ليست قصة فيلم أو مسلسلا دراميًا، إنما حكاية واقعية بطلها شاب «محاسب» يزين قلبه الإيمان، نما وترعرع على يد أبيه الشيخ المعروف عنه التقوى والطيبة والورع، لكن البطلة فتاة اقتبست من القمر نوره، ومن الثعلب مكره متخذة «النقاب» ليس رمزًا للعفة وإنما كستار للإيقاع بمن تنسج شباكها حوله. في جلسة عائلية، طلب الأب من ابنه إكمال نصف دينه، يحثه على الزواج، واصفًا له مشاعره المتأججة ومدى شوقه لرؤية الأحفاد، خاصة وأنه أصبح على عتبة دنياه. وبالفعل صال وجال الشاب المحاسب بحثًا عن شريكة العمر، يقدم على اختيارها بعناية شديدة، وأن تكون من أسرة متدينة وليس متزمتة، وممن اعتدن ارتداء النقاب. وفي أحد الأيام همس صديق له بأن هناك فتاة «منقبة» تدرس بإحدى الجامعات، وسوف يجد بها كل المواصفات التي يريدها، وأنها تتمتع بالخلق الطيب، والسمعة النظيفة، وتم تحديد ميعاد لمقابلة عائلتها الذين استقبلوه بترحاب ورضاء، ولم يكن يعلم بأنه وقع ضحية أسرة مفككة، فالكلمة العليا للأم بينما الأب ضيف شرفي في أي اتفاقات أو وعود، وينفذ ما يملى عليه. علت وجه الشاب سعادة غامرة، وأحس أن الدنيا فتحت ذراعيها له، عندما طلب من عائلتها أن تكشف الفتاة عن وجهها، كما يقول الشرع إلا أنهم تحفظوا على ذلك، مما ازدادت دقات قلبه فرحًا، وأن حلم عمره سيتحقق، وتعددت الزيارات بين الأسرتين، وبارك الجميع الزواج وسط فرحة عارمة، وتم تحديد الزفاف بعد شهرين حيث عش الزوجية لا ينقصه شيء غير زوجة العمر وأميرة القلوب. وفي إحدى الزيارات فوجئ الشاب بفتاة تدخل عليه غرفة الصالون وتجلس بالمقعد المقابل له معتقدًا بأنها صديقة لخطيبته، فجلس منكس الرأس من شدة الأدب تخترق نظراته الأرض وكأن شيئًا غير مرئي يجذب عينيه، منتظرًا خطيبته، وما إن أوضحا له الأب والأم بأن تلك الفتاة هي زوجة المستقبل، علت الدهشة وجهه حيث تخفي وجهها الأبيض خلف خصلات الشعر الأسود التي تتدلى على كتفيها ليبدو وكأنه مغسول بماء سحري، وقبل أن ينطق بكلمة واحدة أوضح له الأبوين بأنها كانت تمر بحالة نفسية مؤقتة مما اضطرتها لارتداء النقاب، وتلبية رغبته في رؤيتها. أثقلت رأسه بالتساؤلات، حيث تم الإعداد لحفل الزفاف، وإرسال الدعاوي للأهل والأقارب، والأصدقاء، وتنفس الصعداء وأفاق على كلمة والدة العروس، بأن ابنتها سوف تلتزم وترتدي الإيشارب، كي لا تبدو متبرجة. وتوالت المفاجآت فوق رأسه كالصواعق بعد مرور 3 أشهر من الزواج، حيث تلاحظ له بأن زوجته اعتادت الحديث بالهاتف المحمول في أوقات متأخرة من الليل، وبصوت خافت، لم يبال معتقدًا بأنها لا تريد إزعاجه أثناء النوم، وبأسلوب الأنثى وكلمات الدلال تطلب منه شراء هاتف محمول لها حيث هاتفها أصابه العطب، وأصبح غير مناسب لها، وبحنان الزوج أعطى لها هاتفه الثمين، لحين شراء هاتف لها. وبالفعل أوفى الزوج بوعده، واصطحبها وقاما بشراء الهاتف المناسب، ومرت الأيام وجاءت الرياح بما لا تشتهي السفن، حيث ازدادت دقات قلب الزوج، وعلت وجهه حمرة الخجل والخزي، يتمنى أن تنشق الأرض وتبتلعه، تتصبب حبات العرق المنهمرة كشلال تكاد أن تغرق وجهه بعدما كشفت الصدفة البحتة عن خيانة الزوجة اللعوب، حيث طلب منه صديقه بالعمل إجراء مكالمة هاتفية من خلال هاتفه، وتجاذبا أطراف الحديث عن إمكانات الهاتف. وأخذ الصديق يشرح له عن أن هناك برنامج بالهاتف يقوم بتسجيل المكالمات تلقائيا، وبضغطة بسيطة اخترقت أذنيهما صوت الزوجة، أثناء محادثتها مع العشيق، يتبادلا كلمات الحب والغزل، لم تراوده نفسه ولو لبرهة، وهرول مسرعًا تسابق قدماه الرياح متوجهًا إلى المنزل، ومواجهتها، نشبت بينهما مشادة كلامية، كادت أن تتطور إلى الاعتداء عليها بالضرب، فما كان منه إلا أن قام بطردها من المنزل، وأقيمت لفترة غير بعيدة بمنزل أسرتها، وقامت مستغلة عدم وجوده، بالذهاب إلى شقتها واستولت على ما غلا ثمنه وخف وزنه، وبعض من الأثاث، تمهيدًا لرفع دعوى تبديد منقولاتها لولا أن حارس العقار نبه الزوج وأخبره عن حضورها. وبعد مشاورات، وتدخل الأهل والأقارب في محاولة للصلح إلا أن الزوج رفض عودتها إليه، وأصر على عدم تطليقها، كنوع من الضغط حيث استولت على ما يكفيها من أموال ومشغولات ذهبية، بينما يطلب منه أبيه الشيخ بأن ينهى الخلافات دون تجريحها أو فضيحتها، ويدعو لها بالهداية. فما كان من الزوجة اللعوب إلى أن تقدمت بدعوى خلع من زوجها، الذي اكتشف أيضًا ومن خلال المقربين بأن الفتاة وأسرتها اعتادوا اصطياد الأشخاص، واختلاق المشاكل معه بعدما يستولون على المصوغات الذهبية «الشبكة» وبعض من الأموال، والزواج من وجهة نظرهم ما هو إلا تجارة، وتم إحالة الدعوى إلى محكمة الأسرة للفصل فيها.