أكدت حركة السياسة الخارجية المصرية، في الفترة الأخيرة على الأهمية التي توليها مصر لقارة أفريقيا على العديد من المستويات، خاصة في إطار انفتاح مصر على القارة، وحرصها على مواصلة تعزيز علاقاتها مع الدول في كل المجالات، وتكثيف التواصل والتنسيق مع أشقائها الأفارقة. وفي هذا السياق، يشير التحليل الكمي لزيارات الرئيس عبد الفتاح السيسي الخارجية ولقاءاته الدولية مع زوار مصر من القادة والمسؤولين منذ توليه رئاسة الجمهورية في الثامن من يونيو عام 2014، إلى الأولوية التي تحتلها علاقات مصر مع الدول الأفريقية في السياسة الخارجية للرئيس السيسي، فقد قام الرئيس عبد الفتاح السيسي ب 21 زيارة لدول أفريقية من إجمالي 69 زيارة خارجية قام بها سيادته، بما يمثل أكثر من 30% من إجمالي الزيارات الرئاسية الخارجية. كما عقد الرئيس السيسي 112 اجتماعا مع قادة وزعماء ومسئولين أفارقة زاروا مصر خلال السنوات الثلاث الماضية من إجمالي 543 اجتماعا عقدها الرئيس مع زوار مصر من قادة ومسؤولي دول العالم والمنظمات الدولية. هذا ما رصدته دورية "آفاق أفريقية" التي يصدرها قطاع الإعلام الخارجي بالهيئة العامة للاستعلامات في عددها رقم (46) الذي صدر مؤخرا والذي أكد أن الحضور السياسي المصري على المساهمة الفاعلة في المنتديات والقمم الأفريقية، وحسب، وإنما امتد ليشمل كافة المشاركات والمنتديات الإستراتيجية الإقليمية والدولية مع قارة أفريقيا لعل أبرزها: قمة أفريقيا الاتحاد الأوروبي ببروكسل في أبريل 2014، وقمة أفريقيا الولاياتالمتحدة بواشنطن في أغسطس 2014، وقمة الهند- أفريقيا في أكتوبر 2015، ومنتدى الصين - أفريقيا في ديسمبر 2015 ، وقمة ألمانيا - أفريقيا في عام 2017. وقد تضمن هذا العدد من "آفاق افريقية" العديد من الدراسات والتقارير، التي ناقشت مستقبل الإصلاح السياسي والاقتصادي بدول القارة، علاوة على التفاعلات البينية بين دول القارة والقوى الإقليمية البارزة، إلى جانب التوثيق العلمي لحركة السياسة الخارجية المصرية على المستوى الأفريقي. وأكد ضياء رشوان، رئيس الهيئة العامة للاستعلامات، أن دورية "آفاق أفريقية" تمثل إحدى أدوات "الهيئة" للتواصل الإعلامي والثقافي مع محيط مصر الأفريقي، حيث توزع علي مختلف الجهات البحثية والمؤسسات الصحفية والسفارات الأفريقية بمصر ومكاتبنا الإعلامية بالخارج. وأكد "رشوان" أن حركة السياسة الخارجية المصرية على مختلف الصعد والمحافل الإقليمية والدولية، تكشف الأهمية التي توليها مصر لقارتنا الأفريقية، بما يؤكد ويرسخ هوية وانتماء مصر الأفريقي، انطلاقا من أن انتماء مصر لمحيطها الإفريقي يعد مكونا رئيسيا من مكونات "الهوية" المصرية على مر العصور، وعنصرا محوريا في تشكيل المعالم الثقافية للشخصية المصرية، وهو الأمر الذي أكدته نصوص وديباجة دستور 2014. كذلك يؤكد الخطاب السياسي للرئيس عبد الفتاح السيسي -داخليا وخارجيا - على الأهمية التاريخية والإستراتيجية لعلاقات مصر الأفريقية واعتزاز مصر بانتمائها الأفريقي. وأشار رئيس هيئة الاستعلامات إلى أن "آفاق أفريقية" هي دورية فصلية محكمة تعني بالقضايا الأفريقية بشكل عام، على مختلف الأصعدة السياسية والإستراتيجية والاقتصادية والثقافية والبيئية، وتصدر بثلاث لغات، هي: "الإنجليزية، والفرنسية"، ويرأس تحريرها المستشار عبد المعطي أبوزيد، رئيس قطاع الإعلام الخارجي، ويتولي إدارة التحرير رمضان قرني، كما يقوم د. إبراهيم نصر الدين، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، بمهمة مستشار التحرير. وقد ركز العدد الجديد من دورية "آفاق أفريقية" على تجارب ونتائج الإصلاح السياسي والاقتصادي في عدد من دول القارة. فعن الإصلاح السياسي، جاء ملف العدد الذي ناقش قضية الانتخابات والتحول الديمقراطي في أفريقيا، وتضمن دراسة العلاقة بين هذين العنصرين في 33 دولة أفريقية، عاشت تجربة الانتخابات منذ عقد التسعينيات، نجحت 17 دولة منها في الاستمرار في دورية الانتخابات وانتظامها، وتعثرت 13 دولة منها لأسباب عديدة. كما تضمن الملف دراسة عن الانتخابات الرئاسية في الصومال الذي نجح شعبه في إجرائها رغم الظروف الصعبة خاصة في المجال الأمني، أما الدراسة الأخيرة - في هذا الملف - فكانت عن الانتخابات المحلية في جنوب أفريقيا التي أسفرت عن مؤشرات مهمة أبرزها، تراجع الشعبية الكاسحة لحزب "المؤتمر الوطني" الذي هيمن على الحياة السياسية في البلاد خلال العقدين الماضيين. أما على صعيد الإصلاح الاقتصادي فتضمن هذا العدد دراسة عن إصلاح القطاعات المصرفية في أفريقيا بالتطبيق على القطاع المصرفي في أوغندا، ثم دراسة عن مصر وتجمع الكوميسا وهو التجمع الذي تتضاعف أهميته في التجارة الدولية والأفريقية. وعلى صعيد القضايا الساخنة في أفريقيا تضمن العدد تقريرا عن مستجدات الأوضاع في ليبيا ومواقف الأطراف الإقليمية والدولية إزاء هذه التطورات. وأخيرا.. بالنسبة لعلاقات أفريقيا مع القوى العالمية، تضمن العدد دراسة عن الأهداف والمصالح الإيرانية في دول حوض النيل، ودوافع ونتائج السياسة الإيرانية في هذه المنطقة من أفريقيا.. إضافة إلى تقرير عن الإتحاد الأوروبي وأفريقيا، والبحث عن محاور المستقبل المشترك بينهما.