأممي لتحقيق السلام حيث تضمنت كلمة المملكة التي ألقاها -ولي العهد آنذاك- الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود - رحمه الله -: «إن بلادي تعتز بأنها إحدى الدول المؤسسة لهذا الصرح الكبير الأممالمتحدة وتفخر بأنها كانت وما زالت عضوا نشطا وفعالاً تجاه أعمالها ومهامها، وتؤكد اعتقادها الراسخ أن الأممالمتحدة تبقى أمل البشرية الأكبر بعد الله في تجنب الأجيال القادمة ويلات الحرب رغم ما قد يشوب آليات العمل من شوائب أو يعترضها من عقبات أو صعاب». وخلال مشاركة المملكة في احتفال الأممالمتحدة بالذكرى الثامنة والخمسين لتأسيسها جاء في الكلمة التي ألقاها رئيس الوفد السعودي الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية آنذاك - رحمه الله - : «إنه إذا كانت مبادئ وأسس ميثاق الأممالمتحدة لم تجد دائما الالتزام المطلوب لها من قبل الدول الأعضاء في المنظمة الدولية، الأمر الذي أثر في كثير من الأحيان على فعاليتها ومصداقيتها، إلا أن قدرتها على الاستمرار في الوجود والأداء وما قدمته وتقدمه من إسهامات جليلة في مختلف الحقول الإنسانية كفيل بأن يمنحها ما تستحقه من التقدير وما تحتاج إليه من الدعم والمساندة». وخلال ترؤس الأمير سلطان بن عبدالعزيز آل سعود - رحمه الله -، وفد المملكة المشارك في احتفال الأممالمتحدة بالذكرى ال 60 لتأسيسها عام 2005م ألقى كلمة المملكة نيابة عن الملك عبدالله بن عبدالعزيز - رحمه الله - وقال فيها: «إن المملكة تقدر الدور الحيوي للمنظمات التابعة للأمم المتحدة وتأمل أن تؤدي الجهود المبذولة لإصلاح الأممالمتحدة إلى تقوية هذه المنظمات وزيادة فعاليتها بما يتوافق مع تطلعات شعوبنا، وإن تحقيق الأمن والسلام يتطلب الالتزام بمبادئ ميثاق الأممالمتحدة وتجنب ازدواجية المعايير في القرارات». ولم تقتصر جهود المملكة على المشاركات السنوية في احتفالات واجتماعات الأممالمتحدة فقط، بل أكدت المملكة حرصها دوماً على العمل على دعم الأممالمتحدة ووكالاتها ولجانها والمنظمات التابعة لها من خلال الدعم المالي واللوجستي والعيني والمبادرات . المملكة العربية السعودية كانت ولا تزال شريكاً حيوياً إلى جانب الأممالمتحدة في مكافحة الإرهاب والتطرف؛ وهي الشراكة القوية التي أثمرت في 2011م، عن تأسيس مركز الأممالمتحدة لمكافحة الإرهاب، بتمويل من المملكة للمشروع بمبلغ 110 ملايين دولار، وذلك استجابة لمقترح كان قد تقدم به الملك عبدالله بن عبدالعزيز – رحمه الله – في عام 2006 م «بإنشاء مركز دولي لمكافحة الإرهاب»، وفي نفس العام تبنت الأممالمتحدة قراراً يقضي بذلك. ويتولى المركز زمام المبادرة من خلال إشراك جميع الدول الأعضاء في معالجة الظروف المؤدية إلى انتشار الإرهاب، وتدابير منع الإرهاب ومكافحته، وتدابير بناء قدرة الدول على منع الإرهاب ومكافحته وتعزيز دور منظومة الأممالمتحدة، وهو ما يؤكده رئيس المجلس الاستشاري للمركز السفير عبدالله بن يحي المعلمي المندوب الدائم للمملكة العربية السعودية لدى الأممالمتحدة . وتواصل المملكة دعمها المادي لكافة أنشطة المركز، وهو الأمر الذي أشاد به وكيل الأمين العام للأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب فلاديمير فورونكوف، معربا عن خالص شكره وامتنانه للمملكة بوصفها أكبر المانحين للمركز . ومن أوجه دعم المملكة لأعمال الأممالمتحدة أيضا ، تفضل الملك عبدالله بن عبدالعزيز – رحمه الله – بدعوة أممية للحوار بين أتباع الديانات والثقافات في العالم، وفي 13 أكتوبر 2011 وقع سمو الأمير سعود الفيصل – رحمه الله - في العاصمة النمساوية فيينا اتفاقية إنشاء "مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمي للحوار ومازالت المملكة وقادتها يواصلون دعمهم لجهود المنظمة الدولية في مختلف أنشطتها، وخاصة الانسانية منها، فدعمت المملكة جهود المنظمة في الحد من آثار الكوارث الطبيعية ومكافحة الفقر والأمراض من خلال تبرعها لصناديق الأممالمتحدة المتعددة ومنها برامج الغذاء العالمي، ووكالة الأممالمتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، ومكتب الأممالمتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا). وفي إطار جهودها الدولية لمكافحة فيروس كورونا المستجد، دعمت المملكة في 19 سبتمبر 2020م، خطة الاستجابة الأممية لمكافحة الجائحة بمبلغ 100 مليون دولار لمنظمة الصحة العالمية وعدد من المشاريع التي تدعمها منظمات الأممالمتحدة المختلفة ووكالاتها. كما وقع مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية في 17 سبتمبر 2020م ثلاث اتفاقيات مشتركة مع برنامج الغذاء العالمي، ومنظمة الصحة العالمية والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، لصالح اليمن الشقيق، وذلك ضمن خطة الاستجابة الإنسانية لليمن للعام 2020 م. وأعرب الأمين العام للأمم المتحدة عن شكره لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وولي العهد السعودي على دعم المملكة السخي والمتواصل للمنظمة، مؤكدا أن المملكة العربية السعودية عملت بالشراكة مع الأممالمتحدة على دعم الأمن والاستقرار والازدهار في جميع أنحاء العالم، وخاصة دعم الأمن والاستقرار في اليمن.