تبدو ملامح وجهه وكأنها خريطة سيناء بتفاصيلها، وفي كلماته شجن سنوات الألم، التي يعيشها أبناء الشمال تحت أصوات النيران، وآخرها أسرار من عمليات دفن الموتى في مقابر الروضة ببئر العبد. رغم تجاوز عمر الخمسين، تمسك «محمد أبو جرير- تربي الشهداء» بدفن ضحايا حادث مسجد الروضة، معتمدًا على ثلاثة غلمان صغار في حفر القبور، ودفن الجثامين واحدًا تلو الآخر. وما إن انتهى «أبو جرير» من دفن أفراد قبيلته، تحدث ل«بوابة أخبار اليوم»، قائلاً: «دفنت أكثر من 150 جثة بيدي في هذا الحادث الفادح، ولا أدري من قمت بدفنه أو لم أقم بدفنه من أهل قريتي، للأسف سقط خيرة شباب القرية صغارًا وكبارًا». واستكمل «أبو جرير» والعرق يتساقط من جبينه: «رهبة الموت تخيم على القرية، والحزن ضرب أرجاءها، فلا يمكن أن أصف ما أشعر به وأنا أدفن أبناء قريتي الذين اعتبرهم أهلي، فالمصاب فادح والخسارة عظيمة، وهناك أسر بأكملها قمت بدفنها». وأشار إلى أنه يعمل منذ الساعة الرابعة عصر أمس وبصورة مستمرة حتى مساء اليوم في حفر القبور ودفن الجثامين، فلا يوجد مجال للراحة، مؤكدا أن أهالي القرية اتفقوا على عدم إقامة العزاء إلا قبل القصاص للشهداء.