جاء تسريب « وثائق بنما » حول الأموال المنهوبة والمهربة للخارج وضلوع رموز نظام مبارك في تلك العمليات ليكشف خيبة وفشل العديد من لجان استرداد الأموال التي تم تشكيلها منذ ثورة 25 يناير وحتى الآن في استرداد مليما واحدا منها . ويسمع المصريون منذ سقوط نظام الرئيس الأسبق حسني مبارك عن الأموال التي قام بتهريبها هو ورموز نظامه والتي قدرت ب1.8 مليار دولار، حسب التقديرات الرسمية، في حين قدرت منظمة «جلوبال فاينانشيال إنتجريتى» الأمريكية لمكافحة تهريب الأموال، حجم الأموال المهربة من مصر بشكل غير شرعي بنحو 132 مليار دولار، أي نحو 847.4 مليار جنيه مصري. وبالنظر إلى الماضي القريب يتبين أن أول لجنة تم تشكيلها في أبريل 2011، عندما أصدر المجلس العسكري مرسوماً بتشكيل لجنة قضائية برئاسة المستشار عاصم الجوهري، مساعد وزير العدل لشئون الكسب غير المشروع آنذاك. وبذلت اللجنة مجهوداً كبيراً للكشف عن حجم الأموال التي جمدها الاتحاد الأوروبي لرموز «مبارك»، والتي بلغ إجماليها ملياراً و100 مليون دولار، بينها مبلغ 750 مليون فرنك سويسري، ومع صدور القانون الفيدرالي لرد الأموال غير الشرعية في سبتمبر 2011 من قبَل سويسرا، وقع عبء كبير على السلطة المصرية، حيث ألزم القانون السلطات المصرية، بضرورة إثبات عدم شرعية هذه الأموال المهرّبة. وفي يناير 2012 قرر د. كمال الجنزوري، رئيس مجلس الوزراء في ذلك الوقت، تشكيل لجنة قومية للتنسيق بين الأجهزة المعنية باسترداد الأموال والأصول المصرية المهرّبة، كما شكلت لجنة شعبية لاسترداد الأموال، وبدأت في تنظيم عدد من المظاهرات في بعض الدول الأجنبية، للضغط عليها في الكشف عن الأموال المصرية المهرّبة إلى أراضيها، وكان لها دور غير رسمي في كشف عدد من الحكومات عن تجميدها لبعض الأموال المملوكة ل«مبارك» ورموز نظامه، إلا أنها أيضاً فشلت في تحقيق أي دور في استعادة تلك الأموال المجمّدة. وبعد وصول محمد مرسى للحكم توقف العمل باللجنة القضائية لمدة 6 أشهر كاملة بسبب الاستغناء عن المستشار عاصم الجوهري وأقر مجلس الوزراء برئاسة هشام قنديل في أغسطس 2012 تشكيلا جديدا للجنة الوطنية لاسترداد الأموال المنهوبة، بعيدًا عن وصاية جهاز الكسب غير المشروع. وبعد شهرين تقدم حزب الوسط بمشروع قانون لإعادة استرداد الأموال، فتمت إعادة تشكيل اللجنة في عهد أحمد مكي، وزير العدل، برئاسة المستشار أمين المهدي، وعضوية محمد محسوب، حتى جاء الرئيس السابق عدلي منصور، وانحلت لجنة الإخوان، وتولى حازم الببلاوي رئيس الحكومة وقتها تشكيل لجنة جديدة، إلا أنها لم تخرج للنور، وظلت معلقة أقرب إلى التجميد. وفي 2014 أصدر المهندس إبراهيم محلب رئيس الوزراء السابق، قرارًا بتشكيل اللجنة الوطنية التنسيقية لاسترداد الأموال والأصول المصرية المهربة بالخارج، برئاسة وزير العدل، وتتشكل اللجنة، من عضوية مساعد وزير العدل لشؤون الكسب غير المشروع، ورئيس مجلس أمناء وحدة مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، وممثل عن قطاع التعاون الدولي والثقافي بوزارة والعدل، يختاره الوزير، وممثل عن النيابة العامة، يختاره النائب العام، ومدير إدارة مباحث الأموال العامة بوزارة الداخلية، وممثل عن هيئة الأمن القومي يختاره رئيس الهيئة، وممثل عن وزارة الخارجية يختاره الوزير المختص، وممثل عن هيئة الرقابة الإدارية، وممثل عن البنك المركزي يختاره محافظ البنك. وأسند إلى هذه اللجنة 5 مهام، هي وضع خطة عمل لاسترداد الأموال المصرية المهربة بالخارج، والوقوف على المعوقات، التي تواجه عملية استرداد الأموال والأصول المصرية المهربة، واقتراح وضع حلول من شأنها التصدي للمعوقات وتذليل عقبات التنفيذ. وتتولى اللجنة، وفقًا للقرار، متابعة الإجراءات القانونية والعملية التي تمت لاسترداد الأموال والأصول المصرية بالخارج، والتنسيق بين الأجهزة المعنية باسترداد الأموال، طبقًا للقوانين المعمول بها، والتنسيق مع الأجهزة الدولية المختصة في إطار قواعد التعاون الدولي في شأن اتخاذ إجراءات استرداد الأموال. وفي 2015 أصدر المهندس شريف إسماعيل، رئيس مجلس الوزراء، قراراً بتشكيل اللجنة القومية لاسترداد الأموال والأصول والموجودات في الخارج، برئاسة النائب العام، ويأتي هذا القرار تطبيقاً لقرار جمهوري بتشكيل اللجنة، أصدره الرئيس عبدالفتاح السيسي في يونيو الماضي. كل هذه اللجان لم تحقق الهدف الذي شكلت من أجله ولم تعد مليما واحدا للدولة المصرية رغم ما أنفقت من أموال على أعمالها تقدر ب 64 مليون دولار ولكن المحصلة كانت "صفر" لتصبح بذلك مجرد حبر على ورق.