عام جديد أكثر أمنا واستقرارا.. السيسى يهنئ ملوك ورؤساء العالم بعيد الميلاد المجيد    «الهيئة الهندسية» تتولى إدارة شؤون تنظيم وترخيص المواقف المجمعة لسيارت «السيرفيس»    قناة السويس تعلن جاهزيتها لاستقبال الوحدات غير التقليدية بعد نجاح عبور الحوض العائم GREEN DOCK 3    وزير الدفاع الإسرائيلي يتراجع عن تصريحاته: الحكومة لا تنوي بناء مستوطنات في غزة    تابع الان لايف.. لحظة بلحظة مباراة السنغال وبوتسوانا في كأس أمم إفريقيا 2025    حمزة عبدالكريم يقود هجوم الأهلي أمام غزل المحلة    شبورة كثيفة ومائل للدفىء صباحا.. الأرصاد تكشف حالة الطقس.. غدا    ضبط متهم بحيازة 29 ألف قطعة ألعاب نارية و15 سلاح أبيض في الإسكندرية    هالاند يهدد رقم برونو.. قائمة المرشحين لجائزة لاعب الجولة بالدوري الإنجليزي    فتح: الصحافة العالمية تركز على المأساة الإنسانية في غزة    تفاصيل البروتوكول الموقع بين القومي لحقوق الإنسان والنيابة الإدارية    لأول مرة منذ عامين.. قناة السويس تشهد عبور سفينة الحاويات العملاقة CMA CGM JACQUES SAADE|صور    قرار جديد في الزمالك بسبب ناصر منسي .. تفاصيل    البورصة تربح 17 مليار جنيه بختام تعاملات جلسات منتصف الأسبوع    وكيل تعليم البحيرة يتابع انتظام الدراسة بعدد من مدارس حوش عيسى والنوبارية    محافظ المنوفية يعتمد جداول امتحانات الفصل الدراسي الأول    "بريد الأقصر" يعلن إتاحة خدمة التصديق على المستندات بالتعاون مع وزارة الخارجية    تشييع جثمان الماكيير محمد عبد الحميد بحضور مصطفى خاطر وأحمد دواد    محمد منير يتعرض لوعكة صحية مفاجئة.. تفاصيل حالته الصحية    مليار مشاهدة.. برنامج دولة التلاوة فى كاريكاتير اليوم السابع    البحوث الفلكية تكشف موعد ميلاد شهر شعبان وأول أيامه فلكيا    الرعاية الصحية تعزّز خدمات طب وجراحة العيون التخصصية بمستشفى شرم الشيخ الدولي بأحدث تقنيات الفاكو    محافظ شمال سيناء يفتتح 6 وحدات صحية ببئر العبد    ننشر جداول امتحانات الصفوف الإبتدائية وأولى وثانية إعدادى في مدارس الأقصر    لافروف: فوز المدير الجديد لليونسكو العنانى بمنصب المدير العام مؤشر مشجع    انطلاق «أيام الشارقة المسرحية ال35» 24 مارس 2026    ضبط المتهم بإصابة شقيقه بطلق نارى فى قنا    الهلال الأحمر: توزيع أكثر من 7.8 مليون سلة غذائية لغزة بقافلة «زاد العزة»    الإدارية العليا تحدد مصير 48 طعنا على نتيجة 30 دائرة ملغاة بالنواب غدا    غدًا.. انطلاق فيلم "طلقني" بدور السينما    مدرب الجزائر: ما حدث سابقا ليس مهما.. ونثق في الفوز ضد السودان    الخميس.. أبطال وصُناع «ميد تيرم» ضيوف منى الشاذلي على قناة ON    حبس متهم في واقعة تزوير منسوبة لنقابة المهندسين بأسيوط    عرض عسكري شعبي احتفالًا بعيد النصر في بورسعيد    رسميا.. السعودية تستضيف نهائيات دوري أبطال آسيا للنخبة مجددا    وزيرة التخطيط ونظيرها الأرميني يترأسان أعمال اللجنه المشتركة للتعاون الاقتصادي    قرار عاجل من النيابة الإدارية ضد قيادات مدرسة لذوي الإعاقة بسبب واقعة هتك طالبين جسد تلميذة    لو لقيت فلوس في الشارع تعمل إيه؟.. أمين الفتوى يُجيب    أساقفة فلوريدا يدعون لوقف حملة الهجرة خلال الكريسماس.. ماذا قال البيت الأبيض    مدبولي يفتتح تشغيل محطة مياه الشرب بأرض المشتل بالصف ضمن مشروعات "حياة كريمة"    وزير الثقافة يلتقي الفنان خالد الصاوي لبحث إنشاء المركز الدولي للتدريب على فنون المسرح    رئيس الوزراء يجرى حوارا مع المواطنين بمركز طب الأسرة فى قرية الفهميين    ارتفاع حصيلة اشتباكات حلب إلى 4 قتلى و9 جرحى    الاحتلال الإسرائيلي يواصل خرق اتفاق وقف إطلاق النار بأنحاء متفرقة من غزة    البابا تواضروس يستقبل الأنبا باخوميوس بالمقر البابوي بوادي النطرون    بالفيديو.. الحمصاني: منظومة التأمين الصحي الشامل وحياة كريمة تمسان الخدمات الأساسية للمواطنين    "هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة " توضح آلية إتمام التنازل عن الأراضي والوحدات والمحال بكافة أنواعها بالمدن الجديدة    مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء 23ديسمبر 2025 فى المنيا    قرار جمهوري بتشكيل مجلس إدارة البنك المركزي برئاسة حسن عبد الله    وزير الصحة يشهد توقيع مذكرة تفاهم مع «فياترس» لتطوير مجالات الرعاية الصحية بملف الصحة النفسية    خطوات التصالح في سرقة الكهرباء    نظر محاكمة 89 متهما بخلية هيكل الإخوان.. اليوم    الجيش الأمريكي: مقتل شخص في ضربة جديدة لقارب تهريب مخدرات    أمم إفريقيا – حسام حسن يكشف سبب تبديل إمام عاشور.. ولماذا شارك عبد المجيد    حسام حسن: سيطرنا بشكل كامل على المباراة وقلة التركيز وراء أهدار الفرص    محمد هاني: فوز مصر على زيمبابوي دافع معنوي قبل مواجهة جنوب أفريقيا    رمضان عبدالمعز: دعوة المظلوم لا تُرد    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 22-12-2025 في محافظة قنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عن فساد نظام الديون
حديث الأسبوع


عبدالله البقالى
حفلت الدراسة التى صدرت عن البنك العالمى، خلال النصف الثانى من هذا الشهر، والتى اختار لها مسؤولو هذه المنظمة المالية العالمية عنوان (تدفقات الديون العالمية، أسبابها ونتائجها ) بالمعطيات والحقائق، واكتظت بالتنبيهات إلى المخاطر الكبيرة المحيطة بالدول الفقيرة والنامية، ولكنها كانت معطيات متفاوتة الخطورة والتأثيرات على الأوضاع الاقتصادية فى العالم، تعكس بطبيعتها حقيقة النظام العالمى السائد، فى مجال منح وصرف الديون الخارجية العالمية.
فالدراسة تنبه إلى الارتفاع المهول فى وتيرة ومعدلات الاستدانة من طرف الدول الفقيرة والدول النامية، وتكشف فى هذا الصدد أن هذه الوتيرة تعتبر الأسرع فى الارتفاع منذ 2010 إلى اليوم، بل إنها الأقوى تأثيرًا طيلة الخمسين سنة الماضية، ونبه معدو التقرير إلى أن استمرار هذه الوتيرة سيقود لا محالة إلى أزمة مالية عالمية جديدة أكثر خطورة من سابقاتها، وكشفت الدراسة أن تكلفة هذه الديون وصلت مستويات غير مسبوقة، حيث بلغت فى نهاية سنة 2018 نسبة 168 بالمائة من الناتج الداخلى الخام للدول المستدينة، فى حين كانت قبل ثمانى سنوات خلت فى مستوى 114 بالمائة من هذا الناتج.
وعددت الدراسة أوجه مخاطر الديون التى تراكمت على الاقتصاديات الضعيفة والنامية على حد سواء. وهى الديون التى تستخدمها القوى الاقتصادية العالمية لاستدامة هيمنتها ونفوذها على نظام اقتصادى عالمى مختل، ومن هذه المخاطر الجديدة أن جزءا كبيرا من هذه الديون محصل من دائنين خواص، إذ بعد الهزة العنيفة التى تعرضت لها البنوك الكبرى، خلال الأزمة المالية لسنة 2008، مما نتج عنه نوع من الانكماش من طرف هذه البنوك،حيث اضطرت معه الدول الفقيرة والنامية إلى البحث عن جهات أخرى للاستدانة، ووجدت ضالتها فى البنوك الجهوية وفى أسواق الرساميل، وإذا كانت البنوك العالمية الكبرى والقروض الصادرة عن المنظمات الدولية تراعي، بل وتشترط فى كثير من الأحيان، توجيه هذه القروض نحو خدمة التنمية فى تلك البلدان، فإن الديون الصادرة عن البنوك الجهوية وأسواق الرساميل لا تفكر الا فى ضمان الأرباح الطائلة، ولو على حساب القدرات البسيطة والضعيفة للدول الفقيرة، وهنا تتجلى الخطورة الكبيرة لهذا الصنف الجديد من القروض العالمية، وتضيف الدراسة ما هو أخطر من ذلك، حينما تكشف عن نمو ملحوظ للديون المحصلة من المستثمرين الخواص الأجانب (حوالى 43 بالمائة إلى حدود نهاية 2018)، وتتميز هذه الديون بآجال تسديد قصيرة المدى، وبنسب فوائد ليست تفضيلية كما هو الشأن بالنسبة لبنوك التنمية، وهذا يعنى تشددا كبيرا فى نظام القروض وتضييقا كبيرا على عنق المستدين المحتاج.
و تشير الدراسة من جهة أخرى إلى أن تسديد الديون الخارجية يتم بواسطة العملة الصعبة، وأن ارتفاع حجمها يعنى خدمة دين أكثر ارتفاعا بالعملة الصعبة مما يزيد من استنزاف مخزون احتياطى الدول المستدينة من العملة الصعبة. كل هذه العوامل وغيرها كثير، يرى معدو الدراسة أنها جعلت الدول الفقيرة والنامية المثقلة بالديون أكثر عرضة لمخاطر كثيرة، بسبب ارتفاع محتمل فى معدلات فوائد هذه الديون، وأيضا بسبب ضعف منسوب ثقة المستثمرين الأجانب فى القدرات المالية والاقتصادية لهذه الدول.
و مهم أن نوضح أن الدراسة تشير إلى حقيقة مثيرة حقا، ذلك أنه فى الوقت الذى تتشدد فيه بعض المؤسسات المالية فى منح هذه القروض وتفرض معدلات فائدة جد مرتفعة، تورد الدراسة أنه من ضمن الأسباب التى ساهمت فى ارتفاع حجم الديون الخارجية لكثير من الدول، انخفاض معدلات الفائدة لدى بعض البنوك فى أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية، مما يمكن تفسيره بمنهجية الإغراء إلى أن يقع الإغراق.
لكن فى تقديري، فإن أهم وأخطر ما تضمنته هذه الدراسة فى قضية الديون الخارجية العالمية تمثل فى إشكالية الشفافية حول منح وتدبير هذه القروض. فمعلوم أن الجهات الدائنة لم تعد تقتصر على البنوك العالمية ولا على الصناديق المالية الدولية، بل اقتحم هذا المجال فاعلون جدد، وفدوا إليه بشروط وبمواصفات جديدة، ويتعلق الأمر بمجموعات غير نظامية تتمثل فى بنوك صغرى ومستثمرين أجانب وبأندية مالية محلية، والأكيد، أن شروط منح الديون تغيرت مع دخول هؤلاء الفاعلين الجدد، وبالتالى تغير نظام القروض فى العالم، وهنا برزت مظاهر فساد خطيرة ومدمرة لأهداف ومرامى القروض نفسها. وهكذا، لم يعد خافيًا الحديث عن تلقى العمولات، وكلما كانت نسب الفائدة مرتفعة انتفخت قيمة هذه العمولات، ولم يعد غريبا منح القروض دون التأكد من وجهتها الحقيقية، هل هى مخصصة لخدمة التنمية فى البلاد المستفيدة أم لخدمة حسابات مصرفية معينة ؟، ناهيك عن ظاهرة البنود السرية فى عقود القروض، والتى لاتظهر إلى العلن بل تظل طى الكتمان بتواطؤ بين الجهة المانحة للقروض والجهة المستفيدة منها، وهى بنود يتم بمقتضاها تطويع القروض لخدمة المصالح الشخصية من هذه الجهة أو تلك.
وتنتهى الدراسة إلى الاعتراف بأن الأسواق المالية العالمية المانحة للقروض لفائدة المنظمات والدول تفتقد للشفافية، وفى ذلك إقرار واضح بفساد منظومة الديون العالمية، التى تتخذها القوى الاقتصادية والمالية العالمية شكيمة للتحكم فى الدول الفقيرة والنامية، بما يخدم استمرار النظام الاقتصادى العالمى الظالم، وبما يتيح لها تكريس مصالحها الاستراتيجية ومراكمة مزيد من الأرباح.
لهذه الأسباب وغيرها كثير، أضحى مستحيلا إقناع شعوب الدول الفقيرة والنامية، التى تمثل الغالبية الساحقة من سكان الكرة الأرضية، بعدالة نظام الديون العالمية.
نقيب الصحافيين المغاربة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.