تاريخ العالم هو تاريخ السلطة .. لأن التاريخ - مع الأسف الشديد - لا يهتم بالشعوب .ولا يحترم الضعفاء ولا يتعقب المغمورين ! ولهذا السبب أيضاً . فالتاريخ أكثره مزيف ومزور وأغلبه أكاذيب . لأن الذى يكتب التاريخ هو السلطة .. ولذلك. ستجد أعداء السلطة دائماً على خطأ .والحق دائماً ف جانب السلطان ! والويل دائماً للمهزوم لأن التاريخ من أتباع المنتصر وهو من حشم السلطان ،وفرد من طاقم خدم الوالى . تحل علينا اليوم ذكرى رحيل قائل هذه الكلمات، أحد أهم رواد الكتابة الساخرة فى الصحافة العربية، وصاحب أشهر مصطلح سياسى "حزب الكنبة"، وهو الصحفي والكاتب الساخر محمود السعدني الذي توفي عن عمر يناهز 82 عاماً بعد صراع مع المرض. ولد محمود السعدني الملقب بالولد الشقي في 20 نوفمبر1928، في منطقة الجيزة ، وشارك في تحرير عدد كبير من الصحف والمجلات العربية في مصر وخارجها، ترأس تحرير مجلة "صباح الخير" المصرية في الستينات. عمل في مجلة "الكشكول" التي أصدرها مأمون الشناوي وتتلمذ على يديه إلى أن أغلقت أبوابها ، ثم عمل في عدد من الجرائد بالقطعة مثل جريدة "المصري" لسان حال حزب الوفد آنذاك، وعمل أيضاً في دار الهلال ، كما أصدر ورسام الكاريكاتير طوغان مجلة هزلية سرعان ما أغلقت أبوابها بعد صراع مع الرقابة وشركات التوزيع. أصدر وترأس تحرير مجلة "23 يوليو" في منفاه بلندن ، وعاد إلى مصر من منفاه الاختياري سنة 1982 بعد اغتيال السادات واستقبله الرئيس مبارك، وربطته صلات قوية بعدد من الحكام العرب مثل معمر القذافي وصدام حسين، وقد اعتزل العمل الصحافي والحياة العامة سنة 2006 بسبب المرض. وأيّد السعدني ثورة 23 يوليو بكل قلبه، كما أنه كان علي علاقة بأحد قادة الثورة وهو البكباشي أنور السادات الذي جالس السعدني وزملاءه بضعة مرات في كازينو الجيزة. عمل السعدني بعد بداية الثورة بفترة في جريدة "الجمهورية" التي أصدرها مجلس قيادة الثورة وكان رئيس مجلس إدارتها أنور السادات ورئيس تحريرها كامل الشناوي وآخرون. وعقب انتقال السادات إلى رئاسة البرلمان المصري صدر قرار بالاستغناء عن خدمات محمود السعدني، الذي لم يكن المفصول الوحيد، بل فصل معه بيرم التونسي وعبدالرحمن الخميسي وعشرات من الصحافيين الأكفاء. عقب قرار فصل السعدني من "الجمهورية" بأسابيع قليلة استدعاه إحسان عبدالقدوس للعمل معه في مجلة "روز اليوسف" الأسبوعية كمدير للتحرير وكانت "روز اليوسف" ملكية خاصة في ذلك الوقت لوالدة إحسان السيدة فاطمة اليوسف ،وعادت إلى السعدني روحه الساخرة وتمكن من إنجاز عدد من الكتب والمقالات المميزة. علاقتة بالساسية.. عقب زيارة صحفية قام بها السعدني إلى سوريا أثناء الفترة التحضيرية للوحدة بين البلدين حمَلَ أعضاء الحزب الشيوعي السوري السعدني رسالة مغلقة للرئيس جمال عبدالناصر والتي كانت تحمل تهديداً لناصر بالخروج على خطه السياسي إذا لم يفرج عن الشيوعيين المصريين المعتقلين في سجونه، ولم يكن السعدني يعلم بمحتوى الرسالة وقام بتسليمها لأنور السادات. ونتيجة ذلك تم اعتبار السعدني "شيوعياً" وتم القبض عليه بعد فترة وقضى في المعتقلات قرابة العامين، تنقل خلالها بين معتقلات القلعة والواحات والفيوم ، أفرج عنه بعد ذلك ليعود إلى عمله في "روز اليوسف" والتي كانت قد أممت وتولي رئاسة تحرير مجلة "صباح الخير". وبعد فترة قصيرة من المعاناة على إثر منعه من الكتابة في العديد من الإصدارات في عهد الرئيس السادات قرر السعدني مغادرة مصر والعمل في الخارج، فتوجّه إلى بيروت حيث استطاع الكتابة بصعوبة في جريدة "السفير" وبأجر يقل عن راتب صحفي مبتدئ، والسبب في صعوبة حصوله على فرصة عمل هو خوف أصحاب الدور الصحاية في بيروت من غضب السادات. وعاد السعدني إلى مصر بعد اغتيال السادات بفترة واستقبله الرئيس مبارك في القصر الجمهوري بمصر الجديدة ليطوي بذلك صفحة طويلة من الصراع مع النظام في مصر. كتب فى أدب السيرة الذاتية فى الأدب العربى، وقد كتبها فى سلسلة من الكتب وحملت عناوين: الولد الشقى "قصة طفولته وصباه فى الجيزة، الولد الشقى"قصة بداياته مع الصحافة، الولد الشقى فى السجن"صور متنوعه عن شخصيات عرفها فى السجن، الولد الشقى فى المنفى "قصة منفاه بالكامل". و له العديد من الكتب التى تناولت مواضيع متنوعة منها "مسافر على الرصيف، السعلوكى فى بلاد الإفريكى، الموكوس فى بلد الفلوس، وداعاً للطواجن، رحلات أبن عطوطه، أمريكا يا ويكا، حمار من الشرق" وغيرها الكثير. اعتزل السعدنى العمل الصحفى والحياة العامة سنة 2006 بسبب المرض، ورحل عن عالمنا يوم الثلاثاء 4 مايو 2010 عن عمر يناهز 82 عاماً إثر أزمة قلبية حادة .