بكين عامر تمام في التاسع عشر من يناير الماضي كشفت الصين عن الخريطة الجينية لفيروس كورونا المستجد، هذا الكشف كان بمثابة " طلقة البداية" لسباق انتاج لقاح لهذا الفيروس الذي أصاب قرابة 300 ألف وقتل أكثر من 10 الاف حول العالم. مضمار هذا السباق، شمل العديد من القوى العالمية الكبرى، على رأس هذه القوى الصين، التي تلقت الضربة الأولى، وصاحبة التجربة الفريدة في المقاومة؛ ما أثرى بنك معلوماتها بأسرار عدة حول هذا الفيروس، ربما لا تتاح لغيرها في الوقت الحالي، الصين ترى في الوصول إلى لقاح استعادة لكرامتها، وتحسين لصورتها التي تأثرت بسبب انتشار هذا الفيروس، كما أنه ربما يعوض الخسائر الكبيرة التي تعرض لها اقتصادها خلال المحنة. على الجانب الآخر، تبذل الولاياتالمتحدة جهودا حثيثة للوصول إلى اللقاح أولا، هذه المساعي من جانب الولاياتالمتحدة لها ما يبررها، فبوصولها هذا، ستؤكد الولاياتالمتحدة تفوقها، وتحرج غريمتها الصين التي تتهمها دوما بالمسئولية عن انتشار الفيروس، إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لا تألو جهدا للوصول إلى ما تصبو إليه، حيث حاول ترامب نفسه إغراء شركة كيورفاك الألمانية بمليار دولار للحصول على لقاح لكورونا بدأت الشركة فعليا تطويره، وربما يكون متاحا في الأسواق في غضون شهور، ما أغضب السلطات الألمانية، و دفعها لإقالة الرئيس التنفيذي لشركة . المضمار يشمل أيضا العديد من الدول من بينها ألمانيا التي تتعاون مع الصين وكندا التي تعمل بمفردها، وكذلك روسيا، وبريطانيا ومصر أيضا. من الجيد أن تجند الدول الكبرى كافة طاقتها للوصول إلى لقاح لفيروس كورونا أو " عدو البشرية" كما أطلقت عليه منظمة الصحة العالمية. لكن، وكما جرت العادة؛ الشيطان يكمن في التفاصيل، هذا السباق لم يكن لإنقاذ البشرية فقط، بل هو في الحقيقة يعكس صراعا خفيا بدأ في الظهور إلى العلن على مئات المليارات التي سيجنيها المتوج بإنتاج هذا اللقاح، هذا إلى جانب ما يحققه من نتائج أخرى على الصعيد السياسي والعلمي. الصين تسبق برقبة حصان تلقي الصين للضربة الاولى من الفيروس منحها بعض التفوق النسبي عن باقي الدول الكبرى الأخرى في مجال مواجهة هذا الفيروس والوصول إلى لقاح، خاصة أنها استطاعت أن تحصل على الكثير من الأسرار حول هذا الفيروس، بدأت السلطات الصينية جهودها تحت قيادة الدكتورة تشن وي التي توصف بأنها قاهرة فيروس إيبولا الذي انتشر في إفريقيا عام 2014 وبحسب الدكتورة وي التي ظهرت على شاشة التلفزيون الصيني لطمأنة الشعب، فإن اللقاح الذي تعمل عليه اجتاز مرحلة التجارب السريرية، وإن التحضير لتحقيق الجودة الآمنة والفعالة للقاح، تم وفقا للمعايير الدولية واللوائح المحلية، بحيث يمكن إنتاجه على نطاق واسع. كما ذكرت صحيفة "الشعب" الصينية الرسمية، أن لقاحا آخر سيتم إنتاجه أيضا، بتعاون ألماني- صيني، عبر تحالف استراتيجي. وأضافت الصحيفة أن التحالف كان بين شركة الأدوية الألمانية "بيونتيك" والذراع الصيدلي لشركة فوسون انترناشينوال الصينية بمدينة شنغهاي، لتطوير وتسويق اللقاح في الصين، بعد قيام الشركتين بتجارب سريرية مشتركة على اللقاح الذي أطلقوا عليه " إم أر أن إيه". من جهة أخرى، جرى تعاون بين شركة الأدوية البريطانية "جلاكسو سميث كلاين" وشركة صينية للتكنولوجيا الحيوية لتقديم تقنية علاج مساعدة. وبحسب الخبراء فإن إضافة علاج مساعد إلى بعض اللقاحات يعزز الاستجابة المناعية وبالتالي يوفر مناعة أقوى. صراع أمريكي ألماني أعلنت الولاياتالمتحدة عن بدء الاختبارات السريرية للقاح تعمل عليه، وقال المعهد القومي الأمريكي للأمراض المعدية والحساسية أن المرحلة الأولى لاختبار لقاح ضد فيروس كورونا انطلقت بسرعة قياسية، في حين ذكرت تقارير أن الرئيس ترامب سعى لاحتكار لقاح آخر يتم تطويره في ألمانيا. وأعلن المعهد إن هذه المرحلة التي بدأت في مدينة سياتل تعد خطوة أولى مهمة لتوفير اللقاح خلال سنة ونصف على أقصى تقدير. وبالفعل بدأت التجارب على 45 شابا متطوعا في حالة صحية جيد. وذكر المعهد أنه ليس ثمة احتمال لإصابة المتطوعين بالمرض، لأن تلك الجرعات لا تحتوي الفيروس نفسه. وأضاف أن هدف التجربة في هذه المرحلة هو التأكد من أن اللقاح لا يؤدي إلى أي آثار جانبية مقلقة، لتمهيد الطريق لتجارب واسعة النطاق. من ناحية أخرى، ذكرت صحيفة "فيلت أم زونتاغ" الألمانية أن ترامب عرض أموالا من أجل اجتذاب شركة "كيورفاك" الألمانية إلى الولاياتالمتحدة، ما دفع الحكومة الألمانية إلى تقديم عروض معاكسة لإقناع الشركة بالبقاء في ألمانيا. وردا على هذه الأنباء، أكد وزير الاقتصاد الألماني بيتر ألتماير أن "ألمانيا ليست للبيع". وقال وزير الخارجية الألماني هايكو ماس إن "الباحثين الألمان رواد في مجال إنتاج الأدوية والعقاقير، وأضاف "سنتمكن من هزيمة هذا الفيروس معا، وليس ضد بعضنا البعض".