تصدرت الاحتجاجات الليبية المتأججة ضد استمرار حمل الكتائب التي تشكلت للإطاحة بنظام القذافي للسلاح، وسيطرة شباب وسكان مدينة بنغازي على مقرات للكتائب العسكرية، صفحات بعض كبريات الصحف الأمريكية الصادرة السبت 22 سبتمبر. وذكرت صحيفة "واشنطن بوست" أن الآلاف من الليبيين تظاهروا الجمعة الماضية للمطالبة بتفعيل الجيش الوطني وأجهزة الأمن وجمع السلاح من الكتائب المسلحة التي سيطرت على شوارع المدينة منذ الثورة التي أنهت حكم العقيد الراحل معمر القذافي. وأضافت الصحيفة -في تقرير أوردته على موقعها الإلكتروني- أن المتظاهرين سيطروا على قواعد للمليشيات منها مقرات للجماعة الإسلامية المسلحة "أنصار الشريعة" التي تم اتهامها بهجوم الأسبوع الماضي على القنصلية الأمريكية، ما أجبر أفرادها على الهروب بأسلحتهم فور رؤيتهم. وتابعت أن المسلحين هربوا من تلك المقرات فور رؤيتهم للشباب الذين قاموا بتسليمها للسلطات الليبية ولم تسفر تلك الاقتحامات عن وقوع أي ضحايا فيما كان أعداد المشاركين في جمعة إنقاذ بنغازي كبيرة جدا. وأشارت الصحيفة إلى أن هجوم الأسبوع الماضي -الذي أسفر عن مقتل السفير الأمريكي وثلاثة أمريكيين- عزز من حالة الغضب والبحث عن الذات بين العديد من الليبيين وبخاصة أهل بنغازي، حيث يعتقدون أن المتطرفين الذين يعملون في ظل حكم مركزي ضعيف كانوا وراء هذا الهجوم. وتابعت "واشنطن بوست" أن الحكومة في طرابلس تناضل من أجل التعامل مع قوات الميلشيات التي تتكون بشكل كبير من الشباب الذين قاتلوا خلال ثورة 17 فبراير الليبية إلا أن مساعي الحكومة لإعادة بعض من هذه القوات إلى قوة وطنية موحدة قد فشلت في إعادة الأمن إلى الشوارع الليبية. وأوضحت الصحيفة الأمريكية أن هذه الاحتجاجات تؤكد صراعا جاريا واسع النطاق في البلاد فمنذ عام تقريبا، تحالفت مختلف الطوائف السياسية في حرب استمرت ثمانية أشهر للإطاحة بالقذافي، إلا أن المعركة الدائرة الآن لتحديد ملامح ليبيا جديدة، وتهدف لإجابة سؤال حاسم عما يبدو عليه الشعب الليبي وحكومته وثقافته بعد الإطاحة بأغلال وقيود الديكتاتورية. ونقلت الصحيفة عن الأستاذة في جامعة بنغازي عليا برغاتي، والتي شاركت في الاحتجاجات المناهضة للميليشيات قولها "اعتقد أن هذا النضال الذي يقوم به الشعب الآن بمثابة نضال من أجل الهوية عقب مرور أعوام من الإهمال والعيش في ظلام". واختتمت الصحيفة تقريرها بالقول إن انهيار النظام الليبي ترك فوضى إلا أنه عقب عقود من القمع، مضت الدولة في طريقها لتشكيل أحزاب سياسية وإجراء إصلاحات عامة والمهمة القادمة تكمن في صياغة دستور جديد. وفى السياق ذاته، ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" أن حالة الغضب العارمة حيال مقتل السفير الأمريكي في وقت سابق من الشهر الجاري، دفعت الآلاف من الليبيين إلى القيام بمظاهرات تطالب بنزع السلاح من الميلشيات التي ساعدت في الإطاحة بالقذافي إلا أنها وترت الدولة برفضها الحل وتسليم السلاح. وتابعت "نيويورك تايمز" -في تقرير أوردته على موقعها الإلكتروني- أنه ليس من الواضح ما إذا كان الرد الفعل العنيف لمقتل السفير الأمريكي ضد "أنصار الشريعة" والمليشيات المسلحة الأخرى يشكل فرصة للحكومة الليبية من أجل تعزيز قوتها في مرحلة ما بعد القذافي أم أنه سيقود لمواجهات عنيفة. إلا أن الصحيفة رأت أن مسألة هروب المسلحين بأسلحتهم تمثل خطورة كبيرة وقد تقودهم إلى رد فعل قوى انتقاما لما حدث معهم، وفى إشارة أخرى نحو تجدد حالات التوتر، اتهم أعضاء في الميلشيا أنصار العقيد الراحل معمر القذافي بإثارة هذه الاحتجاجات. ونقلت الصحيفة الأمريكية عن محمد بزينا متحدث باسم كتيبة مسلحة قوله إن ما حدث بمثابة غزو عسكري ضد الثوريين الحقيقيين وإن مدينة بنغازي لن تهدأ بعد اليوم". وكانت مظاهرات قد انطلقت في مدينة بنغازي الليبية الجمعة 21 سبتمبر، تطالب بتفعيل الجيش الوطني الليبي وجمع السلاح من الكتائب المسلحة في ليبيا وتفعيل أجهزة الأمن، بتنظيم من مؤسسات المجتمع المدني الليبية وفعاليات القوى الوطنية بهدف قصر حمل السلاح على أجهزة الدولة الرسمية.