فضائح مدربي قطاعات الناشئين.. يتاجرون في المواهب

عقود الاحتكار تخرب الكرة المصرية

كشفت قضية هروب مصطفى هشام ناشئ النادي الأهلي مواليد 2001 منتقلاً للعب بصفوف فريق خوبي الإسباني خلال الأسابيع الماضية وتصريحاته حول أسباب اتخاذه هذا القرار النقاب عن الفساد الذي ينخر كالسوس في قطاعات الناشئين بالفرق المصرية التي تعتبر هي بمثابة المصدر الأساسي للمنتخبات الوطنية بجميع فئاتها العمرية ومستقبل الكرة المصرية.
أكد هشام في تصريحات له أنه تعرض للاضطهاد من بعض المدربين خلال تواجده بالقلعة الحمراء لمدة 3 سنوات , مشيراً إلى أن الظلم الذي وقع عليه لم يكن لأسباب فنية بل أزاح الستار عن طلب عدد من المدربين بالقطاع بعض الأموال منه بهدف منحه فرصة المشاركة مع فريق الناشئين بالنادي .. مشدداً في الوقت ذاته على أنه اضطر للهروب إلى أوروبا بعدما وجد صعوبة كبيرة في الاستمرار مع الأهلي المنتقل إليه من ناشئي المقاولون العرب خصوصاً وأن عدم دفعه لما يسمى ب "إتاوة" باللهجة المصرية الدارجة لبعض مدربي قطاع الناشئين بكتيبة "الشياطين الحمر" تسبب في مشاركته في مباراة واحدة لمدة 15 دقيقة طوال 3 سنوات كان يتمرن فيها مع الفريق فقط .
كما أضاف ناشئ الأهلي السابق أنه ليس أول لاعب يرحل عن الأهلي بنفس الطريقة , حيث رفض فكرة الاستسلام لهذا الواقع المرير الذي عانى منه ناشئون آخرون بحثاً عن فرصة أفضل لمستقبله الكروي في اسبانيا .. مستغرباً من طلب الأهلي الحصول على حق رعاية بعد انتقاله لفريق خوبي , كونه لم يستفد مادياً من ناديه السابق طوال فترة تواجده داخل جدرانه.
هذا الفساد بات يُهدد مستقبل المواهب الصاعدة في مصر , حيث كشفت "الأخبار" عن جوانب أخرى فيه لكن مع ناشئ آخر يُدعى أحمد حمدي البالغ من العمر 14 عاماً ويلعب في خط الدفاع , حيث بات ضحية لمدرب آخر بقطاع الناشئين في أحد الأندية الواقعة بمدينة العاشر من رمضان يبحث عن كيفية المتاجرة به مستغلاً حالة التوهج الكروي التي يعيشها اللاعب الذي تصارعت عليه رغم صغر سنه أندية كبرى في مقدمتها الأهلي قبل أن يخطفه إنبي بعد صراع شرس .. الواقعة بدأت عندما لفت اللاعب الصاعد الأنظار إليه بشدة منذ انتقاله لهذا النادي الذي يمتلكه أحد المستثمرين حينما انتقل إليه منذ سنتين وبات أحد الخيارات الأساسية للمدرب المدعو "ز.ز" فحاول الأخير المساهمة في تسويقه لأحد الأندية الكبرى خصوصاً بعدما لمس فيه صفات موهبة كروية تسير على طريق النجومية لما يمتلكه من إمكانيات بدنية وفنية وسمات شخصية كقائد لزملائه داخل أرضية الملعب من أجل أن يحقق لنفسه أكبر استفادة ممكنة من وراء بيعه لفريق أخر بلعب دور وكيل لاعبين , وبالفعل شارك أحمد حمدي مع ناديه في مباراة أمام ناشئي إنبي ليجذب بقوة انتباه مسؤولي قطاع الناشئين بالفريق البترولي الذين تعاقدوا معه رسمياً منذ ما يقرب من شهرين ليحجز منذ الوهلة الأولى مكاناً أساسياً بصفوف إنبي.
مدرب ناشئي النادي الواقع بمحافظة الشرقية كشف عن وجهه الآخر الباحث عن جزء من الكعكة في انتقال المدافع الواعد لنادي أكبر , حيث ذهب لبيته يطلب من أهله باعتباره لم يبلغ بعد 18 عاماً ولا يحق له التوقيع على عقود انتقال لأي نادٍ إلا من خلال ولي أمره وفقاً للوائح وقوانين منظومة الكرة المصرية , أن يوقع على عقد باسم إحدى شركات تسويق اللاعبين واكتشاف المواهب الرياضية لكي يحصل بموجبه على نسبة من انتقاله لأي فريق عرفاناً بتسهيل عملية بيعه لفريق الناشئين بنادي إنبي مع منحه خياراً آخر بتعيينه مديراً لأعماله من خلال إبرام عقد جديد في حال رفضه التوقيع على العقد الأول , قائلاً له أنه لم يحصل على أى مبلغ مقابل مساهمته في انتقاله للفريق البترولي ومن حقه عليه أن ينصفه بالحصول على عائد مالي مقابل النجاح في إتمام هذه الصفقة , وفي ظل عدم إلمام أهل اللاعب ببواطن الأمور فقد وقعوا على هذا العقد الذي بات فيه أهل اللاعب مطالبين بدفع 100 ألف جنيه للمدرب "ز.ز" في حال فسخ التعاقد من جانبهم , لكن أحد أفراد أسرة أحمد حمدي تواصل مع محامي للتأكد من صحة بنود هذا العقد ليتفاجأوا بالمحامي يستنكر قيامهم بالتوقيع عليه قبل سؤال أحد القانونيين المختصين الأمر الذي دعا والدة الناشئ نظراً لكون والده متوفي للتفكير في إبعاد نجلها عن ممارسة اللعبة الأشهر في العالم من أجل انتفاء شروط تنفيذ هذا العقد .
"الأخبار" حاولت معرفة ماهية هذا العقد المُبهم الذي تبين من خلال التواصل مع وكيل لاعبين مصري يُدعى محسن بهنساوي الذي أكد أنه "عقد احتكار" من قبل المدرب للاعب أحمد حمدي لمدة 20 سنة يحصل بموجبه "ز.ز" على نسبة قدرها 20% من قيمة انتقاله لأي نادٍ سواء دافع عن ألوان فريق محلي أو خاض تجربة احترافية خارج مصر , مشدداً على أن هذا العقد هو مخالف تماماً لكل القوانين التي تحمي حقوق اللاعبين.
من جانبه , أكد الكابتن ربيع ياسين المدير الفني الحالي لمنتخب الشباب مواليد 2001 والرئيس السابق لقطاع الناشئين بنادي الإنتاج الحربي على أهمية إيجاد لوائح تحفظ حقوق اللاعبين صغار السن والأندية على حدٍ سواء للحد من استغلال المدربين وشركات التسويق كما هو مثبت في واقعة اللاعب أحمد حمدي , نظراً لكون عقود احتكار الناشئين التي قد تكون منتشرة حالياً تؤثر بالسلب على مصير لاعبين واعدين ومهمين لمستقبل الكرة المصرية , واتجاه البعض منهم للهروب من هذا الواقع المرير إلى بعض الدوريات الأجنبية بسبب فساد بعض المدربين , خصوصاً وأنه يعلم حجم معاناة العديد من الناشئين المميزين من عواقب الإهمال من جانب مجالس إدارات أنديتهم في عدم تحرير عقود مميزة تحفظ حقوقهم بأمانة .
وفي السياق ذاته , كشف عاطف حنفي مدير الكرة بنادي فاركو الحالي وسموحة السابق أنه على علم بأن بعض المدربين في قطاعات الناشئين بالأندية المصرية تحاول ابتزاز اللاعبين الموهبين من أجل تحقيق أكبر منفعة ممكنة منهم لكنه لم يصادف هذه الحالات طوال عمله في مجال الكرة حتى الآن , ملمحاً إلى معرفته بتعامل بعض المدربين مع بعض وكلاء اللاعبين وشركات التسويق بهدف الحصول على نسبة مقابل انتقال أحد لاعبي فريقه لنادٍ آخر.
وعلق حنفي على واقعة أحمد حمدي بأنها تعتبر جريمة في حق مواهب المستقبل , مطالباً بوقفة من جانب مجالس إدارات الأندية المنتخبة من الجمعيات العمومية لمنع حدوث مثل هذه المهازل التي تتسبب بنسبة كبيرة في هروب بعض اللاعبين للخارج كواقعة مصطفي هشام ناشئ الأهلي الهارب إلى اسبانيا أو تجنيسهم لفائدة منتخبات بعض الدول الأخرى.. مشدداً على أن دور المدرب يقتصر في أي فريق على الأمور الفنية أما مسائل التعاقدات وانتقالات اللاعبين فهي شأن مجالس إدارات الأندية ومديري الكرة.