يفتتح الدكتور خالد العناني وزير الآثار مساء اليوم الأربعاء الموافق ١٨ ابريل، معرضاً اثريا مؤقتاً لنتاج حفائر البعثة الأثرية من جمهورية الدومينيكان والتي امتدت قرابة العشر سنوات في منطقة أبو صير ماجنا بالإسكندرية، وسيتم الافتتاح في تمام الساعة السادسة مساءً بالمتحف المصري بالتحرير. وقالت الهام صلاح رئيس قطاع المتاحف أن هذا المعرض يُعد تجربة غير مسبوقة وفريدة من نوعها نظراً لأن المعرض يقدم مجموعة من القطع الأثرية المكتشفة تُعرض لأول مرة بعد العثور عليها في منطقة تابوزيريس ماجنا بالإسكندرية، والتي تشير لأهمية ذلك الموقع الأثري الذي يرجع تاريخه إلي عصر الملكة كليوباترا السابعة. وأضافت صلاح أن المعرض يضم حوالي ٣٠٠ قطعة أثرية تُعد سجلاً واضحاً للحياة اليومية والأنشطة الإدارية والدينية، والدور الملكي والاجتماعي الذي ظهر وبشكل واضح في نهاية العصر البطلمي، وقد تم ترتيبها وتنظيمها وفقاً لاماكن اكتشافها. ومن جانبها أوضحت صباح عبد الرازق مدير عام المتحف أن من أهم القطع التي يتضمنها المعرض لوحة فريدة منقوشة بالكتابة الهيروغليفية والديموطيقية، هي تذكر الهدايا التي منحها بطليموس الخامس لكهنة معبد ايزيس، وهي تحمل النص الكامل تقريباً بالمقارنة مع لوحتين آخر تين غير مكتملتين تم إقامتهم بمعبد ايزيس في “فيلة ودندرة” من مجموع ثلاث لوحات. وأشارت "كاثلين مارتينيز" رئيس البعثة أن من أهم الدلائل أن "تابوزيرس ماجنا" كان موقعاً حيوياً للملكة كليوباترا حيث تم العثور علي العديد من أشكالها؛ ويظهر ذلك من خلال تماثيل المعبودة إيزيس، والعملات المعدنية، واللوحات التي تحمل العديد من النقوش التي ترجع إلي ذلك العصر . و يضم المعرض ايضا بعض القطع المميزة؛ منها قطعة من البرونز علي شكل ذبابة تم إهدائها من ملك بطلمي لجندي نظراً لشجاعته وتفانيه في المعارك، وعدد من العملات البرونزية منقوش عليها شكل ايزيس من الأمام ومن الخلف نقش عليها اسم كليوباترا.
واستطردت مارتينيز قائلة إن جمال وروعة تلك القطع يعد دليلاً وتذكاراً مستمراً بأنه لايزال أمامنا الكثير لكي نزيح عنه الستار فيما يتعلق بغموض حكم كليوباترا السابعة، وغموض عملية دفن العديد من الحكام البطالمة أسلافها، حيث توصلت البعثة أيضاً خلال أعمال الحفائر إلي العثور علي جبانة ضخمة خارج بناء المعبد ترجع إلي العصر البطلمي الإغريقي، وتم العثور داخل التوابيت علي مومياوات مغطاة بالذهب ورؤوسهم متجهه نحو المعبد كما لو أن قد تم دفن شخصاً هاماً هناك.
وتعتقد "مارتينيز" أن كليوباترا ومارك أنطونيو قد تم دفنهما داخل المعبد الخاص بايزيس وأوزوريس في منطقة تابوزيرس ماجنا، في موقع يبعد حوالي ٤٥ كيلو متر غرب مدينة الإسكندرية، وذلك نظراً للأهمية الدينية والسياسية لذلك المعبد، كما أن كليوباترا خلال فترة حكمها ربطت نفسها دائماً بايزيس ومارك انطونيو بأوزوريس.
وأشارت أن بعد وفاة الأسكندر الأكبر الذي قام بغزو مصر عام 332 ق.م، وأسس مدينة الإسكندرية، بدأت الدولة المقدونية في العصر البطلمي، وتم تقسيم فتوحاته بين قادة جيشه، حيث كان على سبيل المثال "بطلميوس الأول" واحداً من قادة الأسكندر الأول من بين الملوك البطالمة الذين حكموا مصر حتى عام 30 ق.م عندما هُزمت كليوباترا السابعة، واستولى الرومان على الأراضي المملوكة لها كضيعة خاصة بهم. وعلى مدار حوالي 300 عام من الحكم البطلمي لمصر، ازدهرت مصر ثقافياً وحدث مزج بين الفن المصري والإغريقي القديم، وتشابكت أيضا الديانات واللغات. ومثلت المعابد المعبود الرئيسي سرابيس وهو الإله الذي دمج بين ابيس وبتاح وأوزوريس في إطار هيلينستى. ودائما تم تشبيه إيزيس بأفروديت وأصبح حورس "حاربوقراط" كما أن هناك العديد من التغييرات الفنية التي كانت دليلا على التجارة مثل الأواني والعملات وأيضا الشعائر الدينية والحياة اليومية، وهكذا أصبحت مدينة الإسكندرية في قلب هذا الزخم والمؤثرات الثقافية مركزاً معرفياً يحمل هوية عالمية.